أزمة الطاقة التي يشهدها العالم حاليًا تؤكد صحة رؤية مصر واستراتيجيتها بشأن الطاقة وتنويع مصادرها، وأن لديها قدرة على استقراء مستقبل الطاقة في العالم بما يعزز مكانتها عالميًا ونفوذها الإقليمي والدولي، بالإضافة إلى سعي مصر الحثيث للمشاركة في معالجة مشكلات التغيرات المناخية.
مدخل:
كانت نظرة العالم للطاقة النووية نظرة سوداء حتى وقت قريب، وخاصة بعد حادثة فوكوشيما التي جعلت العالم يأخذ موقفًا معاديًا من الطاقة النووية. كان وقوع حادثة فوكوشيما أمرًا جعل طوكيو تتحرك بسرعة وبحزم ضد الطاقة النووية حين أوقفت تقريبًا جميع مفاعلاتها النووية التي وصل عددها إلى حوالي 55 مفاعلًا، ومنذ ذلك الوقت لم تستأنف سوى 9 مفاعلات عملياتها.
ولكن جاء الاهتمام المتزايد بالطاقة النووية في الفترة الماضية ليعكس موجة جديدة من التقييمات التي تشير إلى أن القرن الحادي والعشرين سيتحول إلى التوسع أكثر في مجال الطاقة النووية، وذلك وسط تزايد قوة وتأثير شركات المفاعلات النووية المتقدمة، جنبًا إلى جنب مع قائمة متزايدة من إعلانات بناء محطات نووية جديدة، حيث تتوقع وكالة الطاقة الدولية أن الاستثمار في الطاقة النظيفة –بما في ذلك المشاريع النووية الجديدة– سيزداد بمقدار تريليونَي دولار سنويًا بحلول عام 2030.
الوضع النووي العالمي:
بلغ إجمالي سعة الطاقة النووية المركبة على مستوى العالم ما يقرب من حوالي 400 جيجاوات وذلك في عام 2021، لتُمثل نحو حوالي 10% من قدرة توليد الكهرباء في العالم، مع توقعات استقرار السعة في العامين المقبلين، كما هو موضح في الشكل التالي.
ووفقًا لإحصائيات عام 2022 بلغت أعداد المفاعلات النووية في العالم نحو حوالي 439 مفاعلًا في أكثر من 32 دولة، بطاقة إجمالية تزيد على حوالي 390 جيجاوات. حيث يوجد حاليًا أكثر من 52 مفاعلًا قيد الإنشاء في حوالي 19 دولة على مستوى العالم، ومن المرجح أن تشهد سعة الطاقة النووية المركبة إضافة حوالي أكثر من 54 جيجاوات، بمجرد اكتمال البنية التحتية لهذه المفاعلات الجديدة. وتحتل الولايات المتحدة الأمريكية ترتيب الدول الأكثر إنتاجًا للطاقة النووية بحوالي 790 جيجاوات/ساعة بعدد مفاعلات 96 مفاعلًا وبنسبة حوالي 30.9% من إجمالي الإنتاج العالمي.
وقد اعتمدت في توليد أكثر من 50% من الكهرباء النظيفة على الطاقة النووية، كما هو موضح في الشكل التالي.
واستكمالًا لما سبق، تقود باريس تحالفًا يشمل دول أوروبا الشرقية وهي المنطقة التي تُعد المنطقة الأكثر اعتمادًا على الفحم في أوروبا لتصنيف الغاز الطبيعي والطاقة النووية بصفتها استثمارات آمنة ومستدامة. حيث تهيمن فرنسا على حوالي نسبة أكبر من 70% من حصتها في إنتاج الكهرباء وهي النسبة الأكبر على مستوى العالم كما هو موضح في الشكل التالي، إذ تسعى المجر وبولندا ورومانيا وبلغاريا لجذب المزيد من الاستثمار في المحطات النووية وذلك من أجل الابتعاد عن الوقود الأحفوري، بالإضافة إلى الابتعاد عن الوقود الروسي، ولكن قد تحتاج دول الاتحاد الأووربي إلى إنفاق أكثر من 570 مليار دولار على الطاقة النووية الجديدة والحالية بحلول منتصف القرن، وهو الأمر الذي سيؤدي إلى انقسامات بين دول الاتحاد بشأن الدور الذي يجب أن تؤديه المحطات النووية في السعي لتحقيق أهداف الطاقة البديلة في أوروبا.
