تعد التصنيفات العالمية للجامعات وسيلة مهمة لتقييم جودة التعليم والبحث العلمي والمستوى الأكاديمي الذي تقدمه تلك الجامعات، بمعنى آخر يمكننا التعرف على أفضل جامعات العالم من خلال التصنيفات العالمية التي تقوم بالحكم على المستوى الأكاديمي والبحثي للمؤسسات التابعة لقطاع التعليم العالي، وفقًا لضوابط ومعايير يتم تحديدها تبعًا لكل تصنيف، ومن ثَمَّ توضيح النتائج التي تشمل ترتيب الجامعات سنويًّا على مستوى العالم، لبيان مدى التطور الذي يحدث خلال مسيرتها العلمية. ومن أبرز هذه التصنيفات: تصنيف تايمز للتعليم العالي (THE)، وتصنيف كيو إس العالمي (QS)، وتصنيف شنغهاي الصيني (ARWU).
تقوم التصنيفات العالمية على تطوير مؤشرات قياس الأداء ومعايير تقييم الجامعات حتى يتسنى لها في النهاية تقديم تقييم دقيق لمستويات الأداء في الجامعات المختلفة، وذلك من خلال القياس الدقيق لأبعاد رئيسية، مثل عدد الأبحاث العلمية المنشورة وعدد الطلاب الدوليين وعدد الأساتذة وعدد الحاصلين على الدكتوراه، وعدد الحاصلين على جوائز دولية للنشر البحثي وبراءات الاختراع، وغيرها من المؤشرات. وعادة ما ينبثق عن التصنيف الرئيسي للجامعات تصنيفات أخرى فرعية أكثر تخصصًا، مثل تصنيفات على أساس مجال الدراسة أو المنطقة الجغرافية.
تصنيف تايمز للتعليم العالي “Times Higher Education”
يقدم تصنيف تايمز تقييمات دقيقة لأداء الجامعات على المستوى العالمي منذ عام 2004، ويركز على عناصر أساسية: هي التدريس، والبحث، ونقل المعرفة، والآفاق الدولية. وقد ضم تصنيف تايمز للتعليم العالي لعام 2023 أكثر من 1700 جامعة موزعة على 104 دولة ومنطقة، مما يجعله من أقوى التصنيفات الدولية للجامعات وأكثرها تنوعًا. يعتمد التصنيف على 13 مؤشر أداء، يتم تجميعها في خمسة مجالات رئيسية، كما في الجدول رقم (1).
جدول رقم 1: مؤشرات أداء تصنيف تايمز العالمي
المؤشر الرئيسي | المؤشر الفرعي | النسبة المئوية % |
التدريس / بيئة التعلم ويمثل 30% | السمعة | 15% |
نسبة الموظفين إلى الطلاب | 4.5% | |
نسبة طلاب الدكتوراه إلى طلاب البكالوريوس | 2.25% | |
نسبة طلاب الدكتوراه لأعضاء هيئة التدريس | 6% | |
الدخل المؤسسي | %2.25 | |
الأبحاث وتمثل 30% | السمعة | 18% |
الدخل البحثي | 6% | |
إنتاجية البحث | 6% | |
النظرة الدولية وتمثل 7.5% | نسبة الطلاب الدوليين: 2.5٪ | 2.5% |
نسبة الموظفين الدوليين | 2.5% | |
التعاون الدولي | 2.55 | |
الاستشهادات /تأثير البحوث | 30% | |
دخل الصناعة | 2.5% |
وقد قدم تصنيف هذا العام تحليلًا لأكثر من 121 مليون استشهاد عبر أكثر من 15.5 مليون ورقة بحثية، وشمل ردودًا على استطلاعات من 40 ألف باحث على مستوى العالم، وتجميع أكثر من 680 ألف نقطة بيانات من أكثر من 2500 مؤسسة تعليمية قدمت البيانات.
تصدرت جامعة أكسفورد الترتيب للعام الثامن على التوالي، وجاءت جامعة ستانفورد في المركز الثاني بعد أن كانت تحتل المركز الثالث، واحتل معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا المركز الثالث، وتراجعت جامعة هارفرد للمركز الرابع وجامعة كامبريدج إلى المركز الخامس. وعلى الرغم من وجود جامعات الولايات المتحدة في المراكز العشرة الأولى إلا أنها تراجعت بشكل ملحوظ هذا العام عن العام السابق.
وقد ظهرت الصين في مكانة متقدمة ضمن المراكز الخمسة عشر الأولى لأول مرة، حيث تفوقت جامعتا تسينغهوا وبكين على جامعة بنسلفانيا وجامعة جونز هوبكنز وجامعة كولومبيا لتحتلا المركزين 12 و14 على التوالي في التصنيف لهذا العام. أيضًا، فقد تفوقت جامعة طوكيو اليابانية على جامعة إدنبرة، وكلية كينجز كوليدج لندن، وكلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية، بعد أن صعدت 10 مراكز إلى المركز 29.
