يتميز القطن المصري بشهرته العالمية وجودته العالية مما جعله يحتل -ولفترة طويلة- مكانة مهمة من حيث الإنتاج والاستهلاك المحلي. بالإضافة إلى ذلك، فهو أحد محاصيل التصدير الرئيسية التي تهدف السياسة الاقتصادية التي وضعتها الدولة إلى تعظيم العوائد المحققة من خلال زيادة كمية الصادرات، حيث أظهرت النتائج أن القطن المصري يتمتع بميزة نسبية ظاهرة في الأسواق العالمية.
وواجه محصول القطن المصري في السنوات الأخيرة تحديات تتمثل في انخفاض الكمية المنتجة والمصدرة، إلى انخفاض المساحات المزروعة، مما أثر على كمية الإنتاج وقيمته، وهو ما دفع الحكومة المصرية إلى اتخاذ سياسات متعلقة بإعادة إنعاش زراعة القطن المصري، وذلك بهدف زيادة الصادرات المصرية من الغزول والأقمشة والملابس الجاهزة. ويمكن الاطلاع على بعض المحاور المتعلقة بالقطن المصري من خلال التالي:
أولًا- إنتاج وتوزيع القطن المصري:
- إنتاج القطن المصري:
أدت زراعة أصناف من البذور المحسنة للقطن إلى ارتفاع إنتاجية محصول القطن عام 2018/2019 بمقدار 50 قنطار قطن لكل فدان (ما يعادل 0.17 بالة للهكتار)، وزادت المساحة المحصودة من القطن لتصل إلى 141 ألف هكتار خلال الفترة نفسها، وذلك مقارنة مع 55 ألفًا من المساحة المحصودة من القطن عام 2016/2017، ونتيجة لذلك ارتفع المعروض من المحصول عن الطلب، وبالتالي انخفضت أسعار القطن، ويبين الشكل التالي تطور إنتاج القطن:
شكل رقم (1): تطور إنتاج القطن خلال الفترة 2010/2021
الكمية: بالألف بالة
المصدر: مكتب إدارة الخدمات الزراعية الدولية .
يبين الشكل السابق تذبذب الكمية المنتجة من محصول القطن، إلا أنه يسود الاتجاه العام نحو الانخفاض وذلك خلال الفترة 2010/2021، حيث تراجعت الكمية من محصول القطن 745 ألف بالة عام 2011/12 لتصل إلى 305 آلاف بالة في عام 2019/20، كما توقع مكتب إدارة الخدمات الزراعية بمصر التابع لوزارة الزراعة الأمريكية استمرار انخفاض المنتج من القطن ليصل إلى 215 ألف بالة في عام 2020/21.
ووفقًا للتقرير الصادر في يناير 2019 عن وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، فقد احتلت محافظة كفر الشيخ مقدمة المساحات المزروعة من القطن على مستوى محافظات الجمهورية، ويبين الشكل التالي المساحة المزروعة بالقطن في محافظات الجمهورية:
شكل رقم (2): المساحة المزروعة بالقطن في محافظات الجمهورية كمتوسط للفترة 2015-2017 (ألف فدان)
المصدر: وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي.
- الموزع (الصادرات والاستهلاك) من القطن المصري:
وفقًا للنشرة الصادرة في نوفمبر 2020 عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، فقد انخفض إجمالي الصادرات والاستهلاك من القطن المصري خلال الفترة سبتمبر-نوفمبر 2019 ليصل إلى 1436 ألف قنطار متري، مقارنة لما كانت عليه 2119 ألف قنطار متري في الفترة نفسها من العام السابق، وكانت نسبة الصادرات من الموزع قد بلغت 79.6%، حيث انخفضت قيمة الصادرات المصرية من القطن إلى 2313 مليون جنيه خلال الفترة سبتمبر-نوفمبر 2019، مقارنة بما كانت عليه في الفترة نفسها من عام 2018 حيث بلغت 3994 مليون جنيه.
وفيما يتعلق بالدول المستوردة للقطن المصري، فقد جاءت الهند في مقدمة الدول المستوردة، تلتها باكستان وبنغلاديش واليونان وألمانيا وإيطاليا، ويبين الشكل التالي الوجهات الرئيسية لصادرات القطن المصرية:
شكل رقم (3): الوجهات الرئيسية لصادرات القطن المصرية خلال الفترة من سبتمبر 2019 – مارس 2020
المقياس: بالة
المصدر: مكتب إدارة الخدمات الزراعية الدولية بوزارة الزراعة الأمريكية بمصر.