ومن الجدير بالذكر أن روسيا تلعب دورًا حيويًا فقط في سوق الغاز العالمية، ولكن الحقيقة أنها تؤثر أيضًا في سوق الطاقة النووية، بل يمكننا القول إنها اللاعب الرئيس في تلك الصناعة الاستراتيجية. حيث بلغ حجم الطلبات الخارجية لدى ذراع موسكو القوية “روس أتوم” الروسية بحوالي أكثر من 140 مليار دولار بين عامي 2010 و2021. وبصفة عامة نستطيع القول إن صناعة الطاقة النووية العالمية وأسواقها تقع في قبضة موسكو، كما هو موضح في الشكل التالي.
ووفقًا لما سبق، هناك العديد من الدوافع التي شجعت دول العالم على إعادة التفكير في ضرورة التوجه نحو التوسع في استخدام الوقود النووي على حساب الوقود الأحفوري، والتي من أبرزها: من المتوقع أن تزداد حدة أزمة الطاقة العالمية خلال السنوات القادمة، ومن المرجح أن يتجاوز سعر خام برنت 100 دولار للبرميل الواحد وربما يصل إلى 110–115 دولارًا، وسيرافق ذلك ارتفاعات موازية في أسعار الغاز الطبيعي والغاز المسال والفحم والكهرباء، وسط استمرار حالة عدم اليقين في أسواق النفط والغاز الطبيعي، خاصة بالنسبة إلى الاتحاد الأوروبي واليابان والصين وكوريا الجنوبية، بالإضافة إلى العديد من البلدان المستوردة الأكثر فقرًا التي تتعرض لصدمات اقتصادية في كل مرة تتحول فيها أسواق الطاقة بقوة.
واستكمالًا لما سبق، ينجم عن الطاقة النووية ومصادر الطاقة المتجددة مستويات انبعاثات دفيئة أقل بكثير مقارنة بتلك الناتجة عن مصادر الوقود الأحفوري (وبالأخص الفحم)، كما هو موضح في الشكل التالي، حيث بيانات انبعاثات ثاني أكسيد الكربون والتي تؤكد أن الطاقة النووية تنتج حوالي 12 جرامًا من ثاني أكسيد الكربون إلى جانب توربينات الرياح لكل كيلووات/ساعة من الطاقة الكهربائية. ولذلك أوصت العديد من الدراسات العالمية بضرورة توسيع نطاق الطاقة النووية بوصفها نهجًا للحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.
وعليه يمكن القول، إنه لا يمكن إغفال أن تصاعد الاهتمام الدولي بالطاقة النووية يعكس ديناميات الحرب الروسية الأوكرانية، وشعور العديد من الدول الأوروبية بأنها أصبحت عرضة للضغوط والمساومات الروسية من جهة ورقة الغاز الطبيعي. ولذلك فإن الاهتمام بالطاقة النووية يشير -في جانب منه- إلى محاولة الدول الأوروبية تقليل الاعتماد على موردي الطاقة الخارجيين، وتنويع مصادر الطاقة لديها، وهو ما يمنحها مرونة أكبر في التعامل مع الأزمات الطارئة، وتجنب الارتهان لقرارات أطراف خارجية.
وعلى الصعيد المصري الداخلي، بعد أكثر من نصف قرن، شهد عام 2022 تطورًا غير مسبوق على مسار تنفيذ المشروع النووي السلمي المصري، دخلت خلاله مصر مصاف الدول التي تنشئ محطات طاقة نووية طبقًا لتصنيف الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وتحقق حلم المصريين الذي طال انتظاره، ولكن ما هي العوائد التي تسعى الدولة المصرية لتحقيقها من خلال مشروعها النووي؟
استراتيجية الطاقة في مصر:
بشكل عام، استراتيجية الطاقة في مصر 2035 ترتكز على عدة محاور رئيسية ومنها كالآتي:
المحور الأول: تأمين مصادر التغذية الكهربية ويتحقق ذلك من خلال:
- استخدام تكنولوجيات جديدة لم تكن مستخدمة من قبل مثل إنتاج الكهرباء من المصادر النووية ومن الفحم وكذلك تكنولوجيا الضخ والتخزين.
