تعد مصر واحدة من الوجهات الرئيسة لتجارة الترانزيت في الشرق الأوسط، نظرًا لموقعها الاستراتيجي بين قارتي أفريقيا وآسيا، وقربها من الممر البحري الحيوي لقناة السويس. تتيح مصر للشحنات والبضائع العبور عبر أراضيها أو عبر الموانئ البحرية، مما يوفر فرصًا كبيرة للتجارة والاستثمار. كما توفر مصر بنية تحتية قوية لدعم تجارة الترانزيت، حيث تمتلك شبكة واسعة من الطرق والسكك الحديدية والموانئ التجارية المجهزة بأحدث التقنيات. كما تتمتع موانئ مصر بسمعة جيدة عالميًا فيما يتعلق بالكفاءة والاستجابة السريعة، مما يجعلها وجهة مفضلة للعديد من الشركات والتجار الدوليين.
مفهوم تجارة الترانزيت وأهميته للاقتصاد
تجارة الترانزيت هي عملية نقل البضائع عبر أراضي الدولة من ميناء إلى آخر دون تفريغها. وتُعتبر من القضايا الاقتصادية المهمة للدول، حيث تُعد أداة دعم رئيسة للاقتصاد من خلال:
توليد الإيرادات: حيث تحقق تجارة الترانزيت إيرادات هامة من خلال فرض الرسوم والضرائب على الشحنات المارة. وتلك الإيرادات تُساهم في زيادة إيرادات الدولة. جدير بالذكر أن تجارة الترانزيت تعتبر جزءًا من تجارة الخدمات المصدرة، والتي تولد مئات الملايين من الدولارات في الاقتصاد.
تطوير قطاع النقل: تسهم تجارة الترانزيت في تطوير قطاعات النقل المختلفة، مثل الشحن البحري والشحن الجوي والسكك الحديدية، وتساهم في تحسين البنية التحتية وتعزيز كفاءة وسائل النقل.
خلق فرص عمل: تفتح تجارة الترانزيت بابًا لعدد كبير من فرص العمل في قطاعات النقل والخدمات المرتبطة بها، مثل الشحن والتخليص الجمركي والتأمين وغيرها. وبالتالي، تساهم في تخفيف معدلات البطالة وتعزيز النمو الاقتصادي.
تعزيز التجارة الدولية: من خلال تيسير عبور البضائع بسلاسة، تعزز تجارة الترانزيت التجارة الدولية وتساهم في تطوير الاقتصاد. فهي تسهم في تحسين الوصول إلى الأسواق العالمية وتعزز التبادل التجاري بين الدول.
الوضع الحالي لتجارة الترانزيت
وفقًا لوزارة النقل المصرية، يتم تحقيق إيرادات كبيرة في مجال تجارة الترانزيت في مصر، وقد أشادت التقارير الدولية بالجهود التي تبذلها مصر لزيادة دخل العملة الأجنبية من هذا النشاط التجاري. وتم تحديد هدف للوصول إلى 40 مليون حاوية بحلول عام 2030. تتزامن هذه الجهود مع جهود الدولة في جذب المستثمرين للاستثمار في مشروعات الموانئ. ووفقًا للتقرير الصادر عن قطاع النقل البحري في عام 2022، بلغ إجمالي السفن التي مرت بالموانئ المصرية حوالي 12.7 ألف سفينة، بزيادة 10% عن عام 2021. وكان إجمالي تداول الحاويات في عام 2022 حوالي 7.6 ملايين حاوية، بزيادة 7% عن عام 2021. وكان إجمالي تداول البضائع في عام 2022 حوالي 176 مليون طن، بزيادة 8% عن عام 2021.
مؤشرات أداء الموانئ المصرية
حركة الحاويات (مليون حاوية) | حركة البضائع (مليون طن ) | حركة السفن (سفينة) | |
هيئة ميناء الإسكندرية | 1.47 | 62 | 3931 |
هيئة ميناء دمياط | 1.11 | 39 | 3344 |
هيئة مواني البحر الأحمر | – | 5.32 | 1818 |
المنطقة الاقتصادية | 5.05 | 70 | 3647 |
المصدر: تقرير إنجازات 2022 – وزارة النقل – قطاع النقل البحري.
كما شهد قطاع النقل واللوجستيات في مصر تطورًا كبيرًا وذلك وفقًا لتقييم الهيئات الدولية. حيث حققت مصر تقدمًا في مؤشر أداء الخدمات اللوجستية، حيث تقدمت 10 مراكز فحققت المرتبة الـ57 عالميًا من بين 139 دولة، وحلت في المرتبة السابعة عربيًا بقيمة 3.1 نقطة. وقد كانت في المرتبة 67 عالميًا من بين 160 دولة بقيمة 2.82 نقطة في عام 2018.
وفيما يتعلق بمؤشر التواصلية للشحن البحري (LSCI)، والذي يستند إلى عدد رحلات السفن وسعة الحاويات وخدمات الشحن والسفن العملاقة التي تتردد على الموانئ والتواصل مع دول العالم عبر خطوط الملاحة العالمية المنتظمة/المباشرة، اعتبرت مصر واحدة من الدول الرائدة في قارة أفريقيا من حيث التواصلية. حققت مصر تقدمًا ملموسًا عن السنوات السابقة، حيث بلغ المؤشر 68.47 نقطة في الربع الرابع لعام 2022 مقارنة بـ 66.67 نقطة في الربع الرابع لعام 2021.
