منذ اندلاع أزمة سد النهضة عام 2011، بدا واضحًا أن الأهداف الإثيوبية من تدشين السد تتجاوز الحاجة لزيادة إنتاج الطاقة والتوسع الزراعي وتحقيق التنمية، إلى تحقيق أهداف سياسية واستراتيجية أوسع في مداها، تتعلق بصيانة وتعظيم المصالح الوطنية الإثيوبية، وترجمة القدرات المائية الإثيوبية لقوة سياسية تتيح لأديس أبابا التحكم في التفاعلات السياسية بإقليم حوض النيل، وخدمة مصالح حلفائها الدوليين والإقليميين، خاصة محور واشنطن-تل أبيب.
هذا المقال يحاول إلقاء الضوء على تطور توظيف النظم الإثيوبية المتعاقبة لأزمة السد، وانعكاس ذلك على أساليب إدارتها للأزمة، والتي يجمعها منذ عام 2011 وحتى انسحاب إثيوبيا من المفاوضات في فبراير 2020، خط ناظم يعتمد على الغموض، والمراوغة، والتسويف، وفرض الأمر الواقع.
أولًا- نظام “زيناوي” وإدارة أزمة سد النهضة
مع تدشين مشروع سد النهضة، تبنّى “ملس زيناوي” -رئيس الوزراء الإثيوبي الأسبق- “خطابًا شعبويًّا”، بغية حشد التأييد الداخلي والخارجي للمشروع، وتوحيد القوميات الإثيوبية (85 جماعة) حول هدف قومي، وصد رياح الثورات العربية قبل أن تهب على إثيوبيا. لذا تحرك نظام “زيناوي” على ثلاثة محاور هي:
1- تبشير الشعب الإثيوبي بالرخاء المرتبط بإنشاء السد، عبر توفير الكهرباء والمياه النقية، وتنمية القطاعين الزراعي والصناعي، وزيادة معدلات النمو الاقتصادي.
2- تأجيج المشاعر القومية، من خلال تقديم المشروع باعتباره حلمًا قوميًّا، مع إثارة المشاعر المعادية لمصر، وتحميلها أوزار تدنّي مستوى معيشة الإثيوبيين، والإعلان عن انتهاء عهد التحكم المصري في إدارة نهر النيل.
3- تسويق المشروع باعتباره مشروعًا إقليميًّا عابرًا للحدود، يستهدف تنمية حوض النيل على مستوى إدارة الموارد المائية وإنتاج الطاقة، وذلك بزيادة كفاءة السدود بمصر والسودان، وإنشاء “مجمع إقليمي للطاقة”، يضم دول الجوار مثل جيبوتي والصومال واليمن وغيرها، التي ستحصل على الكهرباء بأسعار تنافسية.
انعكس ذلك التوجه على أسلوب إدارة “زيناوي” للأزمة، وذلك بالتدرج في الإفصاح عن مواصفات السد، لتزيد سعته التخزينية من 14 مليار م3 إلى 74 مليار م3، دون مبرر هندسي أو اقتصادي، وحجب المعلومات المتعلقة بآثار السد، وتمويله. والتمسك بإجراء مفاوضات مباشرة بين أطراف الأزمة.
ودعا “زيناوي” لتشكيل لجنة فنية لدراسة جدوى المشروع، عُرفت باسم “اللجنة الثلاثية”، تضم خبراء من مصر والسودان وإثيوبيا، بالإضافة لخبراء من إنجلترا وفرنسا وألمانيا وجنوب إفريقيا. لكن تلك اللجنة لم تكن إلا جزءًا من خطة للخداع الاستراتيجي، تستهدف انتزاع موافقة مبدئية مصرية على إنشاء السد، كمشروع قيد الإنشاء الفعلي، وليس كمشروع مزمع إقامته مثلما اقترحت مصر، ودون الالتزام بإيقاف التنفيذ حتى تنتهي اللجنة من إعداد تقريرها النهائي، ودون أن يكون لتلك اللجنة الحق في إصدار قرارات ملزمة، حيث كان رأيها استشاريًّا وغير ملزم لإثيوبيا.
لذا، فقد امتد عمل اللجنة الفنية من ستة أشهر إلى عامين. كما استفادت إثيوبيا من تكوينها في أمرين هما: الإيحاء بوجود نوع من الإخطار المسبق، وإيهام المجتمع الدولي بأن تنفيذ المشروع يجري بالتنسيق مع مصر والسودان. وبالتالي، إبراز تعنت مصر إذا ما قاومت المشروع، أو إظهارها في موقف المعتدِي، حال إقدامها على توجيه ضربة عسكرية للسد. أما الأمر الآخر فهو إتاحة الفرصة لإثيوبيا لكسب الوقت والاستمرار في الإنشاءات، بما يُقلل من خيارات المفاوض المصري.
