بولندا دولة عدد سكانها يناهز الـ٣٨ مليون نسمة، ٩٨٪ منهم بولنديون إثنيًّا، ٨٨٪ يدينون بالكاثوليكية. الديانة والثقافة الكاثوليكية مكون أساسي للهوية البولندية، ولكنّ ممارسة العبادات في تراجع، وهناك بعض مؤشرات توحي بوجود استياء من نفوذ الكنيسة السياسي وبعلمنة السلوك والمعايير على الأقل في المدن الكبرى. نظام الحكم نصف رئاسي، الرئيس ينتخب انتخابًا مباشرًا ويعين رئيس الوزارة الذي يرأس السلطة التنفيذية مع احتفاظ الرئيس بعدد من الصلاحيات، والاثنان يتحملان معًا المسئولية. فقدت بولندا ما يزيد على خمسة ملايين ونصف المليون من أبنائها أثناء الحرب العالمية الثانية، أغلبهم مدنيون باستثناء ربع مليون ضابط وجندي. وهي غالبًا أكثر دولة عانت مع أوكرانيا وروسيا. وبعد الحرب احتلها الاتحاد السوفيتي، وبالتالي هناك في الموروث عداء ممزوج بالخوف واضحين فيما يتعلق بروسيا، ومدفون أحيانًا وظاهر أحيانًا فيما يتعلق بألمانيا، وعدم ثقة في فرنسا التي ارتبطت بها قبل ١٩٣٩ ولم تحرك ساكنًا لإنقاذها. وقبله في الحرب العالمية الأولى خسرت الأقاليم التي تشكل بولندا اليوم أربعة ملايين نسمة، لم يمت منهم إلا ٤٣٤ ألفًا، والباقي تم تهجيرهم قسرًا، إما لألمانيا أو النمسا أو روسيا، ومارست روسيا أثناء تلك الحرب سياسة الأرض المحروقة ودمرت مناطق بالكامل. الذاكرة تلعب دورًا كبيرًا في السياسة والمدركات، وهذا حقيقي طبعا ومفهوم. ففي مذكراته قال الرئيس الفرنسي الأسبق “ساركوزي” إن التفاوض مع رئيس بولندا (سنة ٢٠٠٨) كان أمرًا بالغ الصعوبة لأسباب ذكرها منها “طغيان التاريخ”.
الإعلام العالمي شديد التحامل على حكام بولندا الحاليين والمؤيدين لهم، فهم وفقًا له شعبويون يكنون عداءً مرضيًّا لليبرالي، متزمتون يتاجرون بالدين المسيحي، رجعيون يكرهون مكتسبات المرأة ويحاولون تقييد أو منع الإجهاض، عنصريون يكرهون المهاجرين المسلمين والإسلام رغم عدم وجود مهاجرين مسلمين عندهم، ورغم صغر حجم الأقلية المسلمة في بلدهم كانوا من أنصار “ترامب”، وأخيرًا وليس آخرًا يدمرون دولة القانون ومؤسساتها ويعرضون الديمقراطية للخطر.. إلخ. وبطبيعة الحال لا يجب تصديق الإعلام الغربي، فقد تكون كل المعلومات التي أوردها صحيحة، ولكن الصورة الشاملة أكثر تعقيدًا.
توجهات القوى السياسية الحاكمة لبولندا
لفهم توجهات القوى السياسية الحاكمة لبولندا اليوم، لا بد من تذكر إرث الحروب العالمية وخصوصية الثورات ضد الشيوعية في أواخر الثمانينيات من القرن الماضي، مع إبراز تطور الليبرالية الغربية قبلها وبعدها. فأغلب الثورات التي عرفها التاريخ هي ثورات أرادت تدمير نظام سياسي وبنية اجتماعية وتأسيس نظام جديد لم يختبر بعد، الشعوب في شرق أوروبا لم تستهدف تدمير النظام الشيوعي لأنه حول البلاد إلى سجن كبير فحسب، بل أيضًا لأنهم رأوا فيه نظامًا مجنونًا يحول المواطنين إلى مرضى يعانون من أمراض نفسية (النظام الشيوعي أيام بريجنيف كان يضع المعارضين في مصحات، لأن التشكيك في عظمة الاشتراكية العلمية دليل على الجنون)، والثورات في أوروبا الشرقية لم تستهدف تأسيس نظام لم تعرفه البشرية، بل أرادت “تقليد الأنظمة الطبيعية” وهي الديمقراطيات الغربية، ولكن تصوراتهم عنها كانت خاطئة.
