تُعدُّ الزيوت النباتية من السلع الغذائية الهامة في مصر التي تشهد فجوة إنتاجية نتيجة انخفاض الإنتاج المحلي من المحاصيل الزيتية لمواجهة الاستهلاك المتزايد على تلك السلعة مع التزايد السكاني المستمر، واللجوء إلى التوسع للاستيراد من الخارج لسد فجوة الاستهلاك المحلي، وهو ما يمثل عبئًا إضافيًا على الاقتصاد المصري.
وتجدر الإشارة إلى أن الحكومة المصرية خصصت نحو 89 مليار جنيه لدعم المواد الغذائية خلال العام المالي 2019/2020 ليستفيد منه ما يقرب من 64 مليون مواطن من خلال بطاقات التموين، وتلك المخصصات قابلة للاسترداد شهريًا للمواد الغذائية الأساسية، من خلال توفير مخصصات نقدية بقيمة 50 جنيهًا مصريًا لكل مستفيد، أي يحق للمستفيدين الحصول على 1 لتر زيت نباتي مخلوط (17 جنيهًا) قبل أن يصدر قرار وزارة التموين والتجارة الداخلية برفع أسعار زيت التموين على بطاقات الدعم بمقدار 4 جنيهات، بحيث يصبح سعر الزجاجة 1 لتر 21 جنيهًا بدءًا من الأول من يونيو 2021، وكيلو واحد من السكر (8.50 جنيهات) وكيلو أرز (8 جنيه/كجم) بأسعار مدعومة.
إنتاج واستهلاك الزيوت النباتية في مصر
تُعد الهيئة العامة للسلع التموينية هي الجهة الحكومية الوحيدة المسئولة عن الزيوت الخام الصالحة للأكل، في عام 2018/2019 استوردت الهيئة 255 ألف طن متري من زيت عباد الشمس و170 ألف طن متري من فول الصويا، كما حصلت على 166 ألف طن متري من زيت فول الصويا من العصارات المحلية.
وتُنتج مصر مجموعة من المحاصيل الزيتية يأتي في مقدمتها زيت فول الصويا والسمسم ودوار الشمس، إلا أن الزيوت النباتية المنتجة تختلف عما يفضله ويستهلكه السوق المحلي، حيث يأتي في مقدمة أبرز الزيوت المستهلكة محليًا زيت فول الصويا بنسبة 48%، وزيت النخيل بنسبة 33%، وزيت دوار الشمس بنسبة 19%.
ويوضح الجدول التالي إجمالي المساحة المزروعة والإنتاج والفجوة للمحاصيل الزيتية للعام المالي 2020/2021، والتي يتم تغطيتها عن طريق الاستيراد.
Source: USDA, Oilseeds and Products Annual, March,2020, https://apps.fas.usda.gov/newgainapi/api/Report/DownloadReportByFileName?fileName=Oilseeds%20and%20Products%20Annual_Cairo_Egypt_04-01-2020
تتوقع هيئة خدمات الزراعة الأجنبية التابعة للولايات المتحدة ارتفاع الاستهلاك المحلي من فول الصويا وعباد الشمس وزيت النخيل في مصر خلال العام المالي 2020/2021 بزيادة قدرها 1.6 % مقارنة بحجم الاستهلاك خلال العام 2019/2020.
واردات وصادرات مصر من الزيوت
تشير تقديرات منظمة الأغذية العالمية لعام 2020 حول صادرات وواردات مصر من الزيوت إلى اتساع الفجوة بين صادرات وواردات مصر خلال الفترة 2015/2016 وحتى عام 2019/2020. إن كمية الزيوت المستوردة تمثل %90 من احتياجات البلاد، حيث إن مصر تستورد نحو 1.9 مليون طن من الزيوت سنويًا في مقابل تصدير نحو 200 ألف طن.
شكل: تطور صادرات وواردات مصر من الزيوت
خلال الفترة (2015/ 2016-2019/ 2020)
*القيمة المقدرة
**القيمة المتوقعة
أولًا- فيما يخص فول الصويا: تعد مصر مستوردًا رئيسيًا لفول الصويا من الولايات المتحدة، حيث تمثل 68.5٪ من إجمالي استيراد فول الصويا من قبل مصر وفقًا للتقدير الرسمي لوزارة الزراعة الأمريكية (USDA)، كما أنها ثالث أكبر مستورد عالمي لفول الصويا من الولايات المتحدة، تتلوها الأرجنتين وأوكرانيا والبرازيل.