ثانيًا- إدارة المفاوضات في عهد “هيلاميريام ديسالين”
تم إسناد رئاسة الحكومة الإثيوبية إلى “هيلاميريام ديالسين” خلفًا لـ”زيناوي” في أغسطس 2012. وقد أكد “ديسالين” أنه يسير على خطى “زيناوي”، وأن إنشاء السد يُعد خيارًا استراتيجيًّا لا يمكن الرجوع عنه، باعتباره أمل إثيوبيا في توليد الطاقة.
سعى “ديسالين” إلى إدخال المفاوض المصري في التفصيلات الفنية، والتحكم في توقيت المفاوضات وجداول أعمالها، بغية تمرير السد كأمر واقع دون تعديل مواصفاته، أو السماح بأي وساطة خارجية في المفاوضات. لكنه تخلّى عن لغة التشدد ضد مصر، مفضلًا استخدام لغة هادئة إزاء الأزمة، لإيصال رسالة للمجمتع الدولي بأن إنشاء السد يتم بالتنسيق مع مصر والسودان.
لذا، شارك وزير الخارجية الإثيوبي في مراسم تنصيب الرئيس المصري “عبدالفتاح السيسي”. والتقى “ديسالين” بالرئيس “السيسي” في مالابو في يونيو 2014، ليؤكد التزام بلاده بالقانون الدولي، وعدم الإضرار بمصالح مصر. وشارك أيضًا في المؤتمر الاقتصادي بشرم الشيخ، وسمح لوزير الري المصري بزيارة موقع السد في سبتمبر 2014، وذلك للمرة الأول منذ تدشين المشروع. ووقّع على اتفاق إعلان المبادئ بالخرطوم في مارس 2015، حيث تضمن الإعلان التزامًا من أطراف الأزمة بالتعاون على أساس حسن النوايا، والمنافع المشتركة، والاستخدام المنصف والمناسب للمياه، وعدم التسبب في ضرر ذي شأن، والتنمية والتكامل الإقليمي، وبناء الثقة، وتبادل المعلومات، وضمان أمان السد، والتنسيق فيما يتعلق بالملء الأول للسد وإدارته، واحترام نتائج الدراسات المزمع إجراؤها بشأن السد، والتسوية السلمية للمنازعات.
وبالرغم من نجاح “ديسالين” في انتزاع موافقة كتابية مصرية على إنشاء السد بعدما كان يواجه مشكلة عدم الاعتراف وعدم المشروعية، فقد تمسك بامتلاك زمام المبادرة خلال المفاوضات، متبعًا منهجًا متكاملًا ينطلق من فلسفة “المعادلات الصفرية”، وذلك بإطالة أمد المفاوضات، وإنجاز السد، قبل صدور أي دراسات تلزمها بما لا ترغب فيه.
لذا، فقد رفض “ديسالين” تزويد مصر بالدراسات الخاصة بالسد المكمل لسد النهضة Suddle Dam. وعارض كافة المقترحات المصرية لإيقاف العمل بالسد، أو تعديل تصميمه، أو اللجوء للآليات القانونة للتسوية، أو مشاركة البنك الدولي كوسيط خلال المفاوضات.
كما تمسّك وزير الخارجية الإثيوبي “تواضرس أدهانوم” أمام البرلمان الإثيوبي بافتتاح السد في موعده المحدد، مؤكدًا أن اتفاق إعلان المبادئ أعطى بلاده حقها السيادي في استخدام مياه النيل لتحقيق التنمية بإثيوبيا للمرة الأولى. وشن الإعلام الإثيوبي حملات ضد مصر، متهمًا القاهرة بتمويل شبكة الأنهار الدولية بغية إصدار تقارير تهاجم السياسة الإثيوبية المتعلقة بإنشاء السدود. كما اتهمها بدعم تظاهرات الأورومو خلال عامي 2015 و2016.
لم يكن بوسع “ديسالين” أن يفعل أكثر من ذلك؛ فهو لم يكن ذلك الرجل القوي الذي يمكنه انتهاج سياسة مغايرة لسياسة الجبهة الديمقراطية الثورية لشعوب إثيوبيا، وهو التحالف الذي يحكم البلاد منذ 1991، خاصة أنه لم يكن من الأعضاء القياديين بالجبهة خلال مرحلة الثورة ضد نظام “منجستو”. كما أنه ينتمي لجماعة إثنية صغيرة بجنوب البلاد هي “ولايتا”، التي لا تشكل سوى 2% من إجمالي الشعب الإثيوبي. لذا لجأ “ديسالين” لسياسة الهروب إلى الأمام، بافتعال المشكلات مع مصر كلما احتدت التوترات الداخلية بإثيوبيا.
