فوجئ العالم باجتياح وباء ڤيروس كورونا لجميع دول العالم تقريبًا، ما دفعها لاتخاذ قرارات سيادية للحفاظ على صحة شعوبها. وتفاوتت هذه القرارات من إعلان حالة حظر التجوال الشامل، إلى إغلاق كافة الأعمال والمحلات بكافة أنواعها، وإيقاف أغلب وسائل المواصلات، خاصة المطارات، وإغلاق المدارس والجامعات والأندية الرياضية والاجتماعية، وإيقاف كافة الأنشطة الرياضية والاجتماعية وغيرها من الإجراءات لمحاصرة انتشار هذا الوباء. هذه القرارات أثرت على كافة الأنشطة الوطنية والدولية. ورغم هذا، فإن هناك بعض الالتزامات الدولية كان لا بد لها أن تستمر، ومنها التزام الوكالة الدولية للطاقة الذرية بتنفيذ اتفاقيات الضمانات النووية مع أكثر من 180 دولة موقعة على هذه الاتفاقيات، للتأكد من استمرار هذه الدول في استخدام منشآتها النووية في الأغراض السلمية وذلك من خلال إرسالها مفتشي الوكالة إلى هذه الدول للتفتيش على المنشآت والمواد النووية في هذه البلاد، والتأكد من الاستخدام السلمي لها.
الوكالة الدولية واقعيًّا تقوم بالتفتيش المباشر على أكثر من 80 دولة تملك منشآت ومواد نووية مهمة، وتقوم بإرسال مفتشين في أكثر من 3000 مهمة تفتيش سنويًّا ومعهم معداتهم المساعدة لهم في التفتيش المباشر، بخلاف تطبيق أجهزة مساعدة من الكاميرات والأختام والكاشفات للإشعاعات، وغيرها. ويمكن لمهمة التفتيش الواحدة أن تتكون من مفتش واحد (خاصة في أوروبا) إلى أكثر من 10 مفتشين في حالة التفتيش على بعض المنشآت النووية الضخمة مثل مصانع إعادة المعالجة للوقود النووي المستخدم في المفاعلات النووية وفصل البلوتونيوم ومصانع تخصيب اليورانيوم. وقد تستمر مهمة التفتيش من يوم واحد إلى أكثر من أسبوع.
وتتمثل أهم الدول التي تشهد عمليات تفتيش من قبل الوكالة فيما يلي: اليابان، كوريا الجنوبية، الصين، إندونيسيا، فيتنام، الهند، باكستان، كازاخستان، إيران، إسرائيل، الإمارات، الأردن، مصر، الجزائر، المغرب، تركيا، جنوب إفريقيا، نيجيريا، الكونجو الديمقراطية، كينيا، ألمانيا، هولندا، بلجيكا، إسبانيا، تشيكيا، ليتوانيا، رومانيا، إيطاليا، المجر، بيلاروسيا، فنلندا، بلغاريا، النرويج، الدنمارك، بولندا، أرمينيا، سلوفينيا، سلوفاكيا، روسيا، كندا، الولايات المتحدة، المكسيك، البرازيل، الأرجنتين، شيلي، أستراليا، نيوزيلندا.
وبالإضافة لوجود أكثر من 200 مفتش نووي بالمقر الرئيسي للوكالة الذرية في ڤيينا، فإن الوكالة لديها مكتب في طوكيو (اليابان) به أكثر من 20 مفتشًا، ومكتب في تورونتو (كندا) به أكثر من 10 مفتشين للمساعدة في التفتيش في هذه الدول، خاصة في الحالات العاجلة. وتستعين الوكالة بمكتب تعاون لها في مقر هيئة يوراتوم في لوكسمبورج، وهي الهيئة المسئولة عن التفتيش في دول الاتحاد الأوروبي، ويصاحب مفتشيها مفتشو الوكالة في مهامهم التفتيشية في هذه الدول الأوروبية.
أولًا: تصنيفات دول العالم حسب حجم المهام التفتيشية بها
تطبق الوكالة أنظمة مختلفة للضمانات النووية والتفتيش على دول العالم حسب قدراتها النووية ونوع الاتفاق الموقع مع الوكالة.
