انطلقت الحملة الأممية “16 يومًا للقضاء على العنف ضد المرأة” تحت شعار “اتحدوا بحلول عام 2030 لإنهاء العنف ضد المرأة”، وهي حملة سنوية تبدأ في 25 نوفمبر وتستمر حتى اليوم العالمي لحقوق الإنسان في 10 ديسمبر.
ووفقًا للأمم المتحدة، لا يزال العنف ضد النساء والفتيات هو أكثر أنواع انتهاكات حقوق الإنسان انتشارًا في جميع أنحاء العالم، بل وحدثت ملحوظة مؤخرًا اتخذت نهجًا مختلفًا قليلًا؛ حيث تم تسجيل زيادة في عدد الحركات المناهضة للنسوية صاحبها تزايد في الهجمات ضد المدافعات عن حقوق المرأة، وقد يعود ذلك لانتشار جائحة كوفيد-19، والأزمات المتقاطعة معها كالتغير المناخي، وعدم الاستقرار الاقتصادي الذي يجتاح العالم، بالإضافة إلى الصراع الروسي الأوكراني الذي ألقى بظلاله على كافة دول العالم، ولا سيما الفقيرة منها، وتأثر سلاسل توريد المواد الغذائية.
وتعرّف الأمم المتحدة العنف الممارس ضد المرأة بأنّه “أيّ فعل عنيف تدفع إليه عصبية الجنس ويترتب عليه، أو يرجّح أن يترتب عليه، أذى أو معاناة للمرأة، سواء من الناحيـة الجسمانية أو الجنسية أو النفسية، بما في ذلك التهديد بأفعال من هذا القبيل أو القسر أو الحرمان التعسفي من الحرية، سواء حدث ذلك في الحياة العامة أو الخاصة”.
كما تُشير أحدث البيانات إلى تعرض أكثر من امرأة من بين كل ثلاث نساء (30%) للعنف القائم على النوع الاجتماعي خلال حياتها، ويحدث ذلك في الغالب على يد الشريك. وفي عام 2021 تزوجت 1 من كل 5 نساء تتراوح أعمارهن بين 20 و24 عامًا قبل بلوغ سن الـ18.
التقديرات العالمية والإقليمية والمحلية لممارسة العنف ضد المرأة
وفقًا لمنظمة الصحة العالمية:
- أكثر من ربع النساء اللائي تتراوح أعمارهن بين 15 و49 سنة يتعرضن للعنف البدني و/ أو الجنسي على يد عشرائهن مرة واحدة على الأقل في حياتهن (اعتبارًا من سن 15 سنة).
- تتراوح التقديرات المتعلقة بمعدلات انتشار عنف العشير ضد المرأة خلال حياتها بين 20٪ في غرب المحيط الهادئ، و22٪ في البلدان المرتفعة الدخل وأوروبا و25٪ في إقليم المنظمة للأمريكتين و33٪ في إقليم المنظمة لأفريقيا، و31٪ في إقليم المنظمة لشرق المتوسط، و33٪ في إقليم المنظمة لجنوب شرق آسيا.
- تصل نسبة جرائم قتل النساء التي يرتكبها عشراؤهن إلى 38% من مجموع هذه الجرائم على الصعيد العالمي.
- تبلّغ نسبة 6% من نساء العالم عن تعرضهن للاعتداء الجنسي على يد شخص آخر غير الشريك، برغم محدودية البيانات المتوفرة عن العنف الجنسي على يد غير الشريك. ومعظم حالات عنف العشير والعنف الجنسي يرتكبها الرجال ضد النساء.
- ارتبط عنف العشير أثناء الحمل بزيادة احتمال التعرض للإجهاض تلقائيًا والوضع قبل الأوان وانخفاض وزن الطفل عند الولادة. وأظهرت نفس الدراسة التابعة لمنظمة الصحة العالمية والتي أجريت في عام 2013 أن النساء اللواتي تعرضن لعنف العشير كنّ أكثر عرضة بنسبة 16% للإجهاض التلقائي وبنسبة 41% للولادة قبل الأوان.
- أسفرت عمليات الإغلاق أثناء اندلاع جائحة كوفيد-19 والآثار الاجتماعية والاقتصادية المترتبة عليها، عن ارتفاع معدلات تعرض النساء للإيذاء على يد عشرائهن.
العنف ضد المرأة وفقًا لنتائج مسح صحة الأسرة المصرية 2021
- العنف من قبل الزوج للسيدات المـتزوجات حاليًا والسابق لهن الزواج في الفئة العمرية (15-49 سنة).
