يوماً بعد يوم تتعاظم الأخطار الخارجية التي تحيط ببلادنا الغالية من كل جانب، فأعداؤها المباشرون (المجاهر منهم، والمستتر) يعملون بمنتهى الخبث والدأب والصبر، وباستخدام جميع الأدوات والآليات والتحالفات الشيطانية الممكنة، على الإضعاف التدريجي لركائز أمننا القومي، للوصول إلى الهدف النهائي وهو تحويل الدولة إلى «دولة هشة ورخوة»، ضعيفة الاقتصاد، مدمَّرة الموارد، منخفضة المعنويات، وتمزقها الاختلافات والصراعات الداخلية، فيسهل تركيعها والتحكم في مقدَّراتها وقراراتها، فتتحول مع الوقت إلى دولة «تابعة» يتكاثر عليها اللئام، فتصبح عرضة للاختراق، وقابلة لفرض سياسة «الأمر الواقع» عليها.
وهنا يبرز سؤالان مهمان:
1- ما مدى تقدير الدولة لحجم وطبيعة هذه الأخطار على المدى القريب والمتوسط والبعيد؟ وما مدى قدرتها على التصدي لهذه الأخطار والحفاظ على تماسك جبهتها الداخلية، واستقلالية قرارها، وتحقيق مخططاتها التنموية في نفس الوقت؟
2- ما الدور الذي يجب أن يقوم به كل مواطن منا لمساعدة الدولة في التصدي لهذه الأخطار؟
بالنسبة للإجابة عن الشق الأول من السؤال الأول، فإنه مما لا شك فيه أن مصر تمتلك أجهزة جمع وتحليل معلومات على أعلى مستوى، ومشهود لها على مر التاريخ بالكفاءة المطلقة على مستوى العالم، وهو ما يجعلها بذلك مدركة إدراكاً لحظياً وتاماً وموقوتاً لحجم وطبيعة جميع الأخطار الخارجية والداخلية التي تحيط بها على حد سواء.
وبالنسبة للشق الثاني من السؤال.. فإن وقائع التاريخ الحديث المثبتة التي لا جدال فيها، تخبرنا بأن مصر لا تقبل أي تنازلات أو مساومات أو ضغوط فيما يتعلق بأمنها القومي واستقلال قرارها مهما بلغت درجة قوة ودهاء أعدائها، متسلحة في ذلك بصلابة نسيجها الوطني، وبثوابت سياستها الخارجية، وثوابت أمنها القومي التي يعرفها القاصي والداني من حيث تأمين اتجاهاتها الاستراتيجية، ومصادر ثروتها القومية، وجبهتها الداخلية.. وجميع خطواتها التي تتخذها لتحقيق ذلك تنطلق من القانون الدولي الذي يسمح لها باستخدام جميع قوى الدولة لحفظ أمنها القومي ويتيح لها كل الخيارات، بما فيها الخيارات الاستباقية، مع الوضع في الاعتبار أن مصر ليست دولة معتدية، ولا ترغب في أن تكون معتدية على أحد. كما أنها تنادى طوال الوقت بالحلول السلمية لكل أزمات المنطقة وتدعمها. كما أنها ترفض أي تدخل خارجي في شئون الدول بصفة عامة، وشئون دول المنطقة بصفة خاصة، ولكنها إذا اضطرت لاستخدام القوة لحماية حقوقها بعد استنفاد جميع الجهود الدبلوماسية فإنها لا تتوانى عن فعل ذلك، وتستخدم حينئذ هذه «القوة العادلة» استخداماً عبقرياً يربك جميع حسابات أعدائها ويطيح بأحلامهم المتغطرسة ويحطمها، ولنا في وقائع حرب الاستنزاف، وحرب أكتوبر المجيدة، وقصف مواقع عناصر داعش والقضاء عليهم فى ليبيا الشقيقة في شهر فبراير عام 2015 كل العبرة والمثل.
أما الإجابة عن السؤال الثاني، فإن كل مواطن منا مطلوب منه الآتي بمنتهى الموضوعية والوضوح:
1- أن يؤدى عمله التخصصي مهما كان صغيراً بمنتهى الضمير والإتقان، وأن يكون رقيباً على نفسه في كل لحظة دون الحاجة إلى أي رقابة خارجية.
2- تنمية الشعور بالانتماء تجاه الوطن، وذلك بالحرص على الممتلكات العامة من التخريب أو النهب، وحفظ النظافة في الأماكن العامة كالمتنزهات، والشوارع، والمستشفيات، واحترام مرافق الدولة ومؤسساتها، وحفظ أمانات المواطنين.
3- احترام القوانين والأنظمة العامّة التي تسنّها الدولة، من أجل تحقيق العدالة، ونشر قيم الالتزام.
4- الاجتهاد في تحصيل العلم والمعرفة لأنه لا يُمكن النهوض بالمستوى الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي في بلد ما، دون أن يتمتع أفراده بالعلم الذي يُمكّنهم من تحقيق التطوّر والتقدّم.
5- المشاركة في الأنشطة التطوعية الهادفة، وتحقيق قيم التكافل كل على قدر استطاعته.
6- نشر الوعى الإيجابي في دائرة العمل والأسرة والأصدقاء والجيران، والتحقق الموثوق من مصادر الأخبار والمعلومات والبعد عن مصادر الشائعات التي بتنا نعرفها جميعاً.
حمى الله بلادنا الغالية ووطننا العربي الكبير من كل مكروه وسوء.
نقلا عن جريدة الوطن، 8 يوليو 2020