تتمتع مصر بعلاقات قوية بشكل ملحوظ مع دول الخليج العربي، ولا سيما مع الإمارات والسعودية، وتتميز مصر والإمارات العربية المتحدة بعلاقات اقتصادية متينة تطورت بشكل خاص في السنوات الأخيرة. وتُعد الإمارات العربية المتحدة شريكًا استراتيجيًا لمصر، حيث كانت الإمارات من بين الدول العربية الأولى التي سارعت لدعم الاقتصاد المصري بعد ثورة يونيو 2013، وقدمت دعمًا ماليًا كبيرًا، ووقّع البلدان العديد من اتفاقيات التعاون الاقتصادية والسياسية إلى جانب مشاريع استثمارية مهمة خلقت آلاف فرص العمل للاقتصاد المصري والتي حافظت على ازدهار هذه العلاقة.
واتفقت مصر والإمارات على إقامة تعاون اقتصادي وتجاري واستثماري قوي من خلال تحديد نطاق الفرص التجارية المستقبلية، وتقديم تسهيلات ائتمان الصادرات للشركات، فضلًا عن الإعفاءات الجمركية وتسهيل الاستثمار، ويأتي التعهد بتعاون أكبر بين مصر والإمارات في خطوة أوسع نحو تكامل اقتصادي عربي أكبر.
أولًا- حجم التبادل التجاري بين مصر والإمارات:
وفقًا للهيئة العامة للاستعلامات، حقق التبادل التجاري غير البترولي بين البلدين، نموًا بلغ قدره 9.6% عام 2019 مقارنة بعام 2018، حيث بلغ حجم التبادل التجاري غير البترولي بين البلدين 6 مليارات دولار عام 2019، ووفقًا للنشرة الشهرية لبيانات التجارة الخارجية 2020 الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، فالسلع المتمثلة في اللؤلؤ والأحجار الكريمة والحلي والآلات والأجهزة الكهربائية والفواكه والخضروات والزيوت العطرية، تعد من أهم السلع المصدرة للإمارات العربية المتحدة، ويمكن الاطلاع على أهم السلع المصدرة للإمارات العربية المتحدة من خلال الجدول التالي:
حجم صادرات مصر من أهم السلع للإمارات العربية المتحدة خلال شهر يناير 2020 مقارنة بشهر يناير 2019 (القيمة بالألف دولار)

المصدر: الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
يبين الجدول السابق معدل النمو الإيجابي في صادرات مصر للإمارات العربية المتحدة خلال يناير 2019 ويناير 2020 وبنسبة 23.4%، حيث ارتفعت صادرات مصر من “الحليّ والأحجار الكريمة” خلال الفترة بنحو 35.15% وبقيمة 203290 ألف دولار في يناير 2020 مقابل 150519 ألف دولار خلال الفترة نفسها من 2019، لتكون الإمارات العربية في صدارة الدول المستوردة للحلي والأحجار الكريمة وبنسبة 70.3% من إجمالي صادرات مصر من الحلي والأحجار الكريمة.
وقفزت صادرات مصر من الخضر والنباتات والدرنات صالحة للأكل خلال تلك الفترة بنسبة نمو بلغت 57%، وحققت الصادرات للإمارات العربية المتحدة من الآلات والأجهزة الكهربائية نموًا بنسبة 6.5% خلال تلك الفترة، في حين تراجعت الصادرات من الفواكه ومن الزيوت العطرية ومحضرات التجميل بنسب تراجع بلغت 6.4-% و26-% على التوالي خلال الفترة.
وتجدر الإشارة إلى السوق الإماراتي يعد سوقًا رئيسيًا للصادرات المصرية، حيث تبلغ نسبة الصادرات المصرية للإمارات 11% من إجمالي صادرات مصر للعالم، ويبين الشكلان التاليان مقارنة للتوزيع النسبي لصادرات أكبر خمس دول بين يناير 2019 ويناير 2020:
شكل رقم (1): التوزيع النسبي لصادرات أكبر خمس دول بين يناير 2019 ويناير 2020

المصدر: الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
من الواضح من الشكلين السابقين المعبرين عن تطور التوزيع النسبي لصادرات أكبر خمس دول خلال شهري يناير 2019 ويناير 2020، تصدر الإمارات العربية المتحدة صادرات مصر لأكبر خمس دول خلال شهري يناير 2019 ويناير 2020، حيث ارتفعت نسبة الصادرات المصرية للإمارات العربية المتحدة خلال تلك الفترة في مقابل تراجعها مع باقي الدول في الشكلين السابقين.
