يُعد تحقيق الاكتفاء الذاتي مطلبًا جوهريًا وملحًا في العديد من دول العالم، وتكمن أهميته في توفير أمن الطاقة، وتحصين الشعوب من الأزمات التي تحدث أحيانًا بسبب نقص الإمدادات في السوق الدولية، أو غلاء الأسعار (أزمة ارتفاع أسعار النفط الخام والغاز الطبيعي عام 2022 نموذجًا). كما يُشكل الاكتفاء الذاتي سبيلًا إلى الاعتماد على الإنتاج المحلي وتطوير الإمكانات الذاتية، والتقليل في المقابل من الاعتماد على الخارج. وذلك مما يدعم استقلالية القرار السياسي وزيادة نفوذ الدول على المستوى الإقليمي والدولي.
وعليه ينفرد النفط بأهمية استراتيجية خاصة عن مصادر الطاقة الأخرى بأنه صناعة تحويلية، بمعنى أن النفط الخام لا يتم استهلاكه مباشرة، بل يدخل بعد عمليات استخراجه من آبار النفط إلى المصافي بهدف تكريره وتحويله إلى مواد وصور أخرى ومواد مكررة كالبنزين والديزل والكيروسين مع مواد ثقيلة أخرى كالنافتا والمواد البتروكيماوية الأخرى. على الرغم من أن الوقود الأحفوري في مصر لا يكفي استهلاكها فهي تُعد مستوردة للنفط الخام ومشتقاته فإنها من أقدم الدول التي بحثت عن النفط والغاز واستكشافهما، ومع امتلاك مصر ممر قناة السويس، بالإضافة إلى خط سوميد الواقع على أراضيها، تؤدي مصر دورًا مهمًا ومحوريًا في تجارة الطاقة. حيث يواصل إنتاج النفط في مصر تسجيل مستويات قياسية مدعومًا بتكثيف وتيرة الحفر الاستكشافي وخطط زيادة الإنتاج، وعليه فإن إمكانات النفط لدى الدولة المصرية شكلت عامل جذب قوي لكبريات شركات الطاقة العالمية.
مدخل:
تولي الدولة المصرية اهتمامًا كبيرًا بقطاع الطاقة خلال السنوات الأخيرة، إذ ترى الدولة أن تطبيق استراتيجية الطاقة المتكاملة والمستدامة تُمثل إحدى أهم ركائز التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وبالأخص بصناعة البتروكيماويات والتكرير، خاصةً أنها تُشكل أهمية كبيرة في تحقيق القيمة المضافة ودفع عجلة الإنتاج وتحسين وتيرة الاقتصاد محليًا وخارجيًا، وهو الأمر الذي جعلها تخطو خطوات جادة وسريعة نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي من المنتجات البترولية. حيث تستهدف مصر زيادة إنتاجها من المنتجات البترولية محليًا لتقليل فاتورة الاستيراد واستدامة توفير الوقود (البنزين والسولار) للسوق المحلية. ذلك من خلال عوامل عدة شملت: عمليات الاستكشاف والإنتاج، ورفع كفاءة وتطوير منظومة التكرير، وتنويع مصادر الطاقة، والتوسع في المشروعات التي تساعد في ترشيد استهلاك الوقود، وأيضًا تلك التي تُسهم في جذب المزيد من الاستثمارات لقطاع البترول المصري.
مر قطاع البترول المصري على مدار العشرين عامًا الماضية بعدة تحديات وتغيرات وأحداث سياسية واقتصادية دفعته لتنفيذ حزمة من المشروعات الاستراتيجية وزيادة الشراكات والاستثمارات الأجنبية والقومية محققًا أكبر عدد من الاكتشافات لتعظيم إنتاج مصر من الثروات البترولية والغازية.
إشكالية النفط في مصر:
مع تزايد استهلاك الوقود الأحفوري في مصر، تضطر الدولة إلى الاعتماد على الاستيراد في توفير احتياجات السوق المحلية، وهو الأمر الذي يعرضها لتقلبات أسعار النفط والضغط على بند المصروفات في الموازنة. حيث إن استهلاك مصر من النفط ارتفع، خلال عام 2022، إلى حوالي 750 ألف برميل يوميًا، مقابل حوالي 644 ألف برميل يوميًا في عام 2021، وحوالي 598 ألف برميل يوميًا عام 2020. حيث نجد أن مستويات الاستهلاك قد سجلت أعلى مستوى لها بقرابة حوالي 836 ألف برميل من النفط في عام 2016، ثم تراجع إلى حوالي 801 ألف برميل يوميًا في عام 2017، وإلى حوالي 720 ألف برميل في عام 2018، وإلى حوالي 686 ألف برميل يوميًا في 2019.
