عقد المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية حلقة نقاشية مع وفد ممثل للجنة العقوبات للأمم المتحدة على السودان، يوم الإثنين 5 يونيو 2023، بمشاركة السيد Thomas W. Bifwoli” توماس بيفولي” مراقب العقوبات لمجلس الأمن الدولي، والسيد Kolmakov Andrei” كولماكوف أندريه”، الذي يعمل ضمن فريق خبراء مسؤولين عن نشاط الجماعات المسلحة في الصومال.
وأدار اللقاء اللواء محمد إبراهيم الدويري نائب مدير المركز، والدكتور أحمد أمل رئيس وحدة الدراسات الإفريقية والأستاذ أحمد عليبة رئيس وحدة التسلح، ومشاركة أسماء عادل وشيماء البكش باحثين بوحدة الدراسات الإفريقية.
وتركز اللقاء على تبادل الرؤى حول الأوضاع في السودان والمواقف الإقليمية والوساطات ودورها في تهدئة الصراع، فضلًا عن الرؤية المصرية فيما يجري في السودان باعتبارها دولة محورية في الجوار السوداني.

وتبادل الطرفان الرؤى حول ما يجري بالسودان وما يتصل بها من مواقف إقليمية ودولية، وفي هذا السياق وردًا على تساؤل السيد ” كولماكوف أندريه”، فيما يتعلق بالرؤية المصرية لما يجري في السودان، أوضح اللواء محمد إبراهيم عددًا من النقاط المتعلقة بالموقف المصري كالآتي:
أوضح أن السودان هي قضية أمن قومي بالنسبة لمصر، وأن هناك مساعي عديدة بذلتها مصر مع كافة الأطراف على مدار المرحلة الانتقالية. وأن الرؤية المصرية للموقف تنبع من رؤيتها لأية تسوية إقليمية لأي صراع، إذ تنطلق مصر من ثوابت تتعلق بالدولة الوطنية، والدولة الوطنية تنبع من استقرار المؤسسات، مما يفضي بدروه إلى أهمية بقاء واستقرار المؤسسة العسكرية السودانية.
وأشار إلى موقف مصر من قضية اللاجئين، باعتبار أن مصر لم تتعامل معهم باعتبارهم لاجئين بل هم جزء من النسيج الوطني المصري، ورغم ما تشهده مصر من تحديات اقتصادية، لم تناور بورقة اللاجئين. وفيما يتعلق بهذا الأمر، أشار إلى التواصل المصري القطري لإقامة مؤتمر إغاثة مرتبط بالتداعيات الإنسانية الناجمة عن الأزمة الإنسانية.
وأكدّ على أهمية استقرار دول الجوار الجغرافي بالنسبة لمصر، وهو أمر من محددات الأمن القومي المصري، مؤكدًا المصلحة المصرية في استقرار السودان وعدم إطالة أمد الصراع التي تتفاقم مع تعدد الفاعلين. وفيما يتعلق بالتسوية، أشار إلى أهمية عدم استبعاد مصر من أية تسوية فيما يخص السودان، وهو أمر أثبته الحضور المصري في ملفات إقليمية عديدة، كما حدث في ليبيا وفي سوريا.
وردًا على التساؤلات التي أثارها السيد ” توماس بيفولي” فيما يتعلق بمواقف دول الجوار الإفريقي، وعما إذا كانت هناك إمكانية لوساطة إفريقية مستقبلية، أوضح الدكتور أحمد أمل عدد من الملامح عن الموقف الإفريقي، جاءت على النحو التالي:

أشار إلى تصاعد العنف مرة أخرى في دارفور، بعيدًا عما يحدث في الخرطوم، مما يزيد من تعقيد الأزمة، خاصة وأن الموقف في دارفور مرتبط بتعقيدات المشهد وتصاعد العنف في منطقة شرق الساحل بعد أن كان العنف متنامي في غرب الساحل في السابق. كذلك تحولات خريطة الصراع تنذر بتعقيد الأزمة.
ومع عدم حل جذور الأزمة في دارفور، فضلًا عن الانسحاب غير المعدّ له من البعثة الهجين بين الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي، فضلًا عن الارتباطات الإقليمية وتصاعد الانقسام بين القبائل العربية والإفريقية، على طول امتداد دول الساحل، فإن الوضح في دارفور مرشح لأن يزداد سوءًا.
وعن دول الجوار الجغرافي أشار إلى أهمية انخراط دول الجوار في أية تسوية، مع استبعاد فاعلية أي دور مستقبلي قد يلعبه الاتحاد الإفريقي رغم أهمية حضوره، لكن بحكم تراكم الخبرة التاريخية فإن دول الجوار قد لعبت أدوارًا تاريخية قد تؤهله للعب نفس الدور مرة أخرى، فقد لعبت كينيا على سبيل المثال دورًا في التوصل إلى اتفاق نيفاشا 2005. وعلى هذا النحو، قد يلعب الإيجاد إلى جانب دول الجوار غير الأعضاء في المنظمة دورًا في هذا الأمر.

وعقب الأستاذ أحمد عليبة على تعقيدات الوضع الميداني والعسكري، انطلاقًا من الخبرات السابقة في الصراعات الإقليمية، هناك سيطرة إلى حد ما للجيش، لكن الطريقة التي تتعامل بها قوات الدعم السريع هي نمط حرب العصابات، وهو الأمر المرجح أن يؤدى الى انسداد أفق الأزمة في السودان، وهناك تخوف من حصول قوات الدعم السريع على الطائرات الدرونز. كذلك استدعاء الجيش السوداني قوات الاحتياط يعتبر مؤشر صعب، بأن الجيش قد دخل في دورة إنهاك.
وأشار إلى احتمالية أن تكون هذه هي الدورة الأولى للصراع، في دولة تعد واحدة من أسوأ سبعة دول تعاني من حالة الهشاشة، وفي حال تغذية الصراع من الدول الإقليمية، فمن المرجح أن يزداد الوضع سوءًا، ويتحول من سيئ لأسوأ. خلاصة القول، نجد أن شكل الحرب وطبيعة السلاح والتفكك الداخلي والتدخل الإقليمي والدولي يودي الى بقاء الوضع على ما هو عليه.

وأخيرًا، عقّب السفير محمد النقلي بأهمية أن يكون رد فعل المجتمع الدولي أكثر حسمًا من ذلك، خاصة وأن المبعوثين الأمميين حريصين على استيفاء المعايير وإصدار البيانات بغض النظر عن الحقائق على الأرض. وأشار إلى تعقيد الوضع الإنساني في السودان والتي تعد مصر وتشاد ودول الجوار السوداني في مواجهة مع تحدي ومسؤولية إنسانية كبيرة.
ربط بين تعدد الفاعلين على الأرض وتعقد الصراع، مع عدم وجود إرادة سياسية للحل، في ظل تباين وتعارض مصالح الدول المنخرطة في الصراع، وهو أمر بحاجة إلى حسم وإرادة حقيقية من الجميع.