أطلقت وزارة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري مشروع “رواد 2030” خلال عام 2017؛ ليعمل على تنشيط وتنمية مجال ريادة الأعمال والابتكار وتقديم الدعم المادي والفني للمشروعات التي تُساهم في تحقيق رؤية مصر 2030، ويُساهم المشروع أيضًا في دفع عجلة الإنتاج، وخفض معدلات البطالة.
1- أهداف مشروع رواد 2030:
يهدف المشروع في الأساس إلى تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة والمستدامة، والاستفادة من الطاقات الابداعية لدى الشباب وتوظيفها لضمان تحقيق النمو الاقتصادي القائم على الابتكار والإبداع. ويعمل “رواد 2030” على تمكين وتشجيع الشباب على البدء في أعمالهم التجارية، حيث يقوم المشروع باحتضان الأفكار والشركات الناشئة، خاصة تلك التي تعمل على تلبية الاحتياجات المحلية. علاوة على ذلك، يقوم “رواد 2030” بتحويل بعض الأفكار التي لها مردود مباشر على الاقتصاد وعجلة الإنتاج إلى شركات قائمة على أرض الواقع. وبالتالي يُساهم هذا المشروع في توفير فرص عمل للشباب، ومن ثم خلق جيل جديد قادر على توفير فرص عمل لنفسه وليس جيلًا منتظرًا للتعيين الحكومي.
ويُركز “رواد 2030” على تحفيز وإثراء ثقافة الابتكار وريادة الأعمال في مصر، ويقوم بربط تطبيقات المعرفة ومخرجات الابتكار بالأهداف والتحديات الوطنية ورؤية مصر 2030. ويأمل “رواد 2030” أن يكون المجتمع المصري بحلول عام 2030 مجتمعًا مبدعًا، مبتكرًا، ومنتجًا للعلوم والتكنولوجيا والمعارف.
ويقدم المشروع عددًا من الخدمات للشباب، منها توفير الدعم الفني والمادي، وتنمية القدرات من خلال إيجاد فرص لهم للحصول على المنح التعليمية للحصول على درجة الماجستير لدراسة مجال ريادة الأعمال بشكل أعمق وعلى نطاق أوسع، أو إطلاق مبادرات توعوية لشباب الجامعات وطلاب المدارس لنشر ثقافة العمل الحر.
2- محاور وإنجازات مشروع رواد 2030:
يركز مشروع “رواد 2030” على أربعة محاور أساسية، ويقوم بتقديم كافة أشكال الدعم لها حتى تحقق الأهداف المرجوة منها. وفي هذا الصدد، يتعاون المشروع مع عدد من الكيانات المحلية والإقليمية والدولية على النحو التالي:
المحور الأول- هو دعم بناء القدرات وتنمية المهارات: حيث قام المشروع -في هذا الصدد- بإطلاق العديد من المبادرات والمنح بهدف توفير الدعم العلمي والعملي للشباب حتى تكون لديهم قاعدة معرفية وخبرة جيدة تُمكنهم من تحويل أفكارهم إلى مشروعات ناجحة على أرض الواقع. وتهدف هذه المشروعات إلى زيادة الإنتاج وتوفير احتياجات السوق المحلي، وتقليل الاعتماد على الاستيراد، وهو ما اتضحت أهميته خلال فترة انتشار فيروس كورونا المستجد التي أدت إلى اتخاذ الدول بعض القرارات الاستثنائية لمنع تفشي الوباء، ومن أبرز هذه القرارات فرض حظر على الطيران الدولي وحظر تصدير بعض المنتجات.
لذا يوفر مشروع رواد 2030 منحًا متعددة في المجالات ذات الأولوية لاستراتيجية مصر 2030، وتماشيًا مع استراتيجية بناء القدرات للحكومة المصرية، ومن أبرز جهوده في هذا الصدد قام المشروع بالتعاون مع جامعة كامبريدج وكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة لتقديم برنامج ماجستير ريادة الأعمال، وتم قبول 40 من الشباب للسفر مع أعضاء هيئة التدريس بجامعة القاهرة إلى جامعة كامبريدج بالمملكة المتحدة لحضور الوحدة الأولى من برنامج الماجستير. ويعتبر هذا البرنامج الأول من نوعه في مجالات ريادة الأعمال والابتكار في جامعة عامة مصرية.