حيث تُظهر البيانات المعلنة ارتفاع استهلاك مصر من المنتجات النفطية، خلال عام 2022، إلى حوالي 81 مليون طن، أي بنسبة ارتفاع سنوية حوالي 6.3%، والتي تضمنت حوالي 35.5 مليون طن من المنتجات النفطية، وحوالي 45.6 مليون طن من الغاز الطبيعي، كما يوضح الشكل التالي معدلات الاستهلاك النفطي في مصر خلال السنوات الماضية.
وعليه يمكن القول، إن زيادة معدلات الاستهلاك النفطي وعدم وجود معادلة متزنة بين معدلات الاستهلاك ومستويات الإنتاج النفطي للدولة، يترتب عليها زيادة وفجوة كبيرة في فاتورة الاستيراد، مما يترتب عليه أعباء وضغوط على موازنة للدولة.
أمام ما تقدم، يُشكل الغاز الطبيعي الوقود الأكثر استهلاكًا في مصر، يليه البترول والسوائل الأخرى، وذلك في عام 2021، حيث شكلت الطاقة المتجددة والفحم حوالي 6% و1% على التوالي من إجمالي استهلاك الدولة، كما هو موضح في الشكل التالي.
يُعد قطاع الكهرباء من أهم القطاعات التي تستحوذ على النصيب الأكبر من إنتاج مصر من مشتقات الوقود الأحفوري (بالأخص الغاز الطبيعي). وذلك بهدف توليد الطاقة الكهربائية، وبنسبة تتعدى أكثر من حوالي 60% من إنتاج الغاز الطبيعي. وعلى سبيل المثال، فإن مصر في عام 2013 بشكل عام كانت تستهلك حوالي 100 مليون متر مكعب من الغاز الطبيعي يوميًا لتشغيل محطات الكهرباء، بما يعادل حوالي 300 مليون جنيه يوميًا (على أساس أسعار الغاز الطبيعي عام 2013)، وذلك فقط في تلبية احتياجات محطات الكهرباء، وعليه حلت مصر في المركز الثامن في القائمة، بحجم توليد بلغ حوالي 169 تيراوات/ساعة متساوية مع كوريا الجنوبية بالمركز التاسع، كما هو موضح في الشكل التالي.
وبالنظر إلى واردات مصر من المنتجات والمشتقات البترولية، نجد أن مصر استوردت شحنات وقود بقيمة بلغت حوالي 3.3 مليارات دولار خلال الربع الأول من العام الجاري 2024، بزيادة تصل حوالي 6% مقارنة بالربع الأول من العام الماضي 2023، والذي شهد واردات بقيمة حوالي 3.1 مليارات دولار. حيث استحوذت المنتجات البترولية على حوالي ملياري دولار من إجمالي فاتورة الاستيراد، وذلك بنسبة تراوحت بين حوالي 60 و70% خلال الأشهر الثلاثة الماضية، وباقي قيمة الواردات تخص شحنات الفحم والنفط الخام الذي يوجه إلى معامل التكرير المصرية. وعليه شهدت السنوات الماضية (2014-2023) زيادة حوالي 40% من إنتاج البنزين والسولار، كما هو موضح في الشكل التالي.
ما يحدث من اضطرابات في مياه البحر الأحمر حاليًا (تداعيات الحرب على غزة) ساهم بشكل كبير في رفع أعباء التكلفة الفعلية على الدولة فيما يتعلق بالشحنات المستوردة من الخارج بنسبة حوالي 10-12% للثلاثة أشهر الماضية، إذ ترتبط مصر بعقود استيراد للنفط الخام والوقود من بعض أسواق آسيا، وترتبط مصر بعقد سنوي مع العراق لاستيراد كميات من الزيت الخام – كما تستورد شحنات من الكويت والإمارات والسعودية.
احتياطيات النفط في مصر:
بشكل عام، توجد في الحقول المصرية للنفط حوالي 3 أنواع من النفط؛ الأول: هو الخام الخفيف والحلو الموجود في الحقول البرية بالصحراء الغربية، في حين يُستخرج النوعان الآخران -وهو من الخام المتوسط والحامض- من حقول خليج السويس وبلاعيم البحرية ويُجرى تكريره محليًا. حيث تظهر البيانات المعلنة استقرار احتياطيات مصر من النفط بنهاية عام 2023 عند حوالي 3.3 مليارات برميل. كان أعلى مستوى سجله احتياطي مصر من النفط عام 1987، إذ بلغ حوالي 4.7 مليارات برميل، مقابل حوالي 2.9 مليار برميل، وذلك في عام 1980 الذي يُعد أدنى مستوى له. حيث ظل احتياطي مصر من النفط يتراوح صعودًا وهبوطًا ما بين مستويات حوالي 3.1 و4.7 مليارات برميل من النفط الخام، كما هو موضوح في الشكل التالي.
