عقد المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، جلسة حوارية في الحادي والعشرين من أبريل 2020، تحت عنوان: “صناعة الغزل والنسيج في ظل كورونا.. فرصةٌ أم تحدٍّ؟”. شارك فيها عدد من رجال صناعة الغزل والنسيج والملابس الجاهزة، وأعضاء من الهيئة الاستشارية وباحثي المركز.
تضمنت الجلسة عشر مُداخلات رئيسية لكلٍّ من: “السيد محمد قاسم” عضو مجلس إدارة اتحاد الصناعات المصرية، ودكتور “محمد عبدالسلام” رئيس غرفة “صناعة الملابس الجاهزة والمفروشات” باتحاد الصناعات المصرية، والمهندس “هاني سلام” عضو مجلس إدارة غرفة “صناعة الملابس الجاهزة والمفروشات”، والمهندس “فاضل مرزوق” عضو مجلس إدارة غرفة صناعة الملابس الجاهزة والمفروشات، والسيدة “ماري لويز” عضو مجلس إدارة “غرفة صناعة الملابس الجاهزة والمفروشات”، والسيد “إيهاب العسكري” عضو مجلس إدارة غرفة “صناعة الملابس الجاهزة والمفروشات” باتحاد الصناعات المصرية، والسيد “إيهاب زاهر” عضو المجلس التصديري للغزل والمنسوجات، ودكتور “يحيى عبدالجواد” وكيل شعبة الصناعات النسجية بالمركز القومي للبحوث، ودكتور “عبدالمنعم سعيد” المُستشار الأكاديمي للمركز، ودكتور “حسن أبو طالب” عضو الهيئة الاستشارية للمركز، والأستاذ “مجدي صبحي” رئيس وحدة دراسات الاقتصاد والطاقة بالمركز.

استُهلت الجلسة بكلمة لدكتور “خالد عكاشة” المدير التنفيذي للمركز، أكد فيها أن هناك الكثير مما يمكن قوله بخصوص قطاع الصناعة، وهناك الكثير من الفرص والتحديات، لافتًا إلى وجود متغيرات كثيرة يشهدها العالم في ظل أزمة كورونا. مشيرًا إلى أن الصناعة من أولويات اهتمام المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، وصناعة الغزل والنسيج في القلب من هذه الصناعة، وهي صناعة لها مكانتها داخليًّا وخارجيًّا.
وقد انتهت المُناقشات الرئيسية والنقاش العام إلى عدد من المُخرجات أهمها:
1- أن جائحة كورونا تُمثل فرصة للصناعة المصرية للنهوض وتبوّؤ مكانة عالمية مرموقة، وذلك في ظل إعادة تشكيل السوق العالمية في ظل أزمة كورونا، بظهور مُشترين جُدد، وإفلاس بعض المُشترين، مما يُتيح فرصة جديدة للتعامل مع هؤلاء المشترين الجُدد، وتطور موقف سلبي من الصين، مما يُتيح للصُناع المصريين التصدير لأسواق جديدة وجذب عملاء جدد، بالإضافة إلى الهجران الصيني لصناعة الملابس الجاهزة لصالح صناعة النسيج، مما يُتيح لمصر قُدرة كبيرة على الاستفادة من خروج المصانع الصينية.
2- يتعزز ذلك بما لدى الاقتصاد المصري من نقاط قوة، أهمها تحرير سعر صرف الجنيه المصري مُقابل الدولار الذي أعطى الصناعة المصرية قدرة تنافسية أكبر، خاصة في مواجهة الاستيراد الجائر. ويُعزز ذلك وجود عدد كبير من اتفاقيات التجارة الحرة مع الولايات المتحدة وأوروبا ودول عربية وإفريقية، وموقع مصر الجغرافي الذي يُمكّنها من التصدير لعدد كبير من الأسواق، والعمالة القابلة للتدريب والموجودة بوفرة، يُضاف إلى ذلك تحسن وضع الصناعة في السوق المحلية عقب صدور قانون وزير الصناعة في عام 2016، والذي يلزم الشركات الأجنبية المُصدِّرة للسوق المصرية بتسجيل نفسها بالهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات بشروط وضوابط محددة، وهو ما قلل الاستيراد غير المُنضبط.