تصنيف كيو إس ( QS ) العالمي
تضم النسخة العشرون من تصنيف كيو إس الصادر عن مؤسسة “كواكواريلي سيموندس” (Quacquarelli Symonds) البريطانية المتخصصة في مجال التعليم، 1500 مؤسسة جامعية في 104 بلد، ويقدم التصنيف هذا العام ثلاثة مؤشرات جديدة: هي الاستدامة، ونتائج التوظيف، وشبكة البحث الدولية وتبادل المعرفة، وهو أول تصنيف رئيسي يقوم بذلك ليعكس الدور الحاسم الذي تلعبه الجامعات في قيادة التغيير نحو مستقبل أكثر استدامة، كما في الجدول رقم 2.
تعتمد النتائج على تحليل 17.5 مليون ورقة أكاديمية وآراء أكثر من 240 ألف من أعضاء هيئة التدريس والباحثين الأكاديميين. احتل معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا المركز الأول لاثني عشر عامًا على التوالي، وتحتفظ جامعة كامبريدج بالمركز الثاني بينما صعدت جامعة أكسفورد مركزًا واحدًا. وتظل جامعات الولايات المتحدة والمملكة المتحدة في صدارة التصنيف مع ظهور عدد محدود من الجامعات الآسيوية في سنغافورة والصين في مراكز متقدمة.
جدول رقم 2: مؤشرات تصنيف كيو إس العالمي
النسبة المئوية% | المؤشر |
30% | السمعة الأكاديمية |
15% | سمعة صاحب العمل |
10% | نسبة طلاب الكلية |
20% | الاقتباسات |
5% | نسبة أعضاء هيئة التدريس الدولية |
5% | نسبة الطلاب الدوليين |
5% | شبكة البحوث الدولية |
5% | نتائج التوظيف |
5% | الاستدامة |
تصنيف شنغهاي الصيني (ARWU)
تم نشر التصنيف الأكاديمي للجامعات العالمية (ARWU) لأول مرة في يونيو 2003 من قبل مركز الجامعات ذات المستوى العالمي (CWCU)، وكلية الدراسات العليا للتعليم بجامعة شنغهاي جياو تونغ الصينية، ويتم تحديثه على أساس سنوي منذ عام 2009. يستخدم تصنيف شنغهاي ستة مؤشرات موضوعية لتصنيف الجامعات العالمية، بما في ذلك عدد الخريجين والموظفين الحائزين على جوائز نوبل وميداليات دولية، وعدد الباحثين الذين تم الاستشهاد بهم بشكل متكرر، وعدد المقالات المنشورة في الدوريات العلمية القوية مثل مجلة نايتشر، وعدد المقالات المفهرسة في المواقع العالمية، ويتم تصنيف أكثر من 2500 جامعة كل عام ويتم نشر أفضل 1000 جامعة منها في التصنيف، كما في الجدول رقم 3.
وتتصدر جامعة هارفارد قائمة التصنيف للعام الحادي والعشرين، تليها جامعة ستانفورد ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا. تليها جامعات أخرى هي كامبريدج، بيركلي، برينستون، أكسفورد، كولومبيا.
وفي قارة أوروبا، ارتقت جامعة باريس سكلاي للمركز 15، يليها معهد زيورخ للتكنولوجيا في المركز20. ومن بين الجامعات الآسيوية، تقدمت جامعة تسينغهوا (المرتبة 22) بأربعة مراكز وحصلت على المركز الأفضل في آسيا لأول مرة. وجاءت جامعة ملبورن في (المرتبة 35).
جدول رقم 3: مؤشرات تصنيف شنغهاي الصيني (ARWU)
النسبة المئوية % | المؤشر | المعايير |
10% | خريجو مؤسسة حائزة على جوائز نوبل وميداليات الحقول | جودة التعليم |
20% | موظفو مؤسسة حائزة على جوائز نوبل وميداليات الحقول | جودة الكلية |
20% | الباحثون ذوو الاستشهادات العالية | |
20% | الأوراق المنشورة في مجلة نيتشر – ساينس | مخرجات البحث |
20% | الأوراق المفهرسة في Science Citation Index-Expanded and Social Science Citation Index | |
10% | الأداء الأكاديمي للفرد للمؤسسة | أداء الفرد |
جدول رقم (4): يوضح ترتيب 15 جامعة في التصنيفات الثلاثة للعام 2023-2024
أداء الجامعات العربية
تحرص كثير من الجامعات العربية على تحسين بيئة البحث العلمي لديها وتطوير جودة العملية التعليمية، وهو ما ينعكس في الترتيب الذي تحصل عليه في التصنيفات الدولية. وتتصدر جامعات المملكة العربية السعودية الجامعات العربية من خلال إحراز ترتيب متقدم في مجالات دراسية وبحثية معينة، تليها في ذلك جامعات الإمارات وقطر.