وبالرغم من ذلك، أخفقت سياسة “ديسالين” في توظيف السد لمنع اندلاع التوترات الإثنية بالبلاد، خاصة من جانب جماعتي الأورومو والأمهرة، وهو ما دفعه لاعتقال قادة المعارضة، وإعلان حالة الطوارئ بالبلاد، قبل أن تضطره الجبهة إلى الاستقالة في فبراير 2018، خوفًا من اتساع نطاق التوتر الإثني.
ثالثًا- توظيف “آبي أحمد” لأزمة سد النهضة
مع وصول “آبي أحمد” للسلطة في أبريل 2018، تبنّى النظام الإثيوبي سياسة تقوم على احتواء مشكلات الداخل والخارج، لتهيئة البلاد لمواجهة المشكلة القومية وتحقيق التنمية. لذا وافقت إثيوبيا على وثيقة مخرجات سد النهضة بالخرطوم في مايو 2018. وزار “آبي أحمد” مصر في يونيو 2018، ليعلن تبني رؤية تحترم الحقوق المتبادلة في تحقيق التنمية دون الإضرار بالآخرين. كما أعلن في أغسطس 2018 عن احتمال تأخر إنجاز السد عن موعده المقرر، ليتم افتتاحه في عام 2022، مبررًا ذلك بوجود أخطاء فنية في تصميم السد، وشبهات حول وقائع للفساد المالي والإداري.
في غضون ذلك، تم توقيع اتفاق التسوية للنزاع الإثيوبي-الإريتري في يوليو 2018، وفاز “آبي أحمد” بجائزة نوبل للسلام، في مؤشر قوي على دعم الولايات المتحدة والدول الغربية لسياساته. لكن ظلت التوترات الإثنية تتصاعد بإثيوبيا، خاصة في أقاليم أوروميا وأوجادين، وهو ما أدى مؤخرًا لنزوح زهاء 2.5 مليون مواطن داخل البلاد. كما تنامت الاتجاهات المعارضة لرئيس الوزراء الإثيوبي، خاصة داخل أحزاب الأمهرة (الحكام التاريخيين لإثيوبيا) والتجراي (الشريك الأساسي بالتحالف الحاكم)، وهو ما تأكد بمحاولة اغتياله، ثم السعي للانقلاب عليه في يونيو 2019، انطلاقًا من مدينة بحر دار عاصمة إقليم أمهرة.
وأكدت المعارضة أن سياسات “آبي أحمد” لم تحل مشكلة الاندماج القومي بالبلاد، وأنها تتجه لتكريس هيمنة جماعة أورومو الإثنية على السلطة، إثر استبعاد أغلب رجال الحرس القديم، خاصة القيادات الأمنية، وفي مقدمتهم مدير جهاز الأمن والاستخبارات الوطنية، ورئيس الأركان، بالإضافة لاعتقال العديد من القيادات المحسوبة على النظام السابق، بدعوى انتهاك حقوق الإنسان والفساد السياسي، وتصفية نشاط بعض الشركات التابعة للقوات المسلحة، ومنها شركة “ميتيك”، المشاركة في بناء سد النهضة. كما انتقدت المعارضة الإصلاحات الاقتصادية للحكومة، والتي لم تفلح في معالجة الأزمات الاقتصادية، نتيجة لارتفاع معدلات التضخم، ونقص النقد الأجنبي، وزيادة أعباء الديون الخارجية، والتفاوت بين الادخار المحلي والاستثمار، وانتشار الفساد السياسي.
في هذا السياق، لجأ رئيس الوزراء الإثيوبي للتوظيف السياسي لأزمة سد النهضة، وذلك لحشد التأييد الجماهيري لسياساته، وكسب الانتخابات في مواجهة معارضيه، خاصة الناشط الحقوقي “جوهر محمد”، الذي ينتمي للأورومو، لا سيما في ظل وجود أحزاب أورومية ترى أن “آبي أحمد” لا يمثلها، وأنه محسوب بدرجة أكبر على التحالف الحاكم. بالإضافة للتصدي لحركة تحرير تجراي، التي تشكك في شرعية نظام “آبي أحمد”، بعدما كون الأخير حزبًا جديدًا في ديسمبر 2019 هو “حزب الرخاء”، الذي يضم ثلاثة من مكونات الجبهة الديمقراطية الثورية الحاكمة، بينما يستبعد جبهة تحرير تجراي.
لذلك، تمسك “آبي أحمد” بإدارة مفاوضات السد بشكل مباشر، رافضًا الاستعانة بأي وسطاء آخرين لأطول مدة ممكنة، حتى اضطر للموافقة على مشاركة الولايات المتحدة والبنك الدولي في المفاوضات بصفة “مراقب” في نوفمبر 2019. لكنه استبق ذلك بتصريحات مفتعلة شديدة اللهجة تغلب عليها المزايدة أمام البرلمان الإثيوبي في أكتوبر 2019، حيث وصف سد النهضة بأنه “الموحد للشعوب الإثيوبية”، مؤكدًا استعداد بلاده للحرب دفاعًا عن السد. كما أكد أن ما يجري في واشنطن ليس مفاوضات، وإنما مجرد مشاورات.