استكمالًا لما سبق، تحتل مصر المركز الخامس في القارة الأفريقية من حيث حجم الاحتياطيات، بعد كل من ليبيا ونيجيريا والجزائر والسودان. حيث بلغ احتياطي النفط الخام المؤكد في القارة الأفريقية، حوالي 120.2 مليار برميل، وذلك في عام 2023، وبلغت حصة مصر حوالي 2.7%، كما هو موضح في الشكل التالي.
في الواقع تعد مصر من ضمن أكبر عشر دول منتجة للنفط في القارة الأفريقية لعام 2022، تنتج مصر نحو 582 ألف برميل يوميًا، وتحتل المرتبة الخامسة ولديها أكبر سعة لتكرير النفط الخام في أفريقيا ومع زيادة الطلب من الأسواق الأوروبية، تتطلع مصر إلى تحسين أنشطة البحث والاستكشاف، مع التركيز بشكل خاص على حفر آبار استكشافية جديدة وذلك بهدف إضافة احتياطيات جديدة من النفط الخام.
إجمالًا لما سبق، قفزت مستويات الإنتاج إلى أعلى مستوياتها خلال العام الماضي 2023، وذلك في ظل اتساق معدلات الحفر الاستكشافي مع الخطط الإنتاجية الطموحة، حيث بلغ إجمالي إنتاج قطاع النفط المصري خلال العام الماضي 2023، حوالي 74 مليون طن، وذلك بواقع حوالي 525 مليون برميل من النفط المكافئ (حوالي 28 مليون طن) حوالي 200 مليون برميل نفط خام ومتكثفات، ونحو 45 مليون طن غاز طبيعي، ومليون طن بوتاجاز (غاز النفط المسال)، بالإضافة إلى البوتاجاز المنتج من مصافي التكرير.
حيث شهد إنتاج النفط في مصر والمكثفات زيادة بنحو حوالي 2% عن العام السابق، حيث جاءت الزيادة بدفع قوي من الاستكشافات الجديدة؛ إذ تم تحقيق حوالي 65 كشفًا جديدًا للبترول والغاز بواقع 51 كشفًا للنفط الخام و14 للغاز الطبيعي، وذلك بمناطق بالصحراء الغربية وخليج السويس ودلتا النيل وسيناء، وتم توقيع 14 عقدًا لتنمية الحقول بالصحراء الغربية ودلتا النيل (وذلك وفقًا للبيانات المعلنة). من ضمنها وضع بعض الآبار الجديدة على الإنتاج مثل حقل شمال جيسوم الشمالي بخليج السويس، وحقل شمال صفا، حيث تمكن قطاع النفط المصري ووفقًا للبيانات المعلنة من وضع 5 مشروعات لحقول النفط الخام والغاز الطبيعي على خريطة الإنتاج، وذلك بهدف إنتاج نحو حوالي 15 ألف برميل خام ومكثفات يوميًا، ونحو حوالي 144 مليون قدم مكعبة غاز يوميًا وبإجمالي استثمارات بلغت أكثر من حوالي 307 ملايين دولار، كما يوضح الشكل التالي مستويات إنتاج النفط الخام في مصر.
وبشكل عام، وصل معدل إنتاج النفط في مصر إلى حوالي 582 ألفًا و700 برميل يوميًا، مسجلًا أعلى مستوياته خلال العام الماضي 2023. فقد أسهمت الصحراء الغربية -منطقة رئيسة بالنسبة لإنتاج الزيت الخام- بنحو حوالي 289 ألفًا و300 برميل يوميًا (نسبة مساهمة حوالي 55%)، كما هو موضح في الشكل التالي.
وعليه يمكن القول، إن مصر تحظى بدور رئيس في أسواق الطاقة على المستوى الإقليمي والدولي، ويرجع ذلك على الأرجح إلى القرب الجغرافي والموقع الاستراتيجي عند مفترق طرق التجارة الدولية للنفط الخام والغاز الطبيعي، بالإضافة إلى التحكم في مسارين رئيسيين للنقل في قناة السويس وخط أنابيب السويس والبحر الأبيض المتوسط (سوميد).