كما قدم المشروع منحة لإتقان مهارات العمل لرواد الأعمال بالتعاون مع الجامعة الأمريكية، كما قدم “رواد 2030” منحة أخرى لريادة الأعمال بالتعاون مع الجامعة الألمانية بالقاهرة. وتستهدف هذه المنحة تدريب 500 من المتقدمين لهذا البرنامج. وتهدف المنحة إلى رفع مهارات ومعارف رواد الأعمال الشباب؛ لتشجيعهم وتحفيزهم على إنشاء نماذج أعمال خاصة بهم ووضع شركات ناشئة ناجحة لاقتصاد وطني متكامل.
المحور الثاني- هو التوسع في إنشاء وتطوير حاضنات الأعمال: ويقصد بها إنشاء بيئة متكاملة توفر جميع الأدوات والتقنيات وجميع أنواع الدعم للشركات الناشئة كي تنمو وتنجح وتستقر، وتقدم العديد من الخدمات منها استشارات في الإدارة لرواد الأعمال، وخدمات الدعم المادي إلى جانب حل المشكلات وتخطي الصعوبات التي تواجه رواد الأعمال أثناء إقامة شركاتهم الناشئة.
ويسعى هذا المحور إلى خلق جيل جديد من رواد الأعمال القادرين على توظيف معرفتهم العلمية في إنشاء مشروعات. كما يهتم بتوفير وسيلة فعالة للتواصل مع شباب في جميع أنحاء الجمهورية من خلال إنشاء مراكز اتصال عن بُعد، خاصة بعد فرض التباعد الاجتماعي بسبب انتشار فيروس كورونا في معظم دول العالم. كما يساعد هذا المحور الشباب في التعاون مع الجامعات المحلية للحصول على الدعم المادي والعلمي.
وفي هذا الصدد، قام “رواد 2030″، بتوقيع بروتوكول تعاون مع أكاديمية البحث العلمي في إبريل 2018؛ بهدف إنشاء شبكة قومية لحاضنات الأعمال على مستوى الجمهورية. كما قام المشروع بتكوين 9 حاضنات للأعمال في مجالات مختلفة، منها على سبيل المثال “حاضنة الذكاء الاصطناعي”، التي تهدف إلى تشجيع العديد من الشركات الناشئة على البدء في الاستثمار في مجال الذكاء الاصطناعي، وقامت باحتضان 24 من الشركات التي تسعى إلى تقديم الحلول العملية للعديد من المشاكل المعاصرة. من ذلك أيضًا أعمال “ميكروفكتوري” أو “المصنع المصغر”، التي أنشئت بالتعاون مع مبادرة رواد النيل لدعم الشركات الناشئة والمشروعات المتقدمة؛ بهدف دعم المناخ الخاص بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة واحتضانها باعتبارها مدخلات إنتاج أساسية للصناعات الكبرى ووسيلة هامة لتوفير وسد احتياجات السوق المحلية.
المحور الثالث- هو التوعية بأهمية ريادة الأعمال ونشر فكر العمل الحر: ويهدف هذا المحور إلى نشر فكر واتجاه جديد لتكوين جيل قادر لديه وعي تام بريادة الأعمال وأهمية العمل الحر ليكون قادرًا في المستقبل على بناء مشروعه الخاص. وبدأ هذا المحور بحملة “ابدأ مستقبلك” لطلاب المدارس والتي تعمل على حث وإثراء ثقافة ريادة الأعمال من خلال المشاركة والتحفيز والأنشطة الدقيقة التي تم تصميمها بعناية لتناسب المرحلة العمرية للتلاميذ، مما يُساهم في توليد الأفكار وبناء الثقة في الذات والقدرات لدى الطلبة، وذلك كله بأسلوب مبسط حتى يشعر التلميذ أنه يتعلم بأساليب غير تقليدية وبعيدة تمامًا عن الحفظ والتلقين. وتقوم هذه الحملة بتدريب معلمي المرحلة الاعدادية في جميع محافظات الجمهورية على فهم وتدريس منهج ريادة الأعمال لتنفيذه في المدارس مع طلاب نفس المرحلة، وقد نتج عن تلك الحملة تدريب 301440 طالبًا و1278 معلمًا على مستوى محافظات الجمهورية.
