تفصلنا أيام معدودات على الانتخابات الأكثر أهمية وتنافسية في تاريخ تركيا الحديث المقرر انعقادها يوم 14 مايو الجاري. وبينما تناولنا في موضوع سابق بعنوان “معركة تنافسية… خريطة الانتخابات التركية واتجاهات التصويت المحتملة“ قراءة بانورامية لخريطة الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التركية من حيث المرشحين والتحالفات المتقدمة والاتجاهات التصويتية المحتملة للفئات الرئيسية التي لعبت أصواتهم تقليديًا دورًا حاسمًا في ترجيح كفة النتائج لصالح حزب أو تحالف أو مرشح بعينه؛ نستكمل في هذا الموضوع ملامح وشكل البيئة السياسية والاجتماعية التي تجري خلالها الانتخابات والآليات التي لجأت إليها الأطراف المتنافسة لاستقطاب الناخبين.
البيئة السياسية والاجتماعية التي تجري خلالها الانتخابات
تجري الانتخابات التركية في ظل سياق اقتصادي واجتماعي يميز البيئة الداخلية والإقليمية يلقي بظلاله على المناخ الانتخابي، ويُمكن استعراض خصائصه على النحو التالي:
• التحول العميق للنظام السياسي التركي: تُوج واحد وعشرون عامًا من حكم حزب العدالة والتنمية بصراعات اجتماعية وسياسية خطيرة نتجت عن تحول عميق في مؤسسات الدولة والسياسة الخارجية والإدارة الاقتصادية، والتي ترتبط جميعها بانتقال حزب العدالة والتنمية من التوجه الليبرالي إلى الإسلامي؛ فقد أعادت حكومة أردوغان هيكلة الجيش والقضاء والإعلام ومؤسسات الدولة الأخرى، وأنشأت طبقة من الرأسماليين الإسلاميين الذين يرتبطون بمصالح اقتصادية مع بلدان مثل قطر وروسيا وأذربيجان بديلًا عن طبقة الرأسماليين ذوي التوجهات الغربية التي تشكلت خلال السنوات الأولى للنظام الكمالي، وترافق هذا الانتقال مع تغيير عميق في أجهزة الدولة حيث أصبحت مديرية الشئون الدينية “ديانت” مؤسسة بارزة تقوم بتدخلات سياسية في جميع مجالات الحياة الاجتماعية وتمتلك ميزانية ضخمة وتشغل عدد كبير من الموظفين. وقد اكتسب هذا التحول أبعادًا جديدة بعد قيام حزب العدالة والتنمية بتشكيل “تحالف الشعب” مع حزب الحركة القومية عام 2018، والذي لم يعمق فقط الطابع الديني المحافظ للنظام بل عزز التحالفات الرسمية وغير الرسمية مع العصابات القومية المتطرفة وزعماء المافيا والقوات شبه العسكرية.
وقد انعكست التحولات المذكورة على التحالف الانتخابي لحزب العدالة والتنمية بانضمام حزبين إسلاميين آخرين إليه هما: حزب القضية الحرة، وحزب الرفاه الجديد، وحزب الاتحاد الكبير؛ والأول هو حزب إسلامي كردي وهو متورط في عمليات قتل خارج نطاق القضاء لمئات الأشخاص بمن فيهم المعارضون الأكراد والمدافعون عن حقوق الإنسان والصحفيون، ويتبنى أفكارًا محافظة مثل توسيع نطاق التعليم أحادي الجنس ومراجعة ظروف عمل المرأة لتلائم طبيعتها. أما الثاني فيشترك مع حزب العدالة والتنمية في الجذور الإسلامية ويدعم الانسحاب من اتفاقية إسطنبول. فيما يرى الثالث أن الإسلام عنصر مهم في الهوية التركية ويُعتقد أنه متورط في العديد من جرائم القتل السياسي في تركيا ويزعم أيضًا أن أعضاءه متورطون في اغتيال الصحفي الأرميني هرانت دينك عام 2007. لذلك، وصف صلاح الدين دميرطاش، القائد المشارك السابق لحزب الشعوب الديمقراطية، هذا التحالف بأنه الكتلة الأكثر رجعية في التاريخ السياسي التركي، مدعومة بمختلف الطوائف الدينية التي ازدهرت تحت حكم حزب العدالة والتنمية، وإذا ما تم انتخابها فسينتقل النظام السياسي نحو الفاشية الدينية.