الاستراتيجية المصرية التي تهدف إلى زيادة طاقات مصافي التكرير القائمة أنجزت عددًا من المشروعات المهمة، وذلك بهدف تأمين إمدادات المنتجات النفطية بالسوق المحلية، بشكل كامل خلال العام الحالي.
وعليه يجري حاليًا الإسراع في تنفيذ مشروعات تكرير جديدة باستثمارات تبلغ حوالي 7.5 مليارات دولار، سيتم الانتهاء من تشغيلها تباعًا، التي من أهمها مشروع توسعات مصفاة ميدور بالإسكندرية، ومجمع إنتاج السولار (الديزل) بشركة أنوبك في أسيوط، وتوسعات شركة السويس لتصنيع البترول متمثلة بمجمع التفحيم وإنتاج السولار، ومشروع تقطير المتكثفات بشركة النصر للبترول بالسويس، ومشروع التقطير الجوي بمصفاة أسيوط لتكرير البترول.
نجحت الدولة في تحقيق الاستقرار للسوق المحلية خلال العام الماضي 2023، حيث تم تغطية الاحتياجات المحلية للمواطنين وقطاعات الدولة المختلفة من المشتقات النفطية والغاز الطبيعي.
ومن ضمن تلك المشروعات الاستراتيجية، توسعات مصفاة تكرير ميدور وذلك منذ عام 2016، لتنفيذ سلسلة من المشروعات القومية الرامية لزيادة الإنتاج المحلي وتضييق الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك محليًا من المنتجات البترولية، وذلك من خلال تحديث إمكانيات مصافي تكرير البترول وإضافة توسعات جديدة إليها. حيث سيرفع الطاقة الإنتاجية الحالية للمصفاة بنحو حوالي 60% لتصل إلى حوالي 160 ألف برميل يوميًا (من حوالي 100 ألف برميل يوميًا). بالإضافة إلى تحقيق أعلى ربح من خلال تكرير أنواع مختلفة من الزيت الخام بمرونة عالية تتفق مع متطلبات السوق المتقلبة، ومن المتوقع أن تصل الطاقة الإنتاجية السنوية للمشروع إلى حوالي 1.3 مليون طن سولار، وحوالي 600 ألف طن بنزين عالي الأوكتين، وحوالي 700 ألف طن وقود نفاثات، وحوالي 226 ألف طن فحـم، وحوالي 145 ألف طن بوتاجاز، وحوالي 65 ألف طن كبريت، كما هو موضح في الشكل التالي.
الدولة المصرية تعمل جاهدة على زيادة معدلات الحفر والتنقيب، وذلك بهدف زيادة احتياطياتها النفطية.
أمام مما سبق، تراجعت قيمة واردات مصر من النفط ومشتقاته في العام الماضي بنسبة حوالي 6% على أساس سنوي، وذلك على خلفية انخفاض أسعار النفط الخام عالميًا، بعد ارتفاعها في عام 2022 بسبب الحرب الروسية الأوكرانية، حيث بلغت قيمة واردات مصر النفطية حوالي 11.8 مليار دولار في عام 2023، بتراجع حوالي 746 مليون دولار عن الفاتورة المسجلة في عام 2022، والبالغة حوالي 12.5 مليار دولار، كما هو موضح في الشكل التالي.
النفط الخام هو المحرك الرئيس لكل خطط التنمية، فلا يمكن إعداد تنمية زراعية أو صناعية أو إسكانية بدون وجود غاز أو كهرباء أو إسفلت، حيث إن كل عناصر التنمية في حاجة ملحة إلى الطاقة، والنفط الخام عنصر استراتيجي في هذه المعادلة.
ووفقًا لما سبق، تتبلور ملفات ومحاور تحقيق الوصول إلى هدف الاكتفاء الذاتي من المنتجات والمشتقات البترولية خلال الفترة المقبلة في النقاط التالية:
- زيادة وجذب الاستثمارات في الطاقة الأحفورية أو التقليدية.
- تحسين كفاءة الطاقة وترشيد استخداماتها.
- زيادة وتعزيز أنشطة البحث والاستكشاف وإضافة احتياطيات جديدة.
- ترشيد استخدام النفط التقليدي وذلك من خلال زيادة الحوافز ضمن برامج تعويض السيارات القديمة بأخرى تعمل بالغاز الطبيعي.
- تعزيز التعاون الإقليمي والدولي في صناعة البتروكيماويات والتكرير.
- تسريع خطط تأهيل ورفع قدرات معامل التكرير.
