تمر عملية إعداد وتدريب المعلمين بمراحل عدة، بدءًا من برامج الإعداد الأولي للمعلمين قبل الخدمة، ووصولًا لبرامج التنمية المهنية المستمرة أثناء الخدمة. وعلى الرغم من أن برامج الإعداد الأولي للمعلمين بالجامعات تهدف إلى إكسابهم الكفايات الأساسية للعمل بالمدارس، إلا أنها تظل نظرية بشكل كبير، لذا فقد طورت الدول برامج لتقديم الدعم والتوجيه الملائم للمعلمين الجدد تحت مسمى برنامج التدريب التوجيهي أو التمهيدي (Induction program) للمعلمين الجدد، وتعد تلك البرامج التدريبية خطوة تلي مرحلة الإعداد الأولي للمعلمين، ويمكن تعريفها بأنها مرحلة دعم منظم، وبرنامج للتطوير المهني يتم تصميمه؛ لتقديم الدعم، والتوجيه والإرشاد للمعلمين الجدد؛ لمساعدتهم على التكيف مع النظام المدرسي، وثقافة العمل الجديدة.
شكل (1): مراحل إعداد وتدريب المعلمين من حيث التنفيذ

المصدر: من إعداد الباحث
لماذا يحتاج المعلمون الجدد إلى التدريب؟
من الصعب أن يتم إعداد المعلمين لتجاوز جميع التحديات التي قد يواجهونها خلال عامهم الأول في التدريس، وذلك بغض النظر عن مدى جودة التدريب والإعداد الأولي المُقدم لهم قبل التحاقهم بالعمل، فتوفير برنامج توجيهي وإرشادي للمعلمين الجدد يساهم في تضييق الفجوة بين النظريات التربوية التي تلقوها بالجامعات والتطبيق العملي لها بالمدارس.
وتشير الدراسات إلى أن المعلمين الجدد يواجهون العديد من التحديات بعامهم الأول مثل مشاكل إدارة الصف، وتوفير الدعم اللازم للطلاب في ضوء احتياجاتهم المختلفة، وتحديات التدريس في الفصول ذات الكثافات المرتفعة، والتأقلم مع النظام المدرسي الجديد، حيث عبر 25% من المعلمين الجدد عن حاجتهم لتلقي تدريب ودعم فيما يخص مشاكل انضباط وسلوك الطلاب في حين تنخفض النسبة إلى 12.5% بين المعلمين ذوي الخبرة(١).
كما تؤكد نتائج الدراسات والأبحاث على مدى أهمية توفير التدريب التوجيهي للمعلمين الجدد، فتجارب المعلمين الجدد بالسنوات الأولى للعمل لها تأثيرات بعيدة المدى على كل من معدل الرضا الوظيفي لديهم، وجودة التدريس، والتحصيل الدراسي للطلاب، والمناخ المدرسي ككل(٢) (٣).
ويعد غياب التدريب التوجيهي بالعديد من الدول النامية وخاصةً في إفريقيا “جنوب الصحراء الكبرى” أحد أسباب ارتفاع معدلات استنزاف المعلمين وتركهم للمهنة، حيث تشير الدراسات إلى التأثير الإيجابي للتدريب التوجيهي على معدلات استبقاء المعلمين الجدد في المدارس، كما أن عدم تقديم دعم منظم خلال السنوات الأولى من عمل المعلمين يقود إلى حدوث أحد الاحتمالين التاليين(٤):
- ترك المعلم للمهنة، أو انتقاله لمهنة نظام تعليمي آخر يقدم له الدعم الملائم.
- استمرار المعلم بالمهنة، ولكن مع اكتساب الممارسات التدريسية السلبية في محاولة للتكيف مع التحديات.
أشكال التأهيل المُقدم للمعلمين الجدد حول العالم
تختلف أشكال برامج التدريب التوجيهي في جميع أنحاء العالم بشكل ملحوظ من حيث أهدافها، وأنشطتها، وجودتها، والمدة المستغرقة لتنفيذها، ففي اسكتلندا على سبيل المثال، تستغرق عملية التوجيه والإرشاد للمعلمين الجدد عامًا واحدًا، تنتهي بإجراء تقييم رسمي للمتدربين (٥).