كذلك فإن التحول المذكور في النظام السياسي التركي يتوافق أيضًا مع تحول في النموذج النيوليبرالي الدولي من نموذج ذي مؤسسات قائمة على القواعد إلى آخر يرتبط فيه توزيع الموارد بالولاء السياسي وشبكات السلطة غير الرسمية. وينعكس ذلك على المقاربات المختلفة للتحالفات الانتخابية لهذين النموذجين؛ فبينما يريد تحالف الشعب الحاكم ترسيخ النموذج النيوليبرالي المُسيّس على أساس شبكات غير رسمية للسلطة، يريد تحالف الأمة بقيادة حزب الشعب الجمهوري استعادة النموذج النيوليبرالي بمؤسسات قائمة على القواعد، فيما يرفض تحالف العمل والحرية كلا النموذجين، ويقدم بديلًا ثالثًا يجمع بين السياسات الاقتصادية المناهضة للرأسمالية ومشروع ديمقراطي راديكالي يهدف إلى حل القضية الكردية بالطرق السلمية.
علاوة على ذلك، فإن آليات توزيع الثروة وتركزها في طبقة الرأسماليين الإسلاميين المواليين لحزب العدالة والتنمية والبيروقراطيين كانت حاضرة في برامج التحالفات الانتخابية؛ فقد تعهد كيليجدار أوغلو بإعادة 418 مليار دولار من أموال الدولة التي تم تحويلها من الخزانة إلى “عصابة الخمسة”، ويقصد بهم خمسة رجال أعمال فازوا تقريبًا بجميع المناقصات الكبيرة خلال حكم أردوغان وهم محمد جنكيز رئيس شركة جنكيز القابضة، ونهاد أوزدمير الرئيس التنفيذي لشركة ليماك القابضة، ومحمد نظيف جونال رئيس مجلس إدارة شركة أم ان جي القابضة، وناسي كولوغلو الرئيس التنفيذي لشركة كولن للبناء، وجمال كاليونكو رئيس شركة كايلون للبناء، وقد قال كيليجدار أوغلو أن الرأسمالية المتوحشة’ والنيوليبرالية أحدثتا الفوضى وأوضح أنه سينضم إلى النشطاء والسياسيين في جميع أنحاء العالم المناديين بتوزيع أكثر إنصافًا للثروة والدخول. وفي هذا الإطار، يُزعم أن “عصابة الخمسة” عقدت اجتماعات غير رسمية لهزيمة كيليجدار أوغلو في الانتخابات، بينما يسعى حزب العدالة والتنمية للفوز من أجل الحفاظ على آليات نقل وتوزيع الثروة هذه ومنع الدعاوى القضائية ضدهم.
• شيطنة المعارضين السياسيين: لتعبئة الجماهير وترسيخ دعائم حكمه وسلطة حزب العدالة والتنمية تبني أردوغان على مدار مسيرته السياسية خطاب سياسي يقوم على شيطنة المعارضين السياسيين وتأطيرهم ضمن مكانة العدو عبر إلصاق بعض الخصائص بهم منها عدم قدرتهم على التحدث بنفس لغة الشعب، ودائمًا ما يمنحهم أوصافًا تحط من قدرهم السياسي مثل غبي أو مغرور أو فظ. كما يتهم النخب السياسية المعارضة بالانفصال عن الشعب والتسبب في ترسيخ فروق اجتماعية واقتصادية بين الطبقات المجتمعية وغالبًا كما يشير إلى كمال كيليجدار أوغلو باسم “السيد كمال” كدلالة عن بُعد كيليجدار أوغلو وحزبه الشعب الجمهوري عن المواطنين، كذلك دائمًا ما يتهم أردوغان حزب الشعب الجمهوري بتمثيل مصالح النخب، مقابل تصوير نفسه باعتباره امتداد عضوي للشعب وأنه صوت الشعب باعتباره واحدًا منهم، وغالبًا ما يميل لاستخدام لغة “نحن” للإشارة إلى توحد القائد وأتباعه فيما يستخدم لغة “هؤلاء” أو “هم” للحديث عن المعارضين، ويحاول وضعهم في المرتبة ذاتها التي للفاعلين غير الشرعيين الآخرين كأن يصف حزب الشعب الجمهوري وحزب العمال الكردستاني بأنهما “هيكلين قذرين”.
وتتمثل الوظيفة الأساسية للخطاب السياسي لأردوغان في بناء صورة سلبية تجاه المعارضة، وتصويرها باعتبارها “الشر” الذي يجب أن يواجهه أنصار حزب العدالة والتنمية، وهو بذلك يحاول الحفاظ على تماسك قاعدته الانتخابية، الاستثناء الوحيد لهذا الاتجاه هو “خطب الشرفة” التي يلقيها أردوغان من شرفة مقر حزب العدالة والتنمية للاحتفال بنجاحه الانتخابي، كما فعل في الأعوام 2007 و2011 و2014 و2018 و2019، حيث يدور حول مواضيع مثل المصالحة والوحدة وقيمة الديمقراطية في محاولة لتخفيف حدة التوترات الناتجة عن المناخ الانتخابي. وبالتطبيق على حالة الانتخابات الأخيرة 2023 فقد عمد أردوغان إلى اتهام المعارضة بالتواصل مع أعداء تركيا وصنف الأتراك الذين لا يصوتون له بالانتماء لمعسكر الانقلابيين والإرهابيين والانفصالين.
• تصاعد حدة الاستقطاب السياسي: اتسمت السياسة التركية تقليديًا بالاستقطاب لكن سياسات وخطاب أردوغان السياسي ساهم في تعزيز حالة الاستقطاب بكافة أبعادها المتعلقة بالمسافة الاجتماعية والتفوق الأخلاقي والتعصب السياسي، وبالأخص منذ التحول للنظام الرئاسي عام 2018 وزيادة عدم المساواة وتقويض الفصل بين السلطات وتآكل سلطة القضاء وتقويض استقلال وسائل الإعلام. وقد أظهر استطلاع أبعاد الاستقطاب في تركيا الذي أجراه صندوق مارشال الألماني بالاشتراك مع مركز أبحاث الهجرة بجامعة إسطنبول عام 2020 أن الاستقطاب متغلل في المجتمع التركي لدى أنصار كافة الأحزاب السياسية حيث قال المستجيبون إنهم ليسوا مستعدين للتفاعل إيجابيًا مع الفواعل السياسية الأخرى ورأوا أنه يُمكن تقويض حقوقهم السياسية.
وتتسع المسافة الاجتماعية بين الفاعلين السياسيين من خلال الجمع بين الهوية الحزبية والاستقطاب السياسي، لتتحول تلك المسافة إلى صراع سياسي فقد بات لدى أنصار جميع الأحزاب الرئيسية مواقف مستقطبة تجاه الآخر السياسي، وأدى ذلك إلى فجوات كبيرة بين مؤيدي التحالف الحاكم وأنصار أحزاب المعارضة بشأن معظم القضايا، وهذا في أحد جوانبه يعني أن تصويت بعض الناخبين لأحد الأحزاب ليس نابعًا من تأييد مطلق وإنما كإجراء عقابي ضد الأحزاب الأخرى؛ فعلى سبيل المثال قد يكون البعض غير راضين عن حزب العدالة والتنمية أو تحالف الشعب، لكنهم قد يرفضون حزب الشعب الجمهوري أيضًا، وبالتالي يصوتون لحزب العدالة والتنمية والعكس صحيح.
• إعادة توظيف القومية: خلال تسعينيات القرن الماضي اعتقد المفكرون اليساريون الذين تحولوا إلى الليبرالية أن الكمالية لا تعدو كونها إرثًا تاريخيًا، ومع وصول حزب العدالة والتنمية للحكم عام 2002 رأى الكثيرون أنه يمثل تحولًا هيكليًا اجتماعيًا وسياسيًا واقتصاديًا للمجتمع التركي يبتعد عن النموذج العلماني القومي الكمالي، جوهره جعل الدين في قلب تشكيل الهوية السياسية والاجتماعية وربما الاقتصادية أيضًا. لكن الفكرة القومية برزت مجددًا كوسيلة للخلاص من الأزمات التي يمر بها المجتمع التركي، ويتعلق ذلك بدور التحولات الاجتماعية في تحقيق الجاذبية لبعض الأفكار التي تحكم السياسة التركية خلال مرحلة معينة؛ فمثلًا، اكسب السياق الاجتماعي فكرة/مفهوم الديموقراطية والحرية عند مندريس بايار شعبية، وكذلك بالنسبة لفكرة الحرية لدى تورغوت أوزال، ومفهوم العدالة والتنمية لدى أردوغان. وبالمثل اكسب السياق الاجتماعي والاقتصادي الحالي المتمثل في تحدي استضافة ملايين اللاجئين السوريين ومواجهة تداعيات الزلزال الأخير والأزمة الاقتصادية الحادة فكرة القومية الليبرالية الكمالية (التي تقف كنقيض للقيم المحافظة) أهمية خاصة بين الجمهور الذي ينظر إليها باعتبارها مخرجًا لمعالجة هذه القضايا.
وبالنظر إلى أن إحدى وسائل تحقيق الانتصارات الانتخابية تتمثل في وجود فكرة جذابة وقائد كاريزمي يستطيع من خلال الخطابات السياسية تعزيز تلك الأفكار وإيصالها بشكل فعال للجماهير، فقد تبارى الفاعلين السياسيين المختلفين في تقديم رؤيتهم للقومية؛ فمن ناحية يسعى تحالف الشعب/الجمهور إلى ترويج مفهوم منضبط للقومية تهدف لتحقيق التوازن بين علاقاته مع الناخبين المحافظين الأكراد وحلفائه من الأحزاب القومية المحافظة كحزب الحركة القومية وتفاعلاته الدقيقة مع اللاجئين السوريين، مع الحفاظ على هويته الإسلامية. وبالمقابل تسعى المعارضة بقيادة تحالف الطاولة السداسية إلى وضع القومية في سياق العلمانية، لكن اتجاه حزب الشعوب الديمقراطية الموالي للأكراد دعم مرشح الطاولة السداسية يجعل مفهوم القومية قاصرًا بالنسبة للناخبين اليمينيين القوميين (يشكلون نسبة كبيرة من الناخبين) الذين يعتبرون المظاهر السياسية للتعددية الثقافية خطرًا ويعتقدون أن أفكار مثل تركية الموحدة والهوية الوطنية المتكاملة هي فقط المقاربات السياسية التي يدعمونها، وبالتالي ظهر تيار سياسي جديد يشير إليه البعض باسم “الطريق الثالث” يمثله زعيم حزب الوطن والمرشح الرئاسي محرم إينجه الذي يتبني خطاب سياسي كمالي.
• الانقسامات متعددة المستويات: يُشاهد في المجتمع التركي أربعة انقسامات رئيسية متقاطعة هم؛ الانقسام بين اليمين واليسار وبالأخص فيما يتعلق بالجوانب الثقافية، والانقسام بين المحورين الديني والعلماني، والانقسام بين العرق التركي مقابل الإثنية الكردية، وأخيرًا الانقسام بين الديمقراطية والأوتوقراطية الذي بدأ في الظهور خلال العقد الأول من القرن الحالي وتزايد بعد إقرار النظام الرئاسي عام 2018. ويُمكننا مشاهدة تلك الانقسامات بشكل متداخل في الانتخابات الأخيرة بين الحزبيين الرئيسيين المتنافسين (العدالة والتنمية – الشعب الجمهوري) حيث يشغل الجدل بشأن الأيديولوجية والهوية مساحة أكبر من تلك المعطاة للتعهدات الانتخابية، ويترك الاستقطاب بين اليسار واليمين بصماته على الحملات الانتخابية؛ فمن ناحية يروج أردوغان وحزب العدالة والتنمية أن فوز تحالف الطاولة السداسية يعني سيطرة اليسار على الحكم، ويصفهم حلفائه بالعلمانيين المتطرفين أو الكماليين الجُدد، ويتهمونهم بالتحالف مع الجماعات الإرهابية والانفصالية نظرًا لإعلان حزب الشعوب الديموقراطية تأييد كيليجدار أوغلو إلى جانب إعلان أعضاء حزب العمال الكردستاني العراقي وجماعة جولن التي تصنفها الحكومة التركية “إرهابية” دعمها للرجل.
وبالمقابل تصف المعارضة تحالف الشعب بالمتدينين / اليمينيين الراديكاليين وأعداء المرأة واليسار، كما يتهمون أردوغان بالابتعاد عن بعض الأفكار الكمالية (الجمهورية – القومية بمعنى وحدة المواطنين داخل الحدود التركية وليس مبادئ عرقية أو دينية معينة – العلمانية – محاربة آثار المجتمع التقليدي – التركيز على التقدم والتنوير)، ويعتقد المعارضون أن فوز أردوغان سيعزز إهمال الفصل بين الدولة والدين ويؤدي لمزيد من تراجع المؤسسات الديموقراطية، وينظر بعض أنصار كيليجدار أوغلو إلى سياسات العدالة والتنمية على أنها عودة للعصور الوسطى.
وقد عكست استجابة الحكومة التركية لتداعيات زلزال 9 فبراير والتي تعتبر عنصرًا رئيسيًا في الحملة الانتخابية حالة الاستقطاب والانقسام التي تعززها الحكومة؛ فعقب الزلزال أرسل حزب العدالة والتنمية المزيد من المساعدات إلى المناطق المأهولة بالسكان الأتراك والسنة أكثر من المناطق المأهولة بالسكان الأكراد والعلويين؛ كذلك وظفت الآلة الدعائية لحكومة حزب العدالة والتنمية ووكالة المخابرات التركية وديانت الشعارات الدينية لإنقاذ صورة أردوغان وإثارة ردود فعل غاضبة تجاه العلمانيين بتقديم المنظمات الإغاثية ذات الطابع الديني باعتبارها منظمات غير حكومية تقاتل ضد الزلزال، كما سلطت وسائل الإعلام الموالية الضوء على أشخاص انتشلوا أناس أحياء من تحت الأنقاض قائلين “الله كبر”، ومغازلة الرأسماليين المواليين لحزب العدالة والتنمية بخطط إعادة الأعمار التي غالبًا ما ستئول إليهم.
• تصاعد فكرة القومية ضمن السياق الإقليمي: تلعب الأيديولوجيات السياسية المهيمنة في دول الجوار الإقليمي دورًا في توجيه الخطاب السياسي للأطراف السياسية التركية؛ فمع تعرض الربيع العربي لانتكاسة وهزيمة التيار الإسلاموي والنظر إليه باعتباره تهديدًا للأمن القومي من قبل العديد من دول المنطقة وبالأخص مصر والسعودية والإمارات، واتسام الأيديولوجية السياسية السائدة بالقومية مع رفض أي شكل من أشكال الهوية خارج الانتماء الوطني، شهد الخطاب السياسي لحزب العدالة والتنمية تحولًا من إعطاء أولوية للهويات فوق الوطنية والترويج لمفاهيم مثل “الأمة” إلى التركيز على فكرة المصالح الوطنية والقومية، مع جعل الترويج للخطاب الإسلامي أقل أهمية وجاذبية.
