لقد كانت الشركات التكنولوجية في طليعة الشركات والعلامات التجارية التي أوقفت أنشطتها جزئيًا/كليًا في روسيا في اتجاه مضاد لمواقفها المحايدة التي لطالما أكدت تبنيها؛ فقد وجدت تلك الشركات نفسها في خضم حرب مشتعلة تبنت فيها مواقف سياسية واضحة )استجابة لضغوط الحكومة الأوكرانية والعقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة ودول أوروبا على روسيا(، لتتجلى بدورها في حظر خدماتها ومنتجاتها، مما أضر -في المقام الأول- بالمستخدمين الروس المعارضين للكرملين والمعتمدين على الأدوات التكنولوجية ووسائل التواصل الاجتماعي لتنظيم الاحتجاجات الداخلية، ولا سيما في أعقاب حظر “تويتر” و”فيسبوك”، وعدم السماح للمستخدمين الروس بالنشر على منصة “تيك توك”. وهو الأمر الذي عكس في مجمله قدرة الحرب الروسية-الأوكرانية على تغيير الواقع الافتراضي بعد أن تحولت منصاتها إلى ساحات قتال رئيسية لحرب معلومات موازية جنبًا إلى جنب مع التغيرات الجيواستراتيجية الناجمة عنها.
أبرز المواقف
يمكن الوقوف على أبرز مواقف الشركات التكنولوجية الكبرى من الحرب الروسية-الأوكرانية من خلال النقاط التالية:
1- “باي بال” (PayPal): أوقفت الشركة الأمريكية (المتخصصة في مجال خدمات الدفع الإلكتروني) رسميًا جميع خدماتها في روسيا منذ مطلع مارس الماضي، فيما تلقى نائب رئيس الوزراء الأوكراني ووزير التحول الرقمي “ميخايلو فيدوروف” تأكيدًا من الرئيس التنفيذي للشركة “دان شولمان” عبر حسابه على “تويتر” بإغلاق عمليات الشركة في روسيا مع تكريس الجهود اللازمة لدعم الموظفين في المنطقة خلال الحرب. وقد سبق للشركة أن قيدت استخدام تطبيقها من قبل المستخدمين الروس، ليتعذر معهم إرسال أو استقبال الأموال من الخارج، وبعدها توقف التطبيق عن قبول مستخدمين روس جدد، وصولًا لقرار الوقف الكلي لخدمات الشركة بما في ذلك خدمة تحويل الأموال المعروفة باسم (Xoom).
2- “مايكروسوفت”: علقت الشركة جميع مبيعاتها وخدماتها في روسيا، وتعهدت بالمساعدة في الدفاع عن أوكرانيا ضد الهجمات السيبرانية الروسية، كما توقفت الشركة عن عرض أي محتوى من وسائل الإعلام الروسية المدعومة من الدولة لا سيما “آر تي” و”سبوتنيك”، وأزالت ترتيب نتائج البحث على (Bing)، وأحجمت عن الدخول في أي صفقة إعلانية معهم. وعلى صعيد متصل، جمعت شركة “إكس بوكس” (التابعة لشركة “مايكروسوفت”) بالتعاون مع شركة “إيبك غيمز” لألعاب الفيديو (المنتجة للعبة “فورتنايت” الشهيرة) 144 مليون دولار لهيئة الإغاثة المباشرة ومنظمة اليونيسف وبرنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشئون اللاجئين ومنظمة “وورلد سنترال كيتشن”، لدعم جهود الإغاثة الإنسانية للأشخاص المتضررين من الحرب.
3- “أبل”: أوقفت الشركة مؤقتًا جميع مبيعاتها في روسيا، وقيدت وصول الأخيرة إلى الخدمات الرقمية بما في ذلك (Apple Pay)، كما حظرت “روسيا اليوم” و”سبوتنيك” من متجر التطبيقات الخاص بها خارج روسيا. وفي مطلع مارس الماضي، عطّلت الشركة أيضًا ميزات حركة المرور والحوادث المباشرة في خرائط (Apple Maps) كإجراء وقائي لضمان سلامة المواطنين الأوكرانيين. كما تأثرت بعض التطبيقات الروسية للمعاملات المالية (مثل تطبيق بنك “في تي بي”) بعدة قيود حال استخدامها عبر الأجهزة التي تعمل بنظام التشغيل “آي أو إس” التابع للشركة.
