الموانئ هي العمود الفقري للتجارة الدولية والمحفز الرئيسي للعولمة، إنها كيان يسهم في تشكيل الأداء الاجتماعي والبيئي حول أنظمة النقل في جميع أنحاء العالم. وأهم المكونات الحيوية في الموانئ وحركة البضائع المرتبطة بها هي اللوجستيات الخضراء، التي يُشار إليها أيضًا بالخدمات اللوجستية البيئية، وهي إجراء وسياسة مستدامة تتبناها صناعة اللوجستيات لتقليل التأثير البيئي في النقل، والتخزين، والأنشطة اللوجستية الأخرى. تهدف هذه السياسة إلى خلق توازن مستدام بين الكفاءة الاقتصادية والبيئية. المركبات الثقيلة، مثل تلك المستخدمة في نقل البضائع، لها تأثير ملحوظ في المناخ وجودة الهواء، ومن المتوقع أن تنمو أنشطة المركبات بشكل كبير في العقود القادمة، خاصة في الاقتصادات الناشئة. يمكن أن تُسهم برامج الشحن الأخضر في تسريع تبني التقنيات والاستراتيجيات المتقدمة التي توفر الوقود، وتقلل التكاليف التجارية، وتؤدي إلى تقليصات كبيرة في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، والكربون الأسود، والجسيمات الدقيقة، وغيرها من ملوثات الهواء عبر قطاع النقل بأسره.
مدخل:
يشير النقل الأخضر للبضائع إلى استخدام الممارسات والتقنيات الصديقة للبيئة في نقل البضائع، حيث يتضمن ذلك تقليل التأثير البيئي للنقل البري للبضائع من خلال استخدام الوقود البديل، وتحسين الكفاءة، والتعاون بين الشاحنين. الهدف من النقل الأخضر للبضائع هو تقليل انبعاثات الغازات الدفيئة، وتحسين جودة الهواء، وتقليل تلوث الضوضاء، وتحسين الصحة العامة، والسلامة، وجودة الحياة. وعليه، يقدم النقل الأخضر للبضائع العديد من الفوائد البيئية والاقتصادية والاجتماعية. يمكن أن تساعد هذه الفوائد الشركات في الحفاظ على تنافسيتها في سوق يتزايد وعيه البيئي بينما تحسن أيضًا الصحة العامة والسلامة وجودة الحياة.
هناك أربع طرق رئيسية للشحن لنقل البضائع من مكان إلى آخر: الشحن الجوي، النقل بالقطار، الشحن البحري، والنقل البري. تختلف هذه الطرق حسب الوسائل المختلفة المستخدمة لنقل الركاب أو البضائع، والوقت الذي يستغرقه كل منها.
اللوجستيات الخضراء:
اللوجستيات الخضراء، والتي تعرف أيضًا باللوجستيات البيئية، هي إجراء وسياسة مستدامة تتخذها صناعة اللوجستيات لتقليل التأثير البيئي في النقل والتخزين وغيرها من الأنشطة اللوجستية. تهدف هذه السياسة إلى خلق توازن مستدام بين الكفاءة الاقتصادية والبيئية. حيث تلعب المركبات الثقيلة، مثل تلك المستخدمة في نقل البضائع، دورًا كبيرًا في التأثير في المناخ وجودة الهواء والنشاط المروري، ومن المتوقع أن يزداد هذا التأثير بشكل كبير في العقود القادمة، خاصة في الاقتصادات الناشئة. ويمكن لبرامج الشحن الأخضر تسريع تبني التقنيات المتقدمة والاستراتيجيات التي توفر الوقود، وتقلل من تكاليف الأعمال، وتؤدي إلى تقليصات كبيرة في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، والكربون الأسود، والجسيمات، وملوثات الهواء الأخرى عبر قطاع النقل بأسره.
أمام ما تقدم، يُسهم النقل اللوجستي الأخضر في تحقيق أهداف التنمية المستدامة مثل القضاء على الجوع، وتحسين الصحة، والمياه النظيفة، وهدر الطاقة. كما يقلل من تكاليف النقل واللوجستيات، ويدعم التجارة والوصول إلى الأسواق، ويسهم في النمو الاقتصادي والإنتاجية. تدعم بنية الشحن الخضراء الابتكار الصناعي وتطوير البنية التحتية، وتعزز من تطوير الموانئ الجافة والموانئ لتبادل وسائل الإعلام بفاعلية.
