تأسّست الأونروا عام 1949، وهي تقدم للاجئين الفلسطينيين في كل من غزة والضفة الغربية ولبنان وسوريا والأردن، خدمات عديدة، من بينها التعليم والرعاية الصحية
وهي منظمة المساعدات الإنسانية الرئيسية في غزة ، ويعتمد حوالي مليونين من سكان غزة على الوكالة للحصول على المساعدات، ويستخدم مليون شخص ملاجئ الأونروا للحصول على الغذاء والرعاية الصحية وسط القتال الدائر في القطاع وقد قامت الوكالة بتزويد سكان غزة بكل شيء بدءًا من الغذاء والرعاية الصحية وحتى التعليم والدعم النفسي على مدى عقود.
تعد الأونروا أكبر منظمة إنسانية مسؤولة عن الاستجابة الإنسانية للاحتياجات الاساسيه للفلسطينيين لاسيما ما يتعلق بالمأوى والغذاء والرعاية الصحية الأساسيه.
وتتولى الأونروا، إلى جانب الهلال الأحمر الفلسطيني، توزيع جميع مساعدات الأمم المتحدة القادمة إلى الأراضي الفلسطينية تقريبًا ، وتمتلك الوكالة 11 مركزًا لتوزيع المواد الغذائية على مليون شخص في غزة.
وعملت الجمعية العامة للأمم المتحدة وبشكل متكرر على تجديد ولاية الأونروا، وكان آخرها تمديد عملها لغاية 30 يونيو/حزيران 2026.
وتعد الاونروا أحد نتائج قرار مجلس الأمن (194) لعام 1948م الذي يعد أحد الثوابت القانونية والمادية لدعم حق العودة للاجئين الفلسطينيين.
تعرضت وكالة الاونروا لخسائر فادحة من جراء الاعتداءات الاسرائيلية التي تسببت في مقتل ما لا يقل عن ٢٢٣ من موظفيها وتضرر أو تم تدمير ثلثي مرافقها في قطاع غزة منذ اندلاع احداث 7 أكتوبر 2023.
وقدمت منظمة الانوروا منذ احداث 6 أكتوبر 2023 عدد 145 تقرير عن الوضع في فلسطين عموما وغزه خصوصا وهو مايوثق الانتهاكات الاسرائيليه في قطاع غزة وكذلك تشمل التقارير كافة الخدمات والمساعدات التي تقدمها المنظمة للفسطينين منذ اندلاع تلك الاحداث .
ومع تصاعد حدة الانتقادات والإجراءات الإسرائيلية للأنوروا بشكل كبير منذ بدء الحرب في قطاع غزة، ووجهت إسرائيل اتهامات لعشرات من موظفي الأونروا في قطاع غزة بضلوعهم في هجوم 7 أكتوبر 2023 ، ولم تتمكن سلسلة من التحقيقات من العثور على أي دليل يؤكد المزاعم الإسرائيلية، في إمكانية وجود موظفين ربما كانوا متورطين في الهجوم.
وافق الكنيست الاسرائيلي في يوليو الماضي على تصنيف أونروا منظمة إرهابية واقترح قطع العلاقات معها حيث اتهمت إسرائيل 12 من موظفي الأونروا بالمشاركة في هجمات حماس في 7 أكتوبر 2023، وطالبت الدول المانحة بالامتناع عن تحويل الأموال إليها، وتحويلها لمنظمات أخرى تعمل في المجال الإنساني وذكرت دولة الاحتلال الإسرائيلي ان الاونروا مخترقة من الفصائل الفلسطينية المسلحة، وعلى رأسها حركة حماس ، وترى أن وجودها يمثل أزمة أمام حل المشكلة مع الفلسطينيين بشكل عام ، وتهدف إلى إبقاء مشكلة اللاجئين إلى الأبد وتمنع التوصل إلى أي حل بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
وإزاء كل ما تواجهه وكالة الاونروا جددت 123 دولة دعمها لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين (الأونروا) بوصفها الهيئة الأممية المنوط بها الدفاع عن وحماية حقوق اللاجئين الفلسطينيين وتقديم المساعدة اللازمة لهم حيث جاء ذلك خلال مؤتمر صحفي عقده مندوبوا هذه الدول في مقر الأمم المتحدة في نيويورك بتاريخ 17/10/2024.
وقد اقر الكنيست الإسرائيلي 28/10/2024 مشروعي قانونين
الاول : مشروع قانون يحظر نشاط أونروا داخل إسرائيل، في سابقة تؤدي إلى حظر أنشطة الوكالة داخل إسرائيل ، وقدم تم التصويت عليه بأغلبية ساحقة (بموافقة صوت 92 مقابل 10معارضين ).
الثاني : مشروع قانون يحظر الاتصال وقطع العلاقات مع الوكالة الأممية الأونروا وتصنيفها كمنظمة إرهابية، ويحظر العلاقات بين المسؤولين الإسرائيليين والوكالة ويجرد موظفيها من حصاناتهم القانونية
(بموافقة 87 صوت مقابل 9 أعضاء معارضين).
ومنذ الموافقة علي القانونين توالت التحذيرات والإدانات للخطوة التي اعتُبرت أنها “ستؤجج الصراع” مع الفلسطينيين وتزيد معاناتهم.
الامر الذي دعى المفوض العام للأونروا فيليب لازاريني القول بأن تصويت البرلمان الإسرائيلي غير مسبوق ويشكل سابقة خطيرة، ويعارض ميثاق الأمم المتحدة، وينتهك التزامات دولة إسرائيل بموجب القانون الدولي، وأن هذين القانونين لن يؤديا سوى إلى تعميق معاناة الفلسطينيين خاصة في غزة، حيث يعاني الناس هناك منذ أكثر من عام في جحيم لا يوصف ، وذكر أن القانونين سيحرمان أكثر من 650 ألف طفل وطفلة هناك من حقهم في التعليم، مما يعرض جيلا كاملا من الأطفال للخطر”.
