أعلن القائمون على مؤشر مورجان ستانلي للأسواق الناشئة MSCI احتمال تعديل تصنيف بورصة الكويت من “سوق حدودي” Frontier Market إلى “سوق ناشئ” Emerging Market، ما يعني إدراجها في مؤشر مورجان ستانلي للأسواق الناشئة MSCI Emerging Markets عوضًا عن مؤشر مورجان ستانلي للأسواق الحدودية MSCI Frontier Markets. وقد أشار بعض المحللين إلى احتمال خروج مصر من المؤشر كنتيجة لدخول الكويت. والحقيقة أنه قبل القطع بإمكانية هذا الاحتمال يجب أولًا توضيح بعض المصطلحات والمفاهيم الأساسية.
ما هو مؤشر مورجان ستانلي للأسواق الناشئة MSCI Emerging Markets وما هي أهميته؟
المؤشرات عمومًا هي محافظ (تشكيلات أو تجميعات) افتراضية من الأصول (الأسهم أو السندات أو غيرها على حسب الهدف من المؤشر)، حيث يتم تكوين هذه المحافظ الافتراضية لتسهيل عملية قياس أداء السوق. فعوضًا عن قياس التغير في جميع الأسهم بالسوق (في حالة مصر الرقم يتراوح بين 220 – 250 شركة، بينما في الولايات المتحدة يتعدى 4000 شركة)، يتم تحديد مجموعة من الأسهم التي يستهدف المؤشر قياس أدائها لتكون محفظة افتراضية تساعد المستثمر على تفهم التغير بالسوق بشكل مبسط. وقد تسارعت شركات الاستثمار في بناء المؤشرات، فبعضها قطاعية (مثل قطاع البنوك أو السلع الأساسية وغيرها)، وبعضها الآخر من حيث أسلوب الاستثمار (أسهم القيمة، أسهم النمو، وغيرها). وكانت المؤشرات أحد أهم مصادر المعلومات للمستثمرين منذ إنشائها. وبالنسبة لمؤشر مورجان ستانلي للأسواق الناشئة فهو مؤشر قام بإعداده بنك مورجان ستانلي -الذي يعتبر أحد أهم البنوك الاستثمارية في العالم- في عام 1988، ويقيس المؤشر أداء 26 سوقًا ناشئًّا من أهمها الصين وكوريا وتايلاند والهند، كما يتضمن المؤشر كلًّا من مصر والسعودية والإمارات وقطر.
وتنبع أهمية المؤشر من التطورات التي شهدتها صناعة الاستثمار مؤخرًا، لعل من أهمها التوسع في الصناديق الاستثمارية المبنية على المؤشرات التي تُعرف باسم “الاستراتيجية غير الانتقائية” index-based strategies أو passive investment وتقوم على قيام المستثمر بتكوين محفظته الاستثمارية وفقًا للمحفظة الافتراضية للمؤشر بهدف تجنب تكاليف إدارة المحفظة بشكل نشط Active Investing من قبل مدير محفظة متخصص، وهو ما ينعكس على صناعة صناديق الاستثمار، حيث تضاعفت حصة المنتجات الاستثمارية بالسوق الأمريكية التي تتبع passive investment من 3% في عام 1995 لتصل إلى 37% في ديسمبر 2017 وفقًا لدراسة قام بها البنك الفيدرالي بولاية بوسطن[1]. ومن المتوقع أن تستمر هذه النسبة في الزيادة، خصوصًا مع تطورات التكنولوجيا المالية.