يعود هذا الخطأ في التصور لأسباب عديدة، أولًا لأنهم كانوا يرون في الديمقراطية التمثيلية نظامًا مثاليًّا كاملًا لا يتعرض لأزمات إلا نادرًا. ولكن النظام الديمقراطي كان “واقعًا” وليس مشروعًا خياليًا، وبالتالي كانت به شوائب واضحة. وثانيًا كانوا يتصورون أن الديمقراطية الغربية عكس الشيوعية على طول الخط، أي في رأيهم أنها مسيحية تحترم المرجعية المسيحية والتقاليد والثقافة الموروثة، واكتشفوا بعد نجاح الثورة أن تلك الديمقراطية علمانية لا تحترم الدين، لا تلتزم بالمقدس، لا تحرس الثقافة الموروثة، بل تقبل “التحلل الأخلاقي” ومبدأ تعددية ثقافية تبيح زواج المثليين، وصار الغرب يرى في الشيوعية مذهبًا ضل الطريق وليس كارثة من كوارث القرن العشرين. وهناك عدد كبير من البولنديين يرون في التجانس القومي وفي الثقافة المسيحية سلاحًا سمح لهم بمقاومة الاحتلال السوفيتي مقاومة فعالة، وفي التعددية الثقافية والدولة المتعددة الإثنيات عوامل ضعف وتحلل.
وفي الصدد نفسه بدأت الليبرالية الغربية تعادي الشعور القومي والأيديولوجيات القومية، باعتبارها المسئولة عن الحربين العالميتين، وكان هذا واضحًا وضوحًا شديدًا في ألمانيا، وهي الديمقراطية الأقرب جغرافيًّا لهم، وكان هذا صدمة أخرى، ففي عيون البولنديين أيامها كانت الليبرالية والقومية صنوين. الاثنان سمحا لبولندا بمقاومة الاتحاد السوفيتي. أما فيما يتعلق بالعداء البالغ للهجرة الآتية من إفريقيا والشرق الأوسط وهو (أي العداء) ظاهرة لا يمكن تبريرها، لا سيما أن بولندا ليس بها مهاجرون، فتفسيرها أن أوروبا الشرقية يتناقص عدد سكانها بسرعة مخيفة بسبب هجرة جماعية إلى الغرب من أصحاب الشهادات و/أو الكفاءات ومن فرقاء اشتركوا في النضال ضد الشيوعية، وهي هجرة تُعرّض بعض الشعوب (بلغاريا أبلغ مثال) للانكماش وربما الزوال. وبالمناسبة ثورات أوروبا الشرقية هي الثورات الوحيدة في التاريخ التي شهدت هجرة يُعتد بها من أبناء الفريق المنتصر. ولظاهرة الهجرة تبعات، فسؤال الهوية ومستقبلها مطروح بقوة، وقطاعات هامة من الشعب (أبناء الريف والمدن التي لم تنخرط في العولمة) يرون أن الليبرالية في طورها الحالي ستتسبب في ضياع أوروبا الغربية وثقافتها، فهي لا تراعي مصالح الشعوب وتهدد تجانسها، وهي تهادن الإسلاموية السياسية ولا تعادي الشيوعية بما فيه الكفاية، وتريد محو الذاكرة التاريخية عندما تكون حاملة لضغائن.. إلخ. ويرى الفريق الحاكم وناخبوه أنهم “الأوروبيون” الحقيقيون، وأنهم “مستقبل أوروبا” لأن الشعوب في أوروبا الغربية إما ستزول، وإما ستعود إلى رشدها وتتبنى موقفهم. وفي هذا التشخيص مصدر للفخر: لا نقلد أوروبا الغربية، بل أصبح من مصلحتها أن تقلدنا. ويلاحظ أن الوضع السكاني يفسر السياسة المعادية للإجهاض والمشجعة للإنجاب والمتمسكة بتعاليم المسيحية في هذا الصدد تفسيرًا أوضح من العداء لـ”مكتسبات المرأة”.