تصنيف كيو إس: ضمت السعودية أكبر عدد من الجامعات العربية في تصنيف كيو إس، حيث جاءت جامعتان من السعودية ضمن أفضل 200 جامعة في العالم. (جامعة الملك عبد العزيز في المركز 143 عالميًا – وجامعة الملك فهد للبترول والمعادن في المركز 180 عالميًا).
دخلت 11 جامعة إماراتية تصنيف كيو إس لعام 2023-2024، حيث دخلت أربع جامعات إماراتية قائمة أفضل 500 جامعة، بما في ذلك جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا التي احتلت المرتبة 230، متراجعة من المرتبة 181 التي حققتها سابقًا، كما حققت جامعة الشارقة قفزة كبيرة من النطاق 601-650 إلى المركز 465.
وحققت قطر طفرة ملحوظة في التصنيف حيث تقدمت جامعة قطر من المرتبة 208 إلى المرتبة 173، وظهرت جامعة حمد بن خليفة في القائمة لأول مرة في المركز 310.
وفي تصنيف التايمز لم يختلف الوضع كثيرًا، على الرغم من وجود عدد أكبر من الجامعات السعودية، إلا أن الصدارة جاءت لجامعة “أبو ظبي” في النطاق ( 201 – 250 )، وجاء بعدها في المرتبة نفسها جامعة الملك فهد للبترول والثروة المعدنية متقدمة عن العام السابق، وتراجعت جامعة الملك عبد العزيز للنطاق (251 -300 )، بعد أن كانت في المركز 101 العام السابق، وتشاركت جامعة خليفة وجامعة قطر النطاق (251 – 300) والمركز الثالث والرابع عربيًا، وجاءت خمس جامعات من الإمارات ضمن أفضل 500 جامعة عالميًا.
لم يصدر تصنيف شنغهاي لعام 2024 بعد، ولكن وفقًا لتصنيف 2023، حصدت السعودية 10 مراكز في التصنيف لأفضل ألف جامعة عالميًا، من بينهم 6 جامعات ضمن أفضل 500 جامعة. في الصدارة تأتي جامعة الملك سعود في النطاق (101 – 150). بينما حصلت الإمارات على ثلاثة مراكز هذا العام هي جامعة خليفة وجامعة الإمارات في النطاق (801 – 900)، وجامعة الشارقة في النطاق (901 – 1000). وجاءت جامعة قطر في النطاق (501 – 600).
الجامعات المصرية في التصنيفات الدولية
يتفاوت أداء الجامعات المصرية في التصنيفات المختلفة. فقد تضمن تصنيف كيو إس هذا العام 15 جامعة مصرية، لتتصدر القارة الأفريقية. علاوة على ذلك، تقدّمت جامعة القاهرة من النطاق (551-560) إلى المركز 371، واحتلت جامعة القاهرة، والجامعة الأمريكية بالقاهرة المرتبتين السادسة والسابعة على التوالي في أفريقيا، بعد خمس مؤسسات من جنوب أفريقيا. واحتلت جامعة عين شمس المرتبة الثالثة في قائمة أفضل 10 مؤسسات في أفريقيا، والمرتبة 721-730 عالميًا. وجاءت جامعة الإسكندرية بترتيب (901-950).
أما في تصنيف التايمز فلم يختلف ترتيب جامعة القاهرة عن العام السابق وظلت في النطاق 801 – 1000، وتراجعت جامعة أسوان التي تصدرت التصنيف لأربع سنوات، وتصدرت الجامعة المصرية اليابانية الترتيب في النطاق 601- 800، وتليها جامعة الأزهر في النطاق 801 -1000، وشاركتها 7 جامعات أخرى في المرتبة نفسها هي (جامعة الاسكندرية – الجامعة الأمريكية بالقاهرة – جامعة أسوان – جامعة دمياط – جامعة المنصورة – جامعة كفر الشيخ – جامعة الزقازيق)، وظهرت 10 جامعات لم يتم تصنيفهم بعد، بمعنى أنها تقدمت للتصنيف ولم يتم الانتهاء من تقييمها بعد.
حصدت مصر سبعة مراكز في تصنيف شنغهاي الصيني ضمن أفضل ألف جامعة عالمية، تصدرت جامعة القاهرة الجامعات المصرية فجاءت في النطاق (301 – 400)، متقدمة عن ترتيب عام 2021 (401-500)، وتلتها جامعة عين شمس في النطاق (601-700).
