كشفت ثورة يونيو النقص الشديد في البنية التحتية، والوضع المتهالك والاحتياجات الضرورية للمواطنين في ظل ضعف إدارة موارد الدولة المصرية، فضلًا عن حجم هائل من المشكلات الداخلية المتراكمة وحالة التربص داخليًا وخارجيًا بالدولة المصرية، وقد ساهمت المشروعات القومية التي تبنتها الحكومة المصرية خلال السنوات الماضية بعد عام 2014 في إحداث نهضة تنموية في كل قطاعات الدولة المصرية وتنمية الاقتصاد المصري في الفترة الأخيرة وذلك من خلال العمل على جذب الاستثمارات الأجنبية من أجل فتح المزيد من الأسواق المشتركة بين مصر والبلاد العربية والأجنبية. ويسعى الرئيس عبد الفتاح السيسي منذ توليه المسئولية في عام 2014، لإعادة بناء أركان الدولة المصرية بعد أكثر من 40 عامًا من تباطؤ إدارة ملف تنمية وبناء وطن والذي يحتاج للعديد من مشاريع البناء، وجعلها جمهورية جديدة، بهدف خلق اقتصاد مستدام من أجل الأجيال القادمة، وضمان حياة كريمة لهم.
بدأ الرئيس السيسي منذ عام 2014 سلسلة طويلة من المشروعات القومية التي غيرت وجه مصر للأفضل على مدار السنوات، حيث إن المشروعات القومية التي شرعت فيها الدولة المصرية في المقام الأول مشروعات كبيرة الحجم ذات تأثيرات تنموية اقتصادية واجتماعية هامة، وواسعة النطاق على المستوى الجغرافي والاجتماعي، وتضع في الاعتبار أولويات الدولة وخطط تنمية مستدامة طويلة ومتوسطة المدى.
ويأتي على رأس تلك المشروعات قطاع الكباري والأنفاق، والذي يهدف إلى ربط مخططات التنمية الشاملة بكافة قطاعات الدولة المصرية عبر إنشاء محاور عرضية جديدة على النيل وتقليل المسافات البينية بين المحاور إلى حوالي 25 كم، بالإضافة إلى ربط المراكز الحضرية بمراكز النشاط الاقتصادي والإنتاجي والعمل على الخروج من الوادي الضيق وتعمير مناطق جديدة غير مأهولة، وذلك من خلال خفض أزمنة الرحلات على مستوى الشبكة القومية للطرق، حيث يُعد الهدف الرئيسي من إنشاء شبكات طرق متطورة ليس فقط لإحداث سيولة مرورية، بل يعتبر من ضروريات التنمية من يبحث عن خلق بيئة تنموية شاملة لا بد في المقام الأول أن يبدأ بإنشاء شبكة طرق وكباري قوية وأنفاق ومحاور مرورية متداخله ومتواصلة ومترابطة باستخدام الكباري والأنفاق.
الكوبري أو النفق هو مُنشأ يُستخدم للعبور من مكان إلى آخر بينهما عائق، فقد يكون هذا العائق مائيًا أو أرضًا صعبة التضاريس أو غيرها، كما أن للكباري والأنفاق أهمية اجتماعية في ربط الأجزاء المنعزلة، مثل ضفاف الأنهار والجزر المنعزلة، كما أن للكباري أهدافًا استراتيجية وعسكرية ويجب حمايتها مهما كلف الأمر لاستخدامها في نقل القوات المسلحة والمعدات العسكرية والإمدادات أثناء الحروب. ولعلنا نتذكر الدور الوطني الهام الذى لعبته الكباري المؤقتة في حرب أكتوبر المجيدة لعبور القوات المصرية إلى أرض سيناء الغالية محققين الفوز التاريخي.