أما السياسات المدمرة لدولة القانون والمطوعة للهيئات القضائية والداعمة للسلطوية فلا شك أنها تعكس رغبة في البقاء في الحكم، ولكنها أيضًا تفسر بإحساس أن مؤسسات دولة القانون لا تعكس إرادة الشعب، بل تجسد فرامل تعرقلها، وهو نقاش فلسفي قديم حول العلاقة بين إرادة الشعب والمؤسسات “الليبرالية”.
يضاف إلى هذا عامل سبقت الإشارة إليه، وهو أن نموذج الديمقراطية الغربية الأقرب جغرافيًّا هو النموذج الألماني، وألمانيا لها هيمنة على السوق البولندية. والنموذج الألماني المعاصر نموذج يكره المذاهب والنعرات القومية والمشاعر الوطنية، ويعتمد على الفيدرالية واللا مركزية. وإلى جانب العداء التاريخي بين الدولتين فإن التجربة التاريخية البولندية هي تجربة دولة مركزية قوية وشعب متجانس وشديد الوطنية. ومن ناحية أخرى فإن الألمان وباقي الدول الغربية لم يوفقوا في التعامل مع دول أوروبا الشرقية. الرغبة الألمانية في إقامة مصانع في هذه المنطقة (لأن العمالة رخيصة) دفعت الألمان إلى التقليل من أهمية النقابات، رغم أهمية النقابات في ألمانيا، ورغم دور نقابة تضامن البولندية في النضال ضد الشيوعية، وهذا كرس انطباعًا بأن الخطاب الليبرالي ليس صادقًا، بل يخفي طموحات. الخطاب الألماني تحدث كثيرًا عن “أوربة” أوروبا الشرقية، واعتبر المعنيون هذا الخطاب إهانة لهم، رؤساء فرنسا وتحديدًا “شيراك” و”ماكرون” لم يوفقوا عند مخاطبة هذه الدول.. إلخ، وزعماء فرنسا الذين لم يهينوا البولنديين مالوا إلى التركيز على جنوب المتوسط.
جدير بالذكر أيضًا أن نقطة ضعف أغلب الأحزاب الشعبوية في العالم والتي تتمثل في فشلها في إدارة ملفات الاقتصاد غير موجودة في الحالة البولندية، فالحكم الحالي نجح لسنوات طويلة -شأنه شأن خصمه الليبرالي عندما تولى الحكم- في تحقيق معدلات نمو مرتفعة وفقًا للمعايير الأوروبية، وفي تخفيض كبير لمعدلات البطالة، وفي ضبط الميزانية، وفي اتّباع سياسات اجتماعية ضمنت ولاء قواعده الانتخابية، وخففت من حدة عدم المساواة، من خلال إعانات عائلية، وتخفيض سن الخروج إلى المعاش. ويلاحظ أيضًا أن السلطات وفقت إلى حد ما في إدارة أزمة الجائحة.
بعد محاولة تفسير رؤية الحزب الحاكم والقوى المؤيدة له للعالم، يجب التنويه إلى أن رجال هذا الحزب ليسوا مجمعين على كل شيء، فبينهم من يعي أهمية عدم التصعيد مع أوروبا الغربية، وأن أغلبية واضحة بل ساحقة من جمهوره ومن الشعب البولندي يريد البقاء في الاتحاد الأوروبي ويؤيد مشروع الوحدة وإن كان رافضًا لسياسات الاتحاد المتحيزة -وفقًا لهم- لألمانيا وفرنسا، ويجب الإقرار أيضًا بأن خطاب الكراهية الذي يتبناه هؤلاء غير بناء، وتسبب في استقطاب لم يسبق له مثيل في هذا المجتمع، وتبني روايات تآمرية عندما توفي رئيس الجمهورية في حادث طائرة، كما يجب الإقرار أيضًا بأن سياسة “التمكين” وإخضاع الهيئات القضائية وإحكام القبضة على مؤسسات الدولة والإعلام خطرة جدًّا على المدى الطويل، لا سيما أن هذا الحزب -وإن كان الأقوى على الساحة- فإنه لا يمثل إلا ثلث البولنديين أو ٤٠٪ منهم (حصل على ٤٥٪ من الأصوات في الانتخابات التشريعية الماضية التي أُجريت في خريف ٢٠١٩، وانتخب مرشحه رئيسًا للجمهورية بأغلبية ضئيلة “٥١٪” في يوليو الماضي)، أي إنه لا يمثل الأغلبية، ورغم قوته في الشارع وتحكمه في مفاصل الدولة فإنه اضطر أحيانًا إلى التراجع أمام الاحتجاجات عندما حاول أن يلغي الحق في الإجهاض.