يوضح الشكل السابق أن الهند تُعد المستورد الرئيسي للقطن المصري، حيث بلغت الكمية المصدرة 118 ألف بالة خلال عام 2019/2020، تلتها الكمية المستوردة من قبل باكستان 66787 بالة، ومن المتوقع أن يظل ترتيب الدول المستوردة الهند وباكستان كما هو خلال عام 2020/21.
ثانيًا- تطور أسعار القطن المصري:
وصلت أسعار القطن إلى 2050 جنيهًا مصريًا للقنطار في مارس 2019، الأمر الذي دفع بالمزارعين إلى خفض الإنتاج لرفع أسعار القطن. وفي عام 2019/2020 انخفضت المساحة المزروعة والغلة، ومع ذلك ظلت الأسعار منخفضة، حيث بلغ متوسط الأسعار 2100-2300 جنيه مصري للقطن فائق الطول، و1900-2100 جنيه مصري للقطن طويل ومتوسط التيلة. ويمكن متابعة أسعار القطن ونسبة التغير فيها من خلال الجدول التالي:
جدول رقم (1): أسعار القطن ونسبة التغير فيها خلال عامي 2018/19 و2019/20
كما هو موضح بالجدول السابق، فقد انخفض سعر البالة للقطن فائق الطول من 10912 جنيهًا للبالة عام 2018/19 لتصبح 9579 جنيهًا للبالة عام 2019/20، وبنسبة تراجع في السعر بلغت -12%، أما القطن طويل التيلة فقد تراجع سعره أيضًا من 10670 جنيهًا للبالة عام 2018/19 ليصل إلى 8708 جنيهات للبالة عام 2019/20، وبنسبة تراجع في السعر بلغت -18%.
ثالثًا- منظومة القطن الجديدة وجهود الدولة:
حتى وقت قريب، كان نظام تسويق القطن يخضع لنظام أسعار تأشيري، حيث استندت الأسعار الإرشادية تلك إلى وزن القطن، بينما لم تؤخذ جوانب جودة المحصول في الاعتبار، الأمر الذي تسبب في تعرض التجار والمشترين الآخرين الذين يشترون القطن بالأسعار الإرشادية للخسائر بعد تبين أن جودة القطن المشترى منخفضة، لذلك عملت الحكومة المصرية -وفقًا لسياسة مدروسة- لحل المشاكل التي تواجه زارعي القطن، كما تعمل على توفير تقاوي القطن والأسمدة والمبيدات، مع مراقبة منافذ البيع وتوزيع بذور القطن، والتأكد من أنها معتمدة من وزارة الزراعة.
وفي ضوء توجيهات رئاسية لإعادة جودة القطن المصري ليكون في الصدارة عالميًا وإنعاش قطاع الغزل والنسيج، تم اتخاذ عدد من الإجراءات والقرارات، حيث سيتم تنفيذ خطة قُدرت تكلفتها الاستثمارية بأكثر من 21 مليار جنيه، وتتضمن الخطة محاور عدة، منها: زيادة التخصص والإنتاجية والتصدير، وميكنة إجراءات العمل، وتطوير الغزل والنسيج والمحالج، وتوفير آلات ومعدات حديثة، فضلًا عن توفير الاستشاريين.
كما تقوم منظومة تداول القطن الجديدة على توفير مراكز يتم من خلالها استلام القطن من المزارعين بشكل مباشر، وذلك لعرضها في مزاد بغرض حماية حقوق المزارعين، ووضع سعر عادل للقطن وتنظيم تداوله، كما أنه سيتم تداول القطن في بورصة السلع الجديدة المزمع إنشاؤها العام الجاري، وبدأ تطبيق منظومة القطن الجديدة في 4 محافظات هي: الفيوم، وبني سويف، والشرقية، والبحيرة.
وأخيرًا، يمكن القول إن قطاع القطن في مصر يتمتع بميزة تنافسية، ليس في أسواق الاستهلاك الرئيسية فحسب، بل توجد أيضًا في الأسواق الإقليمية ذات إمكانات النمو المرتفعة وفي السوق المحلية الكبيرة نسبيًا، حيث يتميز القطاع بانخفاض تكاليف الإنتاج وخاصة الأجور، وتوفر الأيدي العاملة التي تصل إلى ما يقارب من 600 ألف عامل، وبنية تحتية متطورة، ولا ينقصه إلا التعامل مع القليل من التحديات التي تعمل الجهات المسئولة على تجاوزها، وذلك من خلال السياسات المتبعة مؤخرًا والمتمثلة في منظومة القطن الجديدة وغيرها من السياسات التي ستساعد في عودة القطن المصري إلى مكانته العالمية وللصدارة مرة أخرى.