في إطار المتابعة المستمرة من جانب المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، لكافة تفاعلات الأوضاع في فلسطين، وحرصه على التواصل مع كافة الأطراف الفلسطينية على المستوى السياسي، استضاف المركز يوم الثلاثاء الموافق 26 مارس 2024، وفد فلسطيني رفيع المستوى، يترأسه السيد/ روحي فتوح، رئيس المجلس الوطني الفلسطيني، بجانب كل من السيد/ محمود العالول، نائب رئيس المجلس الوطني الفلسطيني، والسيد/عزام الأحمد، عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، والدكتور سمير الرفاعي، عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، والسفير دياب اللوح، سفير دولة فلسطين، في إطار زيارة الوفد للقاهرة.
وقد أجتمع الوفد الفلسطيني الزائر على مدار ساعتين، مع إدارة المركز وأعضاء الهيئة الاستشارية، حيث أدار الاجتماع الدكتور خالد عكاشة مدير المركز، بحضور كل من اللواء محمد إبراهيم الدويري، نائب مدير المركز، والدكتور عبد المنعم سعيد، رئيس الهيئة الاستشارية بالمركز، بجانب أعضاء الهيئة الاستشارية والخبراء بالمركز، وهم اللواء وائل الصفتي، والدكتور حسن أبو طالب، والدكتور صبحي عسيلة، والدكتور خالد حنفي، والدكتور محمد مجاهد الزيات، والدكتور جمال عبد الجواد، والدكتورة دلال محمود، والدكتور أحمد أمل، والأستاذ محمد مرعي.
بدأ الاجتماع بكلمة من الدكتور خالد عكاشة، مدير المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، الذي رحب بأعضاء الوفد الفلسطيني، الذي يعتز المركز بهم، كونهم أصحاب تاريخ سياسي ونضالي يُحترم، وتتزامن زيارتهم مع مرور فلسطين والمنطقة بلحظة دقيقة، تجعل من الواجب على قادة وباحثي المركز المصري، الإنصات إلى رؤيتهم بشأن ما يجري حاليًا على أرض الواقع، وتوقعاتهم المستقبلية بشأن ماذا يحمل الغد للقضية الفلسطينية.
تحدث أولاً من الجانب الفلسطيني، السيد/ محمود العالول، نائب رئيس المجلس الوطني، الذي وجه التحية والشكر للمركز المصري على الاستضافة، وأشار إلى أن ما حدث في السابع من أكتوبر هو مرتبط بالانتهاكات التي كانت تتم قبل السابع من أكتوبر، حيث كانت تنتشر المذابح كل يوم في جميع أنحاء الضفة الغربية، وبالتحديد في القدس، وأنه على المستوى السياسي ليس هناك أي احترام لأي اتفاق أو وثيقة أو حقوق للشعب الفلسطيني من قبل الجانب الإسرائيلي، وأبرز هذه التصرفات هو قانون القومية الذي يصنف الجميع عدا الإسرائيليين. وأضاف السيد العالول أن الجانب الفلسطيني قد تحدث مع الجميع بما فيهم الأمريكيين، وحذر من حدوث انفجار وشيك بسبب إجراءات الاحتلال الإسرائيلي، وأنه يجب على المجتمع الدولي، تقديم حلول وآفاق سياسية وإلا سيتكرر ما حدث في السابع من أكتوبر سنويا.
تحدث تالياً السيد/ روحي فتوح، رئيس المجلس الوطني الفلسطيني، الذي رأى أن المخاطر والتهديدات الوجودية على الشعب الفلسطيني، مازالت موجودة حتى الآن، حيث يزداد حجم المستوطنات وقضم الأراضي الفلسطينية يوميا منذ اندلاع الحرب في غزة، وهناك تجمعا بشريا غير مسبوقا في منطقة رفح في غزة يعاني الويلات، وهو ما يجعل القضية الفلسطينية تعيش أخطر مراحلها على الإطلاق في هذه الأيام. وأضاف السيد فتوح أن هناك الكثير من التساؤلات الأساسية مثل هل هناك أفقا سياسيا بعد الحرب، هل سيستمر نتانياهو بعد الحرب، هل سيعود ترامب ويستمر في دعم إسرائيل بشكل غير مشروط؟، مشيراً إلى أن إسرائيل باتت تعاني من عزلة شعبية بين شعوب العالم، ولكن ليست عزلة رسمية بين العواصم والدول. واختتم كلمته بالقول إنه توجد حاجة ماسة إلى تضافر الجهود العربية من أجل وقف الحرب بشكل مستدام، ووقف التهجير، وخلق مناخ سياسي لحل الدولتين.