3- لكن هذه الفُرصة تواجهها عدة تحديات خارجة عن الصناعة، أهمها: التكلفة الكبيرة لأداء الأعمال في مصر وما يترتب عليها من إحجام المُستثمرين المحليين عن ضخ المزيد من الاستثمارات، وفي الوقت ذاته عزوف المُستثمرين الدوليين عن الدخول للسوق المصرية، بالإضافة إلى عدم وجود استدامة واضحة في برنامج دعم الصادرات المصرية، حيت تخلفت الدولة عن السداد لفترات طويلة، مما راكم للمصدرين مبالغ طائلة يجري الحديث الآن عن الإفراج عن جزء منها بعد قرار الرئيس بهذا الشأن.
4- كما تواجه الصناعة المصرية تحديات مُرتبطة بأزمة كورونا ذاتها، أهمها: إغلاق المحلات التجارية بداية من الساعة الخامسة مما يُقلل مبيعاتها للجمهور، وهو ما يقلل بدوره من الطلب على مُنتجات المصانع، وبالتالي انخفاض الإنتاج والأرباح، وهو ما يضغط على القطاع والعمال، وبالتالي فإن استمرار الأوضاع الحالية سيجبر المصانع على التوقف في خلال فترة قصيرة. وتقدم تجربة المصانع التي تعثرت خلال عام 2011 مثالًا للتأكيد على أن المصانع التي تتوقف عن العمل قد لا تعود للعمل مجددًا. كذلك فإن انخفاض المخزون لدى القطاعين العام والخاص من مدخلات الإنتاج سيمثل مشكلة كبيرة في ظل ما يواجهه الاستيراد من الخارج من معوقات بسبب أزمة كورونا.
5- كما يحد من قدرة الصناعة المصرية على الاستفادة من هذه الفرصة بعض المعوقات الهيكلية، أهمها: التكلفة الكبيرة لأداء الأعمال، بالإضافة إلى مجموعة أخرى من الأسباب، أهمها:
– عدم إنتاج بذور قطن مطورة والاستقرار على البذور التقليدية، بالإضافة إلى ضعف الابتكار والبحث العلمي في مجال صناعة النسيج.
– عدم اكتمال سلسلة الإنتاج الرأسية في الصناعة، والتي تبدأ بالمعامل لاختبار جودة المُنتجات.
– انخفاض الاستثمارات في سلسلة الإنتاج الرأسية في الصناعة والاستثمارات بوجه خاص في المعامل، والاستثمار في المعاهد الفنية المتخصصة، والاستثمار في تطوير المهارات، خاصة بعدما دُمّر هيكل هذه السلسلة خلال السنوات القليلة الماضية.
ومن هذه المعوقات أيضًا عدم وجود أراضٍ صناعية مُرفقة كافية للتوسع في إنشاء المصانع، سواء في المدن الجديدة أو القديمة، وارتفاع تكلفة الترخيص والترفيق مما يؤدي لهروب الاستثمارات المحلية والأجنبية، وارتباك استراتيجية الاستهداف، حيث تنصب الجهود الحالية على جذب المُصنعين الأجانب، والأجدى هو استهداف المُشترين، بحيث نوسع قاعدة المشترين في البلاد، وهو ما سيُجبر المُصنعين من الدول الأخرى على دخول السوق المصرية. وأخيرًا ارتفاع تكاليف الطاقة رغم الخفض الذي أجرته وزارة المالية.

وقد انتهت الجلسة إلى طرح عدد من التوصيات، أهمها:
1- التعجيل بدفع كامل مستحقات دعم الصادرات لجميع الشركات بهدف المُحافظة على التدفقات النقدية للشركات.
2- تمديد فترات السماح بسداد ضريبة الدخل على المصانع حتى نهاية عام 2020، وفي حالة استمرت الجائحة للعام القادم، يُمدد لستة أشهر أخرى حتى مُنتصف 2021.
3- تعديل لائحة صندوق الطوارئ للعامل بحيث يُستثنى شرط تحقيق خسارة لمدة ثلاث سنوات، ويجعل الصرف بقرار من الوزير أو رئيس مجلس الوزراء في الحالات الطارئة.
4- أن تشمل مُبادرة البنك المركزي لتأجيل سداد القروض لستة أشهر الإعفاء من كامل الفوائد، وليس الاقتصار على غرامات التأخير، وتمديد هذه الفترة لستة أشهر أخرى على الأقل.
5- تنسيق اجتماع بين غرف صناعة الأدوية وغرفة النسيج والكيماويات، بحيث يُتاح التعاون فيما بينهم لإنتاج منسوجات “فايرو بلوك”، على أن تقوم جميع شركات النسيج بتصنيعه خلال الثلاثة أشهر المقبلة للاستفادة من الطلب العالمي المرتفع في وقت الجائحة.