وتنص التشريعات واللوائح في اليابان على تكليف مجالس التعليم المحلية بتقديم تدريب توجيهي للمعلمين الجدد خلال العام الأول من تعيينهم؛ لمساعدتهم على التكيف مع تحديات واحتياجات مدارسهم، حيث يجب أن يحصل المعلمون الجدد على ٣٠٠ ساعة تدريب كحد أدنى، تشمل ١٢٠ ساعة تدريب داخل المدرسة، وكذلك ٢٥ يوم تدريب على الأقل خارج المدرسة، كما تفرض اللوائح تخصيص معلم موجه؛ لتقديم دعم عام للمعلمين الجدد، بجانب توفير معلم متخصص في مادة تدريس المعلمين الجدد؛ لتقديم تدريبات متخصصة بمادة تدريسهم (٦).
وفي سنغافورة، تقوم وزارة التعليم بتقديم برنامج تدريب توجيهي لجميع المعلمين الجدد، وهو برنامج مصمم لتلبية احتياجاتهم على التعامل مع المحتوى التخصصي، واحتياجات مدارسهم المحلية، ويبدأ تعريف المعلمين بمهنتهم في سنغافورة بحفل تنصيب للمعلمين، حيث يتضمن الحفل تعهد المعلمين بالالتزام بالمعايير، والقيم، والمسئوليات المتوقعة منهم، يلي ذلك بدء تنفيذ برنامج التدريب التوجيهي، وهو برنامج مدته سنتان، تقوم الوزارة بتمويله وإدارته مركزيًا. ويشمل تدريب تمهيدي لمدة ثلاثة أيام، ودورات تدريبية أثناء الخدمة تتضمن التدريب على عدة موضوعات مثل إدارة الصف، ومشاركة الوالدين بالتعليم، وعلاقة المعلم بالطالب، وأساليب التدريس، والتقييم، وزيارة مركز التراث التابع للوزارة؛ كما تقوم الوزارة بتنفيذ برنامج تدريب منظم للموجهين(٧).
كما تشير نتائج TALIS لعام ٢٠١٩، وهو مسح دولي للتدريس والتعلم، تنفذه منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بالتعاون مع الدول المُشاركة، ويتم فيه سؤال المعلمين ومديري المدارس عن العديد من القضايا التعليمية مثل التطوير المهني الذي تلقوه، ومعتقداتهم وممارساتهم التعليمية، وتقييمهم لعملهم وردود الفعل والتقدير التي يتلقونها، وظروف العمل، وبيئة التعلم في مدارسهم، والعديد من القضايا الأخرى المتعلقة بالقيادة والإدارة في المدرسة إلى تعدد أشكال الأنشطة المتضمنة في التدريب التوجيهي للمعلمين الجدد بدول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، ويوضح الشكل رقم (٢) أدناه تلك الأنشطة ليأتي في مقدمتها الأنشطة الخاصة بالمشاركة في الاجتماعات المُخططة مع مدير المدرسة و/ أو مع المعلمين ذوي الخبرة، والإشراف من قبل مدير المدرسة و/ أو المعلمين ذوي الخبرة على المعلمين الجدد، وحضور الدورات التدريبية، وتلقي المعلمين الجدد لتعريف عام أو إداري حول النظام المدرسي، وتكوين شبكة تواصل أو التعاون مع أقرانهم من المعلمين الجدد الآخرين.
شكل (٢): الأنشطة المتضمنة في التدريب التوجيهي للمعلمين الجدد بدول OECD مرتبة تنازليًا وفقًا لاستجابات معلمي المرحلة الإعدادية.
Source: OECD. (2019). How Teachers Learn: An OECD Perspective.
المكونات الرئيسية لبرنامج تأهيل المعلمين الجدد
تشير الأدبيات إلى ضرورة تضمين برامج التدريب التوجيهي للمعلمين الجدد عدد من المكونات المترابطة، ويمكن تلخيصها على النحو التالي(٨) (٩) (١٠) :
- برنامج تعريفي للمعلمين الجدد (orientation): يبدأ برنامج التدريب التوجيهي بتنفيذ برنامج تعريفي للمعلمين الجدد؛ لإكسابهم المعلومات الأساسية حول النظام التعليمي، والمنطقة التعليمية والمدرسة المقرر التدريس بها، والاحتياجات، والتحديات التي تواجهها المدرسة.
