مقدمة
تدرس مصر اعتماد عملات الدول التي تستورد منها القمح في التعاملات المالية بدلاً من الدولار، وفقاً لتصريحات وزير التموين “على مصيلحي”، وأضاف انه تم اجراء تفاهمات مع الصين والهند للتعامل بالروبية واليوان عند استيراد القمح، لكن هذه التفاهمات لم ترتق لتكن اتفاقية رسمية، كما شدد على أهمية القمح لدي المصريين وان الدولة تستهدف استيراد ما يقرب من خمسة ملايين طن من القمح في العام الجاري، بالإضافة الي شراء 365 ألف طن قمح من المزارعين منذ بداية موسم الحصاد وحتى الآن.
حجم القمح التي يتم استيراده
يعد القمح سلعة أساسية ورئيسية لدي الشعب المصري لا غني عنها، وتعد مصر هي أكبر مستورد للقمح في العالم، وتشتري عادةً من الخارج ما يصل إلى 12 مليون طن سنوياً للقطاعين الحكومي والخاص، وكانت تعتمد مصر في استيراد القمح على روسيا وأوكرانيا بشكل كبير، جاء يوم ٢٤ فبراير 2022 الذي قررت روسيا فيه شن حرب علي جارتها أوكرانيا مما تسبب في تغيير مسار مصر من اعتماد علي الدولتين فقط الي تنويع مصادر الاستيراد، وذلك يتم توضيحه في الشكل التالي:
الشكل١: حجم واردات مصر من القمح من أوكرانيا

توقعت شبكة المعلومات الزراعية العالمية الصادر عن دائرة الزراعة الخارجية بالوزارة الأمريكية، ان تزداد واردات مصر من القمح في عام ٢٠٢٣/٢٠٢٤ بنسبة ٣٪ لتصل نحو ١١ مليون طن، ولكنها ستظل اقل من متوسط ١٠ سنوات، بالإضافة الي كونه أدنى مستوي في الثماني سنوات الأخير وذلك بسبب التداعيات الاقتصادية للحرب في أوكرانيا التي تم ذكرها مسبقا، بالإضافة الي الأزمة الدولارية التي تواجه الاقتصاد المصري والتي تسببت في اضطراب تجارة القمح في مصر.
إن إجمالي واردات مصر من القمح انخفض بنسبة 18.7٪ إلى حوالي 9.5 مليون طن في عام 2022 وسط ارتفاع الأسعار وأزمة الصرف الأجنبي التي جعلت المطاحن الخاصة والمستوردين غير قادرين على دفع ثمن القمح في الموانئ. وكانت الواردات هي الأدنى منذ 2013، وفقا ل “محمد الجمال” مستشار الحبوب في القاهرة.
مصر تزيد سعر شراء القمح من المزارعين
تراهن الحكومة المصرية على تقديم المحفزات للفلاحين، حيث رفعت الحكومة المصرية سعر توريد القمح المحلي 20%، إلى 1500 جنيه للأردب (150 كيلو غراماً)، ليصل بذلك إجمالي الزيادة بسعر شرائه من المزارعين إلى 50% منذ بداية العام، وفقاً لبيان لمجلس الوزراء المصري، وجاءت تلك المحفزات من اجل تقليل فاتورة الواردات في ظل أزمة السيولة الدولارية التي تعانيها البلاد منذ الأزمة الروسية الأوكرانية في مارس 2022 حتى الآن.
كما اضافت الحكومة المصرية بعض المحفزات الأخرى من ضمنها الأسمدة الخاصة بالزراعة وزيادة السعر، وتدفع تلك المحفزات الفلاحين الي توريد القمح لدي الحكومة بدلاً من القطاع الخاص، وأقرت الحكومة الزيادة الجديدة قبل موسم الحصاد بثلاثة أيام فقط الذي يبدا في منتصف أبريل حتى منتصف يوليو، في حين يبدأ موسم زراعة القمح في منتصف شهر نوفمبر حتى نهاية شهر يناير.