جدول رقم (5): الجامعات العربية في التصنيفات الدولية 2023-2024
جدول رقم (6): الجامعات المصرية في التصنيفات الدولية 2023-2024
فإذا تتبعنا جامعة القاهرة على سبيل المثال، نجد تباينًا واضحًا في ترتيبها العالمي في التصنيفات المختلفة، فظهرت أول مرة في تصنيف شنغهاي الصيني عام 2006 وكانت في الفئة 401-500، وتغير الترتيب على مدار السنين في نطاق 300-500. وفي تصنيف كيو إس ظهرت أول مرة عام 2010 وكانت في الفئة 451-500، وتغير الترتيب صعودًا وهبوطًا في نطاق 450-600. أما تصنيف التايمز البريطاني فقط ظهرت فيه أول مرة عام 2016 في مركز متأخر إلى حد ما، حيث ظهرت في الفئة 601-800، ولم يختلف الترتيب كثيرًا، وإنما تصعد وتهبط في نطاق فئتين رئيستين هما (601-800) و(8001-1000).
جدول رقم (7): تتبع ترتيب جامعة القاهرة منذ دخولها التصنيفات الدولية أول مرة
وخلال آخر 10 سنوات.
2006 | 2010 | 2015 | 2016 | 2017 | 2018 | 2019 | 2020 | 2021 | 2022 | 2023 | |
تصنيف كيو إس | 451-500 | 551-600 | 501-550 | 551-600 | 481-490 | 521-530 | 521-530 | 561-570 | 571-580 | 551-560 | |
تصنيف تايمز | 601-800 | 801-1000 | 801-1000 | 801-1000 | 601-800 | 601-800 | 601-800 | 801-1000 | |||
تصنيف شنغهاي | 401-500 | 403-510 | 401-500 | 401-500 | 401-500 | 401-500 | 301-400 | 401-500 | 401-500 | 301-400 | 301-400 |
كما هو واضح، يتباين أداء الجامعات المصرية في التصنيفات المختلفة، بسبب الاختلاف في المعايير التي يتبعها كل تصنيف، ومدى استيفاء الجامعة للمعايير المطلوبة للتقدم للتصنيف سنويًا. وعمومًا فإن هناك بعض العوامل التي تؤثر في تقييم وترتيب الجامعات، والتي يجب أخذها في الحسبان عند قراءة التصنيفات الدولية للجامعات، وفيما يلي بعض هذه العامل:
- تركز التصنيفات المختلفة في القياس على البحث والنشر العلمي، وهذه الجوانب تتفوق فيها جامعات الدول المتقدمة، وليس على جودة التدريس وتجربة الطلاب، وهو ما تؤدي فيه الجامعات المصرية وجامعات البلاد النامية بشكل أفضل من أدائها في مجال البحث والنشر.
- تعطي بعض التصنيفات لعدد الاستشهادات وزنًا نسبيًا كبيرًا عند التقييم، دون النظر لجودة الأبحاث المنشورة أو معامل التأثير للمجلات العلمية التي ينشر الباحثون فيها أبحاثهم، وهو ما يحسن ترتيب جامعات مختلفة في العالم النامي، بما فيها مصر والعالم العربي.
- تضيف بعض التصنيفات معايير مثل عدد الطلاب الأجانب، والذين يكثر عددهم في البلاد التي تستقبل أعدادًا كبيرة من العمالة المهاجرة، أو في البلاد التي تقل تكلفة التعليم والمعيشة فيها بما يجعلها جاذبة للطلاب الأجانب، بغض النظر عن جودة العملية التعليمية فيها، وربما شهدنا في مصر شيئًا من هذا، حيث تم تقديم تسهيلات في الإجراءات والاشتراطات العلمية للطلاب الوافدين، بما أدى إلى زيادة عدد الطلاب الوافدين خلال العالم الجامعي 2023/2024 إلى نحو 26 ألف طالب مقارنة بـ 12 ألف طالب في عام 2019/2020.
وأخيرًا؛ فإن الترتيب الذي تحصل عليه الجامعات في التصنيفات الدولية مهم وكاشف، ولكن النصيحة العامة لجامعاتنا والجامعات في البلاد النامية عمومًا هو التركيز على جودة العملية التعليمية والمعرفة المقدمة من خلال الجامعات وتحسين بيئة التعلم للطلاب لينتج عنها أشخاص قادرون على المشاركة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، بدلًا من الانشغال المبالغ فيه بالترتيب العالمي، الذي قد يتحسن أحيانًا دون تحسن حقيقي في مستويات الأداء الفعلية.
المصادر: