شهدت الحدود بين السودان وإثيوبيا توترًا يوم الإثنين 2 سبتمبر الجاري، بعدما سيطرت ميليشيا الفانو الأمهرية على المعبر من الناحية الإثيوبية، مما أدى إلى إغلاق المعبر من الناحية السودانية من جانب حكومة ولاية القضارف، على نحوٍ أدى إلى توقف أنشطة التجارة الحدودية بين السودان وإثيوبيا بجانب توقف إجراءات السفر والجوازات.
ويحمل هذا القرار عددًا من الأبعاد في ضوء السياق الراهن، سواء المتعلق بالحرب الجارية في السودان، أو التوترات التي يشهدها إقليم الأمهرا بين الحكومة الفيدرالية الإثيوبية وقومية الأمهرا، فضلًا عن التوترات الحدودية التاريخية بين البلدين على مناطق الفشقة.
أولًا: انعكاسات الحرب في السودان على الحدود
كان للحرب الجارية في السودان انعكاسات ممتدة على كافة أنحاء البلاد، بما في ذلك الولايات الشرقية التي تعد- حتى الآن- خارج نطاق المواجهات المباشرة بين القوات المسلحة والدعم السريع. غير أن ولاية القضارف، إحدى ولايات شرق السودان، كانت في مرمى الارتدادات العكسية للصراع، من خلال استضافة النازحين من الولايات المجاورة، للمكوث بها أو العبر منها نحو إثيوبيا.
- ممر عبور اللاجئين
كانت ولاية القضارف السودانية، إحدى معابر اللجوء بين البلدين، فقد أدت حرب التيجراي في عام 2020، إلى لجوء 600 ألف، تدفق بعضهم نحو الأراضي السودانية، في مخيمات موجودة في منطقة الراكوبة بولاية القضارف. وعلى الجانب الأخير، كانت القضارف المنفذ لعبور اللاجئين السودانيين إلى إثيوبيا، فخلال الفترة ما بين 21 أبريل و22 مايو 2023، وصل أكثر من 27000 شخص من 65 جنسية مختلفة إلى معبر ميتيما في إقليم أمهرة بإثيوبيا، قادمين من السودان، كان من بينهم إثيوبيين عائدين وسودانيين وإريتريين، وغيرهم، ممن نزح للمرة الثانية.
وفي أغسطس من العام الماضي، في إطار المواجهة مع القوات الفيدرالية الإثيوبية، تمكنت مليشيات فانو من السيطرة على بلدة “جوندر” في إثيوبيا، وذلك في وقت كانت فيه حركة اللاجئين تتجه من السودان إلى إثيوبيا، إذ أسفرت العمليات العسكرية في تلك البلدة عن مقتل عدد من السودانيين كانوا في طريقهم للسفر إلى أديس أبابا.
ومع الظروف الإنسانية القاسية التي تعرض لها اللاجئين السودانيين في إثيوبيا، فكانت هناك ارتدادات عكسية، في محاولة لعودتهم مرة أخرى للسودان. ففي يوليو الماضي، كشفت اللجنة المركزية للاجئين السودانيين بإقليم الأمهرة، عن مهاجمة معسكر ” كومر” للاجئين السودانيين، من جانب ميليشيا محلية، وقتل تسعة أفراد من قوات الشرطة، وهي الحوادث التي تكررت على مدار العام الماضي، نظرًا للتوترات الأمنية في الإقليم، إلى جانب الظروف المناخية القاسية، الأمر الذي دفع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بالعمل على تخصيص مواقع جديدة لنقل اللاجئين من إقليم الأمهرا لمناطق أكثر أمانًا.
وقد خصصت السلطات السودانية مساحات لإنشاء مراكز إيواء لآلاف اللاجئين السودانيين الذين وصلوا إلى ولاية القضارف سيرًا على الأقدام في نهاية الشهر الماضي، بعد عودتهم من إثيوبيا مرة أخرى. ففي الأول من سبتمبر الجاري، أعلنت حكومة ولاية القضارف عن استقبال (2716) لاجئًا سودانيًا قد عادوا من إثيوبيا في معسكر بمدينة القلابات. وقد عبر جميع السودانيين القادمين من إثيوبيا سيرًا على الأقدام منطقة المتمة الإثيوبية قبل وصول قوات فانو التي استولت على المنطقة دون أي مقاومة عسكرية، حيث كانت هناك قوات من الجيش والشرطة الإثيوبية لا تتجاوز المئة عنصر. وقد سمحت السلطات السودانية للشرطة الفيدرالية الإثيوبية والجيش الإثيوبي بالدخول إلى الأراضي السودانية بعد تجريدهم من سلاحهم، مقابل سماح الميليشيا للسودانيين العالقين بالعودة.