علاوة على ذلك، يتم حماية الحياة البحرية من خلال الممارسات الصديقة للبيئة في عمليات الشحن والموانئ وورش بناء السفن، حيث تتطلب التغييرات على مستوى الصناعة عقود شراكة ومنصات مشتركة لتحفيز التغيير الشامل ودمج برامج الشحن الأخضر. يُعد نقل التكنولوجيا والمعرفة إلى الاقتصادات النامية في آسيا عنصرًا حاسمًا في التحول إلى النقل منخفض الكربون للبضائع.
إجمالًا لما سبق، يعرف مصطلح الميناء الأخضر بأنه ميناء عديم التأثير السلبي في البيئة، يراعي عددًا من الاعتبارات البيئية في جميع مراحل الإنشاء والتشغيل. كما يُعرف باسم الميناء البيئي، وهو نموذج للتنمية المستدامة للموانئ، لما له من عائد اقتصادي على الدولة والمجتمع والأجيال القادمة.
في ظل التحديات البيئية المتزايدة على مستوى العالم، أصبح من الضروري تبني سياسات نقل مستدامة تهدف إلى تقليل الأثر البيئي الناجم عن الأنشطة اللوجستية والنقل. يعتبر النقل الأخضر أحد الحلول الفعّالة التي تهدف إلى تقليل الانبعاثات الكربونية وتحقيق كفاءة اقتصادية وبيئية في قطاع النقل. وفي هذا السياق، تبرز مصر كداعم رئيسي للمبادرات الخضراء، خاصة في قطاع النقل البحري الذي يُعد من الدعائم الأساسية للاقتصاد الوطني؛ نظرًا لدوره الحيوي في تسهيل حركة التجارة العالمية.
مكونات النقل الأخضر للبضائع:
بشكل عام، هناك العديد من عناصر النقل الأخضر للبضائع التي تؤثر في البيئة:
- الوقود البديل: مثل البيو ميثان، الذي يمكن أن يقلل بشكل كبير من الانبعاثات في نقل البضائع؛ مما يؤدي إلى زيادة الطلب على البدائل الأكثر صداقة للبيئة واستعداد الأشخاص لدفع المزيد من أجلها.
- إجراءات اللوجستيات الخضراء: اعتماد إجراءات مستدامة عبر شبكة اللوجستيات، مثل استخدام السيارات ذات الكفاءة في استهلاك الطاقة وتحسين المسارات.
- الممرات الخضراء للنقل: تشجع على استخدام التنقل المتعدد الوسائط، الذي يتضمن دمج عدة وسائل نقل (مثل البر والجو والبحر) لتعظيم الكفاءة وتقليل الانبعاثات.
- أنظمة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات المتقدمة: من خلال تعزيز إدارة المرور، وزيادة الكفاءة، ودمج المكونات اللوجستية للممر بشكل أفضل، تلعب أنظمة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات المتكاملة دورًا كبيرًا في الممرات الخضراء للنقل.
- النقل الأخضر للبضائع: يركز على تقليل تأثيره في البيئة والمناخ مع تعزيز الكفاءة والسلامة. يمكن تحقيق ذلك من خلال إنشاء مراكز لوجستية قوية ومحاور لوجستية مستدامة.
- مراعاة الانبعاثات: يُعد حل مشكلات توجيه المركبات الخضراء جانبًا حاسمًا من النقل الأخضر للبضائع. تهدف هذه القضايا إلى تقديم حلول مع مراعاة القضايا البيئية، مثل تقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.
من خلال دمج هذه العناصر، يمكن أن يساعد النقل الأخضر للبضائع في تقليل التلوث، وتعزيز الاستدامة، وتشجيع التدفق المناسب للمنتجات.
إجمالًا لما سبق، يُعد ميناء شرق بورسعيد، الذي يقع ضمن قناة السويس، أحد الموانئ الاستراتيجية التي تشهد نموًا ملحوظًا في حركة نقل البضائع؛ مما يضاعف الحاجة إلى تبني نهج النقل الأخضر. يوفر هذا الميناء فرصًا كبيرة لتنفيذ حلول لوجستية مستدامة، تهدف إلى تقليل التأثير البيئي وتحسين كفاءة العمليات التشغيلية. هذه الدراسة تستعرض تطبيق نهج النقل الأخضر في ميناء شرق بورسعيد، من خلال تسليط الضوء على التحديات الحالية والفرص المتاحة لتحسين الأداء البيئي في عمليات النقل البحري واللوجستي، وتهدف إلى تقديم حلول مبتكرة تسهم في تعزيز الاستدامة البيئية في القطاع، بما يتماشى مع أهداف التنمية المستدامة لمصر.