1- دول موقِّعة على معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية كدول لا تملك أسلحة نووية
تضم هذه الفئة 185 دولة موقعة على هذه الاتفاقية (آخرها دولة فلسطين). وفي تطبيق نظام التفتيش على هذه الدول، فإنه يتم تقسيمها لمجموعتين أساسيتين: الأولى، الدول الموقعة مع الوكالة على اتفاق الضمانات الشامل بالإضافة للبروتوكول الإضافي الذي يسمح لمفتشي الوكالة بإجراء مهام تفتيشية مفاجئة وغير معلنة، وكذا التفتيش على أماكن غير تقليدية. وتضم هذه المجموعة أكثر من 140 دولة. المجموعة الثانية، هي الدول الموقعة مع الوكالة على اتفاق الضمانات الشامل فقط دون توقيع اتفاق البروتوكول الإضافي. وتشمل هذه المجموعة أكثر من 40 دولة تملك أنشطة نووية مهمة. وفي هذه المجموعة، فإن المهام التفتيشية على هذه الدول أقل كثافة ومعروف مواعيدها مسبقًا. وفي عام 2018 قامت الوكالة في مجموعتي الدول هذه بأكثر من 2045 مهمة تفتيش تقليدية وأكثر من 595 مهمة للتأكد من تصميم المنشآت النووية، وكذا أكثر من 180 مهمة تكميلية لزيارات طبـقًا لاتفاق البروتوكول الإضافي، بإجمالي أكثر من 2820 مهمة تفتيش. وأمضى المفتشون في هذه المهام أكثر من 12070 يومًا. وتكلفت الوكالة في هذه المهام أكثر من 105 ملايين دولار أو حوالي 92% من ميزانية التفتيش الكلية.
2- دول موقِّعة على معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية كدول تملك أسلحة نووية
وتضم هذه الفئة الدول الخمس الكبرى التي تملك حق الفيتو في مجلس الأمن (الولايات المتحدة الأمريكية، روسيا الفيدرالية، المملكة المتحدة، فرنسا، الصين). ورغم أنه لا يوجد إلزام على الوكالة بالتفتيش على المنشآت النووية في هذه الدول (أي إن التفتيش اختياري من قبل الوكالة) فإن الوكالة قامت بأكثر من 80 مهمة تفتيش في هذه الدول، وأمضى المفتشون فيها أكثر من 740 يومًا. وتكلفت الوكالة في هذه المهام أكثر من 4.5 ملايين دولار أو حوالي 4% من ميزانية التفتيش الكلية.
3- دول غير موقِّعة على معاهدة انتشار الأسلحة النووية
وتضم هذه الفئة ثلاث دول، هي: إسرائيل، والهند، وبـاكستان، ويمكن إضافة كوريا الشمالية إلى هذه الفئة رغم توقيعها على المعاهدة في 1992 ثم انسحابها منها في 2003، وهو الانسحاب الذي ما زالت الوكالة وبعض الدول تشكك في قانونيته. ورسميًّا، فإن دولة جنوب السودان لم توقع على هذه المعاهدة وإن أعلنت التزامها بـسريان كافة المعاهدات الدولية التي وقعتها دولة السودان في السابق. وفي عام 2018 نفذت الوكالة أكثر من 100 مهمة تفتيشية في الدول الثلاث (لا توجد في كوريا الشمالية أي مهام تفتيشية منذ أبريل 2009). وأمضى المفتشون في هذه المهام أكثر من 785 يومًا. وتكلفت الوكالة أكثر من 4.5 ملايين دولار أو حوالي 4% من ميزانية التفتيش الكلية.
وفي خلال عام 2018 قامت الوكالة بإرسال مفتشيها لأكثر من 80 دولة في أكثر من 3010 مهام تفتيش بأنواعها المختلفة (مهمة تفتيش تقليدي، مهمة تأكد من عدم تعديل تصميم المنشآت النووية، مهمة تكميلية لزيارة لمواقع غير تقليدية للتأكد من عدم وجود مواد أو منشآت نووية غير معلنة في حالة توقيع هذه الدول على البروتوكول الإضافي). وأمضى مفتشو الوكالة أكثر من 13600 يوم في هذه المهام في الدول المختلفة بمشاركة أكثر من 250 مفتشًا من موظفيها، سواء من العاملين في أقسام التفتيش الثلاثة أو بعض العاملين المؤهلين في الأقسام الثلاثة الأخرى المساعدة. وتكلفت ميزانية مهمات التفتيش هذه أكثر من 120 مليون يورو.