4- “جوجل”: لا تتباين سياسات شركة “جوجل” كثيرًا عن شركة “أبل” بعد أن حظرت الأولى وسائل الإعلام الحكومية الروسية من عرض الإعلانات على منصاتها، وأزالت الناشرين من أخبارها، وعطلت بعض ميزات حركة المرور المباشرة من “خرائط جوجل” في أوكرانيا. كما قرر “يوتيوب” إغلاق محطة “دوما” التلفزيونية التي تُبث من مجلس الدوما (المجلس الأدنى للبرلمان الروسي)، تذرعًا بمخالفتها بنود الخدمة على “يوتيوب”، مما أثار غضب المسئولين الروس احتجاجًا على فرض قيود على ما وصفوه بخدمة البث الأكثر شعبية في العالم، وأرجعوه إلى انتهاك واشنطن للحقوق والحريات ورغبتها في احتكار نشر المعلومات. وإن أكدت شركة “جوجل” التزامها بالامتثال لجميع العقوبات السارية وقوانين الامتثال التجاري.
5- “ميتا”: قيدت “فيسبوك” حسابات العديد من المنافذ الإخبارية المدعومة من موسكو وفي مقدمتها وكالة الأنباء الحكومية الروسية “ريا” وقناة “زفيزدا” التلفزيونية الحكومية والمواقع الإخبارية الموالية للكرملين، لتتهمها بالتمييز ضد وسائل الإعلام الحكومية الروسية. كما اتهمت هيئة الاتصالات الروسية (“روسكومنادزور”) الشركة بـفرض الرقابة وانتهاك حقوق وحريات المواطنين الروس، وطالبت السلطات الروسية الشركة بوقف التدقيق المستقل في الحقائق وتصنيف محتوى المنافذ الإعلامية. فأعلنت الشركة من جانبها أن صفحات “فيسبوك” وحسابات “إنستغرام” التابعة لـكل من “روسيا اليوم” و”سبوتنيك” لن تكون متاحة داخل الاتحاد الأوروبي، فردت هيئة تنظيم الاتصالات الوطنية الروسية بمنع الوصول إلى “فيسبوك” في البلاد.
6- “تويتر”: فرض “تويتر” قيودًا تستهدف الحد من المحتوى الذي يبثه ما يزيد على 300 حساب من الحسابات الحكومية الروسية، بما في ذلك حساب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وأعلنت الشركة أنها ستتخذ إجراءات ضد أي دولة تقيد الوصول إلى الإنترنت المفتوح بينما تشارك في نزاع مسلح. ومنذ بدء الحرب في أوكرانيا، أصبحت منصة “تويتر” محدودة للغاية في روسيا ولا سيما بعد أن حذفت حسابات “روسيا اليوم” و”سبوتنيك” في أوروبا، تماشيًا مع حظر الاتحاد الأوروبي للمنافذ الإخبارية المدعومة من الكرملين.
7- “تيك توك”: علقت شركة “بايت دانس” المالكة لتطبيق “تيك توك” بعض الميزات في روسيا وبخاصة في ضوء قانون “الأخبار الكاذبة” الروسي الجديد، مثل المحتوى الجديد على خدمة الفيديو وخدمة البث المباشر، دون أن تتأثر خدمة الرسائل داخل التطبيق. وعلى الرغم من ذلك، تعرض المواطنون الروس من مستخدمي التطبيق لخطاب دعائي مؤيد للحرب ضد أوكرانيا. ووجد التقرير الصادر عن “تراكينغ إكسبوزيد” (Tracking Exposed) أن بعض محتويات التطبيق تثير المشاعر المعادية لأوكرانيا لدى المستخدمين الروس على الرغم من المحظورات التي فرضها التطبيق، وذلك من خلال الحسابات المؤيدة للكرملين التي واصلت دفع رواية تأييد الحرب استغلالًا لبعض الثغرات على المنصة.
8- “كلير فيو”: في 16 مارس الماضي، عرضت شركة “كلير فيو” المتخصصة في تكنولوجيا التعرف على الوجوه خدماتها على الحكومة الأوكرانية؛ إذ إن البحث في قاعدة بيانات تضم 10 مليارات وجه قد يساعد أوكرانيا في الكشف عن المتسللين الروس ومحاربة المعلومات المضللة والتعرف على هويات القتلى، لا سيما وأنها تضم 2 مليار صورة وبيانات مأخوذة من مواقع التواصل الاجتماعي الروسية وفي مقدمتها شبكة “فكونتاكتي” (VK) المعروفة باسم “فيسبوك روسيا”. فقد أكد الرئيس التنفيذي للشركة “هوان تون ذات” أن الشركة أتاحت تقنيتها الرائدة للتعرف على الوجوه للمسئولين الأوكرانيين لاستخدامها مجانًا خلال حربها ضد روسيا.