ورأى السيد/ عزام الأحمد، عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، في مداخلته، إن الملف الرئيسي الذي ينبغي التركيز عليه اليوم، هو حرب الإبادة الجماعية التي تمارسها إسرائيل في قطاع غزة، لأن مسألة وقف الحرب تظل أولوية كبيرة، مع الوضع في الاعتبار كافة الجهود والتصورات الخاصة باليوم التالي للحرب. وأشار إلى أن الوضع الفلسطيني الداخلي يطغى عليه الانقسام، وانه من ساهم في تعزيز هذا الانقسام هو إسرائيل، لأنها المستفيدة الأكبر منه، مضيفاً أن مصر خلال حكم الرئيس عبد الفتاح السيسي، تمارس جهود حثيثة في مسألة المصالحة الوطنية الفلسطينية. وقد أقر السيد الأحمد، بوجود طلبات عربية وإقليمية ودولية وحتى داخلية فلسطينية بخصوص تغيير الحكومة الفلسطينية وإصلاحها، وان حركة فتح تدعم مقترح تشكيل حكومة تكنوقراط وخبراء، وأنها حريصة على أن تشمل الحكومة الجديدة وزراء من قطاع غزة ومقيمين بها، من أجل الربط بين الضفة وغزة، على أن تركز هذه الحكومة على ملف المصالحة الفلسطينية باعتباره ذا أولوية. واختتم كلمته بالقول إنه توجد حاجة ملحة لوجود رؤية مُحكمة واضحة فلسطينية وعربية بخصوص مستقبل القضية، والسلطة الفلسطينية تكون محورها، مؤكداً أن السلطة لم تترك غزة أبداً ويوجد لها ممثلين وموظفين حتى اللحظة في قطاع غزة.
تحدث بعد ذلك الدكتور/ سمير الرفاعي، عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، الذي رأى أن السابع من أكتوبر له أسباب فلسطينية وأسباب إسرائيلية. بالنسبة للأسباب الفلسطينية قال الرفاعي “نحن نعلم أن أكثر من 65% منها لاجئين يعيشون في ظروف اجتماعية قاسية وفقدان الأمل وانعدام الأفق بأي مسار سياسي للوصول لحل عادل للقضية الفلسطينية. أيضًا فإن ممارسات الاحتلال في الضفة والقدس والتي كانت خلال السنتين الماضيتين يتضح فيها ملامح التهجير والقتل حيث كان سلوك جيش الاحتلال ينم عن رغبة في تهجير السكان”. أما بالنسبة للأسباب الإسرائيلية قال الرفاعي ” لقد تم استغلال ما حدث في السابع من أكتوبر لتفريغ الأرض، حيث أن إسرائيل قد قامت على فكرة أرض بلا شعب لشعب بلا أرض بالإضافة إلى القتل”. واختتم كلمته بالقول إن إسرائيل تسعى حالياً لتنفيذ التهجير وتفريغ الأرض وتدمير النظام السياسي الفلسطيني، مشيراً إلى أنه وبعد فشل تل أبيب في تحقيق هذه الأهداف من الحرب، فإنها تسعى لتقزيم النظام السياسي ويسعى لفرض الإملاءات إما بشكل مباشر أو غير مباشر.
تلا هذه المداخلات كلمة اللواء محمد إبراهيم الدويري، نائب رئيس المركز المصري للفكر والدراسات، وفيما يلي أبرز ما جاء بها:
- ستظل مصر حائط الصد الأول والأساسي لحماية القضية الفلسطينية، وهذا يتجلى بشكل واضح في الموقف المصري الأخير حيال مخططات تهجير أهالي قطاع غزة إلى سيناء، والذي لم يرفض قطعياً هذا التهجير فقط، بل أيضاً رفض بشكل كامل تصفية القضية الفلسطينية.
- يجب أن نبحث في كيفية استغلال الزخم الدولي النسبي الملحوظ حالياً، من أجل دفع القضية الفلسطينية قدماً للأمام. كما يجب البحث في كيفية إعادة بعث السلطة الفلسطينية وتقويتها ودعمها، وهل سيتم تحقيق هذا الهدف عن طريق تشكيل حكومة جديدة فقط، أم انه يجب أن توجد رؤية جديدة لتطوير السلطة، يكون جوهرها الأساسي فلسطيني المنبع لكن مدعوم من المحيط العربي.
- مصر من جانبها أكدت مراراً أن السلطة الوطنية الفلسطينية هي الطرف المنوط به لعب الدور الأساسي في قطاع غزة، مع رفض أية سيناريوهات خارجية. هذا الدور يفرض على السلطة الفلسطينية تحديات كبيرة، لذا يجب تشكيل رؤية فلسطينية خالصة لكيفية التعامل مع هذه التحديات المتعلقة بإدارة قطاع غزة، بحيث يتم عرضها بشكل واضح على المجتمع الدولي، لقطع الطريق على أية سيناريوهات خارجية.
- قناعتنا كانت دائماً وأبداً أن حركة فتح هي أساس المشروع الوطني الفلسطيني، ونحن معنيين بأن تستعيد حركة فتح دورها الكامل، لأن تراجعها كان سبباً في ضعف المسارات الفلسطينية كافة، وقوتها تكون بمثابة تقوية للقضية الفلسطينية برمتها، لأنها هي من بدأت مسار المقاومة، وهي أيضاً من بدأت مسار التسوية السلمية.
كذلك أدلى الدكتور عبد المنعم سعيد، رئيس الهيئة الاستشارية بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، بمداخلة، بجانب عدد من أعضاء الهيئة الاستشارية وخبراء المركز المصري، وهم الدكتور محمد مجاهد الزيات، والدكتور صبحي عسيلة، والدكتورة دلال محمود، والدكتور حسن أبو طالب، والدكتور جمال عبد الجواد.