تشهد الجزائر منذ عدة أسابيع اضطرابات سياسية كبيرة، ربما تمثل نقطة التحول الأضخم في تاريخ البلاد بعد سنوات “العشرية السوداء” في تسعينيات القرن الماضي. ولا شك أن النظام السياسي في الجزائر سيشهد تغييرات كبيرة وعميقة على إثر هذه الاضطرابات. لقد خرج الرئيس الجزائري “عبدالعزيز بوتفليقة” من السلطة، لكن تبقى المخاوف كبيرة على الجزائر، لأن الاستقرار لن يأتي سريعًا. بل ومن المرجّح (في ظل غياب التوافق حول رؤية لتسوية الخلافات) أن تؤدي الاضطرابات إلى تحديات أمنية عميقة، ليس فقط لجهة أثر الاضطرابات السياسية والاقتصادية، ولكن أيضًا -وهو الأهم- لأن هذه الاضطرابات ربما توفر فضاء مهمًّا لبعض التنظيمات الإرهابية الجزائرية العابرة للحدود كي تنشط وتتوسع داخل الجزائر.
والشاهد هنا ذلك التسجيل الصوتي الذي بثته مؤسسة “الأندلس” (الذراع الإعلامية لتنظيم “القاعدة في المغرب الإسلامي”) لـ”يوسف عنابي”، الرجل الثاني في التنظيم، في العاشر من شهر مارس 2019، أي قبل ساعات قليلة من إعلان الرئيس الجزائري “عبدالعزيز بوتفيلقة” تراجعه عن الترشح لفترة رئاسية خامسة. وجاء التسجيل بعنوان: “الجزائر والخروج من النفق المظلم”. بدأ فيه “العنابي” كلمته بتكفير الرئيس “عبدالعزيز بوتفليقة” والنظام الجزائري كله. وأشار إلى حضور التنظيم في الاحتجاجات الحالية بالجزائر، ودعا المحتجين إلى التعاون والتكاتف مع من أسماهم “المرابطين” في الجبال المحيطة بهم منذ 25 عامًا، من أبناء تنظيم “القاعدة”؛ من أجل إسقاط النظام كله، وليس الرئيس “بوتفليقة” وحده. وتوجه العنابي إلى المحتجين من الشعب الجزائري بقوله: “إن معركتكم التي تخوضونها الآن من أجل إسقاط النظام هي نفسها معركة إخوانكم وأبنائكم المجاهدين المرابطين في الجبال المجاورة لكم قرابة ربع قرن، فلنواصل سويًّا الجهاد والنضال والمقاومة..”.
صحيح أن هناك من يجادل بالقول إن ذكريات “العشرية السوداء” لا تزال حاجز صد مهمًّا بين معظم الجزائريين والجماعات السلفية الجهادية التي تمارس العنف والإرهاب. لكن هذا لا يعني أن فرص ازدهار هذه الجماعات في جزائر مضطربة ستكون منعدمة، أو أن خطر هذه الجماعات قد انتهى، خاصة وأن لهذه الجماعات جذورًا قوية في الجزائر. كما أنها تبذل محاولات حثيثة للتسلل إلى خلفية مشهد الاضطرابات هناك. ويكفي هنا أن تحشد حولها العشرات أو المئات من العناصر، كي تلتقط أنفاسها وتستغل أي فراغ أمني يتخلف عن ازدياد حدة الاضطرابات، ومن ثم إعادة انتشار قوات الأمن في الداخل، بعيدًا عن مناطق الحدود التي تُمثّل أبرز الثغرات التي يمكن أن تتسلل منها العناصر الإرهابية.