آليات اجتذاب الناخبين
عمدت الأطراف المتنافسة إلى توظيف معطيات البيئة السياسية والاقتصادية المذكورة سلفًا وتبني تكتيكات انتخابية لحشد الناخبين، ويُركز هذا الجزء على استراتيجية المتنافسين الرئيسيين أردوغان وتحالف الشعب من جهة وكمال كيليجدار أوغلو وتحالف الطاولة السداسية من جهة أخرى:
1. استراتيجية أردوغان:
• الترويج لمفهوم القرن التركي: اعتمدت الحملة الانتخابية لأردوغان على الترويج لمشروعه السياسي والاقتصادي باعتباره المدخل لتركيا المستقبل، واختار إرتان أيدين لإدارة حملته الانتخابية (عالم سياسي وخبير في استطلاعات الرأي وبرلماني سابق عن حزب العدالة والتنمية وكانت له توقعات صحيحة بشأن خسارة حزب العدالة والتنمية في الانتخابات البلدية لعام 2019 في إسطنبول وأنقرة) وقد ركز فريق إيدين على الذكرى المئوية للجمهورية التركية والترويج لمفهوم “قرن تركيا” من خلال تسليط الضوء على مشاريع أردوغان الوطنية وبالأخص المشاريع الكبرى مثل الطرق السريعة والسدود والمصانع والصناعات الدفاعية التي تم إحياؤها مثل الطائرة المقاتلة من الجيل التالي TF-X إلى جانب برنامج الطائرات بدون طيار “بيرقدار”، وكذلك تشغيل أول حاملة الطائرات بدون طيار مسلحة في العالم “تي سي جي أناضول”، ودخول أول دبابة قتالية محلية “ألطاي” الخدمة في الجيش التركي. وتقدم الحكومة التركية الصناعات الدفاعية كجزء من جعل البلاد قوة إقليمية قادرة على لعب دورًا رئيسيًا في عصر منافسة القوى العظمى. علاوة على إطلاق أول سيارة تركية كهربائية محلية الصنع TOGG، وبدء الإنتاج من أكبر حقل غاز طبيعي “ساكاريا” والتعهد بإمداد الغاز مجانًا لمدة شهر احتفالًا بهذه المناسبة مما يوفر 625 ليرة لكل أسرة، وافتتاح أول مفاعل للطاقة النووية “أكويو”. وقد أراد أردوغان تأكيد قيادته لمشروع قرن تركيا بدعوة المعارضة للانضمام إليه في إنتاج أفكار إبداعية لبناء الجمهورية التركية خلال المئة عام القادمة والاعتراف بما فعلته حكومته لخدمة المجتمع التركي بدلًا من طرح رؤى بديلة لمشروعه.
• الإغداق على نخبته الرأسمالية: يشكل مجتمع الأعمال ظهيرًا سياسيًا لأردوغان لذلك يحرص على ضمان مصالحه وعدم الإضرار بها وإنما تعزيزها بحيث لا ترغب طبقة رجال الأعمال وشركاتهم في حدوث أي تغيير حكومي من شأنه تهديد مركزها الاقتصادي، وقد غازل أردوغان أنصاره الرأسماليين بتمرير تمديد عقود الإيجار لتشغيل 18 ميناءًا بحريًا تديرها شركات خاصة بدون مناقصات جديدة في البرلمان التركي خلال ديسمبر 2022 لفترة إضافية تصل إلى 19 عامًا، كما قدمت الحكومة التركية العديد من الحوافز لشركة جنكيز القابضة الموالية التي تبرعت بـ 3.1 مليار ليرة لجهود الإغاثة عقب الزلزال، بما في ذلك تخفيض ضريبي بنسبة 100% والإعفاء من الرسوم الجمركية وخفض تكاليف الطاقة.