وحرصت إثيوبيا خلال مفاوضات واشنطن على عدم الالتزام بأي تعهد معياري أو رقمي خلال المفاوضات، فتنصلت من الاعتراف بالحصة المائية المصرية، واتفاقات تقاسم المياه بحوض النيل، ولم تلتزم بتحديد مدة زمنية للملء الأول للسد. بل إن الرقم الوحيد المذكور بالاتفاق المبدئي الموقع بواشنطن في يناير 2020 “اتفاق النقاط الست”، والمتعلق بالاحتفاظ بمستوى المياه عند 595 م3 فوق سطح البحر، إنما يصب في صالح إثيوبيا، إذ يمنحها القدرة على التوليد السريع للكهرباء.
أسدل “آبي أحمد” الستار على المفاوضات بالإعلان عن انسحاب بلاده منها في فبراير 2020، متهمًا مصر بإفساد المفاوضات، وتبنِّي مخطط تخريبي ضد إثيوبيا. كما اتهم الولايات المتحدة والبنك الدولي بالانحياز لمصر على حساب إثيوبيا. وتذرع “آبي أحمد” بالرغبة في تجنب الصدام مع البرلمان في حال رفضه اتفاق تسوية أزمة السد، مما يضعف موقف حزب الرخاء الحاكم قبيل الانتخابات، وهي حجة واهية، خاصة أن أغلب أعضاء البرلمان (547 عضوًا) من المؤيدين لرئيس الوزراء الإثيوبي.
خاتمة
امتناع إثيوبيا عن التوقيع على اتفاق واشنطن يؤكد أنها كانت تدير المفاوضات منذ انطلاقها بنوع من سوء النية، استنادًا لنظرية “هارمون” التي تؤكد السيادة المطلقة للدولة على الأجزاء التي تقع في أراضيها من الأنهار الدولية، والتي تعد من النظريات البالية في القانون الدولي.
وبالرغم من الضغوط المبذولة لعودة إثيوبيا لمائدة التفاوض، فإن أغلب المعطيات ترجح عدم عودتها إلى المفاوضات قبل إجراء الانتخابات العامة، التي ينتظر أن يؤجلها البرلمان بسبب أزمة فيروس كورونا، والتي اضطرت الحكومة لإعلان حالة الطوارئ بالبلاد لخمسة أشهر مقبلة، ومن أهم هذه المعطيات:
1- سعي إثيوبيا لمخاطبة الدوائر السياسية الخارجية والرأي العام العالمي والإقليمي، لقطع الطريق أمام التحركات المصرية، حيث إنها نجحت في الضغط على السودان والصومال لأجل التحفظ على قرار الجامعة العربية بالتضامن مع مصر بعد انسحاب إثيوبيا من المفاوضات، وهو القرار الذي وصفته الخارجية الإثيوبية بأنه “دعم أعمى” من الجامعة العربية لمصر. كما أوفدت أديس أبابا مسئوليها للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وبعض الدول الإفريقية لعرض الموقف الإثيوبي من المفاوضات.
2- تصريح رئيس الأركان الإثيوبي الفريق أول “آدم محمد”، في 12 مارس 2020، بأن جيش بلاده مستعد للتصدي لأي هجوم عسكري يستهدف سد النهضة، والرد على مصدر الهجمات بالمثل. وقد جاءت هذه التصريحات خلال زيارته للسد بصحبة قادة الجيش الإثيوبي.
3- زيارة وفد من حزب الرخاء الحاكم إلى سد النهضة ومتابعة أعمال البناء، وتدشين حملة لجمع الأموال لاستكمال مشروع السد. وتواصل الحملات الإعلامية من جانب الإعلام الحكومي الإثيوبي ضد مصر.
4- تأكيد الحكومة الإثيوبية شروعها في الملء الأول لبحيرة السد في يوليو 2020، توطئة لبدء التوليد التجريبي للكهرباء.
5- تنصل إثيوبيا من معاهدة مايو 1902، التي وقّعها الإمبراطور “منليك الثاني” (ولم تكن الحبشة آنذاك مستعمرة) مع بريطانيا (نيابة عن مصر والسودان)، بحجة عدم التصديق عليها، وذلك ردًّا على لجوء مصر إلى التقدم بشكوى ضد إثيوبيا أمام مجلس الأمن الدولي في مايو 2020، تتهم أديس أبابا بخرق القانون الدولي، وتهديد السلم والأمن الدوليين.
أستاذ مساعد العلوم السياسية، مدير مركز البحوث الإفريقية - جامعة القاهرة