- علاقات توجيه وإرشاد: مراعاة توفير الظروف الملائمة لعمل المعلم مع المعلم الأول والموجه، لتكوين علاقات توجيه وإرشاد إيجابية، يتمكن من خلالها المعلم المبتدئ من التعلم منهم، وقد يتم ذلك في صورة مجموعة من الأنشطة تشمل تخصيص الوقت اللازم: (للملاحظة والمشاركة في التدريس في الفصل، وتخطيط الدروس المشتركة).
- فريق دعم: يعد نموذج توزيع المعلمين على الموجهين هو النموذج الأكثر شيوعًا، إلا أن نموذج تكوين شبكة دعم للمعلمين الجدد، يتم من خلالها ربطهم بكل من أقرانهم، والمعلمين ذوي الخبرة؛ لتقديم المساعدة، والإرشاد، والتوجيه هو النموذج الأكثر فعالية.
- ورش عمل وتدريبات للمعلمين الجدد: توفير ورش عمل وتدريبات بأول عامين لهم تتضمن اكتساب المعارف والمهارات والاتجاهات الخاصة بالمناهج، وإدارة الفصل، وإشراك أولياء الأمور، وكيفية التعامل مع التحديات التي يواجهونها محليًا بالمدرسة.
- ورش عمل وتدريبات للموجهين: يحتاج الموجهون إلى تدريب على مهارات التوجيه الفعال قبل تكليفهم بإرشاد وتوجيه معلم جديد، بالإضافة إلى توفير فرص تدريبية وعقد لقاءات؛ لمشاركة قصص نجاحهم في مساعدة المعلمين والاستراتيجيات التي لجئوا إليها لحل المشكلات.
- تقويم أداء المعلم الجديد: لمساعدتهم على معرفة نقاط القوة والضعف لديهم، ومن الضروري أن يكون المعلمون الجدد على دراية بالمعايير التي سيتم في ضوئها تقويم أدائهم، وأن يتم ربط نتائج التقييم ببرامج التدريب والتنمية المهنية.
تأهيل المعلمين الجدد بمصر
على مدار أكثر من عقدين عملت مصر على مواكبة التوجهات العالمية الخاصة بالتنمية المهنية للمعلمين، من خلال إنشاء هيكل مؤسسي لتوفير التنمية المهنية للمعلمين، متمثلًا في إنشاء: (أكاديمية مهنية للمعلمين، واللجنة العليا للتدريب برئاسة وزير التربية والتعليم، ووحدات التدريب بالمدارس).
كما تضمنت خطط تطوير التعليم المختلفة مكونًا خاصًا بالتنمية المهنية للمعلمين، بدءًا من “الخطة الاستراتيجية القومية لتطوير التعليم قبل الجامعي في مصر ٢٠٠٧/٢٠٠٨ – ٢٠١١/٢٠١٢”، وصولًا لمشروع إصلاح التعليم المُوقع مع البنك الدولي في الفترة من ٢٠١٨ حتى ٢٠٢٣، حيث يهدف المكون الثاني بالمشروع إلى الارتقاء بفاعلية المعلمين، والمديرين، والتربويين، وتضمن هدفًا خاصًا بتصميم وتنفيذ برنامج توجيهي مُحدث للمعلمين الجدد، ومديري المدارس، والموجهين، إلا أنه في أبريل ٢٠٢١، تم إجراء بعض التعديلات على المشروع، ولعل أبرزها حذف هذا الهدف، وقد يعزى السبب وراء التراجع عن تنفيذه إلى قرار وقف التعيينات بالجهاز الإداري للدولة آنذاك.
