استضافت مصر مؤتمر الاستثمار بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي نهاية الشهر الماضي، خلال يومي 29 و30 يونيو، حيث تضمن المؤتمر ملفات مهمة للتعاون مع الاتحاد الأوروبي في عدد من القطاعات المستهدفة، بما يتفق مع شركاء التنمية الآخرين. ذلك من خلال عدة محاور ومنح مزمع تمويلها من الاتحاد الأوروبي، خلال الفترة من 2024 – 2027 بالقطاعات ذات الأولوية للجانبين على المستويين الإقليمي والثنائي، وذلك من خلال أوجه التعاون الإقليمي، والتعاون الثنائي، وآليات التعاون وتبادل المعلومات، بالإضافة إلى التعاون مع الاتحاد الأوروبي ومؤسساته التمويلية في مجال الهيدروجين الأخضر.
مدخل:
تبنى الاتحاد الأوروبي في عام 2020، استراتيجيته الخاصة بالهيدروجين في إطار ما عرف بالصفقة الخضراء الأوروبية، تلك الخطة التي تقترح التحول إلى الهيدروجين الأخضر بحلول عام 2050، من خلال الإنتاج المحلي وإنشاء إمدادات ثابتة من القارة الإفريقية. وعليه تتوجه الأنظار، في هذا المجال، إلى مصر، لتوليد كميات كبيرة من الهيدروجين، حيث تتوافر مُقومات لإنتاج الهيدروجين الأخضر مُتماثلة في أنها غنية بموارد الطاقة المتجددة من طاقة ورياح، بالإضافة إلى أنها لديها بنية استراتيجية لإنتاج الهيدروجين الأخضر، ويوجد مبادرات متعلقة بمصادر الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر.
ولذلك هناك حالة من الزخم تشهده العلاقات الثنائية بين مصر والاتحاد الأووربي، ولاسيما في مجال الطاقة، والتي انعكست في إطلاق الرئيس عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء البلجيكي مبادرة المنتدى العالمي للهيدروجين المتجدد، خلال قمة شرم الشيخ في عام 2022. وعليه كان ملف الهيدروجين الأخضر حاضرًا بقوة في أجندة مؤتمر الاستثمار المصري الأوروبي، وكيفية تعزيز التعاون مع مصر في ظل الإمكانيات الكبيرة التي تمتلكها من بنية تحتية، وموارد طبيعية، فضلًا عن الموقف الجغرافي المتميز القريب من القارة الأوروبية، وذات النفاذ للقارة الأفريقية.
ولكن كيف أصبحت مصر محورًا هامًا لإنتاج ومستقبل صناعة الهيدروجين الأخضر في العالم وبالأخص لدول الاتحاد الأوروبي؟
بشكل عام، سعت مصر إلى تنمية واستغلال ما لديها من ثروات طبيعية، والتحول من بلد يكافح لتدبير نفقات استيراد الطاقة إلى بلد مصدر بل وربما إلى لاعب أساسي مؤثر في أسواق الطاقة العالمية. وعليه تمضي الدولة المصرية قدمًا نحو بناء جمهوريتها الجديدة، حيث تولي اهتمامًا بالغًا وكبيرًا بقطاع الطاقة؛ إيمانًا منها وإدراكًا لدوره الحيوي والفعال كمحرك أساسي ومؤشر للنمو الاقتصادي، واضعة أمامها أن تطبيق استراتيجية الطاقة المتكاملة والمستدامة أحد أهم ركائز التنمية الاقتصادية والاجتماعية. ولذلك، تعتمد رحلة مصر لتصبح لاعبًا بارزًا في مجال الطاقة على تنفيذها الناجح لمجموعة من السياسات الاستراتيجية القادرة على إطلاق العنان لإمكاناتها الهائلة.
على النقيض من الحكومات المصرية السابقة، والتي لم يكن دعمها لإنتاج الطاقة الخضراء كافيًا، حيث تبنت إدارة الرئيس عبد الفتاح السيسي استراتيجية طموحة متعددة الأوجه للوفاء بالتزامات الدولة المناخية وتعزيز النمو الاقتصادي، وبالأخص صناعة الهيدروجين الأخضر.