9- “سبيس إكس”: وفرت الشركة خدمة الإنترنت الفضائي بالاعتماد على الأقمار الصناعية، وقد دأبت الشركة على إرسال المزيد من أجهزة الاستقبال في أعقاب تضرر شبكة الإنترنت نتيجة الحرب الروسية. وعليه، بات تطبيق “ستارلينك” الذي يسمح للأشخاص بالوصول إلى خدمة الإنترنت عبر الأقمار الصناعية هو التطبيق الأكثر تنزيلًا في أوكرانيا، ومع ذلك حذر ماسك في وقت سابق من هذا الشهر من وجود فرصة كبيرة لاستهداف خدمة النطاق العريض عبر الأقمار الصناعية “ستارلينك” التابعة للشركة في أوكرانيا من جانب روسيا.
وبالإضافة إلى ما سبق، يذكر أن شركة “أمازون” كانت قد أعلنت عن تبرعات بلغت قيمتها 10 ملايين دولار للمؤسسات الخيرية التي تدعم المواطنين في أوكرانيا، وأوقفت شركة “أوراكل” (Oracle) بالفعل جميع أعمالها في روسيا، فيما قررت شركة “سامسونج” (Samsung) وقف شحن منتجاتها الجديدة (مثل “جالاكسي إس 22 ألترا”) إلى روسيا.
أبرز الدلالات
تثير مواقف الشركات التكنولوجية من الحرب الروسية-الأوكرانية جملة من الدلالات التي يمكن الوقوف عليها في النقاط التالية:
1- التعويل على الشركات التكنولوجية: وجهت أوكرانيا نداءاتها إلى مختلف الحكومات إلى جانب الشركات التكنولوجية، مما يعكس كيف أضحت الأخيرة طرفًا فاعلًا ومؤثرًا في الحرب الروسية-الأوكرانية. وقد تطورت مطالب أوكرانيا من الشركات التكنولوجية من إيقاف النشاط إلى فصل روسيا عن شبكة الإنترنت العالمية، وإن قوبلت تلك الدعوات برفض منظمة “الإيكان” (ICANN) القاطع، وهي الشركة المختصة بتوزيع وإدارة عناوين بروتوكول الإنترنت في جميع أنحاء العالم، وذلك إعلاءً لشعار “عالم واحد – إنترنت واحد” من ناحية، وتأكيدًا على أهمية دعم الإنترنت العالمي دون اتخاذ أي إجراءات عقابية، أو تقييد وصول الخدمة إلى قطاعات بعينها من ناحية ثانية، وهو ما يأخذ في اعتباره التداعيات السلبية للتدخل في بروتوكولات البنية التحتية الأساسية للإنترنت على المدى الطويل؛ ذلك أن تلك الدعوات تستتبع بالضرورة التعويل على شبكات الإنترنت الوطنية فيما يعرف باسم (Splinternet). وقد سبق أن اختبرت روسيا شبكة إنترنت خاصة بها تحت اسم (Runet)، وهي الشبكة التي وجهت روسيا مزودي خدمة الإنترنت لتهيئتها داخل الحدود الروسية.
2- تضييق متبادل: على الرغم من الطابع الحر والمفتوح لمنصات التواصل الاجتماعي مثل “فيسبوك” و”تويتر” وغيرهما، فإنها تتعرض للحجب والتضييق المتعمد والممنهج في أوقات الأزمات والحروب والصراعات الدولية، مثلما فعلت روسيا مع مختلف تلك المنصات. وعلى الجانب الآخر، تجلى في الحرب الروسية-الأوكرانية كيف اتجهت تلك المنصات إلى التضييق على بعض الحسابات ولا سيما الحسابات الرسمية التابعة للقنوات الإعلامية الروسية والمؤسسات السيادية، الأمر الذي استهدف في المقام الأول تضييق الخناق على المنافذ الإعلامية المعبرة عن الرواية الرسمية لما تسميه روسيا “عملية عسكرية محدودة”.
3- إعادة تشكيل الإنترنت: تطال تداعيات الحرب الروسية-الأوكرانية شبكة الإنترنت العالمية ووسائل التواصل الاجتماعي؛ ذلك أن محاولات عزل دولة ما يدفعها لا بد وأن يدفعها بالضرورة إلى تطوير بدائل وطنية قد تقوض الروابط العالمية التي تشكلت على مدار عقود عدة؛ ليتجلى الانقسام بين الشرق والغرب بشكل جليّ، وتتجه أنظار العالم أجمع إلى الشركات التكنولوجية الصينية.
4- فقدان الحياد: تعد النداءات الموجهة لشركات التكنولوجيا جزءًا من استراتيجية أوكرانية أوسع نطاقًا لعزل روسيا ودفع المواطنين للاحتجاج ضد السياسات الروسية. ولا شك أن إقحام الشركات التكنولوجية في الحرب يشكك في درجة تمسكها بحرية الرأي وحياد الإنترنت ومبدأ إتاحة الإنترنت للجميع، وإن استثنى من ذلك موقف منظمة “الإيكان” العالمية المشرفة على إدارة أسماء النطاقات على الإنترنت على الشبكة العنكبوتية كما سبق القول. وهو ما يكشف النقاب عن دور الشركات التكنولوجية في الحروب والصراعات الدولية من ناحية، وأثر وجود شركات تكنولوجية عملاقة في دولة ما من عدمه من ناحية ثانية. فقد تنحاز تلك الشركات لطرف على حساب الآخر لتتحول إلى وسيلة لفرض مزيد من الضغوط السياسية بعد أن تتحول من منارات لحرية التعبير إلى حكم على الروايات الرسمية للدول؛ فتطلق العنان لحسابات بعينها وتكمم أفواه الأخرى.
