المقدمة
اثارت البنية التحتية، التي تعتبر عاملًا مهمًا في التنمية الاقتصادية، اهتمام العديد من صانعي السياسات في السنوات الأخيرة وتم تضمينها ضمن أهداف التنمية المستدامة (SDGs) كجزء أساسي منها. فالبنية التحتية تعكس مكانة الدولة وإمكاناتها على المستوى العالمي، وتساهم في جذب الاستثمارات. ويرجع هذا الاهتمام بتطوير البنية التحتية إلى أنه أمر بالغ الأهمية لتحقيق النمو الاقتصادي، وتقليل الفقر، وتحقيق أهداف التنمية الشاملة. بالإضافة إلى ذلك، فهي تسهم في خفض التكاليف وتحسين الوصول إلى الأسواق وتعزيز كفاءة العوامل الإنتاجية الأخرى، كما أنها شرط أساسي لتمكين الأفراد من الوصول إلى الخدمات الحيوية مثل التعليم والرعاية الصحية وتُعد مصر واحدة من الدول التي تُولي اهتمامًا كبيرًا للتنمية وتوسيع البنية التحتية. من خلال استثمار الموارد والجهود في هذا المجال، وتسعى لتحسين جودة الحياة لمواطنيها وخلق بيئة تجارية تعزز فيها النمو الاقتصادي. وفي هذا السياق، تعمل مصر على إقامة شراكات استراتيجية مع البنوك الآسيوية للحصول على التمويل اللازم لتنفيذ مشاريع البنية التحتية. ومؤخرًا، انضمت مصر إلى بنك التنمية الجديد الخاص بتجمع البريكس، وهو تطور يعزز من قدرة مصر على تلبية احتياجاتها التنموية والاستثمارات في البلاد.
جهود الدولة لتطوير البنية التحتية
لا ننكر جهود الدولة الحثيثة للنهوض بالبنية التحتية على مدار السنوات السابقة. حيث بلغت الاستثمارات العامة بقطاع الكهرباء نحو 62.08 مليار جنيه عام 2021/2022. وبلغت الاستثمارات العامة بقطاع مياه الشرب والصرف الصحي 42.4 و90.8 مليار جنيه على التوالي عام 2021/2022. وبلغ الناتج المحلى الإجمالي لقطاع الكهرباء بالأسعار الجارية 137.44 مليار جنيه عام 2021/2022 مقارنة بـ 69.62 مليار جنيه عام 2016/2017 بزيادة 97.41%كما ارتفع الناتج المحلي الإجمالي لقطاع النقل والتخزين بالأسعار الجارية من 169.3مليار جنيه عام 2016/2017، إلى 385.39 مليار جنيه عام 2021/2022، بزيادة 215.76 مليار جنيه، بمُعدل 127.19%.

وبالنسبة لقطاع الكهرباء؛ حدث زيادة فى تصدير الطاقة الكهربائية عام 2020/2021 إلى 1.6 مليار ك.و.س بزيادة 113.27% مقارنة بعام 2015/2016، ويرجع تحول العجز في الكهرباء إلى فائض بفضل إنشاء محطات سيمنز العملاقة. كما تم اختيار مشروع بنبان للطاقة الشمسية بأسوان، بإجمالي قدرات1465 ميجاوات وفوز المشروع بجائزة التميـز الحكـومي العربـي عـام 2019/2020 كأفضـل مشـروع حكـومي لتطـوير البنيـة التحتية على المستوى العربي. كما صُنفت مصر ضمن أعلى 20 دولة في مؤشر جاذبية الدول للاستثمار في الطاقة المتجددة عام 2021. بالإضافة إلى عدد العاملين بقطاع الكهرباء الذي وصل إلى 148.7 ألف عامل. كما تم زيادة نسبة إجمالي العاملين بقطاع النقل عام 2021 ليبلغ 8.9% من إجمالي قوة العمل مقابل 7.45% عام 2016.
وفى قطاع مياه الشرب والصرف الصحي؛ تم الانتهاء من تنفيذ 279 مشروعًا لمياه الشرب خلال الفترة من
2014-2021، بطاقة 11 مليون م3/يوم، كلفت الدولة 61.4 مليار جنيه، لخدمة أكثر من 60 مليون نسمة، وجارٍ تنفيذ 98 مشروعًا بطاقة 2.3 مليون م3/يوم بتكلفة 16.3 مليار جنيه.
كما تم الانتهاء من تنفيذ 864 مشروعًا للصرف الصحي بطاقة 6.9 ملايين م3/يوم بتكلفة 67.1 مليار جنيه لخدمة أكثر من 45 مليون نسمة، وجارٍ تنفيذ 473 مشروعـًا بطاقة 3.1 ملايين م3/يوم بتكلفة 47.1 مليار جنيه في الفترة من يونيو 2014 حتى يونيو 2021 .
وبالنسبة لقطاع الطرق والنقل؛ بلغ معدل نمو القطاع %4.6، وجاء في المرتبة الرابعة من حيث أكثر القطاعات التي حققت معدلات نمو خلال عام 2020/2021، على أثر التطوير الذي شهده نظام النقل متعدد الوسائط. وتم تنفيذ مشروعات في القطاع بقيمة 14.4 مليار جنيه خلال عام 2020/2021، وقد جاءت أعلى نسب التنفيذ في محافظة سوهاج بنحو 166٪.