تعزيز مكانة مصر كمركز إقليمي للطاقة:
عكفت الدولة المصرية خلال السنوات الماضية وبالتحديد منذ عام 2014، على رسم خارطة طريق تمكنها من بناء وتطوير قدراتها وبنيتها التحتية في قطاع الطاقة، وذلك في إطار مساعيها المستمرة بهدف تلبية الاحتياجات الداخلية. والعمل على تحقيق الهدف الرئيسي وهو التحول من حالة العجز وتفاقم أزمة الطاقة عبر سنوات مضت إلى الوصول لحالة الاكتفاء الذاتي والتصدير، والتي تحققت في عام 2018، وصولاً إلى الهدف الأكبر وهو تعزيز مكانتها كمركزًا إقليميًا ولاعبًا أساسيًا ومؤثرًا في سوق الطاقة العالمية وبالأخص في قطاع الغاز الطبيعي. وذلك من خلال خطوات جادة، حيث ركزت الرؤية المصرية على الاستغلال الأمثل لمقومات الدولة الجغرافية، والتنوع في مصادر الطاقة، والانخراط في شراكات دولية وإقليمية مختلفة وذلك بهدف تحقيق مستقبل آمن ومستدام للطاقة، والعمل علي توفير بيئة جاذبة للاستثمار في مشروعات الاستكشاف والبحث عن الغاز الطبيعي، بالإضافة إلى العمل علي ترشيد استخدام المصادر التقليدية، علاوة على المساهمة في تلبية الطلب العالمي في مجال الطاقة، خاصةً في ظل المتغيرات العالمية والصراعات الجيوسياسية المترتبة على العديد من الأزمات المتتالية والتي من ضمنها تداعيات الأزمة الروسية الأوكرانية، بالإضافة إلى الحرب على غزة، لترسخ بذلك الدولة المصرية مكانتها الجيوسياسية على خريطة الطاقة العالمية.
أمام ما تقدم، اتخذت مصر خطوات فاعلة تهدف في المقام الأول إلى بناء تعاون إقليمى واسع النطاق مع الدول المنتجة للطاقة (كافة محاور الطاقة) في منطقة شرق المتوسط وإقامة شراكة استراتيجية مع الاتحاد الأوروبى (بشكل خاص) في مجال الطاقة للاستغلال الأمثل لجميع الإمكانيات الحالية والسعي نحو تحقيق أقصى استفادة اقتصادية من ثروات الغاز الطبيعى المكتشفة والمتوقع اكتشافها مستقبلًا.
خطوات مصرية مُفعلة لإنتاج الهيدروجين الأخضر:
في ضوء استراتيجية مصر للمضي قدمًا في تفعيل آليات وأدوات التنمية المستدامة، كانت مصر نموذجًا أفريقيًا في مجال التحول نحو الاقتصاد الأخضر عبر العديد من المشاريع والتي من أهمها إنتاج الهيدروجين الأخضر، حيث يحظى الهيدروجين الأخضر في مصر باهتمام كبير ومتزايد، خاصةً مع توافر إمكانات الطاقة المتجددة. ذلك وفقًا للإستراتيجية المصرية للطاقة حتى عام 2035، والتي تستهدف الوصول بنسبة مساهمة الطاقة المتجددة إلى حوالي 42% من إجمالي الطاقة الكهربائية المنتجة وذلك بحلول عام 2035، وذلك على النحو الذي يوضحه الشكل التالي.
وعليه يمكن القول، بإن الدولة المصرية وضعت خطة استراتيجية تهدف إلى التوسع في إنتاج الهيدروجين الأخضر، حيث تطمح أن تكون على رأس الدول المنتجة له باعتباره وقود المستقبل، وقد قامت بدمجه في استراتيجية الطاقة.
علاوة على ما سبق، تقترب مصر من تنفيذ العديد من مشروعات إنتاج الهيدروجين الأخضر وبالشراكة مع كبرى الشركات العاملة في المجال، وتنفيذ خطة وطنية لإنتاج الهيدروجين الأخضر بقيمة حوالي 40 مليار دولار في الفترة المقبلة؛ وذلك إدراكًا منها لأهمية إنتاج الهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء وتخزينهما وتجارتهما، في إطار استراتيجيتها للتنمية الاقتصادية، والتي تستهدف الوصول إلى حوالي 8% من السوق العالمية للهيدروجين. ولذلك تمت الموافقة على الاستراتيجية الوطنية للهيدروجين الأخضر تمهيدًا لعرضها على المجلس الأعلى للطاقة.