• توظيف وسائل الإعلام لتشتيت أصوات المعارضة: تمارس الحكومة التركية نفوذًا على 90% من وسائل الإعلام سواء من خلال الملكية المباشرة أو خضوعها لشركات متحالفة مع الحكومة، وهو سلاح تلجأ إليه الحكومة خلال الانتخابات بالترويج للحزب الحاكم مع الحد من تغطية المعارضة، أما وسائل الإعلام المستقلة أو المؤيدة للمعارضة غالبًا ما تعاني من مضايقات تشمل فرض غرامات باهظة أو حظرها أو إلغاء ترخيصها. لكن اللافت أن خلال تلك الجولة الانتخابية تم اللجوء لأسلوب توظيفي آخر للإعلام يتعلق بتسليط الضوء على المرشحين المنافسين لكيليجدار أوغلو والذين يشكلون خصمًا من رصيده التصويتي، فيلاحظ تسليط وسائل الإعلام الضوء على الحملة الانتخابية لمحرم إينجه رغم تراجع فرص فوزه في السباق الانتخابي. بينما لا يحصل كيليجدار أوغلو على مساحة إعلامية إلا عندما يتم تأطيره بشكل سلبي. كذلك لوحظ إطلاق حملة دعائية ضخمة لإينجه على وسائل التواصل الاجتماعي من خلال حسابات أخبار غير معروفة على تويتر، وأيضًا انتشرت “رقصة إينجه” (رقصة قام بها المرشح في تجمع سياسي) كالنار في الهشيم على منصات التواصل الاجتماعي مثل “تيك توك”، ويجادل بعض خبراء استطلاعات الرأي بأن التمويلات المحدودة لحملته الانتخابية لا تفسر بشكل كاف مدى انتشاره على وسائل التواصل الاجتماعي.
ويستهدف أردوغان بهذه الاستراتيجية كسب الوقت وتجنب حسم السباق الرئاسي منذ جولته الأولى والذهاب لجولة إعادة، بما يتيح له توظيف الانتخابات البرلمانية حال تصدر حزب العدالة والتنمية نتائجها للترويج لمساوئ وجود حكومة منقسمة والدعوة لإعادة انتخابه، كما قد يلجأ أردوغان لاستراتيجية تشويه خصمه من الناحية الشخصية بإلصاق تهم غير أخلاقية به أو وصفه بالضعيف والسياسي الذي يفتقر إلى الخبرة.
• توظيف تحركات السياسة الخارجية: بالنسبة لأردوغان تعمل السياسة الخارجية، بخلاف وظائفها التقليدية، كأداة لتعظيم الذات وتعزيز المكانة، وبالتالي لا يُمكن قراءة الاتجاه الانفتاحي التصالحي مع منطقة الشرق الأوسط والتحركات المثيرة للجدل تجاه الغرب بعيدًا عن الحسابات السياسية لأردوغان في الانتخابات. فعلى سبيل المثال، أتاحت رغبة السويد وفنلندا الانضمام إلى الناتو لأردوغان فرصة لانتزاع التنازلات من كلا البلدين، مقابل الدعم التركي ولإظهار موقفه المتشدد ضد الغرب أمام قاعدته الانتخابية، كما استغل الرئيس التركي المشاعر القومية التي أذكتها التوترات مع اليونان بشأن الحدود البحرية وحقوق التنقيب في شرق المتوسط، وأيضًا وظف أردوغان الحرب الروسية الأوكرانية لتوسيع نفوذه بإظهار بلده باللاعب الرئيس الذي يستعد الطرفان المتحاربان وحلفائهم الدوليين للتحدث معه، كذلك أتاحت الخطوات التي حققتها أنقرة نحو إنهاء التوترات مع المنطقة العربية تخفيف حدة الأزمة الاقتصادية عن طريق ضمان تدفق الاستثمارات والودائع وتعزيز التبادلات التجارية، وولدت رغبة أردوغان في التقارب مع الحكومة السورية بيئة مواتية لإعادة اللاجئين السوريين في محاولة لسحب هذا الملف من المعارضة.
• تقديم آليات دعم اقتصادية شعبوية: سعى الرئيس التركي إلى تخفيف حدة تأثيرات الأزمة الاقتصادية على الناخبين؛ كونها عاملًا رئيسًا لتراجع شعبيته، لذلك أعلن رفع الحد الأدنى للأجور إلى 8.500 ليرة (455 دولارًا أمريكيًا) بدءًا من عام 2023 بنسبة 55%. وألغى شرط سن التقاعد لأولئك الذين بدأوا العمل قبل عام 1999، مما يعني أن 2250000 مواطن سيكون لهم الحق التقاعد. وأصدر عفوًا عن الفوائد على القروض الطلابية. وأطلق خطة قروض عقارية رخيصة للمواطنين الذين لا يملكون منازلهم. كما عدلت الحكومة في سبتمبر 2022 عجز الميزانية في نهاية العام إلى 461.2 مليار ليرة أي حوالي 3% من الناتج المحلي الإجمالي. كذلك أعلن أردوغان في سبتمبر 2022 خطة لبناء 500 ألف وحدة سكنية خلال السنوات الخمس المقبلة بقيمة 50 مليار دولار، وبيع 250 ألف قطعة أرض لمقدمي الطلبات المؤهلين من قبل إدارة تنمية الإسكان العامة، مع تمديد فترة السداد إلى 20 عامًا؛ للحفاظ على المدفوعات الشهرية عند 2800 ليرة.