- تعظيم دور الطاقات الجديدة والمتجددة.
- تنويع مصادر الطاقة والوصول لمزيج أمثل لتوليد الكهرباء من المصادر المختلفة.
المحور الثاني: محور الاستدامة حيث ساهمت الإصلاحات المتعلقة بمنظومة الدعم وإعادة توجيهه لمستحقيه في تحقيق الاستدامة المالية للقطاع، مما كان له أكبر الأثر في تشجيع الاستثمار.
وفي ضوء هذه الاستراتيجية المتكاملة للطاقة، تهدف الدولة المصرية للتوسع في الاعتماد على الطاقة المتجددة، حيث تهدف استراتيجية الطاقة المستدامة لعام 2035 إلى زيادة مساهمة نسبة الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة الكهربائية، حيث من المقرر أن يصل إنتاج الكهرباء من الطاقة المتجددة إلى 42% من إجمالي الطاقة الكهربائية المنتجة عام 2035، مقارنة بـ 20% عام 2022، وإدخال الطاقة النووية بنسبة حوالي 3%، كما هو موضح في الشكل التالي.
الحلم المصري:
تاريخيًا، بدأ الحلم النووي عام 1956 عندما وقع الرئيس الراحل جمال عبدالناصر عقد الاتفاق الثنائي مع روسيا بشأن التعاون في شئون الطاقة الذرية وتطبيقاتها في النواحي السلمية وغيرها من الاتفاقيات والعقود التي تتيح لمصر الدخول إلى العالم النووي، وبعد ذلك بعام واحد وفي عام 1957 قرر عبد الناصر إنشاء هيئة الطاقة الذرية. حصلت من خلالها مصر على أول مفاعل ذري للبحوث العلمية بقوة 2 ميجا وات، ومعمل لإنتاج النظائر المشعة حيث تعاونت مع موسكو لإنشاء أول مفاعل نووي للأبحاث والتدريب في إنشاص، شمال شرق القاهرة.
عام 1961 طرحت مصر مناقصة لتوريد محطة نووية لتوليد الكهرباء قدرتها 150 ميجاوات وتحلية المياه بمعدل 20 ألف متر مكعب في اليوم، وبلغت التكلفة المقدرة للمشروع في ذلك الوقت 30 مليون دولار، حيث تسببت نكسة 1967 في وقف كل هذه المشاريع القومية ومنها مشروع الضبعة النووي.
وتوالى طرح المشاريع النووية المصرية في عهد عبد الناصر بالتعاون مع السوفيت ثم في عهد خلفه محمد أنور السادات بالتعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية حتى بداية ثمانينيات القرن الماضي، إلا أنها كانت جميعها تجارب لم تكتمل، وبقي المشروع متوقفًا.
وانطلاقًا من إيمان القيادة السياسية بأن أمن الطاقة هو جزء لا يتجزأ من أمن مصر القومي، أعاد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إحياء الحلم النووي المصري مجددًا، حيث وقع الرئيس عبدالفتاح السيسي في فبراير من عام 2015 مع نظيره الروسي فلادمير بوتين، كما هو موضح في الشكل التالي، اتفاقية إقامة أول محطتين نوويتين لتوليد الكهرباء بأرض الضبعة كمرحلة أولى والتي تستوعب حتى 8 محطات نووية ليعود الحلم ويخرج لأرض الواقع. حيث تُعد محطة الضبعة النووية من أهم المكاسب الاقتصادية والسياسية لثورة 30 يونيو التي نجحت في وضع مصر على خارطة طريق الطاقة النووية، والتي ظلت حبيسة الأدراج منذ ما يقرب من 68 عامًا، عندما أعلن الرئيس الراحل جمال عبد الناصر عن إطلاق المشروع النووي المصري لتوليد الكهرباء ولم يخرج إلى النور إلا بعد في عام 2015 مع توقيع الاتفاقية الحكومية بين مصر وروسيا لتنفيذ أول محطة نووية لتوليد الكهرباء.