وفي خلال العقد المنصرم قامت الوزارة بعقد مسابقتين للتعاقد مع معلمين جدد بالمنظومة التعليمية، الأولى تمت عام ٢٠١٥، وتم خلالها عقد اختبارات لاختيار ٣٠ ألف معلم، تلا ذلك إجراء تدريب التأهيل المهني للمعلمين الجدد لمدة خمسة أيام قبل استلامهم العمل، وتضمن التدريب موضوعات حول: (استراتيجيات التعلم، والتعلم النشط، وإدارة الصف، وبناء الفرق المدرسية)، وتلقي كل من المعلمين والاخصائيين المساعدين لتدريبات، ودعم، وتوجيه من قبل وحدات التدريب والموجهين خلال مدة العامين المنصوص عليهم بقانون التعليم رقم (١٥٥) لسنة ٢٠٠٧ للترقي كمعلمين، إلا أن الأبحاث المتعلقة بذات الشأن تشير إلى ضعف الدعم المُقدم للمعلمين الجدد، وشكلية التدريبات، ثم تم عقد تدريب التطبيقات التربوية لمدة خمسة أيام بالأكاديمية المهنية للمعلمين؛ للحصول على شهادة الصلاحية، والتثبيت كمعلمين، وتضمن التدريب موضوعات حول: (المعايير والتخطيط، واستراتيجيات التدريس، وإدارة الصف، والتقويم).
وفي يناير ٢٠٢٢، أعلنت الحكومة المصرية عن عزمها التعاقد مع عدد ١٥٠ ألف معلم خلال خمس سنوات؛ لسد العجز في أعداد المعلمين في المدارس، وفي يونيو ٢٠٢٢، تم الإعلان عن مسابقة التعاقد مع عدد ١٥,١٨٧ معلم مساعد بمرحلة رياض الأطفال، وعدد ١٤,٨١٣ معلم مساعد (معلم فصل) للصفوف الدراسية الثلاث الأولى، وذلك بإجمالي عدد ٣٠ ألف معلم كدفعة أولى. وفي فبراير 2023، تم الإعلان عن نجاح ٢٨,١٧٦ متقدم فقط من إجمالي مستهدف ٣٠ ألف معلم كدفعة أولى.
وفي ضوء ذلك، أعلنت الوزارة عن البدء في تنفيذ برنامج التأهيل التربوي كمتطلب لاستلام العمل لمن اجتاز الاختبارات التي نفذها الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة، وقد تم الانتهاء من تنفيذ برنامج التأهيل التربوي للمعلمين الجدد، في الفترة من 13 وحتى 16 مارس 2023، لمدة أربعة أيام، وتضمن التدريب موضوعات حول: (إطار قدرات المعلمين، وفهم المرحلة العمرية للمتعلمين وصياغة نواتج التعلم، واستراتيجيات التدريس، وتعزيز مهارات التفكير العليا، واستراتيجيات إدارة الصف، وملامح التعليم في ضوء رؤية مصر للتعليم 2030).
ثم أعلنت الوزارة عن تعاونها مع الأكاديمية العسكرية المصرية في عملية اختيار المتقدمين لمسابقة ٣٠ ألف معلم، وذلك من خلال عقد اختبارات (طبية، ورياضية، وكشوف هيئة)؛ لاختيار الأكفأ. وفي ضوء ذلك التعاون، قامت الوزارة بتنفيذ برنامج التأهيل الذهني والبدني للمعلمين الجدد في الفترة من ٩ وحتى ١١مايو ٢٠٢٣، ولمدة ثلاثة أيام، بهدف تجهيز المتقدمين للمسابقة لاجتياز اختبارات الأكاديمية العسكرية المصرية، وتضمن التدريب موضوعات حول: تنمية قيم الولاء والانتماء الوطني، والتعريف بالمشروعات القومية، وحروب الجيل الخامس، التأهيل البدني ورفع الكفاءة البدنية للمعلمين، والتدريب على مهارات الاتصال والتواصل وتطوير الذات ومهارات العرض والتقديم واجتياز المقابلة الشخصية. تلا ذلك، تقديم المعلمين على موقع الأكاديمية العسكرية المصرية، وسحب ملف الأكاديمية من ٦ وحتى ٢٤ مايو ٢٠٢٣، لتسجيل بياناتهم، والخضوع للاختبارات من ١٣ مايو ٢٠٢٣ وحتى تاريخه، ووفقًا لتصريحات الوزارة، فبمجرد استلام نتائج الاختبارات من الأكاديمية العسكرية سيتم إصدار الأمر التنفيذي بالتعيين.