الهيدروجين الأخضر يُشكل عنصرًا حيويًا في عملية التحول نحو الطاقة النظيفة والمستدامة، حيث يُسهم في تعزيز الجهود العالمية لإزالة الكربون، لذلك فإن حكومات العالم تولي أهمية كبيرة لمواصلة تطوير كامل سلسلة القيمة الخاصة بالهيدروجين الأخضر، وذلك من خلال وضع أطر واضحة للتعاون ومشاركة أفضل الممارسات وموائمة التشريعات بهدف تسريع التحول نحو اقتصاد الهيدروجين الأخضر، كما يوضح الشكل التالي ملامح صناعة الهيدروجين.
عالميًا، يعتمد إنتاج الهيدروجين الحالي علي مصادر الوقود الأحفوري، حيث أن الغاز الطبيعي هو المصدر الأساسي لإنتاجه، ويأتي الغاز الطبيعي في المرتبة الأولي من حيث نسبة المساهمة في المصادر المستخدمة لإنتاج الهيدروجين عالميًا حيث تُقدر نسبة المساهمة بحوالي 6% (نسبة الإنتاج العالمي حوالي 75% أو ما يُعادل حوالي 71 مليون طن)، ويأتي في المرتبة الثانية الفحم. وعلى الجانب الآخر، تُسهم أكبر مشروعات الهيدروجين في العالم (حوالي 11 مشروعًا مجتمعة) في إنتاج ما يزيد على حوالي 100 مليون طن سنويًا، ما يعادل ثُلث الكمية التي قد يحتاج إليها العالم بحلول عام 2050، بهدف تحقيق أهداف الحياد الكربوني. حيث يتطلب الوصول إلى الحياد الكربوني عالميًا إنتاج حوالي 300 ملايين طن من الهيدروجين الأخضر سنويًا، وذلك بحلول عام 2050. حيث يحل مشروع المنطقة الاقتصادية لقناة السويس في المرتبة السادسة بقائمة أكبر مشروعات الهيدروجين الأخضر في العالم. ويوضح الشكل التالي، توقعات الطلب العالمي على الهيدروجين مع توقعات بتضاعف الطلب العالمي بمعدل حوالي 7 مره وذلك بحلول عام 2050.
عربيًا، تأتي مصر على رأس قائمة الدول العربية من حيث عدد المشروعات التي تهدف إلى توطين صناعة الهيدروجين الأخضر، بنحو حوالي حوالي 28 مشروعًا (من إجمالي حوالي 103 مشروعًا في صناعة الهيدروجين على مستوى الوطن العربي) كما هو موضح في الشكل التالي.
تتمتع منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بوضع متميز يتيح لها إطلاق إمكاناتها الهائلة في مجال الطاقة النظيفة والخضراء، مما يتيح تحول أنظمة الطاقة التي يهيمن عليها النفط والغاز نحو سلاسل قيمة الهيدروجين منخفض الكربون.
وذلك بالرغم من التحديات الكبيرة في تلك الصناعة، حيث تُشكل تكلفة الإنتاج الضخمة هي العقبة الرئيسة أمام تطوير صناعة الهيدروجين الأخضر، فالتكلفة التي يتطلبها إنتاج الهيدروجين الأخضر لا تزال تحد من تنافسيته في الأسواق العالمية. ولكن مما لا شك فيه، أن التعاون الإقليمي والدولي سوف يؤدي مستقبلًا إلى خفض تكلفة الإنتاج الكلية للهيدروجين، حيث تسعى دول العالم إلى خفض تكلفة إنتاج الهيدروجين الأخضر لما يتراوح بين 1.1-2.16 دولار وذلك لضمان التفوق الصناعي على أنواع الهيدروجين الأخري، كما يوضح الشكل التالي النطاق السعري المستهدف للتكلفة بحلول عام 2030.
إجمالًا لما سبق، تمتلك سوق الهيدروجين الأخضر في مصر آفاقًا واعدة لتلبية الاحتياجات المحلية والعالمية على حدٍ سواء، مستفيدة من موقعها الجغرافي الاستراتيجي، وعليه فأن الطلب الحالي على الهيدروجين في مصر يبلغ حوالي 2% من الطلب العالمي، مع هدف توفير حوالي 10 ملايين طن سنويًا من احتياجات سوق الهيدروجين العالمية وذلك بحلول عام 2040، والتركيز على إنتاج الوقود الأخضر للقطاع البحري في قناة السويس.