وتباشر حكومة ولاية القضارف والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين أوضاع اللاجئين في المعسكرات، إذ رحب والي الولاية، الفريق ركن محمد أحمد حسن أحمد، باللاجئين العائدين، مع دعوتهم إلى الانخراط في النشاط الاقتصادي وتحديدًا النشاط الزراعي، فضلًا عن دعوتهم إلى المشاركة في المقاومة ضد تمرد الدعم السريع.
- ممر التجارة الحدودية
تعد ولاية القضارف الحدودية المنفذ التجاري لعبور السلع إلى السودان قادمة من إثيوبيا، في ظل القيود الأمنية التي تشهدها حركة التجارة الحدودية بين الولايات التي امتدت إليها المواجهات المسلحة، على الحدود مع جنوب السودان وغيرها من دول الجوار.
وقد عانت التجارة الحدودية والمجتمعات المحلية من الإغلاق الحدودي لمعبر ” ميتيما-قلابات” الحدودي، على مدار عامين من حرب التيجراي 2020-2022، إذ تمت عسكرة طرق النقل، فأصبح النقل من السودان إلى مناطق غرب تيجراي ” جوندر – ويلكيت” يتم عبر أديس أبابا وبحر دار، إذ أثر إغلاق الحدود والمعابر على التجارة الرسمية خلال تلك الفترة، مما أثر على المجتمعات المحلية.
ومحاولة لتحسين ظروف الولاية، في ضوء تأثرها بتمدد الصراع، فضلًا عن التوترات القائمة بين البلدين، سوء تلك المتعلقة بالتوترات الحدودية أو تلك الدبلوماسية المتعلقة بموقف الحكومة الإثيوبية من شكل التسوية التي يتعين أن تكون عليها نهاية الصراع الحالي، كانت هناك عدد من الاتصالات والتحركات الدبلوماسية خلال الأشهر الماضية بين البلدين.
ومؤخرًا، أعلن مفوض عام التجارة بوزارة التموين بولاية القضارف، حسن محمد على أبو عوف، عن اتفاقية تجارة حدود بين ولاية القضارف وإثيوبيا بحوالي 20 مليون دولار، وفقًا لبرتوكول تجارة الحدود مع إثيوبيا منذ 2002. وتوفر ولاية القضارف، التي تتمتع بحركة نقل متطورة، الغذاء لبقية الولايات.
ويعتمد السودان في فترة الحرب على استيراد السلع الاستهلاكية من إثيوبيا بملايين الدولارات كل شهر، وقد أسهمت هذه النشاطات التجارية في تلبية احتياجات المدن التي تسيطر عليها القوات المسلحة في شمال وشرق البلاد. وبسبب تعليق العمل في معبر القلابات، فإن هذا الإجراء يؤثر على حركة التجارة بين الدولتين.
- مصدر إضافي للتوتر
يعد تقاطع الصراعات الحدودية مع الصراعات الداخلية في البلدين مصدرًا إضافيًا للتوتر، إذ تتشارك ميليشيا فانو والدعم السريع العداء للتيجراي، الذين ادعت الدعم السريع قتالهم إلى جانب الجيش السوداني، مقابل الاتهامات بدعم حكومة أديس أبابا للدعم السريع، هذا بالإضافة إلى الضغوط السابقة التي قامت بها الأمهرا على الحكومة الإثيوبية، للرد على السودان، بعدما قامت بطرد المزارعين الأمهرا من أراضي الفشقة السودانية، التي قام آلاف المزارعين الإثيوبيين أثناء حرب التيجراي بالتمدد إليها.