الوضع الحالي في مصر من منظور النقل الأخضر للبضائع:
أسهمت استراتيجية ومشروعات قطاع النقل المصري، في وضع الدولة، للمرة الأولى، على الخريطة العالمية للموانئ الخضراء، حيث يعد ميناء شرق بورسعيد ضمن أكبر موانئ منطقة الشرق الأوسط، وهناك 15 ميناء مصريًّا مستهدفًا تحويلها إلى ميناء أخضر، حتى عام 2030، حفاظًا على السلامة البيئية.
علاوة على ذلك، مصر لديها أهداف طموحة لتطوير واستدامة صناعة النقل، وللمساعدة في انتقالها إلى التنقل الأخضر، حصلت الحكومة على تمويل كبير من شركاء التنمية الأجانب. مع أكثر من 19% من الإجمالي، تُعد صناعة النقل ثاني أكبر مصدر لانبعاثات غازات الدفيئة في مصر، وتعتبر القطارات أقل تأثيرًا في انبعاثات الكربون مقارنة بالسيارات في نقل الحاويات وأنواع أخرى من البضائع. وبالتالي، تركز الحكومة المصرية على ما يلي:
- تحديد أهداف الاستدامة لقطاع اللوجستيات لتحقيقها بحلول عام 2030، بما في ذلك تطوير أنظمة النقل المستدام للبضائع.
- توسيع استخدام وسائل النقل العامة الصديقة للبيئة في المدن الكبرى للحد بشكل كبير من الاعتماد على المركبات الخاصة وانبعاثات الكربون:
بناء مشاريع المترو والترام في القاهرة والإسكندرية، أكبر مدينتين في مصر:
- إنشاء أكبر مشروع تجريبي للحافلات الكهربائية في أفريقيا، والذي يجري حاليًا في القاهرة. ومن المتوقع أن يقلل المشروع من انبعاثات غازات الدفيئة بمقدار 965,000 طن على مدار ثلاثين عامًا.
- السعي لبناء تحويلة سكة حديدية في ممر السكك الحديدية المزدحم بين الإسكندرية-مدينة 6 أكتوبر-منطقة القاهرة الكبرى؛ مما يتيح زيادة قدرة النقل للبضائع وتقليل الازدحام في المناطق ذات الطلب العالي على قطارات الركاب.
تنفيذ النقل الأخضر للبضائع في مصر: دراسة حالة موانئ بورسعيد
تحديد الموقع
تُعد موانئ شرق وغرب بورسعيد بوابة تجارية واستراتيجية لمصر، حيث ترتبط بشكل حيوي مع مجموعة واسعة من الموانئ العالمية حول العالم. حيث يصل ميناء بورسعيد إلى العديد من القارات: (1) إلى الخليج العربي، (2) الساحل الشرقي للولايات المتحدة، (3) شرق وجنوب أفريقيا، (4) دول حوض البحر الأبيض المتوسط، (5) شمال غرب أوروبا و(6) جنوب شرق آسيا. علاوة على ذلك، تعزز السمات الرئيسية للميناءين هذه الأهمية الحيوية؛ حيث توجد العديد من الإمكانيات التي يمكن استخدامها لتطبيق اللوجستيات الخضراء ونهج الموانئ الخضراء.
- حقق ميناء شرق بورسعيد ريادة في مجال التحول نحو الممارسات المستدامة في مجال الخدمات البحرية واللوجستية، حيث تم إعلان ميناء شرق بورسعيد في 2017 كأول ميناء أخضر بمعايير الاتحاد الأوروبي والمعايير الدولية البيئية من خلال استخدام معدات صديقة للبيئة في أثناء عمليات التداول لبعض بضائع الصب الجاف، كما تم من خلاله أول عملية تموين سفن بالوقود الأخضر (الإيميثانول) للسفينة لورا ميرسك في شرق المتوسط وأفريقيا في أغسطس 2023، وتأتي هذه الثقة كونه أحد أهم الموانئ المصرية التي تستقبل نسبة حوالي 80% من إجمالي تجارة ترانزيت الحاويات في مصر.