مصر تنسحب من اتفاقية للحبوب تابعة للأمم المتحدة
قدمت مصر إشعارا بأنها ستنسحب في نهاية يونيو من معاهدة الحبوب التي أبرمتها الأمم المتحدة منذ عقود، مما تسبب في حالة من الذعر بين بعض الموقعين الآخرين على الاتفاقية، في حين يأتي خروج مصر من اتفاقية تجارة الحبوب متعددة الجنسيات (GTC)، في أعقاب فترة من الاضطرابات في أسواق الحبوب المرتبطة بالحرب في أوكرانيا والمخاوف بشأن الأمن الغذائي العالمي.
تقدمت مصر في فبراير الماضي بطلب للانسحاب من المعاهدة الدولية الوحيدة التي تغطي تجارة الحبوب اعتباراً من 30 يونيو من العام الجاري، وطالب عدد من الأعضاء مصر بإعادة النظر في قرارها، لكن جاء القرار بعد تقييم قامت به وزارتا التموين والتجارة، وهذا ما أكدته وزارة الخارجية المصرية في بيان، ويعتبر خروج مصر من منظمة متعددة الجنسيات أمراً مثيراً للقلق، ولكن توقع تجار ان ذلك القرار لن يكون له تأثير على سوق الحبوب.
الأزمة الدولارية وتأثيرها على العجز
ارتفع مستهدف عجز الموازنة للسنة المالية الحالية إلى 6.8% من الناتج المحلي الإجمالي، بدلاً من 6.1% كانت تستهدفها سابقاً، حسب بيانات صادرة عن وزارة المالية المصرية، كانت مصر تتوقع خفض العجز الكلي للموازنة في 2022-2023 إلى 6.1% من 6.2% في السنة المالية السابقة، ومن 6.8% في 2020-2021. كما تتوقع تراجع نموها الاقتصادي إلى ما بين 4% و5% للسنة المالية الحالية من 6.6% قبل عام.
تسببت صدمات الحرب الروسية الأوكرانية في ازمة اقتصادية في مصر، حيث أدت الي: اولاً: تقليل امدادات القمح من كلا البلدين، ثانياً: تقليل اهم مصادر السياحة لمصر، وثالثاً: نقص في العملات الأجنبية، مما ادي الي تهاوى سعر الجنيه المصري مقابل الدولار بنحو 24% خلال الشهرين الأخيرين، وبأكثر من 95% منذ بداية الأزمة الروسية الأوكرانية في مارس الماضي، بالإضافة إلى الاعتماد بشكل كبير على صندوق النقد الدولي وأدوات الدين ذات العوائد المرتفعة، لتعد مصر إحدى أكثر دول الشرق الأوسط مديونيةً.
تفاقم العجز الكلي لميزانية مصر إلى 4% من الناتج المحلي الإجمالي خلال أول ستة أشهر من السنة المالية الحالية (من 1 يوليو إلى 31 ديسمبر 2022)، مقابل 3.6% للفترة عينها قبل عام، حسب بيانات وزارة المالية، زادت مصروفات الحكومة المصرية 20% على أساس سنوي إلى نحو 941 مليار جنيه خلال النصف الأول من السنة المالية الحالية، في حين زادت الإيرادات 14.5% إلى 572.5 مليار جنيه، من ضمنها الإيرادات الضريبية التي نَمَت 19% على أساس سنوي إلى 461.7 مليار جنيه.
تغيير التوقعات
ويساهم ارتفاع سعر القمح في زيادة عجز الموازنة العامة، حيث رفعت الحكومة المصرية توقعاتها لمتوسط سعر القمح المستورد إلى 424 دولاراً للطن بدلا من 330 دولاراً للطن، فيما رفعت متوسط سعر القمح المحلي إلى 1250 جنيها للأردب من 820 جنيهاً من قبل، هذا إضافة إلى رفع مصر لتوقعاتها لمتوسط سعر الفائدة إلى 18% في السنة المالية الحالية 2022-2023، عوضاً عن 14.5% كانت متوقعة من قبل.