وتوضح الخريطة التالية كثافة مهام التفتيش من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية خلال عام 2018 طبقًا لتقرير الوكالة المعلن في مايو 2019 بجانب مصادر أخرى معلنة. وقد اختيرت عدد المهام التفتيشية الكلية وكذا عدد الأيام التي يقضيها المفتشون في هذه البلاد أثناء تأدية مهامهم التفتيشية كدليل إرشاد لكثافة التفتيش. وقد استخدم المقياس اللوغاريتمي لتمثيل كثافة التفتيش الملونة في كل دول العالم (من 0 – 600 مهمة تفتيش).

https://www.iaea.org/sites/default/files/19/06/statement-sir-2018.pdf
ثانيًا: حجم المهام التفتيشية في إيران
خلال عام 2018 احتلت إيران المركز الأول في عدد المهام التفتيشية، بـأكثر من 540 مهمة (أكثر من 18% من كافة المهام التفتيشية لمفتشي الوكالة في العالم كله). وكذا احتلت إيران المركز الأول فيما يتعلق بالزيارات التكميلية للمنشآت غير التقليدية طبقًا للبروتوكول الإضافي المؤقت الذي وقعته إيران مع دول (5+1) في 2015، بإجمالي عدد زيارات تزيد عن 40 مهمة (أكثر من 22% من إجمالي مهام مفتشي الوكالة لهذا النوع من التفتيش في العالم كله). وتلت إيران في هذا المجال اليابان فكندا فألمانيا. فيما احتلت إيران المركز الثاني بعد اليابان في تكلفة التفتيش بنسبة أكثر من 13% من ميزانية التفتيش للوكالة في هذا العام. ومع تزايد المهام التفتيشية في إيران بعد اتفاقها النووي الموقع في عام 2015 أنشأت الوكالة في مقرها بڤيينا مكتبًا خاصًّا للتفتيش يعمل به حوالي 100 مفتش وموظف مساعد، بالإضافة لوجود مفتشين مؤهلين للتفتيش في إيران في أقسام أخرى. وقد رخصت إيران لأكثر من 120 مفتشًا بالوكالة حق التفتيش فيها، ويتواجد عادة أكثر من 10 مفتشين بصورة مستمرة في إيران لأداء مهامهم التفتيشية في أكثر من 20 منشأة نووية.
توجد في إيران 21 منشأة نووية معلنة خاضعة لتفتيش الوكالة، وعدد آخر من الأماكن التي تحتوي على بعض المواد النووية مثل اليورانيوم المنضب المستخدم كأدرعة حماية من الإشعاع في المستشفيات. وتوضح الخريطة التالية مواقع المنشآت النووية في إيران التي توجد بها مواد وأنشطة نووية.

https://www.businessinsider.com/all-of-irans-nuclear-installations-2015-6?r=DE&IR=T
وربما أهم هذه المنشآت هي مصانع تخصيب اليورانيوم في ناتنز وفي فوردو (قم)، بالإضافة لمفاعل بوشهر للكهرباء الألماني الروسي الأصل الذي يعمل من عام 2012، ومفاعل أراك للماء الثقيل تحت الإنشاء، ومصانع الوقود في أصفهان، ومفاعل الأبحاث الأمريكي الأصل لإنتاج النظائر المشعة في طهران، وغيرها من المنشآت المعلنة. وللتأكد من تشغيل هذه المنشآت كما هو معلن للأغراض السلمية فإن الوكالة تقوم بعمل مهام تفتيشية مفاجئة وغير معلنة، خاصة في مصانع التخصيب، بمعدل قد يصل لأكثر من 10 مرات شهريًّا. وللتأكد من عدم وجود أية أنشطة نووية غير معلنة، فإن الوكالة وبعد دراسة كافية وأحيانًا باختيار عشوائي تختار عدة مواقع للزيارة شبه المفاجئة، سواء خلال ساعتين من إخطار الدولة بطلب التفتيش على المكان المختار أو خلال أيام محدودة من الطلب. ومتوسط عدد المهام من هذا النوع لمفتشي الوكالة في إيران يصل حاليًّا بين 3 إلى 4 مرات شهريًّا.