والتساؤل الذي يجب الإجابة عليه: ما هو موقف مصر من مؤشر مورجان ستانلي للأسواق الناشئة Emerging MSCI Markets؟
لقد تم إدراج السوق المصرية بمؤشر مورجان ستانلي للأسواق الناشئة MSCI كسوق ناشئة في عام 2001، وهي تُعد أول سوق عربية بالمؤشر؛ إلا أن الوضع الحالي للسوق يُعتبر حرجًا، حيث لا تتوافق مع شروط المؤشر إلا ثلاث شركات هي: البنك التجاري الدولي، والشركة الشرقية إيسترن كومباني، والسويدي إلكتريك، ويشكلون مجتمعين حصة مصر من المؤشر بالأوزان التالية على التوالي: 80.5%، 10.9%، 8.6%. ومن الجدير بالذكر أن الحد الأدنى لعدد الشركات بالنسبة للمؤشر هو ثلاث شركات، أي إنه في حال خروج أي شركة من تلك الشركات من المؤشر فسوف تخرج السوق المصرية تلقائيًّا من المؤشر. ولا يُعتبر هذا هو التهديد الوحيد الذي يواجه السوق المصرية، إذ من المتوقع أن ينعكس انضمام باقي الشركات السعودية وتعديل تصنيف السوق الكويتية على الوزن النسبي للسوق المصرية بالمؤشر سلبًا، وهو ما يمكن أن يتسبب في تخارج نسبي لرؤوس الأموال الأجنبية من السوق المصرية.
موقف السوق الكويتية من مؤشر MSCI
تم إدراج السوق الكويتية كسوق حدودية Frontier Market في عام 2006، وحاليًّا تمثل السوق الكويتية نسبة 22% من مؤشر مورجان ستانلي للأسواق الحدودية MSCI Frontier Markets حيث تمثله 18 شركة. ومثل السوق المصرية يسيطر القطاع المالي على تلك الشركات بنسبة 73.2%، ويتصدّر بنك الكويت الوطني الشركات الكويتية بنسبة 32.6%. ومن المتوقّع -وفقًا لتعديل التصنيف المقترح- أن تُمثل السوق الكويتية 0.5% من مؤشر مورجان ستانلي للأسواق الناشئة MSCI Emerging Markets ممثلة بتسع أوراق مالية، في حين سوف يصبح وزن السوق المصرية 1% من المؤشر متمثلة بعدد 3 ورقات مالية (أقل وزن نسبي وتتشارك مصر مع كل من التشيك والمجر من حيث أقل عدد أوراق مالية، إلا أن الوزن النسبي للأخريين 2% و3% علي التوالي)، وهو ما يُعطي عمقًا للسوق الكويتية ويزيد من جاذبيتها لرؤوس الأموال الأجنبية مقارنة مع السوق المصرية.
[1] Anadu, K., Kruttli, M., McCabe, P. E., Osambela, E., & Shin, C. (2018). The Shift from Active to Passive Investing: Potential Risks to Financial Stability?
شكل رقم (2): مدى اعتماد
الاقتصاد الكويتي على النفط مقارنة بدول مجلس التعاون الخليجي
المصدر: معهد التمويل الدولي IIF
ويوضح الشكل رقم (2) مدى اعتماد دول دول مجلس التعاون الخليجي على النفط، حيث يشير المحور الرأسي إلى نسبة المواد الكربونية من الصادرات، بينما يشير المحور الأفقي إلى نسبة المواد الكربونية من إيرادات الدولة، في حين يشير حجم الدائرة إلى الأهمية النسبية لإنتاج الدولة من النفط بالنسبة لباقي دول مجلس التعاون الخليجي. وتُعتبر الكويت ثاني دول المجلس من حيث الإيرادات، وأول الدول من حيث نسبة الصادرات. وعليه فإنها تعتبر من أكثر الدول اعتمادًا على النفط بالمنطقة.