تهدف مصر إلى الحصول على حوالي 1.1 مليون طن من الأمونيا الخضراء بحلول عام 2030 (طويل الأجل حوالي 2.3 مليون طن)، وحصة سوقية قد تصل إلى حوالي 8% من سوق الهيدروجين العالمي بحلول عام 2040 (إنتاج حوالي 220 ألأف طن)، كما تعتزم تصدير حوالي 50% من طلب الاتحاد الأوروبي على الهيدروجين الأخضر. ومن شأن الاستثمارات التي تبلغ قيمتها حوالي 83 مليار دولار أن يُنتج ما يصل إلى حوالي 15 مليون طن سنويًا من الأمونيا الخضراء والميثان الاصطناعي.
ولذلك زيادة الطلب على الهيدروجين الأخضر يترتب عليها زيادة الطلب على الطاقة المتجددة، ومصر لديها إمكانات واسعة في مجال الطاقة المتجددة، حيث حققت فرص كثيرة من خلال المشروعات التى تبنتها في هذا الشأن، وتتبني مصر خططًا من أجل التوسع في مشروعات الطاقة المتجددة، وتأتي في المرتبة الثانية عربيًا من حيث الخطط المستقبلية، كما هو موضح في الشكل التالي.
وفيما يتعلق باستخدام طاقة الهيدروجين، يجب على مصر التركيز علي الخطوات التالية:
- المدى القصير: يجب أن ترتكز الخطة على التصدير الخارجي بنسبة قد تصل إلى 100% من الهيدروجين الأخضر، مثل الأمونيا الخضراء والميثانول.
- المدى المتوسط: يجب التركيز على كيفية الاستفادة من إدخال طاقة الهيدروجين في الصناعات التي يصعب الحد من انبعاثاتها، فضلًا عن الاستخدام المحلي.
- المدى الطويل: يجب أن ترتكز على تطوير المزيد من الاستخدامات المحلية للهيدروجين، والصادرات عبر خطوط الأنابيب إلى الدول الأوروبية، مثل النرويج.
تُعد السوق الحالية للهيدروجين ضخمة ومتنامية، حيث يصل إنتاجها الحالي إلى حوالي 100 مليون طن، إلا أنه ما يزال محصورًا على استخدامه صناعيًا كمادة خام لصناعات أخرى، مثل الميثانول والأمونيا، وليس مصدرًا للطاقة على نطاق أوسع.
مُقومات مصرية هائلة:
اجتذبت المشروعات الضخمة في مصر أنظار جميع دول ومستثمري العالم وبالأخص دول الاتحاد الأوروبي؛ وذلك لنجاح قطاع الطاقة المصري، مع توافر العديد من المؤشرات والعوامل الإيجابية والتي يمكن تلخيصها في النقاط التالية:
- الموقع الاستراتيجي.
- امتلاك قناة السويس والتي تشهد حوالي 12% من جميع الشحنات المنقولة بحرًا في العالم.
- البنية التحتية للغاز الطبيعي ومحطات الإسالة العملاقة والموانئ البحرية وغيرها.
- الإمكانات المرتفعة من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، مما أهلها لأن تحتل الترتيب الأول عربيًا في طاقتي الرياح والشمس.
- القرب من أسواق مثل الاتحاد الأوروبي والشرق الأوسط، والتي قد تشهد طلبًا كبيرًا على الهيدروجين في السنوات القليلة المقبلة (من المتوقع زيادة حوالي 15%).
- توافر الموارد والبنية التحتية القوية، بالإضافة إلى عمليات التطوير والنهضة التي تشهدها حاليًا.
- تقديم الحوافز الضريبية وتسهيل الإجراءات، فمن خلال الحصول على تصريح واحد فقط، بإمكان المستثمر إنشاء مشروعات الهيدروجين الأخضر وتشغيلها وإدارتها.
ونظرًا إلى تلك المقومات السابقة، أخذت الدولة العديد من الخطوات الجادة من دراسات الجدوى ومذكرات التفاهم العديدة بين المؤسسات المصرية واللاعبين الدوليين الرائدين في سوق الهيدروجين والأمونيا.
