عام بأداء سيئ
على مستوى أداء سوق الأوراق المالية المصري لم يكن العام من حيث الأداء بالنسبة لسوق الأوراق المالية المصري جيدًا، حيث جاء أداء سوق الأوراق المالية المصري من بين الأسوأ بين بورصات العالم، حيث إنتهى بانخفاض بأكثر من 23%، وشهد العام خروجًا كبيرًا للمستثمرين الأجانب وسيطرة الأفراد على أداء الأسهم على مدار العام. وعلى مستوى الأداء فقد ارتفع المؤشر الثلاثيني (المؤشر باللون الأزرق) بنسبة 10.18% خلال العام المنقضي، وارتفع المؤشر السبعيني (المؤشر باللون الأحمر) بنسبة 2.64%، أما عن مؤشر 100 (المؤشر باللون الأسود) فقد ارتفع بنسبة 5.08%.
الشكل 1: أداء المؤشرات الثلاثة بسوق الأوراق المالية المصري
وعلى الرغم من تحسن الأداء، لكن لا يعد بأي حال من الأحوال مؤشرًا مؤكدًا على صحة البورصة، حيث لا يزال أداء البورصة المصرية أقل من نظيراتها بالمنطقة والتي شهدت جميعها نموًا برقمين (نمو بنسبة أكبر من 10%)، حيث ارتفع مؤشر “TASI” السعودي بنسبة 30.99%، وارتفع مؤشر سوق أبوظبي الوطني بنسبة 27.51%، وسجل سوق دبي ارتفاعًا بنسبة 10.18%.
Figure 2: أداء مؤشرات الأسواق العربية مقارنة بسوق الأوراق المالية المصري
زخم كبير بسوق الطروحات
أما على مستوى الطروحات وإدراج الشركات بسوق الأوراق المالية فلم يكن هو الآخر العام الأفضل، حيث شهدت البورصة المصرية الطرح الأول لها في أبريل من العام 2021 بطرح شركة تعليم لخدمات الإدارة، وهو يأتي تقريبًا بعد عام من الطرح الأخير الذي شهدته سوق الأوراق المالية المصري في عام 2019 بطرح شركة راميدا، حيث طرحت شركة تعليم نسبة 49% من أسهمها (46.55% للمؤسسات، و2.45% للأفراد) وشهد الطرح إقبالًا كبيرًا من المستثمرين، حيث تمت تغطيته بمقدار 29 مرة، فيما تم تغطية الطرح الخاص بنحو 2.34 مرة، ويعتبر الطرح ذا مكانة خاصة، حيث إنه يمثل أول اكتتاب رقمي في مصر؛ إذ تم الترويج له من خلال قنوات الاتصال الرقمية، ونجحت تلك الوسائل التسويقية في تمهيد الطريق لنموذج جديد لترويج الطروحات، الأمر الذي سيحفز الشركات على تسريع خططها للإدراج بسوق الأوراق المالية المصري.
ثم كان هناك الإدراج الفني لشركة التشخيص المتكاملة (وهي شركة تعمل في مجال الرعاية الصحية في مصر والأردن ونيجيريا والسودان) وهو الطرح الثاني بسوق الأوراق المالية المصري الذي تم في مايو من العام، ويعد ذلك الإدراج الفني هو القيد الأول من نوعه بالبورصة المصرية، حيث إنه أول قيد مزدوج للشركة المدرجة بالأساس ببورصة لندن، وقد شهد الطرح تغطية بحوالي 11 مرة، وقامت الشركة في ذلك الطرح بتحويل حصة تمثل 5% من أسهم الشركة (30 مليون سهم) للإدراج بسوق الأوراق المالية المصري.
أما عن الطروحات الحكومية فقد مثل عام 2021 عودة لبرنامج الطروحات الحكومية مجددًا، ذلك البرنامج الذي تم الإعلان عنه للمرة الأولى في عام 2018 والذي يأتي ضمن برنامج الدولة لتعظيم دور القطاع الخاص بالاقتصاد وطرح بعض الشركات المملوكة للقطاع العام للشراكة من جانب القطاع الخاص. ومن الجدير بالذكر أن الإجراء الأخير في ذلك البرنامج يعود إلى شهر مارس 2019، عندما طرحت شركة الشرقية للدخان 4.5% من أسهمها بسوق الأوراق المالية، وتم تجميد البرنامج فيما بعد بسبب ما شهدته البلاد من جائحة الكورونا، لكن العام 2021 كان عام العودة حيث شهد شهر أكتوبر طرح عملاق المدفوعات الإلكترونية الحكومي إي فاينانس، ذلك الطرح الذي جمع 5.8 مليارات جنيه مقابل طرح 26.1% من أسهم الشركة، وتمت تغطيته من جانب المؤسسات بنحو 6.8 مرة، وتمت التغطية من جانب الأفراد بمقدار 61.4 مرة، وقد أكد ذلك الطرح على ثقة المستثمرين الأجانب بالبورصة المصرية والاقتصاد المصري، حيث استحوذ المستثمرون الأجانب على نسبة 72% من الأسهم المطروحة، وهو ما يؤكد سعي الحكومة المصرية لجذب استثمارات أجنبية مباشرة عالية الجودة، ومهد ذلك النجاح الطريق للطرح العام الثاني الذي تمثل في بيع نسبة 10% من أسهم شركة أبو قير مقابل 2.25 مليار جنيه خلال شهر ديسمبر من عام 2021.