أدت الجهود المبذولة لتحسين النقل والطرق لتراجع عدد المتوفين جراء حوادث الطرق لتصبح 6164 متوفيًا عام 2020 مقابل 6722 متوفيًا عام 2019وتراجع معدل حوادث السيارات حيث بلغ عدد إصابات حوادث الطرق نحو 56.8 ألف إصابة عام 2020، مقابل نحو 79.9 ألف إصابة عـام 2019، في إشـارة لتحسن شبكة الطرق في مصر.
دور البنوك التنموية متعددة الأطراف في تعزيز قدرة مصر على مواجهة التحديات الاقتصادية العالمية اتصالًا، تلعب البنوك الآسيوية دورًا حاسمًا كشريك لمصر في العملية التنموية، فهي توفر التمويل الضروري لتنفيذ مشاريع البنية التحتية الضخمة التي تعزز الاقتصاد وتحسن حياة المواطنين. بالإضافة إلى ذلك، يساهم تعاون مصر مع البنوك الآسيوية في تعزيز العلاقات الثنائية وتبادل الخبرات والتكنولوجيا بين مصر والدول الآسيوية ولتعزير العلاقات تم اختيار مصر لعقد اجتماعات مجلس إدارة البنك الآسيوي يومي 25 و 26 سبتمبر كأول مرة تنعقد فيها اجتماعات البنك في أفريقيا للاستثمار في البنية التحتية ويأتي ذلك في إطار ثقة مؤسسات التمويل الدولية في قدرات الاقتصاد الوطني، حيث شهدت الفترة الماضية اجتماعات البنك الإسلامي للتنمية، واجتماعات بنك التنمية الإفريقي، بالإضافة إلى استضافة مصر الحدث العالمي المهم في مجال التغيرات المناخية COP 27، كما أن مصر من أوائل الدول التي انضمت إلى البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية، وذلك في 4 أغسطس 2016، وكان ذلك بمثابة بُعد نظر في هذا الاتجاه، وقد بلغ حجم استثمار البنك الآسيوي في مجال البنية التحتية بمصر 1٫3 مليار دولار، منهم 300 مليون دولار استثمارات في قطاع المياه ومنهم210ملايين دولار استثمارات لإنشاء محطة بنبان، وبلغت استثمارات البنك الآسيوي في خط مترو اسكندرية أبو قير 250 مليون يورو، كما يعمل بالشراكة مع القطاع الخاص في ميناء دمياط بـ١٤٠ مليون دولار، ومنح تسهيلات تمويلية لبنك مصر بحوالي ٣٠٠ مليون دولار. وقد تم تنفيذ هذه الاستثمارات بالكامل. أما الجديد فقد تم التوافق على استثمار مليار دولار إضافية عقب اجتماعات البنك، وهو ما يؤكد ثقة البنك في قدرات الاقتصاد المصري، والقناعة بما يحدث فيها من تطورات اقتصادية هائلة في مجالات البنية التحتية. وفى ضوء التقدير المشترك لمكانة مصر السياسية والاقتصادية، ودورها الرئيسي في المجالات الاقتصادية والسياسية الإقليمية والعالمية، وشهادة الثقة في قوة وصلابة الاقتصاد المصري، وقدرته على التعافي بسهولة من تأثيرات الأزمة الاقتصادية العالمية كما تم انضمام مصر لبنك التنمية الجديد الخاص بتجمع البريكس وهدفه تعبئة الموارد لمشاريع البنية التحتية والتنمية المستدامة في اقتصادات الأسواق الناشئة والبلدان النامية، لاستكمال الجهود الحالية للمؤسسات المالية متعددة الأطراف والإقليمية من أجل النمو والتنمية العالميين. برأس مال ١٠٠ مليار دولار ونتوقع استفادة مصر من انضمامها للبنك في تعزيز فرص الحصول على التمويل الميسر والموارد المالية اللازمة لتنفيذ مشاريع البنية التحتية، يفتح مجالًا لفرص جديدة للتجارة والاستثمار وتبادل التكنولوجيا والخبرات بين مصر ودول البريكس، كما يفتح الأبواب لفرص جديدة للتعاون في مجالات أخرى مثل السياسة الخارجية.
وفي الختام؛ تواجد مصر في الهيئات المالية الجديدة له أهمية كبيرة للمشاركة في صياغة مستقبل الشكل التمويلي المالي العالمي. ويؤكد على أن هناك مصلحة مصرية في الالتحاق بهذه المجموعات والمؤسسات الجديدة، وتسعي مصر لتعميق الشراكات التنموية متعددة الأطراف العابرة للحدود، خاصة بين القارتين الأفريقية والآسيوية؛ إدراكًا لأهمية البعد الأفريقي في السياسة الخارجية المصرية، واتساقًا مع الغايات الوطنية في تلبية الاحتياجات التنموية للبلدان الأفريقية.
الدراسات الاقتصادية وقضايا الطاقة