وفي 2020 أطلق “رواد 2030” حملة جديدة وهي “ابدأ مستقبلك” ولكن باختلاف الفئة المستهدفة لتكون شباب الجامعات بدلًا من طلاب المدارس، وذلك في إطار اهتمام الدولة بالشباب باعتبارهم مستقبل مصر الحقيقي، حيث إنهم يمثلون أكثر من 60% من السكان. وتهدف هذه الحملة إلى حث الشباب على التفكير في العمل الحر بصورة غير نمطية عن طريق تشجيعهم على إقامة مشروعاتهم الخاصة التي تهدف إلى نهضة المجتمع، والعمل على حل مشكلاته، وتم تنفيذ هذه المبادرة في 15 جامعة مصرية حتى الآن.
المحور الرابع- هو رفع كفاءة العاملين بالجهاز الإداري للدولة: حيث يُولي مشروع “رواد 2030” اهتمامًا خاصًا بالعاملين في الجهاز الإداري، لأنهم يشكلون أكثر من 6.6 ملايين نسمة، لذا قام المشروع بالتعاون مع العديد من الجامعات العالمية لرفع كفاءتهم، ووقع “رواد 2030” بروتوكول تعاون مع الجامعة الأمريكية بشأن رفع كفاءة العاملين بالجهاز الإداري للدولة استعدادًا للانتقال إلى العاصمة الإدارية الجديدة، عن طريق إتاحة برامج ماجستير ودورات تدريبية.
كما يُقدم المشروع دبلوم الإدارة العامة بالتعاون مع وزارة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري والجامعة الأمريكية بالقاهرة وجامعة كينجز في لندن؛ لتوفير الوعي الشخصي والأثر التنظيمي ومواءمة النظام لتمكين 30 من قادة الحكومة المختارين من تطوير والارتقاء بمؤسساتهم للخدمة العامة من خلال التعرف على أفضل الممارسات في القيادة والإدارة والإصلاح المؤسسي.
ونتيجة للتعاون المثمر مع عدد من الأجهزة المحلية والمؤسسات التعليمية الدولية في مجال دعم ونشر ثقافة ريادة الأعمال، استطاع مشروع “رواد” إنشاء 9 حاضنات أعمال، وتدريب 3460 شخصًا، فضلًا عن إقامة 50 فعالية في مجال دعم ريادة الأعمال. كما استطاع المشروع أيضًا توقيع 24 شراكة مع كيانات مختلفة، وتواصل المشروع بصورة مباشرة مع 21400 شاب على مستوى الجمهوريةـ وحقق المشروع هدفه الأساسي في نشر الوعي حول ريادة الأعمال لدى الشباب.
وخلال فترة انتشار فيروس كورونا المستجد واصل “رواد 2030” تقديم خدماته للشباب من خلال توفير فرص للتدريب عن بُعد من خلال تقنية الفيديوكونفرنس، كما تواصل المشروع مع نوادي ريادة الأعمال والتي تتواصل مع الشباب داخل الجامعات بشكل مباشر.
ختامًا، يُمكن للمشروع أن يستفيد من أزمة كورونا من خلال توفير المزيد من الدورات التدريبية لنشر الوعي وتوفير قاعدة علمية للشباب عن أهمية العمل الحر وريادة الأعمال، وبهذا سيكون المشروع قدم خدماته لعدد أكبر من المتدربين وبتكلفة أقل. كما يُمكن للمشروع أن يُركز بصورة أكبر على تقديم الدعم للمشروعات الصغيرة والمتوسطة نظرًا لقدرتها على توفير احتياجات السوق المحلي، وقد اتضحت أهمية تلك المشروعات خلال فترة انتشار فيروس كورونا خاصة في فترة فرض الحظر على الطيران الدولي واتخاذ الدول قرارات بمنع تصدير بعض المنتجات.