أما ما يتعلق بالواردات المصرية من الإمارات العربية المتحدة فقد ارتفعت هي الأخرى من 90961 ألف دولار في يناير 2019 لتصل إلى 139807 ألف دولار في يناير 2020، إلا أنها عادت لتنخفض على إثر أزمة كورونا وتوقف حركة التجارة الدولية. وبشكل إجمالي فقد ارتفع حجم التبادل التجاري بين البلدين خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2020 مقارنة بعام 2019 بنسبة 26%، وسجل التبادل التجاري بين مصر والإمارات العربية المتحدة 2094.4 مليون دولار خلال الفترة من يوليو-سبتمبر من عام 2020 وبمعدل نمو بلغ 9.9% خلال الفترة المذكورة.
ثانيًا- حجم الاستثمارات الإماراتية في مصر:
وفقًا للهيئة العامة للاستعلامات، بلغ معدل الاستثمار التراكمي الإماراتي في مصر نحو 55.2 مليار درهم (15 مليار دولار)، ومؤخرًا حققت الاستثمارات الإماراتية في مصر نموًا مرتفعًا بلغ 300%، خاصة مع زيادة المشاريع في قطاعات تجارة التجزئة والطاقة والعقارات والبنية التحتية واللوجيستيات والصناعات، ووصل عدد الشركات الإماراتية في مصر حاليًا ما يزيد على 1165 شركة في مختلف المجالات، ويمكن متابعة تطور الاستثمارات الإماراتية في مصر من خلال الشكل التالي:
شكل رقم (2): تطور حجم الاستثمارات الإماراتية في مصر خلال فترة الربع الأول 2018 – الربع الأول 2020 (القيمة: بالمليون دولار)
المصدر: البنك المركزي المصري.
يبين الشكل السابق تذبذب حجم الاستثمارات الإماراتية في مصر ما بين الصعود والتراجع، فبعد أن وصلت إلى قمة ذروتها عند 699.7 مليون دولار في الربع الثاني من عام 2019 تراجعت لتصل إلى 353.6 مليون دولار في الربع الأول من عام 2020، إلا أنه كمجمل الفترة السابقة نجد أنه ارتفعت الاستثمارات الإماراتية من 204.6 مليون دولار في الربع الأول من عام 2018، لتصل إلى 353.6 مليون دولار في الربع الأول من عام 2020، وبالرغم من التذبذب في قيمة الاستثمارات الإمارتية، إلا أن الإمارات تعد الأولى عربيًا في حجم الاستثمارات الأجنبية في مصر، ويمكن مقارنة الاستثمارات الإماراتية بباقي الاستثمارات العربية في مصر من خلال الشكل التالي:
شكل رقم (3): حجم الاستثمارات العربية في مصر في الربع الأول 2020 (القيمة: بالمليون دولار)
المصدر: البنك المركزي المصري.
يُبين الشكل تصدر الاستثمارات الإماراتية استثمارات باقي الدول العربية بحجم استثمارات بلغ 353.6 مليون دولار في الربع الأول من عام 2020، تلتها الاستثمارات السعودية بقيمة 128.3 مليون دولار، ثم الاستثمارات القطرية بقيمة بلغت 116.9 مليون دولار، والكويتية بقيمة 79.9 مليون دولار.
وتُساهم الشركات المصرية أيضًا بالاستثمارات في السوق الإماراتي بمشاريع تفوق المليار دولار، وذلك وفقًا لوزارة التجارة والصناعة، فضلًا عن وجود تعاون بين الشركات من البلدين في تنفيذ مشاريع في مجالات المقاولات ومحطات الكهرباء وغيرها من المشاريع الاقتصادية التي تهدف إلى تحقيق التنمية في البلدين.
مما سبق يتضح أنه خلال أزمة كورونا أصبحت الإمارات العربية المتحدة الشريك التجاري الأول لمصر، حيث جاءت الإمارات على رأس قائمة أهم الشركاء التجاريين لمصر، وأيضًا تتصدر استثمارات الإمارات العربية المتحدة قائمة الاستثمارات العربية في مصر، ومن هنا تعد العلاقة بين البلدين على مستوى العلاقات بشكل عام نموذجًا ناجحًا تحتذي به باقي الدول العربية، وبشكل خاص في العلاقات التجارية والاستثمارية.