- تم من خلال ميناء شرق بورسعيد أول عملية تموين سفن بالوقود الأخضر (الإيميثانول) للسفينة لورا ميرسك في شرق المتوسط وأفريقيا في أغسطس 2023، وتأتي هذه الثقة كونه أحد أهم الموانئ المصرية التي تستقبل نسبة 80% من إجمالي تجارة ترانزيت الحاويات في مصر.
يستند تطبيق نهج النقل اللوجستي الأخضر إلى موانئ شرق وغرب بورسعيد من خلال عدة عمليات متتالية:
يستند تطبيق نهج النقل اللوجستي الأخضر في موانئ شرق وغرب بورسعيد إلى سلسلة من العمليات المتتالية التي تهدف إلى تحسين الكفاءة البيئية وتقليل التأثيرات السلبية في البيئة. تتضمن هذه العمليات تكامل الأنظمة اللوجستية التقليدية مع التقنيات المستدامة؛ مما يسهم في تعزيز الأداء البيئي وزيادة الكفاءة التشغيلية للموانئ. وهذه العمليات تشمل:
الوصول إلى الحاويات ومعالجتها: حيث يتم تحسين آليات نقل الحاويات داخل الميناء باستخدام المركبات والمعدات التي تعمل بطاقة منخفضة الانبعاثات، مثل الشاحنات الكهربائية أو الهجينة، مع تحسين مسارات النقل لتقليل التلوث واستهلاك الطاقة.
العمليات البحرية: تهدف هذه المرحلة إلى تسهيل حركة السفن بين موانئ شرق وغرب بورسعيد باستخدام تقنيات حديثة لتحسين إدارة حركة المرور البحرية، مما يسهم في تقليل الانبعاثات الناتجة عن السفن ويسهم في تحقيق استدامة بيئية.
النقل عبر السكك الحديدية: يعمل هذا الجزء على تعزيز ربط الميناء بشبكة السكك الحديدية لتحويل جزء من الحركة اللوجستية من الطرق إلى السكك الحديدية؛ مما يقلل من التلوث البيئي الناتج عن حركة الشاحنات ويسهم في تقليل الازدحام المروري.
مراكز التوزيع: من خلال إنشاء مراكز توزيع محورية تسهم في تعزيز العمليات اللوجستية وتحسين إدارة المخزون؛ مما يقلل من الحاجة للنقل الإضافي ويحد من استهلاك الوقود.
من خلال دمج هذه العمليات، يتم تعزيز كفاءة العمليات اللوجستية في موانئ شرق وغرب بورسعيد، مع الالتزام بالمعايير البيئية والتقليل من الأثر البيئي للأنشطة اللوجستية؛ مما يسهم في تحسين الاستدامة في قطاع النقل في مصر.
المشاكل التالية هي بعض الحواجز المتكررة أمام تنفيذ النقل اللوجستي الأخضر في مصر:
نقص اللوائح الحكومية والدعم: بسبب نقص الدعم الحكومي واللوائح، بما في ذلك الحوافز المالية غير الكافية للشركات للاستثمار والقوانين التي تتطلب تقنيات خضراء، يواجه تنفيذ النقل اللوجستي الأخضر في مصر صعوبات كبيرة.
القيود المالية: تعد القيود المالية حاجزًا رئيسيًا أمام النقل اللوجستي الأخضر، حيث يتطلب استثمارات كبيرة من الناقلين والسلطات. تهدف برامج الدعم العامة إلى تقليل التكاليف قدر الإمكان لجميع الأطراف المعنية.
محدودية البنية التحتية: قد لا تكون بنية مصر التحتية مناسبة للنقل اللوجستي الأخضر بسبب نقص محطات شحن السيارات الكهربائية، والوصول المحدود إلى الوقود البديل، والشبكات المحدودة للطرق والسكك الحديدية للنقل الفعال والمستدام.
نظريًا، يمكن تنفيذ نهج النقل اللوجستي الأخضر في موانئ ومراكز اللوجستيات في مصر، فهو يقدم العديد من المزايا التي يمكن أن تساعد في حل المشكلات الحالية التي تواجه البلاد في هذه المجالات، مع تعزيز النمو المستدام للقطاع. من ناحية أخرى، يواجه النقل اللوجستي الأخضر في مصر صعوبات وقيود قد تجعل من المستحيل تطبيق الاستراتيجية بشكل عملي.
