هناك نقاش متزايد حول مخاطر الذكاء الاصطناعي، خاصة بعدما أقدم عراب هذا الذكاء، جيفرى هينتون-الذى أحدثت اعماله على تطوير الشبكات العصبية الاصطناعية، ثورة فى عالم التكنولوجيا الحديثة، وحجر أساس لتطوير آلات شبيهة بالدماغ البشري- على الاستقالة من منصبه فى غوغل، بعد شعوره بتحول مفاجئ فى رؤيته لهذه التقنية، وكيف أنها يمكن أن تتجاوز الإنسانية مستقبلا، معترفا بالندم على دوره فى تطويره. أيضا بعدما طالب أكثر من ألف شخص ممن أسهموا فى تطوير برنامج تشات جى بى تي، فى رسالة مفتوحة، بالتوقف عن تطوير هذه الأنظمة لستة أشهر لفهم مخاطرها.
فى سؤال لأحد البرامج، التى أحدثت ضجة فى عالم التكنولوجيا، عن مخاطر الذكاء الاصطناعي، أجاب البرنامج بأن للذكاء الاصطناعى بعض الأضرار المحتملة، منها:
1. فقدان الوظائف: يُعد هذا الجانب أحد أبرز القلق المتعلق بالذكاء الاصطناعي. قد يؤدى تطبيق الذكاء الاصطناعى فى بعض الصناعات إلى تجاوز العمل البشرى وتلقين المهام الميكانيكية للآلات، مما يتسبب فى فقدان وظائف للبشر.
2. تهديد الخصوصية: يُتطلع الذكاء الاصطناعى إلى جمع وتحليل كميات ضخمة من البيانات الشخصية. هذا الأمر يثير مخاوف بشأن الخصوصية واستخدام البيانات الشخصية بطرق غير مرغوب فيها أو غير قانونية.
3. الأخطاء والتحيز: على الرغم من تطور التقنيات، فإن الذكاء الاصطناعى لا يزال عرضة للأخطاء والتحيزات. قد يكون لتحليل البيانات المعينة أو تدريب النماذج الذكية تأثير غير متوقع، مما يؤثر على دقة وعدل النتائج التى يقدمها.
4. تبعات اجتماعية واقتصادية: قد يؤدى تبنى الذكاء الاصطناعى إلى تفاقم الفجوات الاجتماعية والاقتصادية. قد يتم توجيه الاستثمار والتطوير نحو القطاعات الغنية، مما يؤدى إلى تفاقم العدالة الاجتماعية وتحقيق فوارق أكبر بين الأفراد والمجتمعات.
تأكيدا لما عرضه البرنامج من مخاطر ناجمة عن استخدامه، توقع تقرير المنتدى الاقتصادى العالمى أن تؤدى التقنيات الزراعية والتطبيقات الرقمية والتجارة الإلكترونية إلى اضطراب كبير فى سوق العمل، وتغير هيكلى يشمل 23% من الوظائف فى السنوات الخمس المقبلة. وحول مستقبل الوظائف من 2023 إلى 2027، اظهر ذات التقرير أنه من بين 673 مليون وظيفة شملها التقرير، يتوقع حدوث نمو بمقدار 69 مليون وظيفة، مقابل تراجع بمقدار 83 مليون وظيفة، بانخفاض قدره 14 مليون وظيفة، أو 2% من العمالة الحالية. وأشار التقرير إلى أن 44% من الفرص سوف تتراجع فى السنوات الخمس المقبلة بتأثير من التكنولوجيا والرقمنة، وأن ثمة وظائف ستكون الأكثر تراجعا مثل الأعمال الكتابية أو السكرتارية وصرافى البنوك والخدمات البريدية وإدخال البيانات.
فيما يتعلق بتهديد الخصوصية، يتهم الذكاء الاصطناعى بالوصول غير المصرح به للبيانات الشخصية وجمعها وتخزينها دون علم وموافقة الفرد. وتشير مجموعة من التقارير الى انه يمكن استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعى للمراقبة الشاملة، مما يقلل من حرية التعبير والتجمع، ويمكن أن يؤدى فى بعض الأنظمة السلطوية إلى قمع المعارضة والنشاط السياسي.ويعتمد الذكاء الاصطناعى على تقنيات التعرف على الوجه،من خلال ما يعرف ببصمة الوجه، مما يجعل بعض المجتمعات وكأنها تعيش داخل سجن كبير محاط بكاميرات الذكاء الاصطناعي، التى لديها القدرة على تمييز هويات الناس وتتبعهم بحسب عرقهم أو لونهم أو شكل وجههم.
أيضا، تعتمد أنظمة الذكاء الاصطناعى على مجموعات كبيرة من البيانات منها معلومات أحيانا تكون غير دقيقة حول الأفراد، يتم جمعها ومشاركتها ودمجها وتحليلها بطرق متنوعة وغير معروفة فى الغالب. بناء على هذه البيانات، أصبحت أنظمة الذكاء الاصطناعى تحدد من يحصل على الخدمات العامة، ومن يتمتع بفرصة الحصول على وظيفة، ومن لا يستحق ذلك. من هنا تأتى المخاوف من معاملة بعض الأشخاص معاملة غير عادلة، مثل حرمانهم من بعض المستحقات او بعض الحقوق المدنية او تقييد حرياتهم بسبب بيانات خاطئة. كما هناك مخاوف من استغلال قدرة الذكاء الاصطناعى على تحليل كميات هائلة من المعلومات فى توجيه رسائل معينة لبعض المجتمعات من أجل التأثير عليها وعلى اختياراتها وآرائها.
أمام هذه المخاطر التى تؤثر على المستقبل الإنساني، هناك حاجة لكبح جماح هذا الغزو التكنولوجى من خلال تطوير سياسات وأطر قانونية مناسبة للتحكم فى استخدامه، ووضع قيود على الشركات المطورة له، وفرض رقابة صارمة لمنع اختراقه لخصوصية الأشخاص او التحكم فيهم وفى مستقبلهم.