- 31% من النساء المتزوجات حاليًا والسابق لهن الزواج تعرضن لأي نوع من أنواع العنف الجسدي أو الجنسي أو النفسي على يد أزواجهن خلال عام 2021.
- 22.3% من النساء المتزوجات حاليًا والسابق لهن الزواج تعرضن للعنف النفسي من قبل الزوج خلال عام 2021.
- حوالي ربع النساء (25.5٪) المتزوجات حاليًا والسابق لهن الزواج تعرضن للعنف الجسدي من قبل الزوج خلال عام 2021.
الممارسات التقليدية الضارة ضد الفتاة
يعتبر ختان الإناث أحد أنواع العنف ضد المرأة وهو من العادات المنتشرة بصورة كبيرة في مصر بالرغم من الجهود المبذولة منذ التسعينيات إلا أن تلك الظاهرة ما زالت مستمرة، وتشير الإحصائيات وفقًا لمسح صحة الأسرة المصرية 2021 إلى انخفاض نسبة الختان بشكل كبير بين الفتيات.
ختان الإناث في أرقام
- 14.2 نسبة البنات في الفئة العمرية (0 – 19 سنة) اللائي تم ختانهن.
- تنخفض نسبة المختنات عام 2021 مقارنة 2014 بحوالي 7 نقاط مئوية.
- 27% فقط نسبة البنات المتوقع ختانهن في الفئة العمرية (0 -19 سنة) عام 2021، مقارنة 56.3% عام 2014.
عوامل ارتفاع معدلات العنف ضد المرأة عالميًا
إن ممارسة العنف ضد المرأة تنجم عن مجموعة تفاعلات بين عوامل تنشأ على مستوى الفرد والأسرة والمجتمع بنطاقاته المختلفة، وقد ينتج عن تلك التفاعلات زيادة او نقصان في نسب العنف المجتمعي بصفة عامة والعنف الموجه ضد النساء بصفة خاصة، ووفقًا لمنظمة الصحة العالمية فإن أبرز تلك العوامل تتمثل في:
- تدني مستويات التعليم، فقد أشار تقرير اليونسكو إلى أن أقل من 5% من سكان العديد من الدول يحظون بفرص لتعلم الكبار، حيث تبلغ نسبة البالغين الذين تزيد أعمارهم عن 15 عامًا والذين يشاركون في برامج خاصة بالتعليم والتعلم، أقل بقليل من 5% في ثلث بلدان العالم تقريبًا، بحسب ما ورد في التقرير العالمي الرابع بشأن تعلّم الكبار وتعليمهم الذي أصدرته اليونسكو. إذ لا يحظى الكبار ذوو الإعاقة وكبار السن واللاجئون والمهاجرون والأقليات والشرائح الاجتماعية المحرومة بالتمثيل الكافي في برامج تعليم الكبار، وبذلك يحرمون من الانتفاع بفرص تعلم الكبار الأساسية بالنسبة إليهم.
- تعاطي الكحول والمخدرات على نحو ضار، حيث تُشير تقديرات منظمة الصحة العالمية، إلى أن عدد من يستهلكون الكحول حاليًا يبلغ 2.3 مليار شخص. ويزيد على النصف عدد السكان الذين يستهلكونه في ثلاثة أقاليم من أقاليم المنظمة – وهي الأميركتين وأوروبا وغرب المحيط الهادئ، علمًا بأن أوروبا تستأثر بأعلى معدلات استهلاكه في العالم. وتشير الاتجاهات والتوقعات الحالية إلى أن من المُرتقب أن تطرأ زيادة على استهلاك الفرد للكحول بالعالم في السنوات العشر القادمة، ولاسيما في إقليم جنوب شرق آسيا وإقليم غرب المحيط الهادئ وإقليم الأمريكيتين.
وفقاً لآخر تقرير للأمم المتحدة ” تقرير المخدرات العالمي 2021″، فإن حوالي 5.5 % من السكان الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و64 سنة تعاطوا المخدرات مرة واحدة على الأقل في عام 2020 أي خلال الجائحة، في حين أن 36.3 مليون شخص، أو 13 % من العدد الإجمالي للأشخاص الذين يتعاطون المخدرات، يعانون من اضطرابات تعاطي المخدرات أبرزها الحاق الأذى بالنفس وبالآخرين.