وأمام ما تقدم، تتواصل جهود دعم وتحفيز زيادة إنتاج الهيدروجين الأخضر في مصر، حيث وقع مجلس الوزراء المصري 7 اتفاقيات مع مطورين عالميين، وذلك لتنفيذ مشروعات بمجالي الهيدروجين الأخضر والطاقة المتجددة بالمنطقة الاقتصادية لقناة السويس باستثمارات تتجاوز حوالي 40 مليار دولار. حيث تُقدر قيمة استثمارات المرحلة التجريبية للاتفاقيات حوالي 12 مليار دولار، و29 مليار دولار للمرحلة الأولى منها، بينما يتجاوز إجمالي الاستثمارات حوالي 40 مليار دولار خلال 10 سنوات.
كما يوضح الشكل التالي الحوافز التشجيعية التي تم إقرارها خلال الفترة الماضية.
ووفقًا لما سبق، الدلالات الاقتصادية والسياسية لمؤتمر الاستثمار المصري الأوروبي عديدة ونتائجه ستكون بالغة الأهمية بالنسبة للاقتصاد المصري خلال الفترات القادمة سواء القصيرة أو المتوسطة، حيث تتضح المعالم الرئيسية لمؤتمر الاستثمار المصري الأوروبي وذلك من خلال النقاط التالية:
- أتاحت الحكومة لأكبر حجم من الفرص الاستثمارية أمام الشركات والكيانات الأوروبية.
- المؤتمر يمثل دفعة قوية للعلاقات المصرية الأوروبية في ملف الهيدروجين الأخضر.
- شملت الشراكة الاستراتيجية بين مصر والاتحاد الأوروبي، ستة محاور يأتي على رأسها محور الاستثمارحيث التزم الجانبان بتعزيز التعاون في مختلف القطاعات الاقتصادية ذات الأولوية بما في ذلك التجارة، والطاقة والبنية التحتية، والنقل المُستدام والزراعة، والأمن الغذائي والتحول الرقمي والأمن المائي، وشبكات المياه والصرف الصحي والمشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر وغيرها من القطاعات الحيوية.
- تم التوقيع علي اتفاقات هامة على هامش المؤتمر، خاصةً في المجالات التي تَلقي تعاونًا كبيرًا من الجانبين، مثل مشروعات الهيدروجين الأخضر وغيرها.
- شهد المؤتمر حضور القطاع الخاص المصري على نطاق واسع في المؤتمر.
- الاتفاقيات التي تم توقيعها مع الجانب الأوروبي على هامش المؤتمر تشمل مجالات الهيدروجين الأخضر والسيارات الكهربائية والبنية الأساسية والنقل المستدام وتكنولوجيا المعلومات.
- إعداد استراتيجية الترويج لتتماشى مع المُتغيرات الجديدة والزخم السياسي والاقتصادي لاتفاقية الشراكة المُوقعة بين مصر والاتحاد الأوروبي لجذب المزيد من الاستثمارات.
- له نتائج إيجابية على مناخ الاستثمار والقطاع الخاص في مصر، خاصةً أنه سيزيد من التمويلات والتسهيلات المقدمة ضمن العمل في إطار الاقتصاد الأخضر وخفض الانبعاثات الكربونية.
- انعقاد المؤتمر جاء كجزء من الشراكة الشاملة والاستراتيجية بين الاتحاد الأوروبي ومصر، الذي يعد أهم شريك تجاري للدولة المصرية، حيث يمثل نحو 25% من إجمالي حجم التبادل التجاري مع الخارج.
- أعلن مجلس الوزراء المصري في بيان اليوم الأحد الماضي، عن توقيع 29 اتفاقية ومذكرة تفاهم بقيمة حوالي 49 مليار يورو مع الشركات التابعة للاتحاد الأوروبي، إلى جانب توقيع 6 اتفاقيات ومذكرات تفاهم بقيمة حوالي 18.7 مليار يورو مع تحالفات وشركات أخرى.