وبشكل عام يمكن تلخيص الإجراءات التي تنفذها الوزارة لتأهيل ودعم المعلمين الجدد في توفير تدريب تربوي، وذهني، وبدني قبل استلام العمل.
وبذلك يتضح أن الوزارة تهتم بتوفير مكون واحد فقط من المكونات المفترض تواجدها ببرنامج التدريب التوجيهي لدعم المعلمين الجدد، وهو مكون “توفير ورش عمل وتدريبات للمعلمين الجدد”، وأغفلت العمل على توفير المكونات الأخرى المذكورة بالأدبيات سالفة الذكر، والمتضمنة: (توفير تدريب تعريفي حول نظام التعليم والتحديات المحلية بالمدرسة، توفير الظروف الملائمة لخلق علاقات توجيه وارشاد، وتشكيل فريق دعم لهم، وتدريب الموجهين على كيفية دعم المعلمون الجدد، وتطوير نظام تقويم أداء يرتبط ببرامج التنمية المهنية)، وهو ما يؤثر بالسلب على مدى فاعلية عملية تأهيل ودعم المعلمين الجدد.
وقد أشارت الدراسات إلى وجود بعض العقبات أمام عملية تأهيل وتوجيه المعلمين الجدد بمصر، منها على سبيل المثال (١١) (١٢) (١٣):
- شكلية وحدات التدريب والتقويم الموجودة بالمدارس، والقصور في توفير تدريبات تلبي احتياجات المدرسين الجدد.
- اتسام البرامج التدريبية المقدمة من الأكاديمية المهنية للمعلمين بالشكلية، والتكرار في مضمونها رغم اختلاف المسميات.
- زيادة الأعباء الملقاة على عاتق المعلمين الجدد (الحصص الاحتياطية، الأمن، أوقات الإشراف…إلخ).
- ضعف الدعم المقدم من قبل المعلمين الأقدم بالمدرسة للمعلمين الجُدد، نظرًا لأن الثقافة التنظيمية السائدة بالمدارس تتسم بالقيم الفردية، وغياب أنماط الإدارة الحديثة بالمدارس، مثل (الإدارة التشاركية، والإدارة من خلال الفريق، والإدارة الديمقراطية)؛ مما يعوق عملية تبادل الأفكار والمعلومات بالمدرسة.
- ضعف مستوى الدعم المقدم من الموجهين للمعلمين بشكل عام، وللمعلمين الجدد بشكل خاص.
وجدير بالذكر أنه بجانب المعوقات سالفة الذكر فقد أصدر وزير التربية والتعليم والتعليم الفني قرارًا بتاريخ ١١/١/٢٠٢٣ بشأن حظر تنفيذ أي برامج تدريبية في ديوان عام الوزارة والجهات التابعة وبالمديريات والإدارات التعليمية، سواء للمعلمين أو الإداريين أو القيادات، وفي حالة الضرورة القصوى يتم العرض على الوزارة؛ لدراسة العائد من البرنامج التدريبي، وبشرط عدم تحمل موازنة الدولة أية أعباء مالية. يأتي ذلك القرار تنفيذًا لقرار الحكومة وقف تنفيذ أي تدريبات أو منح دراسية ترشيدًا للنفقات. ويمثل هذا القرار عقبة أمام استكمال تدريب المعلمين الجدد (١٤).
نحو بذل مزيد من الجهد
يمثل عدد ١٥٠ ألف معلم المزمع تعيينهم خلال الخمس سنوات القادمة؛ لسد العجز في أعداد المعلمين في المدارس كتلة حرجة ورأس حربة التغيير بالعملية التعليمية، وذلك نظرًا لقدرتهم على قيادة عملية التحول الإيجابي في الممارسات التدريسية بالفصول، والارتقاء بجودة العملية التعليمية، وذلك حال تم إيلاء اهتمام خاص بهم، وتذليل العقبات أمامهم، وتوفير الدعم، والتأهيل والإرشاد لهم، وقد تتحقق تلك الأهداف من خلال المقترحات الآتية:
- تعديل وثيقة مشروع إصلاح التعليم الموقع مع البنك الدولي لاستعادة الهدف الخاص بتصميم وتنفيذ برنامج توجيهي مُحدث للمعلمين الجدد ومديري المدارس والموجهين؛ يتوافق مع التطوير الحادث في العملية التعليمية.