ويلاحظ أيضًا أن الحزب الليبرالي (المعارض الرئيسي) ليس ضعيفًا، فهو متواجد بقوة في المدن الكبرى المستفيدة من العولمة، وحاصل على تأييد ربع أو ثلث الرأي العام رغم سوء أدائه في السنوات الماضية، إذ بدا مكتفيًا بالتنديد بسياسات الحزب الحاكم، غير مبالٍ بتقديم مشروع ولا بالدفاع عن حصاد فترات حكمه، لأن سياساته قوبلت برفض شعبي أيامها أو على الأقل مراجعتها مراجعة نقدية، ويلاحظ أيضًا وجود نسبة هامة من المستقلين بين صفوف النواب وأعضاء المجالس المحلية.
السياسة الخارجية البولندية
يمكن القول إن قيادات الحزب الحاكم أطلسية الهوى، وكارهة خائفة من روسيا، وكارهة محتقرة لأوروبا، ولكنها طورت موقفها ليصبح أكثر عقلانية أو قبولًا. ونظرًا للتاريخ فمن الطبيعي ألا يثق البولنديون في أوروبا فيما يتعلق بقضايا الأمن والدفاع، وأن يراهنوا على الولايات المتحدة، فتجدهم أطلسيين وأطلسيين مثاليين يتحملون نصيبهم من المسئولية والواجبات، ويمكن التطرق للسياسة الخارجية البولندية وفقًا لمحورين، كالتالي:
العلاقة مع أوروبا
فيما يتعلق بأوروبا بات المسئولون يقولون إنهم ليسوا ضد الفكرة الأوروبية، وإنهم لا يفكرون في الخروج من الاتحاد، ولكنهم يحبذون وحدة تتأسس على احترام سيادة الدول، وقد كتب وزير الخارجية مرات وقال مرات إنهم يتطلعون إلى مشروع أوروبي يوحد ولا يفرق، ولا يفرض نموذجًا واحدًا على الجميع، ويقولون إنهم يشكون في جدوى أو في إمكانية التوصل إلى مفهوم للسيادة الأوروبية يؤدي إلى أوروبا محررة من تأثير الولايات المتحدة. هذا الكلام يعبر عن شكوك عميقة تجاه أفكار وخطط منسوبة لفرنسا أحيانًا بالحق وأحيانًا بالباطل. ومن الواضح أنهم متمسكون بالبقاء في الاتحاد للاستفادة من مزايا السوق المشتركة، وحرية الانتقال للأفراد والبضائع، ومنح واستثمارات ألمانيا وغيرها. باختصار فإن موقفهم من الاتحاد يُشبه موقف النخب البريطانية قبل “بريكست”، التواجد مفيد اقتصاديًّا ومهم سياسيًّا لأنه يتيح لهم عرقلة (وإفشال) المشروعات الرامية إلى الابتعاد/الاستقلال عن الولايات المتحدة.
