إذا دققت في الوضع الحالي المأسوي الحادث على الأرض في الدول العربية الشقيقة في كل من سوريا، وليبيا، واليمن، والعراق، والسودان، وفلسطين، ولبنان، فستدرك على الفور الكوارث الحتمية التي تنتج عن وجود صراعات طائفية داخلية، سواء كانت مذهبية أو قبلية، داخل الدولة الواحدة.
وهنا يبرز عدد من الأسئلة المهمة التي يجب أن تشكل إجاباتها الأمينة دروساً مستفادة لنا، تجعلنا ندرك بعقولنا المعنى الحقيقي لدلالاتها الواقعية، لكي نبني عليها الأسس الصحيحة لتحركاتنا نحو المستقبل الذي نرجوه لبلادنا، ولوطننا العربي الكبير.
1- هل كان يمكن أن تنجح جريمة الغزو الأمريكي الحقير للعراق بكل ما خلفه من دمار وخراب وإرهاب وصراعات مستمرة حتى الآن لو كان أهله على قلب رجل واحد؟
2- هل كان يمكن أن ينقسم السودان إلى دولتين، وأن يمزقه صراع الحرب الأهلية في دارفور الذي حصد عشرات الآلاف من الأرواح وشرد مئات الآلاف، ناهيك عن الوضع الداخلي المتأزم القابل للانفجار في أي وقت، لو كان أهله على قلب رجل واحد؟
3- هل كان يمكن لدول حلف الناتو بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا أن تدمر ليبيا وتنهب ثرواتها وتتركها مسرحاً مفتوحاً لشتى صنوف الإرهاب والصراعات لو كان أهلها على قلب رجل واحد؟
4- هل كان يمكن أن يتم تدمير سوريا وقتل وتشريد الملايين من مواطنيها، وحصارها بآلاف العناصر الإرهابية، واحتلال أراضيها، لو كان أهلها على قلب رجل واحد؟
5- هل كان يمكن أن يتم تدمير اليمن وإغراقه في حرب أهلية قتلت وشردت الملايين وما زالت، لو كان أهله على قلب رجل واحد؟
6- هل كان يمكن إغراق لبنان بحروب أهلية، وصراعات داخلية مدمرة لا تنقطع، واعتداءات كيان صهيوني بغيض متكررة، واحتلال أراضيها في مزارع شبعا، لو كان أهلها على قلب رجل واحد؟
7- هل كان يمكن أن يستمر الكيان الصهيوني المحتل في تكريس ابتلاعه للأراضي الفلسطينية، وسرقة خيراتها، وقتل وتشريد الآلاف من شعبها على مدى عشرات السنوات، لو كان أهلها على قلب رجل واحد؟
8- هل كان يمكن لإيران المذهبية، وتركيا الاستعمارية، والولايات المتحدة الأمريكية البلطجية، وبريطانيا التآمرية، وروسيا الانتهازية، والكيان الصهيوني الدموي، أن يحققوا أغراضهم الدنيئة في تدمير واستنزاف ونهب وابتزاز وتمزيق هذه الدول العربية الشقيقة، لو كان أهلها على قلب رجل واحد؟
من المهم أن نعى أن القوى الاستعمارية الدموية لا تستطيع أن تنجح في تحقيق أغراضها إلا في داخل الدول التي أنهكتها محدودية الرؤية، وعمى البصيرة، وتفضيل المصالح الشخصية، وعدم التقدير السليم للأخطار المنتظرة، من قبَل الطوائف المتصارعة بداخلها.
ومن المهم أن نعى أيضاً أن عملية إنقاذ الجسد العربي من مشروع إتمام تفتيته وتقطيع ما تبقى من أوصاله من قبَل القوى المتربصة به، لا يمكن أن تنجح أبداً إذا استمرت صراعاتنا وتشرذمنا وعدم اتحادنا على النحو الذي هي عليه الآن:
تأبى الرِّماحُ إذا اجتمعنَ تكسُّراً… وإذا افتــــرقنَ تكــسّرتْ آحادا
ويقول الله جل وعلا في سورة الأنفال: “وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ”. صدق الله العظيم.
ولأن الشيء بالشيء يُذكر فأرجو ألا يغيب عن إدراكنا ولو لثانية واحدة أن الهدف الاستراتيجي النهائي للماسونية طبقاً لما ورد في الكتب الموثقة عنها، هو قيام دولة إسرائيل (مملكة إسرائيل العظمى)، وتتويج ملك لليهود في القدس يكون من نسل داود، ثم التحكم في العالم، وتسخيره لما يسمونه (شعب الله المختار) الذي يعنون به اليهود.. وبروتوكولات حكماء صهيون مشروح فيها بالتفصيل خطواتهم الشيطانية لتحقيق ذلك.
وهنا يبقى السؤال: هل نحن قادرون على حماية أنفسنا من هذا المخطط اللعين؟
بالتأكيد نستطيع بشرط أن نتوحد على جميع المستويات.. ولعله من المهم هنا أن نتذكر أن مصر طرحت قبل سنوات قليلة في مطلع عام 2015 فكرة إنشاء قوة عربية مشتركة، تستطيع أن تتدخل لمواجهة وردع أي تدخلات أو عدوان على أي دولة عربية. ولكن مع الأسف الشديد تعثرت هذه الفكرة بسبب رفض حكومات عربية، بعضها أغرق الفكرة في التفاصيل ومن الذي يقود ومن الذي يمول، وبعضها حقق بقصد أو من دون قصد رغبة أطراف أجنبية في عرقلة هذه الفكرة، حتى لا تخرج إلى النور، وبدلاً من أن تتوحد القوات العربية المشتركة لردع الأعداء، فوجئنا بأن هذه القوات منهمكة في حروب أهلية وطائفية أنهكتها وجعلتها في أضعف حالاتها.
أرجو من الله أن نفيق كعرب قبل فوات الأوان، لأن عامل الوقت ليس في صالحنا على الإطلاق.
نقلا عن جريدة الوطن، الثلاثاء 2 يونيو 2020.