ترفض مصر وبشدة الإجراءات الإسرائيلية الأخيرة فى مدينة رفح وخاصة إحتلال معبر رفح ومحور فيلاديلفيا الذين يقعان على أراض فلسطينية، الأمر الذى دفعنا إلى إغلاق معبر رفح من جانبنا وتوقف دخول المساعدات من خلاله رفضاً للتعامل المصرى مع سلطة أمر واقع إسرائيلية إحتلت المعبر، وبغض النظر عن عدم إرتباط هذه الإجراءات بمعاهدة السلام بين الدولتين، إلا أن هذه التطورات تزيد من تعقيد فرص حل أزمة غزة وتضفى مزيداً من التوتر على مناخ العلاقات الثنائية.
هناك مجموعة جوانب من الضرورى أن أشير إليها وهى لاتتعلق بالعمليات العسكرية ولكنها تتعلق بمصطلحات تم تداولها خلال الحرب ومن ثم من المهم توضيح بعضها وتصحيح البعض الآخر إستناداً على نصوص الإتفاقات حتى لاتختلط الأمور ويتم توجيه إتهامات باطلة ضد بعض الأطراف .
وأبدأ بما يطلق عليه “إتفاقات كامب ديفيد” فهى تتضمن إتفاقين رئيسيين تم توقيعهما فى 17 سبتمبر 1978 بين كل من الرئيس السادات والرئيس كارتر ومناحيم بيجين، الإتفاق الأول يسمى “إطارالسلام فى الشرق الأوسط” وهو خاص بحل القضية الفلسطينية والصراع العربى الإسرائيلى طبقاً لقرارى مجلس الأمن رقمى 242 و338، أما الثانى فهو “إطار الإتفاق لمعاهدة السلام بين مصر وإسرائيل” وهو عبارة عن مجموعة مبادئ رئيسية سوف تتضمنها معاهدة السلام عند توقيعها لاحقاً.
وفى أعقاب مرور ستة أشهر على توقيع هاتين الإتفاقيتن، وقع الرؤساء الثلاثة فى واشنطن معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية فى 26 مارس 1979 التى تنظم كافة أوجه العلاقات الثنائية، وهنا نشير إلى النقاط الأربع التالية :-
النقطة الأولى أن إسم “قطاع غزة” ورد فى المادة الثانية من المعاهدة ونصت على “أن الحدود الدائمة بين مصر وإسرائيل هى الحدود الدولية المعترف بها بين مصر وفلسطين تحت الإنتداب وذلك دون المساس بوضع قطاع غزة (أى أن غزة خارج أى إتفاق بين الدولتين).
النقطة الثانية أن ترتيبات الأمن وردت فى المادة الرابعة ونصت فى فقرتها الرابعة على “أنه يتم بناءاً على طلب أحد الطرفين إعادة النظر فى ترتيبات الأمن المنصوص عليها وتعديلها بإتفاق الطرفين (مناطق محدودة التسليح فى الأراضى المصرية والإسرائيلية – قوات أمم متحدة ومراقبين وإستبدلت بقوات حفظ سلام MFO) .
النقطة الثالثة أوضح الملحق الأول للمعاهدة – وهو البروتوكول الخاص بالإنسحاب الإسرائيلى وترتيبات الأمن – فى مادته الثانية أن هناك أربع مناطق يتم فيها تحديد طبيعة التسلح وشكل تواجد القوات الدولية ثلاثة منها داخل سيناء (أ – ب – جـ) وينطبق نفس الأمر على الأراضى الإسرائيلية التى ستكون بها منطقة واحدة وهى (د) ولاتتواجد بها دبابات أو مدفعية أو صواريخ ( تم مراعاة العمق الجغرافى للدولتين).