5- تنامي التأثير: تعكس مواقف الشركات التكنولوجية من الحرب الروسية-الأوكرانية مدى قوة تأثير تلك الشركات في مجالي الأخبار والإعلام بالنظر إلى درجة انتشارها من ناحية، وحجم البيانات التي تمتلكها عن المستخدمين من ناحية ثانية، وأثرها المباشر في حياة المواطنين والاقتصاد القومي من ناحية ثالثة. إذ يقدر عدد مستخدمي الإنترنت حول العالم بحوالي 5 مليارات مستخدم، منهم أكثر من 90 مليون مستخدم للإنترنت في روسيا وحوالي 23 مليونًا في أوكرانيا. وقد تعددت أدوار الشركات التكنولوجية في تلك الحرب لتشمل: جمع التبرعات، وتقديم الدعم، ومخاطبة العالم، ودعم الجانب الأوكراني، وتطويق الاقتصاد الروسي، وتوفير بدائل لخدمة الإنترنت الوطنية، وغير ذلك. وجميعها أهداف توضح كيف تحولت تلك الشركات إلى قوة غير محدودة دون رقابة مسبقة أو عواقب فعلية، وهو ما يمكن فهمه بالنظر إلى سيطرتها على: البيانات، والأتمتة، والروبوتات، والذكاء الاصطناعي، والإعلان، بل والبيع بالتجزئة، وغير ذلك. وهو ما يقود إلى تركيز بيانات المستخدمين في يد حفنة من الشركات التكنولوجية التي يصعب مساءلتها أو السيطرة عليها من قبل الحكومات المنتخبة.
6- القيمة المضافة: بالنسبة لعدد من الشركات التكنولوجية، تعد الحرب الروسية-الأوكرانية فرصة لتحسين صورتها وبخاصة في ظل ملاحقاتها القضائية ومساءلتها السياسية وهيمنتها السوقية وسياساتها الاحتكارية وانتهاكاتها للخصوصية، وجميعها أمور برزت وتكررت في السنوات القليلة الماضية. وعليه، تستغل تلك الشركات الفرصة لإظهار قدرتها على استخدام تقنياتها بطرق مثيرة سبق استخدامها في ثورات الربيع العربي في عام 2011. بيد أن الشركات التكنولوجية لا بد أن تتحمل تبعات سياساتها تلك، ففي أعقاب انتهاء الحرب الروسية-الأوكرانية قد تتوقف مختلف الدول عند أدوار تلك الشركات فتطوقها بمزيد من القيود بعد أن ترى فيها خطرًا حقيقيًا يتمدد خارج حدود السيطرة.
7- توطين المنصات: تكشف الحرب الروسية-الأوكرانية خطورة الاعتماد على منصات أجنبية، ما يدفع الجهود لتوطين المنصات الاجتماعية، واستحداث بدائل وطنية مناسبة. وفي هذا الإطار، أكد رئيس الوزراء الروسي “ميخائيل ميشوستين” ضرورة تطوير بدائل وطنية لكل من “آب ستور” و”جوجل بلاي”، كما خاطب المطورين والمبرمجين وموظفي تكنولوجيا المعلومات كي يضعوا نظامهم الخاص في ظل امتلاك روسيا المقومات التكنولوجية اللازمة لذلك. وتعمل وزارة التنمية الرقمية والشركات الروسية الرائدة بالفعل على إنشاء متجر بديل لنظام التشغيل “أندرويد”، ومن المقرر إطلاقه منتصف العام الجاري.
ختامًا، من عمالقة التواصل الاجتماعي إلى ناشري ألعاب الفيديو، أوقفت شركات التكنولوجيا أعمالها مع روسيا عقابًا لها على حربها ضد أوكرانيا، وهو ما يعكس كيف أجبرت السياسات الدولية والتوازنات العالمية تلك الشركات على المشاركة في هذه الحرب استجابة منها لضغوطات متزايدة كي توظف نفوذها وتعمل مختلف أدواتها من هواتف وتطبيقات ومنصات اجتماعية للضغط على روسيا، دون أن تتمكن تلك الشركات من الوقوف في مواجهة دولها الأم لتصبح مجبرة على احترام العقوبات الأمريكية والأوروبية وتغلفها بالمبررات الإنسانية.