ومع المخاوف من انخراط التيجراي في حرب السودان، مما يسمح لها بإعادة تهيئة وضعها بما يتنافى مع اتفاق سلام بريتوريا، وكذلك المخاوف من تصعيد الأمهرا الحدودي، مما يفاقم الضغط على الحكومة الإثيوبية، ويزيد من التوتر في المنطقة، في الوقت الذي تتمدد فيه الدعم السريع ناحية الحدود الشرقية؛ تبدو أهمية استئناف التنسيق الدبلوماسي بين البلدين، مع التوترات التي تلت المبادرة الإثيوبية لتسوية الأوضاع السودانية تحت مظلة منظمة “الإيجاد”، إذ تمت استضافة ” البرهان” في أديس أبابا في نوفمبر 2023، وتمت استضافة ” حميدتي” في ديسمبر 2023، في إطار المساعي الإثيوبية لاستعادة السلام.
ومع الدور الذي لعبته إثيوبيا في الوساطة بين القوى المدنية والمجلس العسكري حتى تم توقيع الوثيقة الدستورية في 2019، فإنها تحاول استعادة هذا الدور، سواء باستمرار دعمها للقوى المدنية، التي أعلنت في مايو الماضي، عن تأسيس تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم) من أديس أبابا.
أجرى رئيس الوزراء الإثيوبي، أبي أحمد، أول زيارة له إلى السودان منذ اندلاع الصراع، مطلع يوليو الماضي، مع تمدد الصراع واقترابه من الولايات الشرقية الواقعة على الحدود الإثيوبية، مما ينذر بمخاوف من تمدد التوتر إلى الحدود الإثيوبية، التي تشهد توترات في أقاليم التيجراي والأمهرا، خاصة مع تمدد الدعم السريع إلى ولاية سنار السودانية في أواخر يونيو الماضي، مما تسبب في فرار نحو 125 ألف لاجئ سوداني على الحدود الإثيوبية، وأنذر باحتمالية اقتراب الدعم السريع إلى الحدود الإثيوبية، التي تعاني من نشاط ميليشيا الفانو الأمهرية ضد الحكومة الفيدرالية الإثيوبية.
فقد تسببت سيطرة الدعم السريع على مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار في 29 يونيو الماضي، في تكثيف الضغط على ولاية القضارف، في ظل نقص الأغذية والأدوية، وسوء الأوضاع المناخية مع موسم هطول الأمطار، فضلًا عما يتسبب فيه من ضغط على الولايات الواقعة تحت سيطرة الجيش شرقًا، ووضع محور الفاو بولاية القضارف ضمن خارطة المواجهات العسكرية، على طول الطرق الرابطة بين ولاية القضارف وولايتي الجزيرة وسنار.
وقد أثار انتقال الصراع إلى الحدود الشرقية، المخاوف الإثيوبية من انتقال الصراع إلى ولاية النيل الأزرق، على نحوٍ قد يؤثر عن غير قصد على سير العمل في سد النهضة الإثيوبي، وانعكست هذه المخاوف في الموقف الإثيوبي المعلن، الذي شهد تحولًا في الموقف، الذي عانى من توتر مع حكومة بورتسودان، نتيجة الموقف الإثيوبي الذي تبنى تشكيل منطقة حظر طيران على الخرطوم، ضمن مبادرة الإيجاد في يوليو 2023، وما تلاها من استضافة قائد الدعم السريع والقوى المدنية، فضلًا عن التصريحات المتعلقة بمشاركة عناصر تابعة للتجيراي إلى جانب الجيش السوداني في مواجهة الدعم السريع.
وتمثلت التحولات في الموقف الإثيوبي، الذي انتهى بزيارة رئيس الوزراء الإثيوبي لبورتسودان، في تصريحات صدرت مؤخرًا، عبرت عن التمسك بمبادئ حسن الجوار والإعلان عن عدم الانحياز لأي طرف في الصراع، والإعلان عن الرغبة في تسوية القضايا الحدودية دبلوماسيًا وعدم الرغبة في استغلال الموقف الراهن في استعادة ما سيطرت عليه القوات السودانية أثناء حرب التيجراي، فضلًا عن التأكيد على استمرار تصدير الكهرباء إلى السودان، رغم عدم تسديد الحكومة السودانية لتكاليف استيراد الكهرباء على مدار عامين.
ثانيًا: التوترات التي يشهدها إقليم الأمهرا
أدت الهجمات التي نفذتها ميليشيا الفانو على بلدة المتمة السودانية، إلى انسحاب القوات الإثيوبية إلى منطقة القلابات داخل الأراضي السودانية، والتي استطاعت استعادتها من الميليشيا المتمردة خلال ساعات، وفق ما هو متداول، مما زاد من تعقيد الوضع الأمني في المنطقة.