وفي الفترة الأخيرة استعانت الوكالة بأجهزة متعددة (خاصة كاميرات المراقبة، وكاشفات الأشعة، ودرجة تخصيب اليورانيوم) في عدد من المنشآت النووية، خاصة مصانع التخصيب والمفاعلات. ووافقت إيران حديثًا -في سابقة هي الأولى من نوعها- لأجهزة مراقبة من شركات أمريكية بنقل كل المعلومات المسجلة من خلال التحكم الآلي إلى مقر الوكالة في ڤيينا، وهو أمر كان له أثر بالغ في تسهيل المهمات التفتيشية لمفتشي الوكالة.
ثالثًا: تداعيات ڤيروس كورونا على نظام التفتيش والضمانات النووية
انتشر ڤيروس كورونا بصورة سريعة للغاية في كافة دول العالم، خاصة الصين وكوريا الجنوبية وإيران وألمانيا وإسبانيا وإيطاليا وسويسرا وفرنسا والمملكة المتحدة ثم أخيرًا الولايات المتحدة الأمريكية، وهي دول بها منشآت نووية مهمة، وترسل الوكالة لهذه الدول العديد من مفتشيها لأداء مهام تفتيشية مختلفة. وتوضح الخريطة التالية كثافة عدد السكان الذين تعرضوا للإصابة بهذا الڤيروس حتى 30 مارس 2020.

وقد أدت القرارات المتلاحقة بتقييد السفر، وإغلاق المطارات، وتوقف القنصليات عن إعطاء تأشيرات دخول بعض البلاد، وحظر التجوال، وإيقاف العمل في بعض الإدارات في هذه الدول التي تتعامل مع المفتشين أو التي ترسل تقاريرها المستمرة عن أنشطتها النووية للوكالة، إلى إيجاد صعوبات بالغة في عمل الوكالة والتي طلبت من الأغلبية العظمى من موظفيها عدم الحضور لمقر الوكالة بڤيينا والعمل من المنازل. وبدأت الوكالة في تنفيذ خطط طوارئ للتعامل مع الأزمة.
تاريخيًّا مرت على الوكالة من قبل أزمات مماثلة لأسباب مختلفة، لكن حجم الأزمة هذه المرة وانتشارها في دول العالم فاق بمراحل الأزمات السابقة. كانت إحدى الأزمات السابقة في التسعينيات عندما قلصت عدد من الدول الكبرى ميزانية الوكالة والتفتيش، مما دعا الوكالة إلى إيقاف التفتيش على بعض المنشآت النووية الأقل أهمية، مثل مصانع الوقود النووي المنخفض التخصيب، وكذا التفتيش على عدد من المنشآت النووية في بعض الدول الكبرى المالكة لأسلحة نووية مثل فرنسا والمملكة المتحدة. كانت هناك أيضًا أزمات أخرى بسبب حروب أهلية أو إقليمية في بعض الدول مما أدى لتوقف التفتيش فيها مثل المنشآت النووية في منطقة ناجورنو-كاراباخ بين أرمينيا وأذربيجان وكذا حاليًّا في العراق وسوريا وليبيا.
وقد أعلنت الوكالة عن طريق مديرها العام الجديد “رافائيل جروسي” (من الأرجنتين) عن استمرار تنفيذ التزاماتها التفتيشية حسب اتفاقيات الضمانات مع الدول المختلفة، والتأكد من عدم استخدام أي مواد نووية في أغراض غير سلمية رغم ظروف أزمة ڤيروس كورونا. ولم تفصح الوكالة بوضوح عن كيفية تعاملها مع الأزمة في مجال التفتيش.