ولعل أهم علاقة لهم مع دول الاتحاد هي علاقتهم مع ألمانيا التي تعد بمثابة ترمومتر العلاقة بين دول غرب أوروبا وشرقها، وهي علاقة وثيقة وسيئة، فألمانيا كانت أكبر مؤيد لدخول بولندا الاتحاد (حدث هذا سنة ٢٠٠٤ قبل وصول الشعبويين الحكم) ووعدت برلين وارسو باعتبارها مساوية في الأهمية لباريس. ولكن العلاقات تدهورت خلال السنوات الأخيرة، وأحد الأسباب الهامة هو موقف كل منهما من الخطاب والخط الأمريكيين. الخطاب يهدد بالانسحاب من أوروبا ويندد بتقصيرها في المشاركة في الإنفاق على الدفاع. أما الممارسة الفعلية فما حدث أن الولايات المتحدة كثفت تواجدها العسكري (لا سيما في بولندا!)، واحترمت التزاماتها وقامت بزيادة إنفاقها. باختصار فإن ألمانيا سمعت الخطاب وبولندا ركزت على ما تم لا على ما قيل. وترتب على هذا أن ألمانيا تريد أن تقوي الروابط الأوروبية وتسعى إلى توحيد القارة، بينما ترى وارسو أن كلام واشنطن مبرر ويجب استغلال غضبها من ألمانيا لصالح بولندا، وكما ذكر سابقًا فإنها لا تثق في أوروبا فيما يتعلق بضمان أمنها. ومن ناحية أخرى، تتحمل برلين قدرًا هامًا من المسئولية بسبب إصرارها على إتمام مشروعات تعاون مع روسيا فيما يتعلق بالطاقة. وعلى العموم ففي عام ٢٠١٦ قال وزير خارجية بولندا إن المملكة المتحدة أهم شريك لبولندا في أوروبا، في حين أن كل سلفه كانوا يقولون إن ألمانيا هي الأهم، وفشلت زيارة رئيس بولندا لألمانيا في نوفمبر سنة ٢٠١٨ بعد أن غضب من أسئلة الصحفيين حول دولة القانون، ورد متحدثًا عن تاريخ ألمانيا الأسود وتاريخ سياستها تجاه بولندا وتاريخ جرائمها. وبين حين وآخر تثير بولندا قضية التعويضات لمقتل ٦ ملايين بولندي في الحرب العالمية الثانية (أغسطس ٢٠١٧ – أكتوبر ٢٠١٨ – سبتمبر ٢٠١٩). من ناحيتها حاولت ألمانيا الاحتفاظ بتوازن بين علاقاتها مع فرنسا وإيطاليا، وبين علاقتها مع بولندا وشرق أوروبا، وتوفق أحيانًا وتغضب الطرفين أحيانًا أخرى. ولكن اتساع الهوة بين موقفي برلين ووارسو من واشنطن أجبر الأولى على التقرب -نسبيًّا- من باريس. وقررت برلين التحرك مؤخرًا عندما حاول البعض جعل الاستفادة من تمويل إنعاش الاقتصاد مشروطة باحترام دولة القانون.
البحث عن تحالفات
السياسة الخارجية البولندية دائمة البحث عن تحالفات وشراكات تستطيع أن تقوي موقفها في وجه الثنائي الفرنسي الألماني وفي وجه روسيا طبعًا. فهي العضو الهام في مجموعة فيزجراد التي تضم المجر والتشيك وسلوفاكيا، وهي مجموعة دول تتمتع بدخل مرتفع، وتحقق نتائج باهرة في التنمية البشرية، وتتمتع كلها بعضوية الاتحاد الأوروبي والناتو، ولكن سلوفاكيا هي الدولة الوحيدة فيها التي تبنت اليورو، وهذه الدول اشتركت في رفض سياسات الاتحاد تجاه الهجرة.
وحاولت بولندا التقرب من إسرائيل ورئيس وزرائها “نتنياهو”، ولكن أزمات عرقلت تطوير العلاقة، منها: أزمات حول ذاكرة الحرب العالمية الثانية ودور البولنديين أو مجموعات من البولنديين في المحرقة، ومن ناحية أخرى يبدو أن إسرائيل لم ترتح لما لمسته من عداء شديد لروسيا عند المسئولين البولنديين. وأخيرًا استاءت إسرائيل من عبارات معادية للسامية تفوه بها الرئيس “دودا” أثناء حملة الانتخابات الرئاسية. كما يلاحظ أيضًا أن الحكم الحالي في بولندا له علاقات جيدة مع تركيا، ويؤيد ترشيحها لعضوية الاتحاد الأوروبي، ويتحفظ على فرض عقوبات عليها، وهذا لا يمنع مسئولي الحزب الحاكم البولندي من التباهي بدور ملك بولندا “يان سوبيسكي” في فك حصار فيينا في أواخر القرن السابع عشر.