ما هي الاحتمالات التي قد تواجهها السوق المصرية مستقبلًا؟
يُعد انضمام الكويت لمؤشر الأسواق الناشئة MSCI تحديًا جديدًا تواجهة البورصة المصرية، ذلك أن البورصة الكويتية تُعتبر سوقًا مماثلة للسوق المصرية من حيث الإقليم الجغرافي ومستوى النمو الاقتصادي، بالرغم مما يمتاز به الاقتصاد المصري من تنوع يجعله أكثر جاذبية للاستثمارات الأجنبية مقارنة بمثيله الكويتي الذي يعتبر من أكثر الاقتصادات اعتمادًا على النفط بالمنطقة؛ إلا أن هذا التنوع لم ينعكس بعد على البورصة المصرية كما سبق توضيحه، حيث يستحوذ سهم واحد على نسبة 80% من حصة مصر من مؤشر MSCI، ويمثل 23% تقريبًا من المؤشر الرئيسي بالسوق المصرية EGX30. وهناك احتمالان؛ الأول هو استمرار مصر بالمؤشر بنسبة 1% كما سبق أن أوضحنا على أن تُمثَّل السوق المصرية بالشركات الثلاث التي سبقت الإشارة إليها. الاحتمال الثاني، في حال عدم توافق أي من الشركات الثلاث مع شروط الإدراج بالمؤشر فسوف تخرج السوق المصرية من مؤشر الأسواق الناشئة، وهو ما قد يتبعه خروج للاستثمارات الأجنبية التي كانت قد شهدت انتعاشة في أعقاب تحرير سعر الصرف، حيث تخطى صافي مشتريات الأجانب بالبورصة المصرية 20 مليار جنيه منذ تحرير سعر الصرف وحتى منتصف عام 2019 وفقًا للتقارير الدورية للبورصة المصرية.
ويبقى التساؤل الأهم هو: كيف يُمكن لمصر تجنب الخروج من مؤشر MSCI؟ ونقترح هنا مجموعة من التوصيات:
أولًا: يجب على إدارة البورصة المصرية العمل على زيادة عدد الشركات التي تتوافق مع شروط المؤشر من الشركات المدرجة فعلًا بالبورصة المصرية، حيث هناك العديد من الشركات القوية ذات الملاءة المالية المناسبة التي لم تُدرج في المؤشر نتيجة لعدم استيفاء الشروط الأساسية. ويمكن للبورصة المصرية تقديم المزيد من الدعم الفني للشركات الأعضاء في السوق من أجل توفيق أوضاعها وتطبيق أحدث قواعد الإفصاح والحوكمة التي من شأنها تحسين موقف الشركات المصرية.
ثانيًا: الإسراع في تنفيذ برنامج الطروحات الحكومية وعلى رأسها: بنك القاهرة، وإنبي، وشركات البنية التحتية، حيث إنه وفقًا لبرنامج الحكومة مع صندوق النقد الدولي كان يجب القيام بهذا البرنامج خلال العام الماضي، إلا أنه حتى الآن لم يتم تنفيذ أي من تلك الطروحات، حيث تم تأجيل طرح بنك القاهرة على سبيل المثال أكثر من مرة بسبب الظروف المالية غير المواتية التي يتطلبها طرح بهذا الحجم.
ثالثًا: بذل المزيد من الجهد في ترويج القيد بالبورصة حتى تعمل البورصة على زيادة عدد الشركات المدرجة، ومن ثم إعطاء عمق للسوق المصرية، فبالرغم من أن الفترة من عام 2014/2015 وحتى 2017/2018 شهدت تكوين أكثر من 57 ألف شركة برؤوس أموال تتخطى 145 مليار جنيه لم يرتفع عدد الشركات المقيدة إلا بثلاث شركات ليبلغ 224 شركة في نهاية العام المالي 2017/2018 مقارنة بعدد 221 شركة في نهاية العام المالي 2014/2015، بل انخفض هذا العدد ليصل إلى 219 شركة في مارس 2019.
رابعًا: سرعة تفعيل سوق العقود الآجله والمشتقات المالية (العقود الآجلة هي عقود يتم الاتفاق فيها على عملية محددة بسعر محدد الآن على أن يتم التنفيذ لاحقا ويمكن استخدامها للتحوط من المخاطر المالية)، وتحفيز أدوات التمويل غير المصرفية، سواء كانت صكوكًا أو أدوات دين قصيرة الأجل وهو ما تسمح به تعديلات قانون سوق المال في فبراير 2018.