ومن واقع خبرتي الطويلة مع الوكالة (منذ أكثر من 35 عامًا) أرى أن الوكالة ستخفض عدد المهام التفتيشية وكذا عدد المفتشين في المهمة الواحدة دون تأثير ذلك على قدرة الوكالة على التأكد من الاستخدام السلمي لهذه المنشآت، مثل: استخدام أنظمة تلقي المعلومات آليًّا عن بعد من الكاميرات، وأجهزة المراقبة الإشعاعية والأقمار الصناعية، وإرسال المعلومات المسجلة منها مباشرة لأحد مكاتب الوكالة للتفتيش (ڤيينا، طوكيو، تورونتو). كما أتوقع استخدام الوكالة للمفتشين العاملين في مكتبي طوكيو وتورنتو في القيام بمهام التفتيش الأساسية (وليس كل المهام) في اليابان وكندا لتفادي السفر بالطائرات. وكذا التقليل من المهام التفتيشية، سواء في دول الفيتو الكبرى التي تملك السلاح النووي (خاصة في المملكة المتحدة وفرنسا والصين) وكذا في الدول غير الموقعة على معاهدة منع الانتشار النووي التي تقوم الوكالة بالتفتيش على جزء فقط من منشآتها النووية (مثل الهند وباكستان وإسرائيل)، وكذا خفض عدد المهام التفتيشية على المنشآت التي بها كميات محدودة من المواد النووية وكذا التي تملك فقط مواد نووية غير مخصبة أو ذات تخصيب منخفض.
رابعًا: تداعيات ڤيروس كورونا على نظام التفتيش والضمانات النووية في إيران
كما ذكرنا من قبل، تقوم الوكالة بأكبر عدد من المهام التفتيشية على مستوى العالم في دولة إيران، وأن هناك عشرات من المفتشين يؤدون هذه المهام بدءًا من المقر الرئيسي في فيينا. وجاءت القرارات الأخيرة بتقييد حركة السفر من مطار ڤيينا ومطار إسطنبول لوضع صعوبات كبيرة لسفر المفتشين. كما جاءت الإجراءات الاحترازية في مطار طهران وكذا إجراءات الحجر الصحي هناك لإضافة صعوبات أخرى. ورغم هذا استمرت الوكالة والسلطات الإيرانية في تأكيدهما احترام مهام التفتيش والالتزام بتنفيذها. وبدأت الوكالة في إيجاد طرق أخرى للوصول لطهران مثل مطار الدوحة، كما بدأت الوكالة في إرسال مفتشيها لمدة أسبوعين قبل بدء التفتيش في حالة تم حجزهم في الحجر الصحي في مطار طهران. وخفضت الوكالة أعداد المفتشين في طهران في مقابل زيادة أنشطة المراقبة المستخدمة لأجهزة نقل المعلومات لمقر الوكالة في فيينا. وأتخيل أن الوكالة خلال فترة الطوارئ لأزمة ڤيروس كورونا سوف تخفض عدد الزيارات التكميلية لأماكن غير معلنة، وكذا عدد المهام التفتيشية غير المعلنة من قبل لأماكن معلنة.
وأتخيل مع المشاكل التي تواجهها إيران حاليًّا في انتشار ڤيروس كورونا وتداعياته فإن الأنشطة النووية هناك سوف تنخفض، مما يُعطي فرصة للوكالة للحد من مهامها التفتيشية دون الإخلال بالتزاماتها، سواء المتعلقة بنظام الضمانات الدولي أو خطة العمل الشاملة المشتركة (اتفاق خمسة +1 في عام 2015).
وأخيرًا، أتوقع أن يكون تأثير أزمة ڤيروس كورونا على نظام الضمانات والمهام التفتيشية لمفتشيها في مختلف دول العالم محدودًا مع استمرار تعاون الدول مع الوكالة لتخطي عقبات إتمام المهام التفتيشية الأساسية للمفتشين، وكذا زيادة اعتماد الوكالة في عديد من مهامها على أجهزتها للمراقبة (من: كاميرات، وأختام، وكاشفات أشعة)، ونقل نتائجها آليًّا لمكاتب الوكالة المختلفة، وكذا الاستعانة المتزايدة بصور الأقمار الصناعية دون الحاجة لوجود المفتشين بأنفسهم إلا في حالات الضرورة. وربما تعاني الوكالة في تحقيق كافة أهدافها في بعض المنشآت وبعض الدول، خاصة الدول التي تملك بالفعل السلاح النووي.
وفي تقديري بالنسبة للتفتيش في إيران، فإن كافة الأطراف ستحاول تفادي أية قرارات تؤدي لإيقاف التفتيش أو تقليصه بشكل حاد، أو تخليق مشاكل جديدة في هذا الملف الشائك بسبب أزمة ڤيروس كورونا.