جاءت هذه التحركات على خلفية سيطرة ميليشيا الفانو على بلدة المتمة يوهانس من الناحية الإثيوبية، والمحاذية لمدينة القلابات السودانية التابعة لمحلية باسندة بولاية القضارف، في محاولة لقطع إمدادات السلع الغذائية والوقود القادمة من السودان لإقليم الأمهرا، لإحكام السيطرة العسكرية وإعلان سيطرة فانو الكاملة على إقليم الأمهرا.
ووفق ما هو معلن، أبدى عدد من التجار والسكان في منطقة المتمة تضامنهم مع تحركات الفانو، لتسهيل عملية السيطرة على المتمة والمعبر والحركة التجارية، بينما تمركز الجيش الإثيوبي في محافظة شهيدي حيث يسيطر على المنطقة.
وتضيف التوترات في إقليم الأمهرا، والمواجهات المحتملة بين الجيش الإثيوبي وميليشيا الفانو، التي فاقمها الاتفاق الذي أجرته الحكومة الإثيوبية مع جبهة تحرير التيجراي، مصدرًا إضافيًا للتوتر في المنطقة، التي تشهد توترات أمنية تاريخية بين الميليشا والمزارعين السودانيين، ويضاف إليهم اللاجئين العابرين للحدود.
وينظر إلى الصراع الحدودي للسيطرة على الموارد والأرض، كمحرك للصراعات المحلية والعابرة للحدود بين البلدين، إذ يتم توظيف الموارد في حسابات الصراع للنخب، التي ساهمت في عسكرة الموارد واقتصاد المجتمعات المحلية.
وعلى الرغم من تغيير أنماط التملك للأرض في المنطقة، منذ سيطرة الجيش السوداني على المنطقة والحد من النشاط الزراعي الإثيوبي في الفشقة الصغرى، وتغير أنماط تقاسم الأرض محليًا، وتعطيل طرق التجارة والتهرب، فإن الديناميات السياسية واستمرار سيطرة الحكومة السودانية على شرق السودان، وأهمية ولاية القضارف بالنسبة لاتجاهات الصراع، في الوقت الذي ترفض فيه ميليشيات الأمهرا تلك الترتيبات، وتوظف صراعها مع الحكومة الفيدرالية في ذلك الصراع الحدودي، فإن احتمالات تشكيل الحدود السودانية الإثيوبية لمصر توتر إضافي، تأخذ منحى متصاعدًا، مع تمدد الصراع باتجاه الولايات الشرقية.
ثالثًا: التوترات الحدودية التاريخية بين البلدين
تشهد تلك المنطقة توترات تاريخية، وصراعًا على الموارد والأراضي الخصبة، مما يجعل دورات الصراع بين البلدين تتشابك مع الصراعات المحلية، إذ يتم توظيف ديناميات الصراعات الداخلية في تلك الصراعات العابرة للحدود بينهما، على نحوٍ تتم معه عسكرة التجارة الحدودية والسلع الزراعية، مما يجعل المنطقة بؤرة توتر مزمنة، على طول الحدود البالغة 740كم بين البلدين.
وقد لجأت السلطات في القضارف إلى تعليق العمل في المعبر البري بسبب مخاوف من إمكانية انتقال الجماعات الأمهرية المسلحة إلى داخل البلاد، في ظل الوضع الأمني المضطرب في الجانبين. وجاء هذا القرار، في أعقاب لقاءات رسمية، تم من خلالها دراسة الوضع الأمني على الحدود بين البلدين، وكذلك تعزيز التجارة الحدودية بينهما، في ظل تصاعد المخاوف والتوترات الأمنية في شرق البلاد.
وقد كانت هناك لجنة لترسيم الحدود بين البلدين عام 2020، على خلفية التصعيد الحدودي بين البلدين ذلك العام، وانتشار القوات السودانية في المنطقة الحدودية التي تتماس مع إقليمي التيجراي والأمهرا، غير أن الخلاف ظلّ عالقًا بين البلدين، مع انشغال الحكومة الإثيوبية بحرب التيجراي، وإغلاق الحدود بين البلدين، فضلًا عن سيطرة القوات السودانية على 95% من الأراضي المتنازع عليها، وإقامة المناطق العسكرية والجسور بين الفشقة وولاية القضارف عبرنهر عطبرة، بما يتنافى مع الرواية الإثيوبية بامتداد حدودها حتى شرق النهر.
