منذ ما يقرب من 10 أعوام، وفي ظل إرادة سياسية أدركت دور المرأة المحوري في بناء مجتمع مستدام؛ بدأت الدولة المصرية خطوات تمكين المرأة وترسيخ قيم العدالة والمساواة بين الجنسين. بجانب ترجمة حقوقها الدستورية إلى قوانين وخطط وبرامج تنفيذية مستدامة. مما أسهم في إعادة التوازن المجتمعي، ووضع المرأة في المكانة التي تليق بقيمتها وتضحياتها، لتبرهن إنجازات ونجاحات المرأة المصرية على ما يحمله المستقبل من أفق واعد لها وللمجتمع بمختلف فئاته.
وانعكس ذلك بالإيجاب على وضع مصر محليًا وعالميًا، حيث أشادت هيئة الأمم المتحدة للمرأة عام 2023، بنسبة تمثيل المرأة في مجالس الإدارة والمناصب القيادية العليا في الشركات المدرجة في البورصة المصرية، والقطاع المصرفي، وقطاع الأعمال العام، والمؤسسات المالية غير المصرفية، حيث يزداد سنويًا بنسبة 3%، ومن المتوقع أن يتحقق هدف استراتيجية 2030 المتمثل في وصول النساء إلى 30% في مجالس الإدارة بحلول عام 2026.
وأشار البنك الدولي عام 2023 إلى قيام مصر على مدار الأعوام الأخيرة بتنفيذ استثمارات كبيرة في تقليص الفجوات بين الجنسين في مجالات الصحة والتعليم، وكذلك إطلاق الاستراتيجية الوطنية لتمكين المرأة المصرية 2030 عام 2017 والتي تمثل حافزًا لخلق المزيد من فرص العمل المستدامة.
كما ذكرت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان عام 2023 أن مصر شهدت تقدمًا ملحوظًا في أجندة تمكين المرأة والمساواة بين الجنسين خلال السنوات الماضية، وهو ما يدعمه إرادة سياسية قوية لتفعيل الحقوق الدستورية للمرأة، والتزام واضح يُترجم إلى استراتيجيات وبرامج تنفذها الحكومة.
بينما ركز المنتدى الاقتصادي العالمي عام 2023، على ما تشهده مصر من زيادة في حصة النساء في مناصب كبار المسئولين وحصة النساء في المناصب الفنية.
وأشاد السفير كريستيان برجر رئيس وفد الاتحاد الأوروبي في مصر بجميع الجهود المبذولة بمصر لتمكين المرأة في مجال الأعمال والشمول المالي، وزيادة المشاركة في القطاع المالي والمصرفي، والمشاركة في المجالات الاجتماعية والاقتصادية.
وضع مصر في المؤشرات الدولية
أشار تقرير صادر عن المركز الإعلامي لمجلس الوزراء في 9 مارس 2024، إلى تقدم مصر 22 مركزًا في مؤشر “عدم المساواة بين الجنسين” (UNDP)، حيث احتلت المركز 109 عام 2021، مقابل المركز 131 عام 2014، بالإضافة إلى تحسن نقاط مصر في مؤشر “المساواة بين الجنسين” حيث سجلت مصر 57.7 نقطة عام 2022، مقابل 43.9 نقطة عام 2014.
وأضاف التقرير كذلك أن مصر تقدمت 49 مركزًا في مؤشر التمكين السياسي للمرأة (world economic forum)، حيث احتلت المركز 85 عام 2023، مقابل المركز 134 عام 2014، بالإضافة إلى تحسن نقاط مصر بمؤشر الحريات المدنية للمرأة (Our world in data) ؛ حيث سجلت 0.43 نقطة عام 2023، مقابل 0.41 نقطة عام 2014، علمًا بأنه كلما اقترب الرقم من 1 كان أفضل.
وعلى صعيد متصل، تقدمت مصر 28 مركزًا بمؤشر المرأة والأمن والسلام (GIWPS)، حيث شغلت المركز 110 عام 2023، مقابل المركز 138 عام 2016، كما تحسنت نقاط مصر في حصة المرأة من المقاعد في البرلمان لتصل إلى 54.3 نقطة عام 2022، مقابل 1.6 نقطة عام 2014.
وجاء في التقرير أن مصر تقدمت 50 نقطة في مؤشر بيئة العمل (The World Bank) حيث سجلت 75 نقطة عام 2024، مقابل 25 نقطة عام 2014، علمًا بأن المؤشر يقيس مدى سهولة حصول المرأة على الوظائف وأمان بيئة العمل، بجانب تقدم مصر 14.7 نقطة في مؤشر نسبة الإناث الحاصلات على التعليم لتسجل 100 نقطة عام 2022 مقابل 85.3 نقطة عام 2014، علاوة على انخفاض وفيات الأمهات لكل 100 ألف ولادة حية World Health Organization))، حيث وصلت إلى 17 حالة وفاة عام 2023 (البيانات تعكس عام 2020)، مقابل 45 حالة وفاة عام 2014 (البيانات تعكس عام 2013).
