في الوقت الحالي يستمر انتشار فيروس كورونا المستجد في العالم، ويمر وضع المكافحة الدولية لهذا الوباء بلحظات حرجة. لقد أوضح الرئيس الصيني “شي جينبينغ” أن الوباء لا ينتمي لحدود دولة بعينها، ولا يفرق بين عِرق أو آخر، وأن المجتمع الدولي عليه أن يتحد حتى يتغلب عليه.
منذ تفشي المرض، أَوْلت الصين أهمية كبيرة لتحقيق التعاون الدولي، وشاركت بشكل إيجابي. كما شاركت الصين بدون أي تردد تجربتها في الوقاية والسيطرة على هذا الوباء مع دول العالم الأخرى، وافتتحت مركزًا معرفيًّا على شبكة الإنترنت للتعريف بكيفية الوقاية من الأوبئة ومكافحتها مع جميع بلدان العالم، حيث أعلنت الإصدار السابع من برنامج العلاج، والإصدار السادس من برنامج طرق الوقاية ومكافحة الوباء. وعقدت الصين أكثر من 80 اجتماعًا عبر الفيديو لخبراء الصحة مع أكثر من 150 دولة، وتبادلت بشكل عميق مع جميع الأطراف كيفية الاستجابة الفاعلة والتغلب على الوباء. وأرسلت الصين 17 فريقًا من الأطباء إلى 15 دولة، من بينها: العراق، وإيران، وإيطاليا، وصربيا، وكمبوديا، وباكستان، وفنزويلا، والفلبين، وميانمار، ولاوس، وكازاخستان، وروسيا، والمملكة العربية السعودية، وإثيوبيا، وبوركينافاسو، وهو ما أشاد به جميع الأطراف بشدة. وقدمت الحكومة الصينية والقطاع الخاص العديد من الإمدادات الطبية اللازمة لأكثر من 150 دولة ومنظمة دولية. وتعمل الصين أيضًا بنشاط من أجل الاستفادة من قدراتها الإنتاجية، وفتح أسواق الإمدادات الطبية وقنوات التصدير في الوقت المناسب، حيث وقّع أكثر من 70 دولة ومنظمة إقليمية ودولية على اتفاقيات شراء تجاري لمواد مكافحة الأوبئة مع المُصدرين الصينيين. وخلال الفترة من الأول من مارس إلى 10 أبريل، قامت الصين بتصدير 7 مليارات و120 مليون قناع (كمامة)، و55 مليونًا و750 ألف قطعة من الملابس الواقية، و3 ملايين و590 ألف قطعة من موازين الحرارة بالأشعة تحت الحمراء، و20 ألفًا و100 جهاز تهوية، و13 مليونًا و690 ألف زوج من النظارات الواقية. وانسابت عِبَارَتَا “مساعدات صينية” و”صنع في الصين” بشكل قوي للغاية للوقاية في إطار مكافحة الوباء على الصعيد العالمي.
التعاون المصري-الصيني في ظل أزمة كورونا المستجد
منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية قبل 64 عامًا، كانت الصين ومصر شريكين وصديقين. ومنذ اندلاع الوباء، أجرى كلٌّ من الرئيسين “شي جينبينغ” و”عبدالفتاح السيسي” محادثات هاتفية حول فيروس كورونا المستجد، كما تبادلا الرسائل، مما يُعزز التبادلات بين البلدين في إطار مكافحة الوباء. وقامت وزيرة الصحة والسكان المصرية الدكتورة “هالة زايد”، بزيارة للصين كمبعوث خاص للرئيس، كما أضاءت مصر علم الصين في عددٍ من المواقع الأثرية المهمة، لتُظهر المستوى العالي من الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين.