دروس دول الجوار
ربما أحد أهم الدروس المستفادة من تجارب دول الجوار في شمال إفريقيا يتمثل في أن النشاط الإرهابي يبدو مقترنًا بالاضطرابات، حتى في تلك الساحات التي لم تكن قد شهدت من قبل مستوى كثيفًا من النشاط الإرهابي. أما ليبيا التي خاضت، مثل الجزائر، صراعًا طويلًا وناجحًا ضد “السلفية الجهادية” (أجبر “الجهاديين” الليبيين على السفر إلى أماكن أخرى مثل العراق وسوريا لمواصلة معركتهم) فقد عاد إليها العديد من هؤلاء “الجهاديين” بمجرد أن بدأ “القذافي” يفقد قبضته على البلاد، حيث وطدوا أركانهم شرق البلاد، خاصة في درنة وبنغازي. وبعد سقوط نظام “القذافي”، انفجرت الدولة الليبية، ودخلت في حرب أهلية وانقسامات متتالية، وفُتِحَت النوافذ على مصراعيها أمام مجموعة متنوعة من الميليشيات المتطرفة كي تزدهر هناك. ويومًا ما (حتى تم طردها) كان تنظيم “داعش” في سرت أقوى فرع تابع لـ”داعش” خارج سوريا والعراق، فضلًا عن كونه الفرع الأكثر ارتباطًا بنواة التنظيم.
كذلك شهدت مصر تزايدًا في مستويات العنف والإرهاب عقب الاحتجاجات التي أطاحت بالرئيس “مبارك”. وبعد ذلك بعامين، عندما أطاحت ثورة الثلاثين من يونيو بـ”محمد مرسي” ونظام الإخوان المسلمين، لم تؤدِّ الأحداث إلى تزويد الإرهابيين بمساحة لالتقاط الأنفاس فحسب، بل دفعت العديد من مؤيدي جماعة الإخوان نحو ممارسة العنف والإرهاب عبر تنظيمات جديدة أحيانًا، وفي أحيان أخرى عبر الانضمام إلى تنظيمات سلفية جهادية نشطة بالفعل.
على النقيض من ذلك، لم تشهد تونس أزمة سياسية حادة في أعقاب ما سُمِّي بالربيع العربي، لكن المتطرفين الإسلاميين وجدوا مساحة إضافية كي يعززوا صفوفهم. فمن ناحية، سمحت “الديمقراطية” لحزب النهضة الإسلامي بالفوز في الانتخابات. وسمح “النهضة” بدوره للسلفيين الجهاديين بالعمل والنشاط داخل تونس، بدعوى مساعدة “الثورة السورية”. ولكنّ دَفْعَ التونسيين نحو التطرف كانت له آثار سلبية ضخمة على الداخل التونسي، في صورة موجة من الأحداث الإرهابية الضخمة، كان أبرزها اقتحام مجموعة من السلفيين السفارة الأمريكية في تونس في سبتمبر 2012، ما تسبب في تخريب موقف السيارات في السفارة والمدرسة الأمريكية المجاورة. وأيضًا الهجوم على متحف باردو وسط مدينة تونس في مارس 2015، ما أسفر عن مقتل 23 شخصًا، معظمهم من السياح الأوروبيين. وبعد ثلاثة أشهر على حادث باردو، هاجم مسلح منتجعًا سياحيًّا في سوسة، ما أسفر عن مقتل 37 شخصًا من بينهم سائحون بريطانيون وألمان وبلجيكيون.
فإذا كانت بلدان لم تشهد يومًا نشاطًا إرهابيًّا مكثفًا مثل مصر وتونس، شهدت ازدهارًا في نشاط وعدد الجماعات الإرهابية النشطة على أراضيها في أعقاب الاضطرابات السياسية؛ فما بالنا بالجزائر التي خاضت حربًا أهلية دموية استمرت نحو عشر سنوات ضد الجماعات الإسلامية المسلحة.
خريطة التنظيمات الإرهابية في الجزائر
وفقًا لتقييمٍ لمكتب مدير الاستخبارات الوطنية بالولايات المتحدة (ODNI) حول التهديدات العالمية، نُشِرَ في 29 يناير 2019، تعد الجزائر واحدة من الدول التي ينشط فيها تنظيما “القاعدة” و”داعش”.