كما تقدمت مصر 11 مركزًا بمؤشر WE WORLD))، حيث شغلت المركز 103 عام 2022، مقابل المركز 114 عام 2015، علمًا بأن المؤشر يقيس حالة الظروف المعيشية للسيدات والأطفال، من خلال قياس الحقوق الخاصة بالطفل والمرأة داخل كل دولة.
وتقدمت مصر 25 نقطة في المؤشر الخاص بمدى فاعلية قوانين ريادة الأعمال The World Bank))، حيث حصلت على 100 نقطة عام 2024 للعام الثالث على التوالي مقارنة بـ 75 نقطة عام 2014، إلى جانب استمرارها في الحصول على أعلى نقطة 100% في المؤشر الخاص بمدى فاعلية القوانين المتعلقة بمعاشات المرأة عام 2024.
ووفقًا لتقرير مجلس الوزراء فقد تفوقت مصر على المتوسط العالمي ومتوسط دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في نسبة تمثيل المرأة بمجلس النواب لعام 2023 لتصل إلى 27.5%، مقابل 27.4% عام 2021، و14.9% عام 2016، و1.8% عام 2012، علمًا بأن المتوسط العالمي يبلغ 26.5%، ومتوسط الشرق الأوسط وشمال أفريقيا 17.7%.
تحقيق معادلة التمكين والتنمية
أدركت الدولة المصرية إيجابية العلاقة بين مستويات المشاركة السياسية للمرأة وبين مستويات التنمية المستدامة 2030 المحددة، ومحورية ملف تمكين المرأة نحو المناصب السياسية العليا كجزء أصيل ورئيس في عملية الإصلاح الاجتماعي والسياسي والثقافي والاقتصادي الشامل.
فقد بدأت أُولى خطوات التمكين السياسي بتحفيز المشاركة السياسية للمرأة بكافة أشكالها، بما في ذلك التمثيل النيابي على المستويين الوطني والمحلي، ومنع التمييز ضد المرأة في تقلد المناصب القيادية في المؤسسات التنفيذية والقضائية وتهيئة النساء للنجاح في هذه المناصب. ففيما يتعلق بوضع المرأة في المجالس التشريعية، وصلت نسبة تمثيل المرأة في مجلس النواب إلى 165 مقعدًا عام 2024، مقابل 9 مقاعد عام 2012، فضلًا عن وصول تمثيلها في مجلس الشيوخ إلى 41 مقعدًا عام 2024، مقابل 12 مقعدًا عام 2012، وعلى مستوى مواقع صنع القرار: زاد تمثيل المرأة بالتشكيل الوزاري بعد أن كان وزيرتين عام 2012، ليصل إلى 6 وزيرات عام 2024، بجانب بلوغ نسبة تمثيل المرأة في منصب نائب الوزير 27%، وبلوغ نسبة تمثيلها في منصب نائب المحافظ 31%. كما وصل عدد العضوات بالقضاء العادي 130 سيدة، وبالنيابة العامة 17 سيدة، فيما بلغ عدد القاضيات بمجلس الدولة 137 سيدة، وعدد العضوات بهيئة النيابة الإدارية 2363 سيدة، وعدد العضوات بهيئة قضايا الدولة 1290 سيدة. كما اتُخذت بعض الخطوات المضيئة التي تُعدّ انتصارًا للنساء مع إطلاق الرئيس عبد الفتاح السيسي عام المرأة المصرية، إذ تم تعيين 4 قاضيات سكرتارية اللجنة العليا للانتخابات.
علاوةً على وصول المرأة لمناصب قيادية لأول مرة في تاريخها، حيث تعد “فيبي جرجس” أول سيدة تتولى منصب وكيل منصب الشيوخ، و”نادية عبده” أول سيدة تتولى منصب المحافظ، و”حسناء شعبان عبد الله” أول رئيسة للمحكمة الاقتصادية، و”فايزة أبو النجا” أول مستشارة لرئيس الجمهورية للأمن القومي، و”لبنى هلال” أول سيدة تتولى منصب نائب محافظ البنك المركزي، والسفيرة “مشيرة خطاب” أول سيدة تتولى منصب رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان.
التمكين الاقتصادي وإرساء مبادئ التنمية المستدامة للمرأة
شهد معدل البطالة بين النساء انخفاضًا ملحوظًا بنسبة 7.1 نقطة مئوية حيث بلغ 17.7% في الربع الرابع من عام 2023، مقابل 24.8% في الربع الرابع من عام 2014، بجانب زيادة عدد السيدات اللاتي يمتلكن حسابات معاملات مالية بنسبة 244.1%، حيث بلغ عددهن 20.3 مليون سيدة عام 2023، مقابل 5.9 ملايين سيدة عام 2016، وبلغ نسبة الشمول المالي للمرأة 62.7% عام 2023. هذا وقد بلغت نسبة تمثيل المرأة في مجالس إدارة الشركات المقيدة بالبورصة المصرية وقطاع البنوك حاليًا 17%، فضلًا عن بلوغ نسبة تمثيل المرأة في شركات قطاع الخدمات المالية غير المصرفية 22%، بالإضافة إلى بلوغ نسبة السيدات من المستفيدين من مشروع رقمنة تحويلات العاملين بالخارج 85%.