وادانت كثير من الدول قرار الكنيست الإسرائيلي
حيث أعلنت مصر ان ذلك القرار يعد سابقة خطيرة على الصعيد الدولي وجزءاً من سلسلة طويلة من الانتهاكات الإسرائيلية للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، وتعكس استخفافاً مرفوضاً بالمجتمع الدولي والأمم المتحدة ، وجددت الدولة المصرية رفضها المطلق للممارسات الإسرائيلية كافة الهادفة إلى تهجير السكان الفلسطينيين من أراضيهم، وتصفية حق العودة والتعويض للاجئين الفلسطينيين.
وتعهدت تركيا بصفتها رئيسة المجموعة الخاصة بتمويل «أونروا» بالاستمرار في تقديم الدعم السياسي والمالي للوكالة.
كذلك اعربت المملكة العربية السعودية عن إدانتها واستنكارها بأشد العبارات إقدام الكنيست الإسرائيلي على إقرار مشاريع قوانين تحظر أنشطة وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا” ، في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
ويمكننا القول ان قرارات الكنيست تمثل انتهاك للقانون الدولي وتعد سابقة خطيرة وذلك حيث تأسست وكالة الاونروا بقرار أممي عام 1949، وبالتالي فإن مسؤولية الإبقاء عليها تعود إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة ، فدولة الاحتلال الإسرائيلي ليست هي من أنشأ (الأونروا) لكي تحظر عملها فما تقوم به دولة الاحتلال الإسرائيلي يشكل خرق لقرارات الشرعية الدولية وهوما يؤدي الي انهيار وتفكك لأي مسار يظهر في الأفق للتوصل لحل عادل ومستدام للقضية الفلسطينية .
كذلك يتعارض هذا القانون مع أمر محكمة العدل الدولية لإسرائيل بضمان وصول مساعدات إنسانية كافية، وتسهيل تقديم الخدمات الأساسية.
و اقرار إسرائيل لتلك القوانين لا يسقط صفة اللاجيء عن الفلسطينين ولا يسقط حق العودة لهم وذلك لان هذا الوضع محمي بقرار آخر صادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة حتى يتم إيجاد حل عادل ودائم لمحنة الفلسطيني
فحق العودة للفلسطينيين مكفول بقرار تبنته الأمم المتحدة في ديسمبر 1948،
حيث تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة القرار رقم 194 الذي تقرر فيه وجوب السماح بالعودة، في أقرب وقت ممكن للاجئين الراغبين في العودة إلى ديارهم والعيش بسلام مع جيرانهم، ووجوب دفع تعويضات عن ممتلكات الذين يقررون عدم العودة إلى ديارهم وكذلك عن كل فقدان أو خسارة أو ضرر للممتلكات بحيث يعود الشيء إلى أصله وفقاً لمبادئ القانون الدولي والعدالة، بحيث يعوّض عن ذلك الفقدان أو الخسارة أو الضرر من قبل الحكومات أو السلطات المسؤولة.
فالسعي الاسرائيلي الممنهج لممارسه العقاب الجماعي علي الفلسطينيين وحرمانهم من ابسط حقوقهم في الحياه يعد انتهاك صارخ لكافه الصكوك والمواثيق الدوليه ذات الصله وللقانون الدولي الإنساني والمتمثل في وقف نشاط وكالة الاونروا مما يعد انتهاك للقانون الدولي الإنساني حيث حظر القانون الدولي الإنساني تجويع المدنيين كسلاح في الحرب حيث يُشكل الحصار المحكم ومنع كل سبل الحياة عن قطاع غزة من مياه ومواد غذائية ووقود وأدوية يشكلان جريمة حرب وجرائم ضد إنسانية ، إذ ان القانون الدولي الإنساني يحظر أي شكل من أشكال العقوبات الجماعية ضد السكان، وذلك استنادا لأتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949.
و تنتهك إسرائيل ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي حيث لا يجوز ان يتضمن قانونها الداخلي قوانين تتعارض مع ما نصت عليه القواعد الدولية من احكام فمن خلال القانون الداخلي تستطيع الدولة مماسة السيادة على اقليمها ورعاياها الا ان القانون الدولي هو الذي يحدد ويرسم تلك الممارسة ويبين أساسها وقواعدها .
وختاما نرى في ظل قواعد القانون الدولي عامةً والقانون الدولي الجنائي والقانون الدولي الإنساني وهو ما خرقتهم دولة الاحتلال جميعا بانتهاكها لقرارات الشرعية الدولية المتمثل في تشريع قانون من الكنيست يحظر عمل وكالة الاونروا بالمخالفة لميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي ، وهو ما يزيد من الحصار المحكم ومنع كل سبل الحياة عن قطاع غزة ، والإمعان في استمرار المعاناة الإنسانية للفلسطينيين تحت وطأة كارثة إنسانية دولية يقف العالم عاجزاً عن وضع حد لها، وارتكاب الجرائم الدولية بحق الفلسطينيين ؛ فكلما زادت الجهود لمحاولة التوصل إلى صيغة لوقف لإطلاق النار في القطاع تتعمد دولة الاحتلال الإسرائيلي استمرار انتهاك القانون الدولي وعرقلة عملية السلام والهدنه وهو ما يؤكد على غياب الإرادة السياسية لدى الجانب الإسرائيلي لإنهاء تلك الحرب.
دكتور القانون الدولي العام