يثق الصينيون بـ”رد الجميل”، فلن ننسى أنه في اللحظات الحرجة أثناء حرب الصين ضد الوباء، قدمت الحكومة المصرية والشعب المصري دعمًا قويًّا وثمينًا للصين، وحملت معالي الوزيرة “هالة زايد” حزمة مساعدات إلى الصين. وفي 16 من أبريل، وصلت الدفعة الأولى من مواد المساعدة المقدمة من الحكومة الصينية للحكومة المصرية، شمل ذلك 20000 قناع N95، و10000 بدلة واقية، و10000 كاشف اختبار. وفي الثالث من مايو، وصلت الدفعة الثانية من المساعدات، وشملت 10000 قناع N95 و10000 مجموعة من الملابس الواقية، و70000 نسخة من كواشف الاختبار. وفي الوقت الراهن، تقوم الصين ومصر بالتنسيق بشأن الدفعة الثالثة من المواد، بالإضافة إلى 70000 من كواشف الاختبار التي تم تسليمها في 3 مايو، وتشمل أيضًا 150000 قناع N95، ومليون قناع عادي (كمامة)، و70000 من الملابس الواقية، و70000 قفاز و1000 كاشف حرارة.
كما تبرعت منطقة شينجيانغ الصينية -ذاتية الحكم لقومية الويغور- بمجموعة من المساعدات للحكومة المصرية، شملت 100000 قناع طبي، 15000 قناع N95، 1000 بدلة واقية، 1200 كاشف اختبار. وفي 21 أبريل، تبرعت شركة الصين الحكومية المحدودة لهندسة الإنشاءات بمجموعة من المواد المقاومة للوباء بقيمة 780 ألف دولار أمريكي لمصر في إطار مشروع CBD في العاصمة الإدارية الجديدة بمصر. وقد عقد مسئولون وخبراء صحة صينيون اجتماعًا عبر آلية الفيديو كونفرانس مع مسئولين وخبراء بوزارة الصحة المصرية. وشاركت مصر في اجتماعات بالفيديو بين الصين ودول غرب آسيا وشمال إفريقيا، بالإضافة إلى اجتماع الفيديو الأول لخبراء الصحة بين الصين والأمانة العامة لجامعة الدول العربية والدول الأعضاء. وأرسلت الصين إلى مصر شريط الفيديو الخاص باجتماع الخبراء رفيعي المستوى للوقاية من المرض ومكافحته. وزودت الصين مصر بآخر برنامج للوقاية من الأوبئة ومكافحتها وبرنامج التشخيص والعلاج. كما ستعمل الصين بنشاط على تعزيز مؤسسات البحث العلمي والمستشفيات في البلدين لتعزيز التبادل حول الفيروسات واللقاحات والتشخيص والعلاج. وستدفع الصين بمجموعة من خبراء الدفاع الطبي الصيني إلى مصر في أقرب وقت ممكن. وتبحث السفارة الصينية في مصر مع جامعة الدول العربية سُبل التعاون، حيث ستتبرع وزارة الخارجية الصينية بـ10000 قناع N95 و200 ألف قناع طبي للأمانة العامة لجامعة الدول العربية.
شروط مهمة لمواجهة الوباء العالمي
لكي تتغلب البشرية على هذا الوباء، يحتاج العالم إلى الثقة بدلًا من الذعر، والتضافر بدلًا من الانقسام، وللتعاون بدلًا من اللوم. بعد تفشي الوباء، أبلغت الصين منظمة الصحة العالمية عن الوباء في مطلع ظهوره، وقاسمت التسلسل الجيني للفيروس مع الدول في أول وقته، وأطلقت التعاون الدولي للوقاية من الأوبئة ومكافحتها منذ اللحظة الأولى، والتي تم تقييمها بشكل إيجابي من قبل المجتمع الدولي، وأثبتت أن اتهام الصين “بإخفاء الوباء” و”عدم الشفافية في مكافحة الوباء” لا أساس له من الصحة.