مقترحات للتطوير:
تطوير البنية التحتية للنقل الأخضر، من الضروري أن تعمل الحكومة والشركات العاملة في قطاع النقل البحري واللوجستي على تطوير البنية التحتية اللازمة لدعم تطبيق نهج النقل الأخضر في الموانئ المصرية، وخاصة ميناء شرق بورسعيد.
يجب تحسين محطات شحن المركبات الكهربائية، وتوفير محطات وقود بديلة ومستدامة، مثل الوقود الحيوي والغاز الطبيعي، لضمان وجود شبكة دعم مستدامة للأنظمة الخضراء.
تشجيع الابتكار التكنولوجي، ينبغي أن يتم دعم الابتكار التكنولوجي في مجال النقل الأخضر من خلال تشجيع الأبحاث والتطوير في تقنيات النقل البحري المستدامة، مثل السفن التي تعمل بالوقود النظيف، وأنظمة النقل الذكي التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي لإدارة تدفقات الشحن بشكل أكثر كفاءة. يمكن تنفيذ برامج تمويل أو شراكات بين القطاعين العام والخاص لدعم هذه الابتكارات.
تعزيز التشريعات البيئية، يجب أن تعمل الحكومة على إصدار وتطبيق تشريعات بيئية تحفز الشركات على الاستثمار في تقنيات النقل الأخضر. يتضمن ذلك وضع حوافز ضريبية للشركات التي تتبنى أساليب نقل خضراء، وتسهيل الإجراءات للحصول على تراخيص لتطوير موانئ صديقة للبيئة.
توعية القطاع اللوجستي، من المهم أن يتم تنظيم حملات توعية موجهة إلى الشركات العاملة في القطاع اللوجستي والعاملين في الموانئ بشأن فوائد النقل الأخضر، وتأثيراته الإيجابية في البيئة والاقتصاد. يمكن أن تشمل هذه البرامج ورش العمل والندوات لتدريب العاملين على تقنيات النقل المستدام.
تعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص، حيث يُشكل التعاون بين الحكومة والقطاع الخاص خطوة أساسية لتحقيق التحول إلى النقل الأخضر في الموانئ المصرية. يجب تشجيع القطاع الخاص على المشاركة الفعالة في تمويل وتنفيذ مشاريع النقل الأخضر، خاصة في مجال التكنولوجيا النظيفة والبنية التحتية.
الاستثمار في تطوير السكك الحديدية، من الضروري تقوية شبكة السكك الحديدية في مصر، حيث يُعد النقل بالسكك الحديدية من أكثر وسائل النقل خضرة وفاعلية في تقليل الانبعاثات مقارنة بالنقل البري. لذلك، يجب تخصيص استثمارات كبيرة لتحسين وتوسيع شبكة السكك الحديدية لتسهيل حركة البضائع بين الموانئ والمناطق الصناعية.
الرؤية المستقبلية:
إن الرؤية المستقبلية لتطبيق نهج النقل الأخضر في موانئ مصر، وعلى رأسها ميناء شرق بورسعيد، تتمثل في تحقيق تحول جذري في القطاع اللوجستي ليصبح أكثر استدامة وكفاءة بيئيًا. سيتطلب ذلك التوجه نحو ممارسات أكثر ذكاءً، مثل استخدام السفن العاملة بالوقود النظيف، وتفعيل تكنولوجيا النقل الذكي لزيادة الكفاءة التشغيلية وتقليل البصمة البيئية.
في المستقبل القريب، يمكن لميناء شرق بورسعيد أن يتحول إلى مركز لوجستي عالمي يعتمد على تقنيات النقل المستدام؛ مما يعزز من قدرة مصر على منافسة الموانئ الدولية الكبرى في مجال التجارة العالمية. كما أن تطبيق النقل الأخضر في الميناء سيسهم في خفض تكاليف النقل، وتحقيق أهداف التنمية المستدامة التي تسعى إليها مصر، وخاصة فيما يتعلق بالحد من التلوث، والتقليل من انبعاثات الغازات الدفيئة.