تلك النجاحات التي شهدها برنامج الطروحات الحكومية خلال العام 2021 يمهد الطريق لطروحات أخرى مثل طرح شركة الصناعات الكيماوية (كيما) وذلك بعد أن تثمر المشروعات التي افتتحها الرئيس (مجمع كيما الصناعي الجديد للأمونيا واليوريا بأسوان) خلال جولته في محافظات صعيد مصر في أرباح الشركة، وذلك وفقًا لتصريحات وزير قطاع الأعمال العام هشام توفيق. طرح آخر يجري الحديث عنه منذ ثلاث سنوات تقريبًا هو طرح بنك القاهرة، الذي تأجل لعدة مرات. مصر القابضة للتأمين هي الأخرى قد تعيد طرح إحدى شركاتها التابعة “مصر لتأمينات الحياة” و”مصر للتأمين” والتي كان من المقرر طرحها في الربع الأخير من عام 2019. شركة مصر الجديدة للإسكان والتعمير تتطلع لبيع حصة إضافية من أسهمها بالبورصة في منتصف عام 2022، وشركة موبكو في طريقها أيضًا لطرح حصة إضافية من أسهمها في عام 2022.
شركات أخرى مملوكة للشركة الوطنية للخدمات العامة في طريقها للطرح بسوق الأوراق المالية ضمن برنامج صندوق مصر السيادي، من ضمن تلك الشركات التي تم الإعلان عنها شركة صافي، وشركة الوطنية للبترول والتي سيتم بيعها لمستثمر استراتيجي، حيث أشار صندوق مصر السيادي في وقت سابق من شهر نوفمبر من عام 2021 إلى أنه على وشك الانتهاء من إجراءات إعادة الهيكلة الخاصة بالشركتين.
على مستوى شركات القطاع الخاص التي تعتزم الإدراج بالبورصة المصرية فلدينا شركة ماكرو جروب عملاق مستحضرات التجميل التي تخطط لطرح 45.8% من أسهمها بالبورصة عبر اكتتاب عام أولي في الربع الأول من عام 2022، وشركة المنتجات الغذائية الصحية “أبو عوف” أيضًا تخطط لطرح أسهمها في الربع الثاني من عام 2022، وبالفعل قامت الشركة باختيار المجموعة المالية هيرميس مؤخرًا لإدارة الصفقة، ولدينا أيضًا شركة الخدمات المالية غير المصرفية ابتكار التي تخطط لدخول سوق الأسهم في أوائل عام 2022، وشركة جالينا القابضة أيضًا كانت تخطط لطرح أسهمها بالبورصة المصرية في أوائل عام 2021، لكنها أجلت القرار انتظارا لتحسن ظروف السوق.
تطورات تفتح آفاقًا جديدة
أما على مستوى السوق فبعد السماح بدخول شركات ذات الاستحواذ الخاص للسوق المصرية “SPAC” في نوفمبر 2021 (شركة يتم تأسيسها وإدراجها بسوق الأوراق المالية المصري والاكتتاب العام بها ومن ثم استخدام حصيلة تلك الأموال للاستحواذ على شركة أخرى بالسوق، ومن ثم يتم إدراج الشركة المستحوذ عليها بسوق الأوراق المالية)، فإن ذلك يُعد تطورًا واعدًا بسوق الأوراق المالية، حيث إنه وفور الإعلان عن السماح لشركات “SPAC” أعلنت شركتان على الأقل عزمهما تأسيس ذلك النوع من الشركات وإدراجها بالبورصة، خاصة وأن تلك الآلية توفر للشركات الناشئة التي تواجه صعوبات في الإدراج بالبورصة فرصة للطرح العام بسوق الأوراق المالية المصري.
أما عن أبرز الأحداث التي ننتظرها في بداية عام 2022 فهي دخول ضريبة الأرباح الرأسمالية حيز التطبيق في يناير من عام 2022، حيث سيتم فرض ضريبة قيمتها 10% على الأرباح الرأسمالية التي يجنيها المستثمرون المقيمون، تلك الضريبة شهدت حالة كبيرة من القلق حيث توقع المحللون أن يكون لها أثر سلبي على حجم التداولات بالسوق، يترتب عليه حدوث انخفاضات كبيرة بالسوق، وهو ما دفع الحكومة للدخول بحزمة مقترحة من المحفزات والتي تتضمن بعض الخصومات على المصروفات التي تتعلق بالتداول وغيرها من المحفزات الأخرى لتخفيف أثر تلك الضريبة على مستثمري التجزئة.
اتجاهات ضبابية
لكن ثمة مخاوف تلوح في الأفق خاصة في البورصات العالمية في عام 2022، حيث تبدو الأمور مختلطة إلى حد كبير، حيث توجد حالة كبيرة من القلق بين المحللين في الأسواق العالمية، إذ قد يكبح معدل التضخم العالمي الرؤية الإيجابية بشأن أداء الأسواق خلال العام القادم، خاصة مع إعلان بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي عزمه الإسراع في وتيرة بيع السندات في الأسواق، وربما النظر في أسعار الفائدة خلال العام 2022، وهو ما قد ينذر بتغير ظروف السيولة التي شهدتها الشركات خلال العام الماضي والتي ساعدت الشركات على تسجيل أرقام قياسية بسوق الأوراق المالية. مخاوف أخرى يشهدها العالم نتيجة ظهور متحور أوميكرون الذي ظهر مؤخرًا، حيث يفرض العديد من القيود على السفر بين البلدان، وهو ما يلقي بظلاله على حالة الضبابية التي تشهدها أسواق الأسهم خلال العام المقبل.