- تطوير وحدات التدريب بالمدارس، ورفع كفاءة المسئولين عنها؛ لتمكينهم من تقديم الدعم، وتوفير التدريبات وفقًا لاحتياجات المعلمين الفردية.
- توفير الموارد المالية اللازمة لوحدات التدريب بالمدارس؛ لتنفيذ تدريبات، والتراجع عن قرار حظر تنفيذ التدريبات.
- التعاون مع كليات التربية بالجامعات بالمحافظات لتوفير تدريبات، وندوات، وورش عمل للمعلمين الجدد بمحافظاتهم.
- يجب اختيار الموجهين الموزعين على المعلمين الجدد بناءً على معايير الجودة المرتفعة، وأدائهم، وخبراتهم، ومن الضروري تدريبهم على المهارات اللازمة لتقديم الدعم والتوجيه الملائم للمعلمين الجدد، كما يجب توفير حوافز مادية للموجهين مقابل النتائج المحققة مع المعلمين الجدد.
- من الضروري مراجعة خريطة توزيع المعلمين الجدد على المدارس، على أن يتم تعيينهم في بيئات عمل أقل تحديًا، وتشجيع المعلمين الأكثر خبرة على العمل في تلك البيئات، وذلك بهدف تجنب الاستنزاف في أعداد المعلمين بالسنوات الأولى من عملهم، واستبقائهم بالمهنة.
- تقليل عبء العمل على المعلمين الجدد؛ حتى يتمكنوا من الموازنة بين العمل، والتحضير وإعداد الدروس، والاستفادة من خبرات المعلمين ذوي الخبرة، والمشاركة في التدريبات بفاعلية.
ختامًا، يمكن القول إننا في حاجة ماسة لتطوير برنامج تأهيل المعلمين الجدد المقدم من الوزارة؛ لمساعدة المعلمين الجدد على التكيف مع مهام عملهم الجديدة، والتحديات التدريسية التي سيواجهونها بالمدارس، وتحسين الممارسات التدريسية بالفصول، والارتقاء بجودة التعليم.
المراجع
- OECD. (2012). What can be done to support New Teachers?.
- American Institutes for Research. (2015). Conditions For Success in Teacher induction.
- OECD. (2020). Teachers’ Professional Learning (TPL) Study.
- UNESCO. (2019). Teacher policy development guide.
- Draper, J., O’brien, J., & Christie, F. (2004). First Impressions: the new teacher induction arrangements in Scotland. Journal of In-service Education, 30(2), 201-224.
- OECD. (2016). OECD Thematic Review of Initial Teacher Preparation – Country Background Report for Japan.
- National Center on Education and The Economy. (2016). Singapore: a Teaching Model for the 21st Century.
- Frederiksen, L. L. (2020). Support for newly qualified teachers through teacher induction programs–a review of reviews. New teachers in Nordic countries–ecologies of mentoring and induction.
- World bank. (2009). Teacher Educational Quality Assurance “Induction Programs for Newly Trained Teachers”.
- Massachusetts Department of Elementary and Secondary Education. (2020). Teacher Induction Programs.
- رانيا عبد المعز الجمال. (٢٠١٧). دراسة مقارنة لإرشاد المعلمين الجدد في كل من الصين واستونيا وجمهورية مصر العربية. مجلة كلية التربية في العلوم التربوية.
- وفاء إبراهيم الصادق. (٢٠١٨). تطوير برامج تدريب المعلمين الجدد في مصر في ضوء خبرة استراليا. مجلة كلية التربية بالإسماعيلية.
- فاطمة حنفي محمود هلال. (٢٠١٩). تطوير برامج تدريب المعلمين في مصر في ضوء متطلبات إدارة المعرفة. مجلة كلية التربية جامعة بني سويف.
- فاتن زكريا. (٢٠٢٣). التعليم: وقف تدريبات المعلمين والقيادات والإداريين. أخبار اليوم.