نشأة الكباري
تعد الكباري التي كان يطلق عليها قديمًا (الجسور) من أقدم المنشآت التي عرفها الإنسان البدائي، فعندما سار الإنسان على الأرض لأول مرة اعتمد على نفسه في التنقل، وتدريجيًا تعلم كيفية ترويض الحيوانات البرية واستخدامها كوسيلة من وسائل النقل، ثم ابتكر الآلات ليأخذها إلى أماكن لا يستطيع الوصول إليها بمفرده أو بمساعدة الحيوانات، وإلى جانب تطور النقل ظهرت خرائط بدائية لتحديد مواقع الطرق التي يتم قطعها بين المدن والمواقع المهمة، وكان الكوبري أحد الاختراعات التي تم اللجوء إليها لتسهيل نطاق وصول المسافرين والمارة، حيث استندت الكباري الأولى في صناعتها إلى أدوات الطبيعة مثل الأشجار المتساقطة أو الصخور لتوفير معبر آمن للأشخاص سيرًا على الأقدام، ثم التطور لاستخدام الدواب ثم النقل الآلي للسفر وخدمة المجالات الصناعية والزراعية وغيرها.
فأصبح الكوبري بالنسبة للإنسان هو هيكل قادر على توفير وسيلة آمنة للتنقل، حيث يمكن إنشاؤه باستخدام الحبال والألواح الخشبية، وتدريجيًا تحولت صناعة الكباري إلى استخدام الفولاذ والخرسانات والحديد لتثبيت الطرق الأسفلتية فوقها، وأيضًا استخدامها في مرور القطارات وخلافها.
أقدم الأنفاق والكباري التاريخية المصرية
تشتهر مصرنا الغالية بالآثار والأماكن التاريخية، حتى كباريها لها تاريخ كبير، فتضم الكثير من الكباري التاريخية التي بدأ تشييدها في عام 1856م ببنها في عهد الخديوي سعيد باشا، أما أول كوبري يشيد على نيل القاهرة هو كوبري قصر النيل الذي يعد أحد أجمل وأقدم كباري مصر الذي افتتحه الخديوي إسماعيل عام 1871م والذي استمر إنشاؤه عامين لربط القاهرة بالجزيرة، وبعد حوالي 60 عامًا من إنشاء الكوبري تم تجديد وإحلال الكوبري وإنشاء كوبري جديد مكان الكوبري القديم لمواكبة حاجة النقل المتزايدة والحمولات الحديثة ويتلاءم مع ما وصلت إليه القاهرة من عمران في عهد الملك فؤاد الأول، ووصل طوله إلى 382 مترًا وعرضه إلى 20 مترًا، حيث قام الملك فؤاد الأول بوضع حجر أساس الكوبري الجديد عام 1932م وافتتاحه عام 1933م، وهو الكوبري الموجود حاليًا حتى الآن.
وقد أصبحت الأسود الأربعة المقامة على مداخل ومخارج الكوبري جزءًا أساسيًا من تصميمه، وهي تماثيل مصنوعة من البرونز تم تصنيعها في فرنسا.
ويوجد أيضًا كوبري الجلاء أو ما عرف بكوبري الإنجليز سابقًا والذي أُنشئ عام 1914م ليقابل كوبري قصر النيل من ناحية الفرع الغربي، وقد شهد هذا الكوبري مؤخرًا أعمال تطوير شملت توسعة وتطوير المنازل والمطالع بما يتماشى مع الكثافات المرورية الجديدة المتوقعة.
وكذلك كوبري إمبابة أو ما عرف بكوبري قطار الصعيد الذي يبلغ طوله حوالي 495 مترًا، وهو كوبري حديدي يقع شمال القاهرة على نهر النيل ويربط القاهرة والجيزة للربط بين حي بولاق أبو العلا وروض الفرج بحي إمبابة بالجيزة، ويعتبر محورًا رئيسيًا لهيئة سكك حديد مصر، لأنه الوحيد على خط الصعيد الذي يمر فوق النيل، وقد افتتح رسميًا عام 1892م في عهد الخديوي عباس حلمي الثاني. وبعدها دخلت عليه بعض التعديلات الهندسية، ونقل جزء منه إلى محافظة دمياط، وهو الكوبري المعروف بكوبري دمياط حاليًا.