في 3 يناير، أبلغت الصين منظمة الصحة العالمية وبلدانًا أخرى، بما في ذلك الولايات المتحدة، رسميًّا بحالة الوباء. وفي 8 يناير، حددت الصين مبدئيًّا أسباب الوباء. وفي 11 يناير، قام المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بتحميل 5 نسخ من التسلسل الجيني الكامل لـفيروس كورونا المستجد على الموقع، ومشاركته مع منظمة الصحة العالمية والعالم. وفي 20 يناير، أبلغت مجموعة خبراء رفيعة المستوى من “لجنة الصحة الوطنية الصينية” الجمهور بأنه تم التأكد من حدوث العدوى بانتقالها من شخص لآخر. وخلال الفترة من 20 إلى 21 يناير، أرسلت منظمة الصحة العالمية وفدًا لزيارة ووهان. وفي نهاية يناير، نشرت فرق بحثية مثل “المركز الصيني لمكافحة الأمراض والوقاية منها” مقالات في مجلات طبية دولية موثوق بها مثل مجلة “نيو إنجلاند الطبية” The New England journal ومجلة The Lancet لتقديم نتائج بحوث العلماء الصينيين حول خصائص فيروس كورونا المستجد. وفي فبراير، شارك خبراء من “المركز الأمريكي لمكافحة الأمراض” و”المعاهد الأمريكية الوطنية للصحة” في فريق التحقق المشترك بين الصين ومنظمة الصحة العالمية للقيام بزيارة ميدانية لفهم الوضع الوبائي والوقاية منه ومكافحته بشكل كامل. وفي مواجهة هذه الحقائق، اعترفت حتى وسائل الإعلام الغربية (غير الودية تجاه الصين) بأن “الصين قد وفرت الوقت للعالم”. وفيما يتعلق بمشكلة منشأ الفيروس، فإن الصين هي أول دولة تُبلغ عن تفشي المرض لمنظمة الصحة العالمية، ولكن هذا لا يدل على أن الفيروس نشأ في ووهان. فأي مرض وبائي من الممكن أن ينشأ من أي مكان في العالم، فيجب أن نعرف أصله، وهذه مشكلة علمية خطيرة يجب إحالتها إلى العلماء والخبراء الأطباء للبحث.
منذ تفشي الوباء، تؤدي منظمة الصحة العالمية مسئولياتها بشكل فعال، وتمسّكت بموقف موضوعي وعلمي وعادل، ولعبت دورًا مهمًّا في التنسيق والدور القيادي في مساعدة البلدان لمواجهة تفشي الوباء، وتعزيز التعاون الدولي في مكافحته. وحظي هذا الدور بتقديرٍ عالٍ من المجتمع الدولي. في الوقت الراهن، يمر العالم بوقت حرج في مكافحته ضد الفيروس. ومن ثم فإن دعم منظمة الصحة العالمية هو التمسك بمفاهيم ومبادئ تعددية الأطراف، وحماية مكانة الأمم المتحدة ودورها، وحماية وحدة المجتمع الدولي في مكافحة الوباء. لا يوجد سبب واقعي للتشكيك في منظمة الصحة العالمية، فأسلوب الضغط والضغينة والإكراه لا يُحبذه الناس، وأي بلدٍ لديه ضمير لن يدعمه. فقد أولت الصين أهمية كبيرة لمنظمة الصحة العالمية ودورها، وهي على استعداد لزيادة دعمها من خلال قنوات مختلفة على أساس التعاون القائم.
وقد شدّدت الصين مرارًا وتكرارًا على أن قليلًا من السياسين في البلدان قد تجاهلوا الحقائق، وقدموا معلومات مغلوطة، لغرض وحيد هو محاولة التهرب من مسئولية الوقاية والسيطرة على الوباء. ومع ذلك، فإن الحقائق تتحدث بصوت أعلى، والعدالة دائمًا هي التي تفوز في النهاية، ولا يمكن أن تنجح المؤامرات. إنهم “يُلقون اللوم” على الصين، التي لن تمحو الإنجازات التي حققها الشعب الصيني في مكافحته الشاقة ضد الوباء.
لقد أكّد الرئيس “شي جينبينغ” في مكالمة هاتفية أجراها مع الرئيس “السيسي” في 23 مارس، أن “البشرية هي مجتمع المستقبل المشترك”. نحن نؤمن إيمانًا راسخًا بأنه طالما أن جميع دول العالم تتحد وتتعاون بإخلاص؛ فإن البشرية بالتأكيد ستفوز في معركة مكافحة الأمراض الوبائية! ولأن مصر دولة ذات حضارة قديمة في العالم، ولديها حكمة قديمة تدافع عن العلم؛ سينجح الشعب المصري بالتأكيد في القضاء على الوباء في أقرب وقت ممكن تحت قيادة الرئيس “السيسي” والحكومة المصرية، فهناك مثل صيني قديم يقول إن “الشائعات تتوقف عند الحكماء”. ونحن على ثقة من أن الشعب المصري الودود والحكيم لن يتأثر بالشائعات والهجوم على الصين.