أعلنت الهيئة العامة لميناء الإسكندرية نجاحها في تحقيق أعلى معدل تداول لحاويات الترانزيت في تاريخها، إذ أكدت المؤشرات الإحصائية عن النصف الأول من عام 2023 تحقيق مينائي الإسكندرية والدخيلة ارتفاع كبير خلال المدة من 1 يناير إلى 30 يونيو 2023 بواقع 96% بالمقارنة مع الفترة المثيلة من عام 2022.
التنسيق التام مع مصلحة الجمارك المصرية لاتخاذ إجراءات فعلية لتسهيل تجارة الترانزيت والتي أبدت كامل التعاون حيث تم إصدار مصلحة الجمارك المصرية للمنشور رقم 25 لسنه 2023 والذي تضمن إخضاع الرسائل الواردة للموانئ والتي يتم نقلها وفقا لنظام البضائع العابرة (الترانزيت غير المباشر) لمسار الافراج الجمركي الأخضر مع الاكتفاء بالعرض على أجهزة الفحص بالأشعة X-RAY شرط سلامة الأختام والأقفال، وأن هذا الإجراء الذي سينحي عمليه الفحص اليدوي بشكل كبير سيؤدي إلى خفض الوقت والتكلفة على العملاء على نحو ملحوظ وعدم خضوع حاويات الترانزيت المباشر لإجراءات الفحص والكشف.
كما قدمت كافة التسهيلات والتخفيضات اللازمة تشجيعًا لتجارة الترانزيت ومنها استحداث مركز لخدمة العملاء من بين مهامه استلام الوثائق وتلقي الطلبات والشكاوى، وتوفير إمكانية الدفع الإلكتروني. كما تم منح تخفيض على رسوم بضائع الترانزيت بموجب القرار 416 بواقع نسبة تخفيض 20%.
مصر مركز دولي لتجارة الترانزيت
تتمتع مصر بمجموعة واسعة من العوامل التي تؤهلها لتصبح مركزًا دوليًا لتجارة الترانزيت. يعتبر الموقع الاستراتيجي لمصر في قلب العالم أحد العوامل الرئيسة التي جعلتها ممرًا هامًا للتجارة العالمية بين الشرق والغرب. يجب الإشارة إلى أن مصر تضم 55 ميناءً بحريًا في عام 2022، بما في ذلك 18 ميناءً تجاريًا و37 ميناءً متخصصًا، وفقًا للبيانات الصادرة عن قطاع النقل البحري في عام 2022. تحد مصر البحرين الأحمر والمتوسط وتطل على خليج السويس والعقبة. تعتبر قناة السويس التي تربط بين البحرين الأحمر والمتوسط مسارًا مائيًا مباشرًا بدون حاجة لمرور بري، وتمثل شريانًا رئيسًا لنقل التجارة عبر العالم. بالإضافة إلى ذلك، تتمتع مصر بامتيازات وصول متفضلة إلى أوروبا والدول العربية وأفريقيا جنوب الصحراء من خلال اتفاقية الشراكة بين مصر والاتحاد الأوروبي ومنطقة التجارة الحرة العربية الكبرى (GAFTA) والسوق المشتركة لشرق وجنوب أفريقيا (الكوميسا)، بالإضافة إلى منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية (ACFTA) التي أُنشئت مؤخرًا. تتمثل أهمية وجود مصر في جميع هذه الاتفاقيات والتكتلات الاقتصادية في تعزيز مكانتها كمركز تجاري، وتوفير فرص للاستفادة من المزايا والامتيازات المختلفة الممنوحة في كل منها.
تتميز مصر بدورها كمحور رئيس لصناعة النفط والغاز في شرق البحر المتوسط، وذلك بفضل وجود خط أنابيب نفط سوميد ومحطتي تسييل الغاز الطبيعي في دمياط، بالإضافة إلى خط أنابيب الغاز إلى إسرائيل. بالإضافة إلى ميناء الحمراء، الواقع في منطقة العلمين على ساحل البحر المتوسط، أحد أهم الموانئ البترولية في مصر. كما يمكن أن يصبح هذا الميناء مركزًا استراتيجيًا لتداول وتخزين وتصدير المنتجات البترولية، على غرار مشروع سوميد. وهذا يمنح مصر القدرة على إنشاء مراكز لوجستية دولية توفر التسهيلات اللازمة لتخزين ونقل النفط والغاز ومصادر الطاقة المستدامة والمتجددة. وعلى المستوى الإقليمي، تمتلك مصر جميع الركائز اللازمة لتصبح مركزًا دوليًا لتجارة الترانزيت، خاصة مع وجود شبكة طرق تربطها بالدول المجاورة. تم الانتهاء من بناء الطرق السريعة في مصر، مثل طريق القاهرة-داكار وطريق القاهرة-جابورون (كيب تاون). بالإضافة إلى ذلك، تم تطوير عدد من الممرات في مصر لتسهيل الاتصالات مع السودان. هذه العوامل الاستراتيجية تجعل مصر مؤهلة للعب دورًا رئيسًا في إنشاء مراكز لوجستية دولية تقدم الخدمات اللازمة لتخزين ونقل النفط والغاز ومصادر الطاقة المتجددة والمستدامة، وتعزز مكانتها كمركز دولي لتجارة الترانزيت.
ختامًا، تجارة الترانزيت في مصر تعتبر قطاعًا حيويًا ومهمًا في الاقتصاد المصري حيث توفر مصر بنية تحتية قوية وموقعًا استراتيجيًا، وتقدم فرصًا واسعة للتجارة والاستثمار، ولجذب الاستثمار يتم تحسين البنية التحتية وتسهيل الإجراءات، كما تسعى الحكومة المصرية جاهدة لتعزيز التجارة وتحسين بيئة الأعمال في قطاع الترانزيت.