بالإضافة إلى كوبري الجيزة الذي عرف سابقًا باسم كوبري عباس، وقد تغير الاسم بعد ثورة يوليو 1952 إلى كوبري الجيزة، وقد طال التغيير أيضًا النظام الديناميكي للكوبري فقد كان هناك جزء منه يتحرك على شكل صينية لإمكانية فتحه للمراكب الشراعية، وتم إلغاء هذا النظام واستبداله ببناء له انحناء أعلاه في الوسط، وذلك النظام الإنشائي يساعد على تقليل توزيع الأحمال على قواعد الكوبري كما يسمح بمرور المراكب، حتى تقرر إنشاء كوبري آخر في نفس المكان بعد حوالي 60 عامًا من الخدمة ووقف المرور عليه، وبدأ العمل في إزالته وإنشاء الكوبري الحالي، ومع نكسة 1967م توقف العمل به لفترة حتى تم الانتهاء من تشييده وافتتاحه مجددًا عام 1971م.
وأخيرًا، يأتي كوبري بنها، وهو كوبري أثري ببنها ويربط بنها العاصمة مع عدد من القرى والطرق الرئيسية، وكان معبر الطريق الزراعي القديم بين القاهرة والإسكندرية قبل إنشاء كوبري بنها العلوي على الطريق الزراعي المؤدي لمحافظات الوجه البحري.
أما بالنسبة للأنفاق، فيعتبر أقدم وأشهر نفق مصري هو نفق الشهيد أحمد حلمي، وهو أول نفق يربط قارتي أفريقيا وآسيا، ويُعتبر عبورًا جديدًا لقناة السويس، ويربط شبه جزيرة سيناء بمدينة السويس بغرب القناة ومنها إلى باقي مدن مصرنا الغالية، وذلك لتشجيع تعمير سيناء وخصوصًا بعد إنشاء المناطق السياحية.
وقد بدأ العمل به بعد بدء عملية السلام، وسمي بنفق الشهيد أحمد حلمي تكريمًا للأعمال البطولية التي قام بها الشهيد في حرب أكتوبر المجيدة، وسوف نستعرض لاحقًا الخطط التنموية والاقتصادية لتطوير الأنفاق أسفل قناة السويس.
مشروعات وطنية خالدة في ظل الجمهورية الجديدة
ومنذ تولي السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي مقاليد البلاد، توالت الإنجازات الهندسية والوطنية على مدار ما يقرب من 8 سنوات، في مجالات عدة، ونخص منها الكباري والأنفاق ففي إطار الدعم الذي توليه القيادة العامة للقوات المسلحة، والمساهمة في إنجاز المشروعات القومية العملاقة لتنفيذ الخطط التنموية الشاملة بالتعاون مع كافة مؤسسات الدولة ومسئوليتها في الحفاظ على الريادة في الأشراف على المشروعات القومية الكبرى التي يتم تنفيذها بالتعاون مع الشركات الوطنية الكبرى.
ويعد كوبري “تحيا مصر” ضمن محور روض الفرج أحد أهم مشروعات الكباري العملاقة التي تم تنفيذها بمصر في عهد الرئيس عبدالفتاح السيسي وتحت إشراف الهيئة الهندسية للقوات المسلحة لما يمثله من أهمية كبرى في ربط شمال وشرق القاهرة والقليوبية والطريق الدائري بمناطق غرب القاهرة عند طريق مصر الإسكندرية الصحراوي ومدينتي السادس من أكتوبر والشيخ زايد.