2. تكتيكات المعارضة:
• إنهاء الانقسام: أدركت المعارضة أن أحد أسباب هزيمتها المستمرة ليست الشعبية الكبيرة لحزب العدالة والتنمية بقدر تفككها وتشرذمها واستقطابها، وبالتالي فإن معارضة موحدة تشكل تحديًا حقيقيًا لأردوغان وحزبه، ولهذا أظهرت المعارضة قدرة على تجاوز الاختلافات الأيديولوجية وتشكيل تحالف انتخابي متنوع الأيديولوجيات والهويات يشمل القوميين والعلمانيين والمحافظين اليمينيين والديمقراطيين الاجتماعي، أُطلق عليه تحالف الطاولة السداسية، بهدف رئيسي هو هزيمة أردوغان، وقد استطاع التحالف المحافظة على تماسكه رغم التباينات الكبيرة بين أعضائه بل نجح للوصول إلى صيغة توافقية ثلاثية تتعلق بترشيح كمال كيليجدار أوغلوا للرئاسة على أن يعين منصور يافاش وأكرم إمام أغلو، رئيسا بلديتي أنقرة وإسطنبول على الترتيب، نائبين للرئيس حال فوزه، على أن يشارك زعماء التحالف في الحكم وفق صيغ لم يتم تحديدها بعد. وقد روج التحالف لقدرته على تحقيق انتصارات انتخابية بالرجوع للخبرة التاريخية في انتخابات 2019 المحلية التي انتزعت فيها مدن كبرى مثل إسطنبول وأنقرة لبث الأمل في نفوس قاعدتها الانتخابية، كذلك، فإن تحالف العمل والحرية رفض تقديم مرشح رئاسي في دعم ضمني لكيليجدار أوغلو. كما حرصت المعارضة على تجنب لغة الاستقطاب وتبنت خطابًا شموليًا لاستقطاب الناخبين المنشقين عن حزب العدالة والتنمية، وأضافت لمفهوم الشمولية مفهوم المصالحة والتسامح في إشارة إلى معالجة أخطاء الماضي التي ارتكبت ضد المواطنين منذ تأسيس الجمهورية التركية في عام 1923 واستهدفت في الغالب المسلمين المتدينين والأكراد.
• توظيف أخطاء أردوغان: قدمت المعارضة برنامجًا انتخابيًا موحدًا يركز بشكل رئيسي على عكس سياسات أردوغان السياسية والاقتصادية؛ فقد كان التحول الاستبدادي للنظام التركي الناتج عن تبني النظام الرئاسي موضوعًا رئيسيًا لبرنامج المعارضة الذي تضمن التزامًا باستعادة النظام البرلماني وتعزيز الحريات الديمقراطية وتعزيز استقلال وحيادية القضاء وإجراء تعديلات دستورية يشمل ضمانات وضوابط تضمن عدم التحول الاستبدادي. كما استغلت الانتقادات الموجهة لاستجابة الحكومة لتداعيات الزلزال وأوزعتها لضعف مؤسسات الدولة في عهد أردوغان متعهده ببناء مؤسسات قوية وشفافة وقادرة يمكنها معالجة المشاكل اليومية للمواطنين. كذلك فإن الأوضاع الاقتصادية التي خصمت من رصيد أردوغان نالت النصيب الأكبر من اهتمام المعارضة حيث تعهدوا بالتخلي عن السياسات النقدية غير التقليدية (خفض أسعار الفائدة)، وإعادة هيكلة وتعزيز المؤسسات الاقتصادية، ويشمل ذلك تشكيل لجنة لتقييم حالة الاقتصاد وتفعيل مؤسسات التخطيط الاستراتيجي القائمة وإلغاء صندوق الثروة التركي، وتحقيق الانضباط المالي من خلال محاربة الإسراف العام، وإجراء مراجعة قانونية ومالية لجميع مشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص التي تنفذها حكومة أردوغان، وإضفاء الطابع المؤسسي على عمليات صنع القرار بشأن الإنفاق العام.
• اللجوء لوسائل التواصل الاجتماعي: بينما يمتلك أردوغان إمكانية الوصول لموارد الدولة وتوظيفها لخدمة مصالحه الانتخابية، وتسيطر الحكومة على وسائل الإعلام الحكومية وحوالي 90% من وسائل الإعلام الخاصة وبالتالي توظيفها للتأثير على الناخبين وإذكاء التوترات على خطوط الصدع السياسية في المجتمع التركي عبر تشويه المعارضة؛ فقد لعبت وسائل التواصل الاجتماعي دورًا حاسمًا في السماح للمعارضة بتجاوز القنوات الإعلامية التقليدية حيث لجأت إليها لنشر رسالتها والتفاعل مع المؤيدين والتأثير على الناخبين المترددين، فعلى سبيل المثال نشر مرشح المعارضة كيليجدار أوغلو مقطع فيديو من مطبخه المتواضع على حسابه بموقع تويتر يوم 9 أبريل واعدًا بخفض سعر البصل وقد شاهدته أكثر من 3 ملايين شخص وهو ما يؤكد عدم قدرة أردوغان على منع المعارضة من نشر رسائلها.