وتتوقع هيئة خدمات الزراعة الأجنبية التابعة لوزارة الزراعة الأمريكية (USDA) ارتفاع إنتاج مصر من زيت فول الصويا في عام 2021/22 عند 837000 طن متري، بزيادة قدرها 2 % تقريبًا مقارنة بتقديرات عام 2020/21. وتعكس الزيادة في إنتاج زيت فول الصويا زيادة نشاط العصارات. أما بالنسبة لمعدلات استهلاك الزيوت فتتوقع الهيئة أن يصل استهلاك زيت فول الصويا إلى حوالي 1.03 مليون طن متري في عام 2021/2022، بزيادة20 ألف طن متري. الأمر الذي يرجع إلى الزيادة في استهلاك زيت الصويا في 2021/2022 بسبب الكميات الكبيرة من زيوت الطهي عالية الجودة التي يتم مزجها مع زيوت فول الصويا وعباد الشمس والتي يتم توجيهها من خلال برنامج الدعم في الدولة.
فيما يخصّ تقديرات واردات مصر من زيت فول الصويا في عام 2021/2022، يتوقع أن تظل عند 350 ألف طن متري، دون تغيير.
وفيما يخص زيوت دوار الشمس، تُشير التوقعات إلى أن يظلّ حجم إنتاج مصر من زيوت عباد الشمس دون تغيير، بينما يتوقع ارتفاع معدلات الاستهلاك بنسبة 3% خلال عام 2021/2022، مدفوعة بالزيادة السكانية والاستهلاك المرتفع المتوقع لزيت عباد الشمس في المناطق الحضرية من قبل المستهلكين من ذوي الدخل المتوسط والمرتفع. كما يتوقع أن ترتفع واردات مصر من زيت عباد الشمس في عام 2021/22 عند 350 ألف طن متري، بزيادة قدرها 7.7% تقريبًا مقارنة بالعام 2020/2021 مدفوعًا باستهلاك أعلى واستخدام أعلى في المزج مع زيت فول الصويا لبرنامج الدعم الحكومي.
وفيما يخص زيت النخيل، لا تقوم مصر بزراعة نخيل الزيت تجاريًا، ولا تنتج أي زيت نخيل، لذا تشير التوقعات إلى أن يشهد استهلاك زيت النخيل في مصر ارتفاعًا في عام 2021/2022 بنسبة 2% عن تقديرات 2020/21. وتُعزى الزيادة في استهلاك زيت النخيل إلى النمو السكاني، وزيادة استخدام زيت النخيل في إنتاج الغذاء. حيث تشير التقديرات إلى أن 94% من زيت النخيل يذهب إلى إنتاج الغذاء، وتستخدمه سلاسل المطاعم والمطاعم والوجبات السريعة على نطاق واسع.
كما يتوقع أن ترتفع واردات مصر من زيت النخيل بنسبة 4.1% عن تقدير ما بعد السنة المالية 2020/21. ونعزو تلك الزيادة إلى نمو بنسبة أربعة إلى خمسة بالمائة في قطاع تصنيع الأغذية (المستهلك الرئيسي لزيت النخيل). وتمثل إندونيسيا المورد الرئيسي لزيت النخيل لمصر بأكثر من 90% من إجمالي واردات زيت النخيل.
ومما سبق يتضح ضرورة العمل على ضرورة الاهتمام بالبحوث في صناعة الزيوت ومواصفات المنتج النهائي، بالإضافة إلى إعادة النظر في الجمارك بهدف تشجيع صناعة الزيوت ورفع مستوى إنتاجها، بالإضافة إلى ضرورة رفع الإنتاج المحلي من البذور بين 50 و60% مع إمكانية استيراد النسبة المتبقية، ويؤكد البعض أنه لا بديل عن العودة لزيادة مساحات زراعة القطن مرة أخرى.