كما بلغ عدد المستفيدات من برنامج الشمول المالي والادخار والإقراض الرقمي في 14 محافظة تقريبًا 1.8 مليون مستفيدة حتى الآن، كما تُعد مصر الدولة الثانية عالميًا التي تحصد جائزة المساواة بين الجنسين للمؤسسات مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وكان جهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر أول جهة تحصل عليها في مصر والمنطقة العربية.
وعلى صعيد المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر، فقد بلغت تكلفة مشروعات التمكين الاقتصادي للمرأة 4.1 مليارات جنيه بإجمالي 1.3 مليون مستفيدة، وأبرزها، أكثر من 27 ألف مستفيدة من برنامج “مستورة” تحت مظلة بنك ناصر بقيمة 560 مليون جنيه، بالإضافة إلى 18 ألف جمعية ومؤسسة أهلية تعمل في مجالات تشغيل المرأة.
وفي سياق متصل، بلغ نصيب المرأة في المشروع القومي للتنمية المجتمعية والبشرية والمحلية (مشروعك)، من إجمالي المشروعات تقريبًا 35%، فيما بلغ إجمالي المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر الموجهة للمرأة 78.9 ألف مشروع حتى نهاية فبراير 2024.
وفيما يتعلق بجهاز تنمية المشروعات، بلغ نصيب المرأة من إجمالي المشروعات 45%، بتكلفة 15.4 مليار جنيه، في حين وصل إجمالي المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر الموجهة للمرأة 870.3 ألف مشروع حتى نهاية يناير 2024، بينما بلغ نصيب المرأة في إجمالي مشروعات صندوق التنمية المحلية 65%، حيث وصل إجمالي عدد المستفيدات من تلك المشروعات 19.2 ألف مستفيدة حتى 4 مارس 2024.
التمكين الاجتماعي وتحقيق العدالة الاجتماعية
وفقًا للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء؛ بلغت نسبة الإناث المقيدات بالتعليم العالي 49.8% عام 2023/ 2024، مقابل 45.4% عام 2013/ 2014، فضلًا عن ارتفاع نسبة الإناث المقيدات بالدراسات العليا حيث بلغت 58% عام 2023/ 2024، مقابل 47.9% عام 2013/ 2014، كما حدث انخفاض نسبة التسرب بين الإناث (المرحلة الابتدائية) حيث بلغت 0.23% عام 2022/ 2023، مقارنة بـ 0.45% عام 2013/ 2014.
وفيما يخص الصحة فكانت المبادرة الرئاسية لصحة المرأة الأبرز حيث بلغ إجمالي عدد السيدات اللاتي خضعن للفحص 47.4 مليون تردد من خلال المبادرة حتى 25 فبراير 2024، كما تم فحص 2.5 مليون سيدة حتى الآن من خلال مبادرة العناية بصحة الأم والجنين، علاوة على تنفيذ 9.3 مليون زيارة طرق الأبواب من خلال برنامج 2 كفاية للتوعية بأهمية تنظيم الأسرة، بجانب استفادة 2.2 مليون سيدة من منظومة التأمين الصحي الشامل منذ إطلاقها بنسبة 49.4% من إجمالي المستفيدين.
وبلغت نسبة السيدات من إجمالي المستفيدين من برنامج تكافل وكرامة تقريبًا 76% بواقع 3.6 ملايين سيدة، فيما تحصل 6 ملايين سيدة على معاش تأميني و3 ملايين سيدة مؤمن عليها، بجانب تقديم 4.9 مليارات جنيه سنويًا لدعم المرأة المعيلة بإجمالي 736 ألف سيدة، بالإضافة إلى تخصيص نحو 3.2 مليارات جنيه سنويًا لدعم السيدات ذوات الهمم بإجمالي 435 ألف سيدة، علاوة على استخراج مليون بطاقة رقم قومي للنساء الأولى بالرعاية خلال 6 سنوات.
وإلى جانب ما سبق، تم تغطية أحكام النفقة لأكثر من 394 ألف سيدة من المطلقات والمهجورات بمبلغ 6.8 مليارات جنيه من صندوق تأمين الأسرة، فضلًا عن استفادة 538 ألف فتاة من التدريبات المباشرة ببرنامج الحفاظ على كيان المرأة المصرية “مودة”، وتأهيل 15 ألف رائدة اجتماعية للتوسع في برنامج “وعي” للتنمية الأسرية والمجتمعية.