وكانت الجزائر منذ أن حملت “جبهة الإنقاذ الإسلامية” عام 1991 السلاح، قد عانت من مواجهات دامية استمرت عشر سنوات، وخلفت وراءها أكثر من 150 ألف قتيل. وبعد انتخابه عام 1999 تمكن “بوتفليقة” من إقناع معظم المعارضة الإسلامية بالعودة إلى الحياة السياسية مع إصدار عفو عام. لكن الفصائل الإسلامية الأكثر تطرفًا، مثل “الجماعة الإسلامية المسلحة” والجماعة التي خرجت من رحمها “الجماعة السلفية للدعوة والقتال” استمرت في معارضتها المسلحة. وبعد تلقيها الدعم من تنظيم “القاعدة” بقيادة “أسامة بن لادن” آنذاك، أعلنت منظمات مثل “الجماعة السلفية للدعوة والقتال” علانية بيعتها للقاعدة عام 2003.
وفي الذكرى الخامسة لأحداث 11 سبتمبر، انضمت الجماعة السلفية للدعوة والقتال رسميًّا إلى “القاعدة”، وأعادت تسمية نفسها باسم “تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي”. وقامت الجماعة بعدها بتنفيذ هجمات كبيرة ضد قوات الأمن، بما فيها هجمات انتحارية كبيرة، مثل الهجوم على مركزين للشرطة في عام 2006، وتفجير انتحاري مزدوج في الجزائر العاصمة في أبريل 2007.
وبحلول عام 2010، بدأت وتيرة هجمات “القاعدة” في بلاد المغرب الإسلامي تتراجع بدرجة كبيرة، إلى أن تقلصت منطقة عمليات “القاعدة” في بلاد المغرب الإسلامي إلى حد كبير. ويقتصر نشاط الجماعة على مناطق جنوب تيزي وزو في منطقة القبائل، وربما جبال أوريس في شرق البلاد. وتشكل جغرافيا هذه المناطق مشاكل كبيرة أمام جهود مكافحة الإرهاب؛ فبسبب وعورة التضاريس، يصبح من الصعب مراقبة واستخدام طائرات الهليكوبتر الحربية أو نيران المدفعية. بالإضافة إلى ذلك، تمنع المنحدرات الحادة استخدام المركبات المدرعة. أخيرًا، فإن كثرة الوديان والأودية في المنطقة تعني أن الدوريات البرية معرضة لكمائن الإرهابيين. وفي الواقع، تدرك أجهزة الأمن الجزائرية جيدًا تحديات اختراق جبال القبائل التي وفرت من قبل الملاذ الآمن وقاعدة الانطلاق للمناضلين الجزائريين في هجماتهم ضد جنود الاحتلال الفرنسي خلال حرب الاستقلال الجزائرية.
لكن، على الرغم من تراجع الهجمات، لم تكن الجزائر يومًا خالية من تهديد الإرهاب. ففي مارس 2016 شهدت الجزائر هجومًا كبيرًا للقاعدة في المغرب الإسلامي، ضد منشأة للغاز في منطقة “عين صالح”. أيضًا وقعت هجمات كثيرة من جهة تنظيم “جند الخلافة” التابع لـ”داعش”، بدءًا من سبتمبر 2014 بقتل سائح فرنسي على جبل تكجدة في جنوب تيزي وزو. وبلغت تلك الهجمات ذروتها بوقوع عدد من العمليات الكبيرة خلال عام 2017، بما في ذلك محاولة تفجير في أبريل 2017 في قسنطينة. وفي يونيو 2017 هجوم على دورية عسكرية بالقرب من البليدة. وفي 13 أغسطس من العام ذاته تفجير انتحاري استهدف مركزًا للشرطة في تيارت.
ومع ذلك، لم يقع أي تفجير إرهابي في أي مكان في الجزائر خلال العام الماضي 2018. واستمر الوضع هكذا خلال الشهرين الأولين من عام 2019، في تناقض مع النشاط الإرهابي الملحوظ على الحدود الشرقية والغربية للجزائر. ففي تونس يواصل تنظيم “جند الخلافة” الموالي لداعش شن هجمات دورية، بما في ذلك قطع رأس مواطن في فبراير 2019 بالقرب من جبل مغيلة. وفي الغرب من الجزائر -حيث المغرب- قُتِلَت سائحتان في ديسمبر 2018 وقيل إنه هجوم مستوحى من “داعش”.