محطة الضبعة النووية:
تقع منطقة الضبعة، التي سيتم بناء المفاعل النووي على أرضها، على شواطئ البحر المتوسط في محافظة مطروح، وتبعد عن الطريق الدولي مسافة 2 كيلومتر، وسيتم بناء المشروع في الكيلو 135، بطريق مطروح-الإسكندرية الساحلي، وسينفذ المشروع على مساحة 45 كيلومترًا مربعًا، بطول 15 كيلومترًا على ساحل البحر، وبعمق 5 كم، كما هو موضح في الشكل التالي.
تشمل البنية التحتية للمشروع إنشاء برج الأرصاد لقياس درجات الحرارة والرطوبة واتجاهات الرياح، إضافة إلى إنشاء مباني العاملين وأجهزة قياس المياه الجوفية والزلازل والتيارات البحرية وإمداد خطوط الغاز والمياه والكهرباء والاتصالات. تضم المحطة النووية، وفقًا للاتفاقية المصرية الروسية الموقعة، في المرحلة الأولى 4 وحدات قدرة كل منها حوالي 1200 ميجاوات، وبإجمالي قدرات 4800 ميجاوات، (من نوعية الماء المضغوط VVER-1200 التي تعد حاليًا أكثر المفاعلات انتشارًا على مستوى العالم).
خلال فترة وجيزة تتمثل في 14 شهرًا فقط شهد موقع المحطة النووية بالضبعة خمسة معالم رئيسية في مسار تنفيذ المشروع، بدءًا من الصبة الخرسانية الأولى للوحدة الأولى في شهر يوليو 2022، ومرورًا ببدء الصبة الخرسانية الأولى للوحدة الثانية في شهر نوفمبر من العام نفسه، ووصول أول أجزاء مصيدة قلب المفاعل في شهر مارس من العام الحالي، ثم تلاها الصبة الخرسانية الأولى للوحدة الثالثة في شهر مايو. وفي بداية أكتوبر الجاري تم تركيب أول معدة طويلة الأجل بمحطة الضبعة النووية. كما أنه من المخطط بدء الصبة الخرسانية الأولى للوحدة الرابعة خلال العام الجاري.
وهنا تجب الإشارة إلى أن مصيدة قلب المفاعل الخاصة بالوحدة النووية الأولى هي أول معدة طويلة الأجل تصل إلى ميناء الضبعة التخصصي بجمهورية مصر العربية بتاريخ 21 مارس 2023. حيث تُعد مصيدة قلب المفاعل أيضًا أول معدة طويلة الأجل تم تركيبها في مبنى المفاعل بالوحدة النووية الأولى، وهي إحدى المعدات المميزة للمفاعلات الروسية من الجيل الثالث المتطور (مصيدة قلب المفاعل أحد العناصر الأساسية في نظام الأمان للمحطة، وتعكس أعلى معدلات الأمان النووي لضمان التشغيل الآمن والمستمر لمحطة الضبعة النووية. واستغرق تصنيع مصيدة قلب المفاعل نحو 14 شهرًا بدولة روسيا الاتحادية، وهي عبارة عن نظام حماية فريد تم تركيبه أسفل قاع وعاء المفاعل بهدف رفع درجة أمان وسلامة المحطة).
التكنولوجيا المستخدمة تنتمي لنوعية مفاعلات الجيل الثالث
جاء عامل الأمان والموثوقية، من أهم عوامل المفاضلة لاختيار نوع المفاعل والتكنولوجيا المستخدمة لبناء المحطة النووية في الضبعة، حيث تنتمي التكنولوجيا المستخدمة إلى نوعية مفاعلات الجيل الثالث المطور، التي تتطابق تمامًا مع متطلبات الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
ومن الجدير بالذكر أنه منذ إطلاق إشارة بدء المشروع النووي لتوليد الكهرباء في 11 ديسمبر 2017 برعاية القيادة السياسية في البلدين المصري والروسي، لم تتهاون هيئة المحطات النووية في تنفيد الالتزامات الخاصة بتنفيذ المشروع، وهو ما أدى بدوره إلى اختيار مشروع الضبعة النووي كأحد أفضل ثلاثة مشاريع من حيث البدء والانطلاقة على مستوى العالم، وحصول مشروع المحطة النووية بالضبعة على جائزة ثاني أفضل مشروع من حيث البدء والانطلاقة على مستوى العالم.