انعكاسات إيجابية على الاقتصاد المصري:
شهد قطاع البترول والغاز في مصر على مدار السنوات الماضية، طفرة كبيرة في معدلات الإنتاج، وخطط البحث والاستكشاف والتنمية والمشروعات، وذلك من خلال استراتيجية متكاملة من عدة محاور، حيث تسعى مصر إلى خفض استهلاكها المحلي من الطاقة، بهدف خفض وارداتها النفطية، والعمل على زيادة كمية صادراتها من النفط الخام والغاز الطبيعي، وبالتالي زيادة مواردها من العملة الصعبة. ومن هنا يجب إلقاء الضوء على الانعكاسات المختلفة والعوائد المتوقعة من زيادة رقعة الاكتشافات التجارية المعلنة والتي يمكن تلخيصها في النقاط التالية:
- تسعى الحكومة المصرية إلى خفض فاتورة استيراد المشتقات النفطية في ظل ارتفاع مستويات الطلب المحلي على المشتقات البترولية، وعليه تُشكل زيادة إنتاج النفط في مصر إحدى أدوات الحكومة لتحقيق أهدافها، خاصةً أن حجم استهلاك الدولة من الديزل يصل إلى حوالي 12 مليون طن سنويًا، والبنزين حوالي 6.7 ملايين طن.
- الاكتشافات التجارية الحالية تأتي في إطار استراتيجية الدولة للنهوض بقطاع الطاقة، وفي إطار رؤيتها للتحول إلى مركز إقليمي لتجارة وتداول الطاقة وجذب الاستثمارات الأجنبية، مستغلة في ذلك موقعها الاستراتيجي والثروات الطبيعية التي تتمتع بها، وكذلك الأصول والبنية التحتية التي تم تطويرها على مدار السنوات السابقة وبالتحديد بعد عام 2014.
- الاكتشافات التجارية الجديدة، ستحدث فرقًا كبيرًا في الاقتصاد المصري، وبالتالي زيادة العملة الأجنبية للدولة، ولذلك القيادة السياسية تنادي دائمًا بضرورة الإسراع في وضع الاكتشافات الجديدة على خريطة الإنتاج والتعجيل بتنفيذ خطط التنمية لها، (بدء الإنتاج، وإن لم يحقق زيادة في الصادرات، فإنه سيقلل جزءًا كبيرًا من الواردات وبالتالي تنخفض فاتورة الاستيراد).
- حماية الاقتصاد المصري من حالة التذبذب والتقلب في أسعار النفط العالمية، وذلك عن طريق زيادة معدلات الإنتاج، وبالتالي خفض معدلات الواردات النفطية.
- الاكتشافات الضخمة (التي تتمتع باحتياطيات كبيرة)، قد تعطي دفعة قوية لمزيد من الاستثمارات والثقة بين الشركات الأجنبية والدولة المصرية، وبالتالي تنعكس على توسع نطاق الاكتشافات البترولية في مصر بشكل دائم على فترات طويلة الأجل، وبالأخص أن السوق المصرية تُعد في الوقت الحالي من أفضل الأسواق الواعدة اقتصاديًا في المنطقة في مجال الطاقة بكافة محاورها المختلفة.
- تعطي الاكتشافات التجارية دفعة قوية لزيادة الاحتياطيات المؤكدة من النفط الخام في مصر، مما ينعكس علي زيادة رقعة البحث الاستكشافي في الدولة.
مجمل القول، تمضي الدولة المصرية قدمًا نحو بناء جمهوريتها الجديدة، حيث تولي اهتمامًا بالغًا وكبيرًا بقطاع الطاقة والنفط؛ إيمانًا منها وإدراكًا لدوره الحيوي والفعال كمحرك رئيسي ومؤشر للنمو الاقتصادي، واضعة أمامها أن تطبيق استراتيجية الطاقة المتكاملة والمستدامة هو إحدى أهم ركائز التنمية الاقتصادية والاجتماعية. هو الأمر الذي دفعها إلى المضي قدمًا بخطوات جادة وحاسمة نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي من المنتجات والمواد البترولية، وذلك من خلال خطط محددة شملت التوسع في عمليات البحث والاستكشاف والإنتاج، بالإضافة إلى العمل على رفع كفاءة وتطوير منظومة التكرير المصرية، والعمل على تنويع مصادر الطاقة، وزيادة نشر ثقافة ترشيد استخدام واستهلاك الوقود، وزيادة جذب الاستثمارات لقطاع النفط والغاز الطبيعي.
دكتور مهندس متخصص في شؤون النفط والطاقة