“القاعدة في المغرب الإسلامي” تناور للعودة إلى الجزائر
على الرغم من تراجع نشاط “القاعدة في المغرب الإسلامي” في الجزائر -كما ذكرنا أعلاه- إلا أنها لم تتخلَّ أبدًا عن طموحاتها هناك، ولا تزال تبذل الجهود كي تستعيد نشاطها بالجزائر. وقد أصدر التنظيم سلسلة من البيانات على مدار العامين ونصف العام الماضي حث فيها الأعضاء والأتباع والمتعاطفين معه على عدم التخلي عن القتال في الجزائر. ففي بيانها الذي أعلنت فيه مسئوليتها عن هجوم “عين صالح” في مارس 2016، قال تنظيم “القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي” إنه قام بالهجوم لمنع ثروات الجزائريين من الموارد الطبيعية من أن تختلسها الشركات الأجنبية، وحاول البرهنة على أنه كان يقاتل من أجل مصالح الجزائر والجزائريين.
وبعد تسعة أشهر (في يناير 2017) ناشد تنظيم “القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي” الجزائريين مرة أخرى القتال ضد الدولة. أما في 30 أكتوبر 2018، فقد ادعى الرجل الثاني في التنظيم “يوسف العنابي” أن الدولة تحارب الإسلام بحظرها النقاب في المدارس العامة. ومن ثم حث الجزائريين على قتال الدولة. وكرر الأمر ذاته في 21 يناير 2019، وأكد في بيانه ضرورة عدم استسلام “القاعدة في المغرب الإسلامي” على الجبهة الجزائرية، مطالبًا الجزائريين بالفرار من الجيش الجزائري وعدم دفع الضرائب.
وبعد شهر، أي في 18 فبراير 2019، أصدرت مؤسسة “الأندلس” (الذراع الإعلامية للقاعدة في بلاد المغرب الإسلامي) بيانًا آخر ادعت فيه مرة أخرى محاربة الجزائر للإسلام. وقدم تنظيم “القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي” نفسه كمدافع عن “40 مليون جزائري مسلم”. وفي العاشر من شهر مارس 2019، وقبل ساعات قليلة من إعلان الرئيس الجزائري “عبدالعزيز بوتفيلقة” تراجعه عن الترشح لعهدة رئاسية خامسة، بثت مؤسسة الأندلس ذلك التسجيل الصوتي للعنابي، على النحو الذي سبقت الإشارة إليه.
وحاول “العنابي” تبرئة التنظيم من أي عمل تخريبي يحدث خلال الاحتجاجات الحالية، زاعمًا أن النظام الجزائري قد يفتعل بعض الأعمال التخريبية لاتهام المحتجين أو التنظيم بفعل ذلك، ليكون ذريعة لمنع إسقاطه. كما حاول التلاعب بمشاعر الجزائريين، مؤكدًا أن بنادق ورشاشات التنظيم لم تكن موجهةً إليهم في يوم من الأيام، بل كانت وما زالت موجهة للنظام وحده فقط.
لماذا تمنح “القاعدة” أهمية كبيرة للجزائر؟
من المعروف أن تنظيم “القاعدة في المغرب الإسلامي” أصبح منذ مارس 2017 تحت مظلة “جماعة نصرة الإسلام والمسلمين”، ويحقق نجاحات كثيرة -وفقًا لحسابات التنظيم- خارج حدود الجزائر الجنوبية، ومع ذلك تُولي “القاعدة في المغرب الإسلامي” أهمية خاصة للجزائر.
أحد التفسيرات المحتملة لذلك هو أن الجزائر كانت مسقط رأس كلٍّ من جماعات السلفية الجهادية ذات الطابع المحلي في منطقة المغرب الكبير، وكذلك الجماعات العابرة للحدود الوطنية المرتبطة بداعش أو بالقاعدة. بل تعد الجزائر جزءًا أساسيًّا من تطور تنظيم “القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي”. والشاهد هنا أنه حتى مع توسع عمليات “القاعدة” إلى ما وراء الجزائر، وتجاوز أنشطتها في مالي والنيجر تلك الموجودة في الجزائر نفسها؛ ظلت القيادة الأساسية لــ”القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي” موجودة في الجزائر، بما في ذلك الرجل الأول في التنظيم “عبدالملك دروكدال”، حيث لا يزال ينشر بياناته، ولم يتخلَّ أبدًا عن مسقط رأس الجماعة، حتى على الرغم من التزامها الجديد بما يُسمى “الجهاد العالمي” بحسب رؤية تنظيم “القاعدة”.