• التكيف مع نظام الانتخابات البرلمانية: أقر البرلمان التركي في أبريل 2022 مشروع حزمة تعديلات اقترحها حزب العدالة والتنمية على قانون الانتخابات تنص أحدها على حساب الفائزين بمقاعد البرلمان وفق نتيجة أحزابهم وليس تحالفاتهم في كل دائرة انتخابية على حدة (يتم الحساب وفق نظام هوندت للتمثيل النسبي، ويقوم على قسمة عدد الأصوات التي حصل عليها كل حزب سياسي في كل دائرة انتخابية على حدة على الأرقام بشكل تصاعدي، بدءًا من الرقم واحد وحتى عدد النواب المطلوب انتخابهم في تلك الدائرة، ثم توزيع مقاعد تلك الدائرة على الأحزاب السياسية باختيار الأرقام الأعلى التي نتجت عن عملية القسمة)، ويضعف هذا التعديل من أهمية التحالفات الانتخابية ويُدخل الأحزاب المنضوية ضمن نفس التحالف في منافسة تجاه بعضها البعض بما يشكل خصمًا من رصيدها الانتخابي، ولتفادي التداعيات السلبية لهذا النظام قرر أربعة أحزاب من تحالف الطاولة السداسية خوض المعركة الانتخابية على قوائم حزب الشعب الجمهوري وهم أحزاب التقدم والديموقراطية والمستقبل وحزب السعادة والحزب الديمقراطي بحيث لن تظهر أحزابهم بشكل مستقل ضمن القوائم الانتخابية، كذلك لم يُقدم الحزب أي مرشح في سبع مقاطعات من أصل 81 بالتنسيق مع حزب الجيد، بينما لم يُقدم الأخير أي مرشح في تسع مقاطعات، منعًا لتفتيت الأصوات.
• مراقبة العملية الانتخابية: تثور مخاوف بشأن نزاهة العملية الانتخابية وحدوث تلاعبات أثناء مرحلتي الإداء بالأصوات وفرزها بشكل يلقي بظلاله على شرعية عملية التصويت، وهو ما تحاول المعارضة منع حدوثه من خلال التأكد من أن كل من مراكز الاقتراع البالغ عددها 191884 بها ممثل حزبي أو مراقب مستقل؛ وقد أنشأت تحالف الطاولة السداسية العام الماضي فريق عمل من أجل نزاهة الانتخابات ونشر خارطة طريق من 24 نقطة، تشمل التدقيق في سجلات تسجيل الناخبين، وإنشاء أنظمة للمراقبين لتسجيل ومشاركة ملاحظاتهم في مراكز الاقتراع، وغيرها.
ختامًا، يبقى من الضروري الإشارة إلى وجود 4 سيناريوهات محتملة للانتخابات المقررة يوم 14 مايو الجاري؛ يتعلق أولها بفوز التحالف الحاكم بالأغلبية في الانتخابات البرلمانية وفوز أردوغان بالرئاسة وهي حالة ستحقق الانسجام السياسي، وتضمن استمرار السياسات الحالية دون معوقات. وثانيها فوز تحالف الشعب بالأغلبية البرلمانية بينما ينتزع مرشح الطاولة السداسية كمال كيليجدار أوغلو المقعد الرئاسي، وهو ما سيضع قيودًا حقيقية على عملية صنع القرار ويُبطئ وربما يعرقل مشروع المعارضة المتعلق بالإصلاحات السياسية. وثالثها فوز تحالف الأمة بالأغلبية البرلمانية بينما يحتفظ أردوغان بمنصبه الرئاسي وهو سيناريو سيجعل الوضع القائم مستمرًا نظرًا لطبيعة النظام الرئاسي الحالي الذي يعطي دورًا محدودًا للبرلمان في مستقبل العملية السياسية. ورابعها حصول تحالف الأمة على الأغلبية البرلمانية وفوز مرشحه الرئاسي وهو السيناريو المثالي للمعارضة لتمرير مشروعها السياسي دون عراقيل لكنه الأقل ترجيحًا. وفي كل الأحوال، تُضفي حالة اللا يقين تلك بشأن مستقبل النظام التركي زخمًا غير مسبوق على العملية الانتخابية وتجعلها محط مراقبة دقيقة من قبل المهتمين بالشأن التركي كون نتائجها ستسفر عن إعادة تشكيل المشهد السياسي التركي خلال السنوات الخمسة المقبلة بما في ذلك صياغة السياسة الخارجية وتحديد خريطة توزيع القوة بين التيارات السياسية وتحديد موقع المعارضة من العملية السياسية.