توقعات وانعكاسات مختلفة على الاقتصاد المصري
على الرغم من التحديات الهائلة التي واجهت الدولة المصرية منذ عام 2011 في ملف الطاقة، إلا أنها تتبع سياسة تهدف إلى تعزيز أمن الطاقة والوصول لمعادلة طاقة متوازنة لم تصل لها مصر من قبل.
لذلك، يحظى ملف الطاقة النووية السلمية في مصر باهتمام كبير ومتزايد، لما له من أهمية استراتيجية للدولة المصرية وذلك لمجموعة من الاعتبارات الرئيسية، والتي من الممكن تلخيصها في النقاط التالية:
- تحقيق تنوع مصادر الطاقة لمصر، وهو الاتجاه الذي بدأ مع تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي رئاسة مصر، وضمن استراتيجية الدولة والتي تعتمد حاليًا على مزيج الطاقة، وذلك من خلال تنويع مصادر الطاقة ووجود معادلة متزنة من الطاقة لمصر لأول مرة.
- حماية الاقتصاد المصري من حالة التذبذب والتقلب في أسعار النفط العالمية، وذلك عن طريق سرعة ضم الطاقة النووية إلى منظومة الطاقة المصرية واستخدامها في العديد من المجالات المختلفة.
- تدخل محطة الضبعة النووية ضمن استراتيجية مصر للطاقة المتكاملة والمستدامة، والتي تعكس التزام الدولة المصرية تجاه توفير قطاع طاقة نظيف ومستدام، من خلال تنويع مصادر الطاقة، حيث بلغت نسبة الطاقة البديلة ضمن مزيج الطاقة الكهربائية حوالي 20% في بداية العام الماضي، والمستهدف حوالي 37% بحلول عام 2030، والعمل على الوصول إلى نسبة حوالي 42% وذلك بحلول عام 2035.
- تُساهم المحطة في خفض حوالي 14 مليون طن من انبعاثات الكربون سنويًا، مما يُعادل حوالي عوادم 3 ملايين سيارة. ومن الجدير بالذكر أن حجم انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية وصل إلى حوالي 32 مليار طن سنويًا، ومن المتوقع أن تتجاوز حوالي 34 مليار طن سنويًا بحلول عام 2030.
- محطات الطاقة النووية لا تستهلك الأكسجين ولا تطلق أية مواد ملوثة أو غازات دفينة، بالإضافة إلى أن كل كيلوجرام من اليوارنيوم بتخصيب حوالي 4% يوفر عند احتراقه طاقة تُعادل حوالي 100 طن فحم عالي الجودة أو حوالي 60 طن من النفط الخام.
- محطة الضبعة النووية لا تهدف لتوليد الطاقة النظيفة لمصر وفقط، بل إنها ستكون مصدرًا لخلق الآلاف من فرص العمل للشباب، حيث من المتوقع توفير أكثر من 10000 فرصة عمل خلال فترات تنفيذ المشروع حتى تشغيله، كما من المخطط توظيف 70% من العمال من السكان المحليين في مرحلة البناء.
- سيتم إنشاء المحطة بتكنولوجيا الجيل الثالث، وتتضمن تدشين 4 مفاعلات نووية، وستُسدد تكلفة المحطة على 35 عامًا، بالإضافة إلى أنه لن تتحمل الموازنة العامة للدولة أي أعباء، وستشارك الشركات المصرية في المكون المحلي للمشروع بما لا يقل عن 20%.
- الحفاظ على الموارد الطبيعية غير المتجددة (مصادر الوقود الأحفوري) واستخدامها بشكل رشيد.
- التكلفة التنافسية للكهرباء المولدة وبشكل ثابت على مدار اليوم بغض النظر عن الظروف الجوية.
- سيؤدي تشغيل المحطة وصيانتها إلى إنشاء نظام بيئي جديد كامل.
- محطات الجيل الثالث آمنة إلى حد كبير، حيث إنها تعتمد على تكنولوجيا متطورة من التحكم الآلي والذي يؤدي إلى تأمين المفاعل في حالة استشعار أي خطر يتعرض له المفاعل.
- الارتقاء بجودة العمل والمنتجات محلية الصنع إلى مستوى المعايير الدولية مع استيعاب التقنيات والتكنولوجيا المتطورة، مما ينعكس على تعزيز البحث العلمي.