إذا ما تم تطوير البنية التحتية بشكل كافٍ، وتوفير الحوافز المناسبة، وتكثيف التعاون بين جميع الأطراف المعنية، فإن مصر ستتمكن من تحسين موقعها الاستراتيجي في مجال النقل البحري، وتصبح نموذجًا إقليميًا وعالميًا في تطبيق النقل الأخضر؛ مما يعزز مكانتها كمركز تجاري ولوجستي يتسم بالاستدامة البيئية.
خاتمة
في ضوء ما تم استعراضه حول نهج النقل الأخضر للبضائع في مصر: دراسة حالة ميناء شرق بورسعيد، يتضح أن تطبيق مفهوم النقل الأخضر في الموانئ المصرية يمثل ضرورة ملحة في عصر تزايد فيه الوعي البيئي، ويشهد العالم تسارعًا في تبني حلول مستدامة للحد من التغيرات المناخية وتحقيق التنمية المستدامة. يُعد ميناء شرق بورسعيد واحدًا من أبرز الموانئ المصرية التي يمكن أن تلعب دورًا محوريًا في هذا التحول البيئي، وذلك بالنظر إلى موقعه الاستراتيجي كحلقة وصل حيوية في حركة التجارة الدولية، بالإضافة إلى التحديات التي يواجهها قطاع النقل البحري في مصر.
ومع ذلك، فإن تطبيق النقل اللوجستي الأخضر في هذا الميناء وغيره من الموانئ المصرية يتطلب التغلب على مجموعة من التحديات والعقبات، سواء كانت بيئية أو اقتصادية أو تقنية. تشمل هذه التحديات نقص البنية التحتية الداعمة للتكنولوجيا الحديثة مثل محطات شحن المركبات الكهربائية، وأيضًا قلة الوعي لدى بعض أصحاب المصلحة في القطاع اللوجستي حول أهمية التحول إلى ممارسات أكثر استدامة. إضافة إلى ذلك، هناك الحاجة الملحة لوضع سياسات تشريعية تدعم هذا التحول من خلال الحوافز المالية والتشجيع على استخدام الوقود البديل والتكنولوجيا النظيفة.
ومن الجدير بالذكر أن التحديات التي تم التعرض لها في هذه الدراسة ليست عوائق مستحيلة، بل هي فرص يمكن استغلالها بشكل إيجابي من خلال التعاون بين الحكومة، القطاع الخاص، والمجتمع المدني. حيث يتطلب ذلك استراتيجية شاملة تتضمن تطوير سياسات حكومية تشجع على الاستثمار في مشاريع النقل الأخضر، وزيادة الدعم للابتكارات التكنولوجية التي تسهم في الحد من التلوث البيئي. كما أن القطاع الخاص مطالب بأن يكون له دور فاعل في تبني هذه التقنيات وتحقيق التكامل مع باقي قطاعات النقل في مصر، وخاصة في الموانئ والمناطق اللوجستية.
على صعيد المجتمع المدني، يمثل نشر الوعي البيئي جزءًا مهمًا من عملية التحول نحو النقل الأخضر، من خلال حملات توعية وبرامج تدريبية موجهة للشركات والعاملين في مجال النقل واللوجستيات، يمكن تسريع عملية تبني هذا النهج بشكل فعال.
في الأخير، إن تطبيق نهج النقل الأخضر في موانئ مصر، وخاصة ميناء شرق بورسعيد، ليس فقط خيارًا بيئيًا بل هو ضرورة اقتصادية أيضًا. فهو سيؤدي إلى تحسين كفاءة النقل وتقليل التكاليف التشغيلية، إضافة إلى الإسهام في حماية البيئة وتقليل الانبعاثات الضارة التي تؤثر سلبًا في الصحة العامة. إن النجاح في هذا المجال يتطلب تكاتف جميع الجهات المعنية لتنفيذ خطط استراتيجية تهدف إلى تحقيق هذا الهدف. إذا ما تم تنفيذ هذه الخطط بنجاح، فإن مصر ستكون قادرة على تحقيق تحول جذري في قطاع النقل؛ مما يسهم في تعزيز موقعها على المستوى الإقليمي والدولي كمركز لوجستي وصديق للبيئة، ويعكس قدرتها على الاستجابة للتحديات البيئية المعاصرة.
دكتور مهندس متخصص في شؤون النفط والطاقة