وقبل الزيارة الأخيرة لأبي أحمد لبورتسودان، كانت هناك عدد من الزيارات قبل اندلاع الصراع في إبريل 2023، إذ قام أبي أحمد بزيارة السودان في يناير 2023، لمناقشة الأوضاع الحدودية، في ظل الاتهامات التي كانت موجهة بدعم السودان لجبهة التيجراي خلال الفترة (2020-2022)، إضافة إلى المخاوف المتعلقة بتمدد الجيش السوداني للمنطقة في تلك الفترة، مما يثير مخاوف الأمهرا، التي تضغط على الحكومة الإثيوبية.
كشفت التطورات الأخيرة عن مخاوف متعلقة باحتمالية تدهور الوضع الحدودي بين البلدين في ظل تعقد السيولة الأمنية التي تشدها السودان من ناحية، وفي ظل التوترات التاريخية والغير محسومة بين البلدين في تلك المنطقة، وفي ضوء التوترات بين الأمهرا والحكومة الإثيوبية، مما يوفر مدخلًا قد تستغله الأمهرا، للتمدد داخل الأراضي السودانية، بما على نحوٍ قد يشكل ضغط وإحراج للحكومة الإثيوبية، التي تسعى إلى استعادة الود مع السودان مرة أخرى، عقب التوترات الدبلوماسية المتعلقة بالموقف الإثيوبي من الحرب السودانية.
وتمثل الولايات الشرقية للسودان، مصدرًا مهمًا للتجارة الحدودية مع إثيوبيا، فضلًا عن الزراعة، التي كانت متأثرة بالسيطرة الإثيوبية على أراضي الفشقة السودانية، وبعد اندلاع الصراع في تيجراي 2020 وفي السودان 2023، تأثرت التجارة والزراعة في البلدين.
وتعد البذور الزيتية وتحديدًا السمسم من المحاصيل التي تتمتع بها المناطق الحدودية بين البلدين، والتي أدى ضعف السيطرة الحكومية على الحدود إلى سيطرة الميليشيات على الأراضي والمحاصيل، لتوفير الموارد، مما أدى إلى اضطرابات التجارة والحدود.
وعلى الرغم من انتشار الجيش السوداني في المناطق المتنازع عليها لتأمين المزارعين، إلا إن هناك قدرًا من التعاون بين المزارعين في المنطقة، مما أدى إلى توتر العلاقات بين المستثمرين السودانيين والإثيوبيين في المنطقة، بعد ترحيل المزارعين الإثيوبيين من المنطقة. وفي ذات الوقت، لم تسهم تلك السيطرة للقوات السودانية في حسم الخلاف التاريخي، نظرًا لاستمرار هجمات ميليشيا الفانو على المنطقة، مما يجعلها مصدرًا مستمرًا للتوتر.
ويلعب اقتصاد الصراع دورًا في استمرار الأمهرا في إضفاء التوتر على المناطق الحدودية بين البلدين، إذ تسيطر الأمهرا على مناطق غرب التيجراي والمناطق الحدودية عبر السودان، والتي تعد غنية في زراعة المحاصيل التي تمثل مصدرًا اقتصاديًا مهمًا.
أخيرًا، تكشف التوترات الأخيرة على الحدود السودانية الإثيوبية، عن عوامل متشابكة وممتدة للصراعات المحلية العابرة للحدود بين البلدين، والتي توفر عوامل لتغذية التوتر والتصعيد الممتد، نظرًا لانعكاسات وتداخل الصراعات المحلية داخل البلدين، بالصراعات الحدودية بينهما، على نحوٍ يجعل من المواجهة بين الحكومة الإثيوبية وميليشيا فانو الأمهرية، مصدرًا إضافيًا للتوتر الحدودي القائم بين البلدين، والذي باتت الحرب في الداخل السوداني، والممتدة ناحية الولايات الشرقية، عاملًا إضافيًا يتشابك مع تلك العوامل المتجذرة، مما يضع مسارات التهدئة في المنطقة، مرتبطة بعوامل قد تكون خارج نطاق توظيف الآليات الرسمية والدبلوماسية للتهدئة في الوقت الراهن.