ويبدأ المشروع من ترعة الإسماعيلية مرورًا بمنطقة شبرا المظلات وحتى غرب الطريق الدائري في اتجاه الإسكندرية الصحراوي (الكيلو 39) مرورًا بنهر النيل، ويشمل 6 منازل ومطالع بالمظلات و8 مطالع ومنازل بالدائري وكوبري النيل الغربي يبلغ طوله حوالي 400 متر وعرضه 50 مترًا وارتفاعه 14 مترًا من سطح الماء وعرض الفتحة الملاحية 120 مترًا مما يسمح بمرور الفنادق العائمة، وكوبري النيل الشرقي يعد الكوبري الملجم المار أعلى النيل. وتم تسجيله في موسوعة جينيس للأرقام القياسية كأكبر كوبري ملجم على مستوى العالم، من حيث الاتساع والذي يبلغ عرضه 67.3 مترًا، ويضم الكوبري أكبر فتحة ملاحية فوق نهر النيل، حيث يصل عرض الفتحة الملاحية إلى 300 متر وارتفاع الأعمدة إلى 100 متر، ويتحمل الكوبري أوزانًا ثقيلة تصل إلى 120 طنًا، كما يضم الكوبري لأول مرة ممرًا زجاجيًا بطول الكوبري على مسافة 540 مترًا للمشاة. وبكل المقاييس أيضًا يعد محور روض الفرج أضخم المشروعات على الخريطة التنموية، وأُنشئ وفق أعلى المواصفات العالمية، وتم تصميمه بأيادٍ مصرية 100%، وشارك في تنفيذه 4 آلاف مهندس وفني بتكلفه تتجاوز 5 مليارات جنيه.
ويستكمل الكوبري محور الزعفرانة – مطروح، الذي يربط بين البحرين الأحمر والمتوسط، بدءًا من الزعفرانة مرورًا بطريق الجلالة، ثم طريق القاهرة – العين السخنة، محور الشهيد، إضافة إلى امتداد محور المشير، ومنه إلى محور الفنجري.
تطَلَّب إنشاء وتطوير مجموعة من الطرق والكباري لنقل الحركة المرورية من محور الزعفرانة – مطروح إلى داخل القاهرة والعكس، حيث تم رفع تطوير وتوسعة محور الشهيد، كما تم إنشاء امتداد محور المشير بهدف إنشاء محور مروري جديد لتخفيف الكثافة المرورية على محور الشهيد، إضافة إلى ربطه بكوبري السادس من أكتوبر لخدمة القادم من وسط القاهرة والمتجه إلى القاهرة الجديدة والعين السخنة باتجاهين. ولتيسير الحركة المرورية، تم إنشاء كوبري المقدم شهيد أحمد أبو النجا، وكوبري نقيب شهيد أحمد حافظ شوشة أعلى محور أبو زيد خضر.
ومن الناحية الإنشائية للكوبري فتبدأ عملية تنفيذ أول مراحل الكوبري من خلال صب وتنفيذ أساسات البرجين العملاقين اللذين يطلق عليهما “بايلون”، وهذه الأساسات عبارة عن مخدات أعلى مجموعة من الخوازيق الرأسية عالية المقاومة والتي تساعد على نقل الأحمال الواقعة على المخدات إلى الأرض.
وجسم الكوبري يكون عبارة عن كمرات معدنية رئيسية وثانوية، يتم تجميعهم وتركيبهم داخل الموقع باستخدام الأوناش والعمالة الفنية المصرية المدربة، وقد وصل وزن الجسم المعدني للكوبري إلى 12 ألف طن، ثم يتم تغطية الجسم المعدني ببلاطات خرسانية عالية المقاومة لتركيب الأسفلت والفواصل الإنشائية عليها تمهيدًا لسير السيارات والمركبات المختلفة على الكوبري.
ويعتبر أهم العناصر الإنشائية للكوبري هي الأبراج الخرسانية العملاقة “البايلون” التي يصل طول الواحد منها إلى 92 مترًا وتكون من الخرسانة عالية المقاومة، وتم استخدام حوالي 20 ونشًا في تنفيذ الكوبري بحمولات مختلفة تصل إلى 600 طن للونش.