النقطة الرابعة أن المنطقة (د) تقع داخل الأراضى الإسرائيلية على حدودها مع مصر وتبدأ من شرق رفح أى إبتداء من نقطة تقع خارج حدود القطاع وتمتد حتى إيلات، أى أن غزة لاتقع ضمن المنطقة (د)، ومما يؤكد ذلك أن إسرائيل عندما إنسحبت من غزة عام 2005 سحبت جميع قواتها العسكرية من غزة.
وإرتباطاً بالترتيبات الأمنية فى سيناء، فقد وقعت مصر مع إسرائيل إتفاقاً فى سبتمبر 2005 يقضى بإنتشار فوج حرس حدود فى المنطقة (جـ) فى سيناء بديلاً لقوات الشرطة المنصوص عليها فى المعاهدة من أجل محاربة الإرهاب والتهريب وخاصة فى المنطقة الحدودية مع غزة، ثم نجحت مصر بإمتياز فى تعديل المادة الرابعة من المعاهدة عندما تم التوافق فى إطار اللجنة المشتركة بين الدولتين فى أوائل نوفمبر 2021 على زيادة قوات حرس الحدود وإمكاناتها لضبط وتأمين الحدود فى الإتجاه الإستراتيجى الشمالى الشرقى.
أما فيما يتعلق بمحور فيلاديلفيا فإنه عبارة عن شريط ضيق يقع كاملاً داخل قطاع غزة فى مواجهة الحدود مع مصر ويمتد من البحر المتوسط وحتى معبر كرم أبو سالم (14كم) وأطلقت إسرائيل عليه هذا الإسم عقب إحتلال القطاع وتمركزت فيه قواتها العسكرية، والأمر اللافت هنا أن إسرائيل إنسحبت من المحور عقب إنسحابها من غزة فى سيتمبر 2005 مما يؤكد أنه ليس جزءاً من أراضيها ولايدخل ضمن المنطقة (د)، وقد سيطرت عليه قوات السلطة الفلسطينية عقب الإنسحاب الإسرائيلى ثم سيطرت عليه حركة حماس عقب سيطرتها على غزة منتصف 2007، والخلاصة أن هذا المحور الفلسطينى لم تنظمه أية إتفاقات مصرية إسرائيلية أو فلسطينية.
وبالنسبة إلى معبر رفح نوضح مايلى : –
** أن إسرائيل سيطرت المعبر منذ إحتلالها غزة عقب حرب 67 وكان يعمل بشكل طبيعى فى ظل الإحتلال لمدة 38 عاماً.
** أنه فى أعقاب إنسحاب إسرائيل من غزة عام 2005 تم توقيع مايسمى بإتفاقية المعابر فى 15 نوفمبر 2005 بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل ونصت على وجود طرف ثالث لتنظيم العمل فى المعبر من الناحية الفلسطينية ولم تكن مصر طرفاً فى هذا الإتفاق بأى شكل .
** أن العمل إنتظم فى المعبر منذ 25 نوفمبر 2005 وإرتبط بوجود ثلاثة عناصر أساسية وهى هيئة المعابر التابعة للسلطة الفلسطينية وقوات الحرس الرئاسى الفلسطينى والطرف الثالث وهو قوات أوروبيةEUBAM .
** أنه عقب سيطرة حماس على غزة فى يوليو 2007 إنسحبت EUBAM من المعبر وتم طرد سلطة المعابر والحرس الرئاسى، وبالتالى لم تعد العناصر الثلاثة المتوافق عليها متوافرة، ومن ثم تم إغلاق المعبر من الناحيتين، إلا أن مصر كانت تفتح المعبر بشكل إستثنائى على فترات أمام خروج سكان غزة.
** تم إغلاق المعبر عقب أحداث يناير 2011 لأسباب أمنية إلا أنه بعد القضاء على الإرهاب تم إعادة إفتتاحه بشكل دائم ولم تغلقه مصر من ناحيتها منذ بدء الحرب الحالية على غزة إلا عندما إحتلته إسرائيل خلال الأسابيع الماضية ولن يتم فتحه إلا إذا إنسحبت إسرائيل من المعبر الفلسطينى.