انعكاسات مختلفة على تعزيز مكانة مصر كمركز إقليمي للطاقة:
يحظى الهيدروجين الأخضر في مصر باهتمام كبير ومتزايد، لما له من أهمية استراتيجية للدولة المصرية وذلك لمجموعة من الاعتبارات الرئيسة، والتي من الممكن تلخيصها في النقاط التالية:
- تحقيق تنوع مصادر الطاقة للدولة، وهو الاتجاه الذي بدأ مع تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي رئاسة مصر، وضمن استراتيجية الدولة والتي تعتمد حاليًا على مزيج الطاقة وذلك من خلال تنويع مصادر الطاقة ووجود معادلة متزنة من الطاقة لمصر لأول مرة.
- تُسهم مشروعات إنتاج الهيدروجين الأخضر في تعزيز الجهود المصرية نحو هدفها لتعزيز مكانتها كمركز إقليمي لتجارة وتداول الطاقة في المنطقة، وذلك من خلال زيادة نفوذها الإقليمي والعالمي كنقطة عبور للطاقة النظيفة في العالم. بالإضافة إلى إنه سوف يمهد الطريق أمام مصر أن تكون مركزًا هامًا لمصادر الطاقة المتجددة.
- من المتوقع أن يتضاعف اقتصاد الهيدروجين حوالي 7 مرات وذلك بحلول عام 2050، مما سيؤدي إلى توفير إمكانية الحصول على نسبة كبيرة من السوق الدولية للهيدروجين، حوالي 8% وزيادة الناتج المحلي بحوالي 18 مليار دولار.
- تُسهم المزايا النسبية التي تتمتع بها مصر في قطاع الطاقة المتجددة في تسهيل مسارها نحو الاضطلاع بدور بارز في قطاع الهيدروجين الأخضر، وذلك نظرًا إلى أنه يُنتَج من خلال مصادر الطاقة المتجددة، ولدى مصر بنية تحتية واسعة النطاق للطاقة.
- حماية الاقتصاد المصري من حالة التذبذب والتقلب في أسعار النفط العالمية، وذلك عن طريق سرعة ضم الهيدروجين الأخضر إلى مزيج الطاقة المصري واستخدامه في الصناعات المختلفة.
- تدخل مشروعات الهيدروجين الأخضر ضمن استراتيجية مصر للطاقة المتكاملة والمستدامة 2035، والتي تعكس التزام الدولة المصرية تجاه توفير قطاع طاقة نظيف ومستدام، وذلك عن طريق تنويع مصادر الطاقة.
- يمكن لمصر أن تؤدي دورًا رئيسًا في سوق وقود الهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء لكل من تجارة الطاقة والشحن البحري، من خلال مبادرات الوقود المستدام.
مجمل القول: يحظى الهيدروجين الأخضر باهتمام عالمي وإقليمي متزايد في الوقت الراهن؛ لكونه وقودًا نظيفًا، وبالنسبة للدولة المصرية توفر البنية التحتية المصرية الحالية فرصًا كبيرة لإنشاء وتوسيع الطلب على الهيدروجين، حيث يأتي الاهتمام المصري بصناعة الهيدروجين الأخضر والتوسع في مشروعات إنتاجه بوصفه مصدرًا واعدًا للطاقة في المستقبل. وعليه يمكن القول إن تلك المشروعات تدعم الجهود التي تقوم بها مصر لتصبح ممرًا لعبور الطاقة النظيفة.
وفي الأخير، مؤتمر الاستثمار المصري الأوروبي يُعد نموذجًا لشراكة الحكومة والقطاع الخاص في جهود جذب الاستثمار وتحقيق مستهدفات خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية، حيث أتاحت الحكومة أكبر حجم من الفرص الاستثمارية أمام الشركات والكيانات الأوروبية، مع التنسيق مع الاتحاد الأوروبي، بهدف الترويج لهذه الفرص، خاصةً في ملف الهيدروجين الأخضر. حيث يعكس حجم الاستثمارات المستهدفة الاهتمام المتزايد للشركات العالمية بهدف الانضمام لبرنامج الهيدروجين الأخضر المصري، والذي يعكس سير الدولة في الطريق الصحيح، وذلك من خلال إنشاء برنامج واضح المعالم ومكتمل الأركان ومدعوم من جميع قطاعات الدولة، بالإضافة إلى الحوافز الاستثمارية التي تم إقرارها في الفترة الأخيرة لتعزيز تنافسية المشروعات المقامة في مصر.