بالإضافة إلى الكابلات الحاملة لجسم الكوبري الرئيسي، وهي كابلات شديدة التحمل لقوى الشد والتي وصل عددها إلى 160 كابل، ويتم توزيع الكابلات بين البرجين والتي تنقل أحمال وزن الكوبري إلى الأبراج والتي بدورها تنقل الأحمال إلى الأساسات ومنها إلى الأرض.
كما يتم حماية الكابلات عن طريق صب جراوت داخل أسطوانات الكابلات. ومن الجدير بالذكر أن كمية الخرسانات بالكوبري وصلت إلى مليون متر مكعب، بالإضافة إلى استخدام حديد تسليح وصل إلى 290 ألف طن حديد.
وقد حصل مشروع كوبري “تحيا مصر” ومحور روض الفرج على جائزة من مجموعة MEED الدولية، وذلك ضمن أفضل 7 مشروعات على مستوى الشرق الأوسط وأفريقيا، ومن الجدير بالذكر أن المؤسسة أشادت بمدى الاحترافية التي نفذت بها المشاريع، ومدى الدعم المقدم من الهيئة الهندسية للقوات المسلحة والمكتب الاستشاري للمشروع لإنجازه بمعدلات أزمنة قياسية، وبمواصفات ومعايير جودة عالمية. وتعد مؤسسة MEED العالمية المعنية بالمشروعات الكبرى ذات الأهمية الاستراتيجية بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وتهدف إلى وضع المعايير والأسس التي يتم من خلالها إبراز أفضل المشروعات التي يتم إنشاؤها حديثًا.
وكما هو الحال في محور روض الفرج وكوبري تحيا مصر، نجد أنفاق قناة السويس التي تعد من المشروعات المصرية الوطنية في العصر الحالي والتي صُممت ونفذت بأيادٍ مصرية وخبرة عالمية في زمن قياسي، حيث لم تتجاوز مدة التنفيذ 3 سنوات، وشارك فيها عشرات الآلاف من مهندس وفني وعامل مصري تحت إشراف الهيئة الهندسية للقوات المسلحة من خلال التحالف الاستشاري الأجنبي المصري. وتأتي أهمية أنفاق قناة السويس لتسهل حركة العبور والنقل بين سيناء والوادي، مما يعمل على زيادة ازدهار اقتصاد البلاد خلال المرحلة المقبلة.
أنفاق قناة السويس البالغ عددها 6 أنفاق، تتمثل في نفقي الإسماعيلية والتي تصل إلى سيناء ذهابًا وإيابًا في مدة زمنية تتراوح من 15 إلى 20 دقيقة، ونفقي بورسعيد والتي تربط غرب مدن القناة بشرقها لتسهيل حركة التجارة في منطقة إقليم قناة السويس، هذا بجانب نفق الشهيد أحمد حمدي بالسويس ونفق الشهيد أحمد حمدي 2 بمنطقة السويس أيضًا.
تربط أنفاق قناة السويس الجديدة شبه جزيرة سيناء بمدن غرب القناة ومنها إلى باقي مدن الجمهورية والسرعة المقررة داخل الأنفاق تعادل 60 كم تحت رقابة الرادار، كما تمر الأنفاق أسفل سطح الأرض والمجرى الملاحي لقناة السويس بعمقي في حدود 70 و53 مترًا تقريبًا.
يبلغ طول الأنفاق أسفل قناة السويس في حدود 5 آلاف و820 مترًا تقريبًا، بالإضافة إلى أنه تم ربط أنفاق قناة السويس بمجموعة من الممرات العرضية المتكررة كل 500 متر من طول النفق، والتي تستخدم في عمليات إخلاء الأفراد في حالات الطوارئ، لزيادة معدل الأمان وأيضًا كاميرات مراقبة، ويتضمن كل نفق حارتين للسيارات.