- في إطار تنفيذ برنامج توطين التكنولوجيا النووية وإدخال صناعات جديدة، سيوفر المشروع إمكانات واسعة للشركات المصرية المحلية تبعًا لطبيعة الأعمال، إذ يُخطط لرفع نسبة دورها من 20% بحد أدنى في مرحلة إنشاء وحدة الكهرباء الأولى، وصولًا إلى 35% بحد أدنى خلال إنشاء الوحدة الرابعة.
- مرحلة بناء مشروع الضبعة الجديد تسهم في تدفق نحو حوالي 9 مليارات دولار إلى الناتج المحلي الإجمالي لمصر، مما ينعكس على نمو الناتج المحلي المصري.
- تُشكل محطات الطاقة النووية مصدرًا مهمًا لتوليد كهرباء الحمل الأساسي منخفضة الكربون على مدى 60 عامًا على الأقل، حيث تربط تلك المشروعات البلدان مع بعضها بالتزامات طويلة الأجل في مجال ضمان الأمن النووي.
- هذا وعلى الرغم من أن بناء محطة للطاقة النووية مكلف، فإن تشغيلها وصيانتها أرخص من الغاز والفحم. بالإضافة إلى ذلك، لا تعاني الطاقة النووية من التقلبات السعرية مثل مصادر الوقود الأحفوري التقليدية؛ حيث من السهل التكهن بسعر الطاقة النووية في الأيام المقبلة.
مقترحات للإصلاح:
- ضرورة الاستفادة من الخبرات المكتسبة من الدول التي شرعت في بناء محطات الطاقة النووية لتوليد الكهرباء، والاستفادة من الكوادر الفنية الموجودة بها، والعمل على تأهيل الكوادر الفنية ونقل الخبرات المختلفة.
- ضرورة تشجيع البحث العلمي والأنشطة البحثية في مجالات الطاقة النووية السلمية، مع ضرورة إدخال العلوم النووية في المؤسسات التعليمية في كل مراحلها بهدف التوعية بأهميتها والإسهامات الإيجابية للطاقة النووية بما فيها تثبيت الاستقرار المناخي للدولة المصرية.
- إنتاج الهيدروجين باستخدام محطات الطاقة النووية (الهيدروجين الأصفر) يمكن أن يساهم في خفض الانبعاثات الكربونية بمعدلات كبيرة، ويمكن أن تقترن مفاعلات الطاقة النووية بمحطة إنتاج الهيدروجين لتوليد الطاقة والهيدروجين بكفاءة كنظام التوليد المشترك.
- إطلاق حملة إعلامية موسعة تهدف إلى رفع الوعي البيئي للمواطن، مع ضرورة دعم الحملات الإعلامية التوعوية في مجال الطاقة النووية على المستوى الوطني والقومي، وذلك من أجل رفع مستوى الثقة والتقبل الجماهيري لأهمية استخدام الطاقة النووية لتوليد الكهرباء وتحلية المياه.
- ضرورة بحث ودراسة إمكانية بناء محطات نووية مشتركة في المنطقة العربية لتقاسم أعباء البنية التحتية المكلفة.
مجمل القول، أمن الطاقة يُشكل الارتباط بين الأمن القومي وتوافر الموارد الطبيعية لاستهلاك الطاقة، حيث أصبح الوصول إلى الطاقة الرخيصة (نسبيًا) ضروريًا لتشغيل الاقتصاديات الحديثة، وعليه يمكن القول إن أمن الطاقة هو بوابة العبور إلى الجمهورية الجديدة. لذلك، تمضي الدولة المصرية قدُمًا نحو بناء جمهوريتها الجديدة، حيث تُولِي اهتمامًا بالغًا وكبيرًا بقطاع الطاقة؛ إيمانًا منها وإدراكًا لدوره الحيوي والفعال كمحرك أساسي ومؤشر للنمو الاقتصادي، واضعة أمامها أن تطبيق استراتيجية الطاقة المتكاملة والمستدامة هو من أهم ركائز التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وبصفة عامة، فإن الدولة المصرية تسير بخطوات جادة وسريعة لأن تصبح لاعبًا أساسيًا في لعبة الطاقة العالمية، وبالأخص بعدما قدمت نفسها كمحور استقرار في المنطقة في سوق الطاقة العالمية، وشريك يمكن التعويل عليه.