- زيادة معدلات الفقر، وفقًا لأحدث التقديرات الصادرة عن الأمم المتحدة، في عام 2015، عاش 10٪ من سكان العالم أو 734 مليون شخص على أقل من 1.90 دولارًا أمريكيًا في اليوم. ومن المتوقع أن يشهد جنوب آسيا وأفريقيا وجنوب الصحراء أكبر زيادة في معدلات الفقر المدقع، حيث يعيش 32 مليون و26 مليون شخص على التوالي تحت خط الفقر الدولي نتيجة لوباء كورونا فقط.
- المعايير المجتمعية التي تمنح الرجل امتيازات أو ترفع من قدره وتحط من قدر المرأة، حيث توجد في بعض الدول ممارسات تقليدية تدوم بفعل الثقافة والتقاليد وهي ضارة بصحة النساء والأطفال ومن جملة هذه الممارسات القيود الغذائية التي تُفرض على الحوامل، وتفضيل الذكور من الأطفال، وختان الإناث. كما تتعرض المرأة الريفية لخطر العنف القائم على أساس نوع الجنس نتيجة لاستمرار المواقف التقليدية فيما يتعلق بدور المرأة كتابع.
- تدني فرص العمل المدفوع الأجر المتاحة للمرأة، وفقًا للتقرير الذي حمل عنوان “الاستخدام والآفاق الاجتماعية في العالم: “لمحة عامة عن اتجاهات المرأة لعام 2018” الصادر عن منظمة العمل الدولية، لا يزال معدل مشاركة النساء في القوى العاملة في العالم ضعيف للغاية حيث يبلغ 48.5 % في عام 2018، أدنى بمقدار 26.5 نقطة مئوية من معدل مشاركة الرجال. كما يزيد معدل بطالة النساء العالمي في عام 2018، ويبلغ 6 %، بنحو 0.8 نقطة مئوية عن معدل بطالة الرجال. ويعني ذلك إجمالًا أنه مقابل كل عشرة رجال يعملون هنالك ست نساء فقط يعملن.
ووفقًا للتقرير، تُعد الفروق في معدلات البطالة بين المرأة والرجل في البلدان المتقدمة صغيرة نسبيًا، بل تسجل بطالة النساء معدلات أقل من بطالة الرجال في أوروبا الشرقية وأمريكا الشمالية. وعلى النقيض من ذلك، لا تزال معدلات بطالة النساء في مناطق مثل الدول العربية وشمال أفريقيا تبلغ ضعفي معدلات بطالة الرجال مع استمرار عرقلة الأعراف الاجتماعية السائدة لمشاركة المرأة في العمل المأجور.
- تدني مستويات المساواة بين الجنسين، فوفقًا لليونيسف، يتحول انعدام المساواة بين الجنسين في أسوأ أشكاله إلى العنف. فقرابة فتاة واحدة من كل عشرين فتاة من الفئة العمرية 15–19 سنة — أي حوالي 13 مليون فتاة — تعرضت للاغتصاب. وتواجه الفتيات في أوقات السلم والنزاع على حد سواء الخطر الأكبر بالتعرض للعنف الجنسي. وما تزال مئات ملايين الفتيات في العالم يتعرضن للزواج المبكر وتشويه الأعضاء التناسلية للإناث — رغم الإقرار بأن هاتين الظاهرتين تشكلان انتهاكًا لحقوق الإنسان. وقد يبدأ العنف عند الولادة، مثلما يحدث في الأماكن التي يُعرَف عن استمرار ممارسة وأد البنات فيها.
التدخلات العاجلة للحد من العنف ضد المرأة
في عام 2019، نشرت هيئة الأمم المتحدة للمرأة، الإطار المعنون “احترام المرأة” وهو عبارة عن إطار لمنع العنف ضد المرأة موجه إلى صناع القرار. ويمثل كل حرف من حروف كلمة (احترام) واحدة من الاستراتيجيات السبع التالية:
- إرساء مهارات تعزيز العلاقات.
- حماية النساء وتمكينهن.
- تقديم الخدمات.
- الريادة في الحد من الفقر وضمان بيئة مثالية (المدارس، أماكن العمل، الأماكن العامة).
- إرساء حماية الأطفال والمراهقين من الإساءة إليهم.
- المفاهيم والمعتقدات الإيجابية.
ومن الضروري، لتحقيق تغيير دائم وناجح، سن تشريعات وإنفاذها ووضع وتنفيذ سياسات تعزز المساواة بين الجنسين؛ مع تخصيص الموارد اللازمة لأنشطة الوقاية والاستجابة والاستثمار في منظمات حقوق المرأة.