ومن فوائد أنفاق قناة السويس أنها تربط من مدينة رفح المصرية شرقًا وحتى مدينة السلوم غربًا بجانب ربط الطريق الدولي الساحلي شرق وغرب القناة، بالإضافة إلى خدمة سيناء شرق بورسعيد والمنطقة الحرة الاستثمارية، كما توفر الأنفاق فرص استثمار جديدة بصحراء شبه جزيرة سيناء.
كما تستهدف الدولة المصرية من إنشاء الأنفاق أسفل القناة، زيادة نقاط الاتصال بين سيناء الحبيبة وباقي محافظات مصر بما يسهل نقل البضائع بمختلف أنواعها الزراعية والاستهلاكية والصناعية ومن ثم تنشيط حركة التجارة في مدن القناة.
كما تساهم أنفاق قناة السويس في تشجيع الاستثمار بالمنطقة الاقتصادية لقناة السويس والتي تتضمن 6 مواني و4 مناطق صناعية متفرقة على امتداد الممر المائي لقناة السويس.
وقد شرفت أنفاق قناة السويس بزيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي وافتتاحها في عام 2019 وذلك ضمن إطار خطة التنمية الشاملة للدولة لربط سيناء بقلب الوطن عبر مدن القناة التي أرساها الرئيس عبد الفتاح السيسي.
وكما حصل كوبري تحيا مصر ضمن محور روض الفرج على جوائز عالمية وإدراجه بموسوعة جينيس للأرقام القياسية، فقد حصل مشروع أنفاق قناة السويس على لقب مشروع العام بمجموعة MEED والتي نُفّذت تحت إشراف الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، بالتعاون مع تحالف المقاولين والمهندسين الاستشاريين، وقد أشادت المؤسسة بمدى الاحترافية التي نفذت بها المشاريع، والمعدلات الأزمنة القياسية، وبمواصفات ومعايير جودة عالمية المطبقة بالمشاريع.
ومن الناحية الفنية والإنشائية، فقد تم تنفيذ أنفاق قناة السويس باستخدام 4 ماكينات حفر عملاقة والتي تم شراؤها من دولة ألمانيا، ويصل وزن الماكينة الواحدة إلى 2400 طن ويصل قطرها أثناء التشغيل إلى 13 مترًا.
ويتم تجميع تركيب الماكينات العملاقة في موقع النفق باستخدام الأوناش والعمالة المصرية المدربة، حيث يتم إنشاء غرفتين لكل نفق، واحدة بالبر الغربي للقناة لاستخدامها في تركيب الماكينة وبدء أعمال الحفر، والأخرى في البر الشرقي للقناة لفك الماكينة ونقلها إلى موقع آخر بعد انتهاء أعمال الحفر.
وأثناء عملية الحفر يتم تركيب الحلقات الخرسانية لكل 2 متر طولي والحقن بجراوت وتركيب الجوانات لمنع تسرب المياه الجوفية إلى داخل النفق، ويتم الحفر تدريجيًا وصولًا إلى غرفة إخراج الماكية بآخر النفق، وقد وصل معدل التنفيذ اليومي لأعمال الحفر إلى 36 مترًا طوليًا يوميًا وهو معدل عالٍ لحفر الأنفاق يحسب للشركات المصرية المنفذة لأنفاق قناة السويس تحت إشراف وإدارة الهيئة الهندسية للقوات المسلحة.
وبعدها تبدأ مرحلة تشطيب النفق داخليًا وتمهيده لمرور السيارات والمركبات المختلفة.