هناك سبب آخر لاهتمام “القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي” بالجزائر، يتمثل في أن الأخيرة تُعد أكبر دولة في إفريقيا من حيث المساحة، ولديها جيش كبير مجهز جيدًا، ولها مركز ثقل كبير في منطقة شمال إفريقيا، وبالتالي فإن تنفيذ هجمات فيها أو التوسع هناك يعني الكثير بالنسبة لتدعيم سمعة ومكانة “القاعدة” في مواجهة “داعش” التي تحاول منافستها على استقطاب عناصر السلفية الجهادية. فإذا تمكنت “القاعدة في المغرب الإسلامي” من العودة إلى الجزائر وتمكنت من تنفيذ هجوم كبير، فإنها بذلك ستستعيد سمعتها كقوة ينبغي التحسب لها. وفي مقابل ذلك، إذا تخلت الجماعة الآن عن الجزائر وانسحبت من هناك بالكامل، فسيكون هذا بمثابة اعتراف بأنها هُزِمَت من حيث جاءت، وأن الدولة الجزائرية التي حاربت ضدها قد فازت.
من ناحية ثالثة، يبدو أن كلًّا من “دروكدال” و”العنابي” يتمسكان بالأمل في أن يعيدهما النشاط على الجبهة الجزائرية إلى أمجادهما السابقة (قبل الانخراط مع مجموعتين جهاديتين ماليتين، هما “أنصار الدين” و”جبهة تحرير ماسينا”، وشكلوا معًا “جماعة نصرة الإسلام والمسلمين” بقيادة “إياد أغ غالي” من مالي) عندما كانت الجماعة في غالبيتها عربية، وعندما كانت تنشط وتمارس عملياتها في موطن أعضائها، وعندما كانت الجماعة مرهوبة الجانب.
أثر الاضطرابات ومحورية دور الأمن في مكافحة الإرهاب
هذه المحاولات للقاعدة في المغرب الإسلامي، وإن بدا الآن أنها ذات أثر قليل، ربما تتكثف وتغدو فرصها أعلى خلال المرحلة المقبلة، لأن مفتاح احتواء “الجهاديين” الجزائريين كان بذل جهود ضخمة ومستمرة من قِبَل قوات الأمن الجزائرية. فبحسب ما أشارت إليه بيانات لوزارة الدفاع الجزائرية، قامت أجهزة الأمن الجزائرية “بالقضاء” على أكثر من 500 إرهابي خلال الفترة من 2015 إلى 2018. وعلى امتداد أجزاء من حدودها الضخمة على الأقل، نشرت الجزائر أجهزة مراقبة طويلة المدى ذات قدرات رؤية ليلية. بالإضافة إلى ذلك، قامت الجزائر بنشر سلاح جوي (في المقام الأول طائرات هليكوبتر، ومؤخرًا طائرات بدون طيار أيضًا) وقوات برية في المناطق الحدودية للمراقبة والدوريات والاستجابة للحوادث. ومع ذلك، من المهم الاعتراف بأن الجزائر هي أكبر بلد في إفريقيا من حيث مساحة اليابسة، وحدودها طويلة ونائية، ما يجعل من الصعب مراقبتها بشكل دائم. فإذا أجبرت الاضطرابات الجزائرية الأجهزة الأمنية على تقليص تلك الجهود، فقد يعود “الجهاديون” مرة أخرى. كما أن انتشار القوات في الداخل، وبعيدًا عن الحدود، سيسمح لتلك الجماعات بمساحة لاختراق الأراضي الجزائرية، وبالتالي زيادة الخطر الإرهابي الماثل هناك.