والآن أصبحت نقاط العبور لأرض سيناء الحبيبة والغالية عديدة، ومنها كوبري السلام المعلق أعلى قناة السويس بمنطقة القنطرة والذي افتُتح عام 2001م بالإضافة إلى مجموعة أنفاق تم تصميمها وتنفيذها وافتتاحها في عهد السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي تتمثل في نفقي الإسماعيلية والتي تصل إلى سيناء ذهابًا وإيابًا في مدة زمنية أقصاها 20 دقيقة، ونفقي بورسعيد والتي تربط غرب مدن القناة بشرقها لتسهيل حركة التجارة في منطقة إقليم قناة السويس، ونفق أحمد حمدي 2 بمنطقة السويس، هذا بجانب نفق الشهيد أحمد حمدي بالسويس، أيضًا.
وكذلك مجموعة من الكباري العائمة التي يصل عددها إلى 5 كباري عائمة وهي: كوبري الشهيد أحمد المنسي في المنطقة 6 بالإسماعيلية، والثاني هو كوبري الشهيد أبانوب جرجس في القنطرة، أما الكوبري الثالث فهو كوبري طه زكي في سرابيوم، وكوبري الشط في السويس، علاوة على كوبري النصر في بورسعيد، بالإضافة إلى كوبري الفردان أعلى قناة السويس.
ومن الجدير بالذكر أن كوبري السلام أعلى قناة السويس هو أقدم كوبري معلق في جمهورية مصر العربية والذي افتتحه الرئيس الراحل محمد حسني مبارك عام 2001م ويصل ارتفاعه إلى 70 مترًا فوق قناة السويس، والذي استغرق بناؤه 4 سنوات، ويبلغ طول الجزء المعلق حوالي 730 مترًا، وتم إنشاؤه بحيث يسمح بخلوص ملاحي حر، والذي اعتُبر وقت إنهائه أعلى خلوص ملاحي في العالم.
أما ثاني كوبري معلق في مصر فهو كوبري أسوان المعلق الذي تم افتتاحه عام 2002م، كما استخدم في تنفيذ الكوبرين المعلقين الكابلات المعدنية عالية التحمل لقوى الشد لحمل جسم الكوبري.
كما يعد كوبري أسوان المعلق من العلامات الجمالية المميزة، حيث يكاد يتطابق في تصميمه مع شكل السفينة الفرعونية وتطفو فوق نهر النيل، ويصل طول الكوبري إلى 10 كم ويبلغ ارتفاع برجي تعليق جسم الكوبري بالكابلات إلى 75 مترًا للبرج الواحد، وقد استخدمت الخرسانة المسلحة عالية المقاومة في الخوازيق والمخدات والأعمدة، أما بلاطات جسم الكوبري فكانت من الخرسانة سابقة الإجهاد.
وفي الأخير، نجحت الدولة المصرية بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي منذ يونيو 2014 حتى الآن، في تثبيت أركان الدولة وإعادة بناء مؤسساتها الوطنية، من دستور وسلطة تنفيذية وتشريعية، ليشكلوا مع السلطة القضائية بنيانًا مرصوصًا، واستقرارًا سياسيًا يترسخ يومًا بعد يوم، كذلك نجحت الدولة المصرية في إحداث نهضة اقتصادية كبرى، وتنفيذ عملية إصلاح اقتصادي شامل مخطط ومدروس، وبدأ المصريون عملية جني الثمار الخاصة به، حيث تسير الدولة المصرية بخطوات سريعة وجادة من أجل المرور الآمن إلى الجمهورية الجديدة.
كما استعادت الدولة المصرية مصداقيتها والثقة فيها، ووضعت السياسات والتشريعات التي حفزت على الاستثمار، كما نالت مصر ثقة كل المؤسسات الدولية في مجالات تحقيق التنمية الشاملة وبناء دولة جديدة، وقد انعكس ذلك في العديد من مؤشرات الأداء في مختلف قطاعات الإنتاج، ولعل أكبر شاهد على ذلك المشروعات القومية الكبرى التي تُبنى على سواعد أبناء هذا الوطن العظيم.
المراجع
- استعلامات الشئون المعنوية للقوات المسلحة.
- مجلة نقابة المهندسين عدد 622.
- تقارير مؤسسة جايكا العالمية.