بعد نحو خمس سنوات من القتال ضد تنظيم “داعش” الإرهابي، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية “قسد”، المدعومة من قوات التحالف الدولي، النصر الميداني والقضاء على التنظيم في آخر معاقله بمدينة الباغوز في ريف دير الزور شرقي سوريا، وذلك بعد ستة أشهر من القتال لدحر الإرهاب. لتنتهي دولة الخلافة “جغرافيًّا”، والتي أعلنها “داعش” في 2014 وسيطرت على مناطق شاسعة في كل من العراق وسوريا، واستقطبت نحو 40 ألف مقاتل من جميع أنحاء العالم، الأمر الذي حوّل التنظيم من مجرد حركة هامشية إلى تهديد دولي استطاع إقامة دولة مارقة على أرض مساحتها 34 ألف ميل مربع، وحكم ثمانية ملايين نسمة على طول سوريا والعراق. ومع نهاية دولة المسلحين البدائية، لا يزال التنظيم المتطرف يحتفظ بوجود متناثر وخلايا نائمة في كافة أرجاء سوريا والعراق.
ربما تكون دولة الخلافة قد سقطت، لكن هذا لا يعني انتهاء التنظيم، وسيسعى لإعادة تصحيح مساره وتنظيم صفوفه في ظل اعتماده على استراتيجيته القديمة القائمة على الاختفاء وإعادة الانتشار في الصحراء، واستراتيجية “الذئاب المنفردة” التي ربما يلجأ إليها في أوروبا مستفيدًا من صعود اليمين المتطرف هناك. كما سيركز التنظيم خلال الفترة المقبلة على استراتيجية “الصبر” وهو مصطلح داعشي يشير فيه قادة التنظيم إلى الصبر كقيمة للصمود والمرونة والثبات، والتكيف مع حالة الخسارة التي يعيشها. ويتم تنفيذ هذه الاستراتيجية من خلال التزايد التدريجي البطيء في الأماكن التي يحظى بها التنظيم بنوع من النفوذ، والاندماج مع السكان المحليين. ويقوم التنظيم، وفق هذه الاستراتيجية، بتنفيذ اغتيالات لأفراد الأمن، واستخدام العبوات الناسفة، والكمائن، والسيارات المفخخة، لكن بمستويات متدنية.
تنظيم “داعش”.. من الخلافة إلى الهزيمة
أولًا: تحدي بقاء دولة الخلافة
برغم أن ما حدث في الباغوز يُشير إلى نهاية حلم التنظيم في قيام دولته، لكنه ليس نهاية للفكرة القائمة على العقيدة القتالية لحركة تمرد سنية مسلحة متطرفة تغذيها المظالم والتدخلات الأجنبية وانهيار منظومة الحكم المحلي في العراق وسوريا. وتشير التقديرات إلى أن التنظيم سيستأنف أسلوب عمليات التمرد في المناطق الريفية والنائية، الذي اعتمده في الفترة الممتدة من عام 2007 إلى 2013 في العراق، وأن التنظيم لا يزال موجودًا على الأراضي السورية، ويواصل نشاطه ضمن البادية السورية، حيث يتواجد على شكل جيوب متفرقة هناك، لشن هجمات أو تفجيرات انتحارية على حواجز الطرق أو القوافل، وتنفيذ أعمال قتل واستهداف سياسيين أو شخصيات أو مسئولين، وهذا الأسلوب يشكل تهديدًا دائمًّا ويصعب مواجهته.
كما أن مقاتلي تنظيم “داعش” الذين خرجوا من الباغوز غير نادمين ولا مستسلمين، ما زالوا على تشددهم، وينتظرون الوقت المناسب للعودة من جديد. “عائدون إليها قريبًا والفتوحات آتية ونحن ننتظر نصرًا من الله”، بصوت جهوري قوي، قالت الجملة السابقة امرأة مكسوة بزي أسود، بعد أن نجت من معركة الباغوز، وهي زوجة عنصر من تنظيم “داعش”، وأضافت أن زعيم “داعش” “أبو بكر البغدادي” “أعطاهم الأمر بخروج جميع النساء من الباغوز من أجل أن يأتوا أزواجهم لاحقًا ليحكموا شرع الله فينا، ومن أجل أن يلتفت الرجال للقتال وإقامة الخلافة”. ونشر “داعش” تسجيلًا مصوّرًا من داخل الباغوز يُظهر مقاتليه وهم يطلقون النار على قوات سوريا الديمقراطية، وكانت تلك محاولة من التنظيم لرسم صورة للهزيمة على أنها مقاومة بطولية ضد قوة طاغية ودعوة لآخرين لحمل السلاح.
من جهة أخرى، سيُشكل تحرر التنظيم من الجغرافيا التي كان يسيطر عليها تحررًا له من الأعباء المالية ذات الصلة بمحاولة بناء “الخلافة”؛ ما يفسح له المجال للتركيز على النشاط الإرهابي المتمثل في الهجمات الانتحارية، واستهداف القوات عبر معارك الكر والفر. ذلك أن “داعش” يُعد من أغنى التنظيمات الإرهابية في العالم، حيث حصل على أمواله من مصدرين رئيسيين هما: استغلال حقول النفط في العراق وسوريا، والضرائب على المواطنين الذين يعيشون في الأراضي التي يسيطر عليها. ولعب هذان المصدران دورًا رئيسيًّا في قيام التنظيم الإرهابي بجمع نحو مليون دولار يوميًّا، والوصول إلى احتياطيات مالية تتراوح بين 50 مليون دولار، و300 مليون دولار سنويًّا، الأمر الذي جعل من “داعش” أغنى منظمة إرهابية في العالم قادرة على الاستمرار والبقاء. ورغم أن خسارة الأراضي قد أفقدت التنظيم بعض مصادر الإيرادات، فإنها أدت في المقابل إلى تقليص التزاماته. ويتوقع أن يكون قادرًا على مواصلة عملياته.
ويُفيد التقرير الثامن للأمين العام للأمم المتحدة “أنطونيو جوتيريش” عن التهديد الذي يشكله تنظيم “داعش”، إلى وجود ثماني مناطق لا يزال التنظيم موجودًا فيها؛ ففي اليمن لا يزال التنظيم حاضرًا في محافظة الجوف، وفي ليبيا لا يزال التنظيم يشكل تهديدًا، إذ ينشط مقاتلوه على ساحل البحر المتوسط بين أجدابيا وطرابلس، وفي جنوب البلاد، ويشنون هجمات منتظمة على مراكز للشرطة للاستيلاء على أسلحة. وفي إفريقيا -في منطقة الساحل تحديدًا- بايعت مجموعتان التنظيم المتطرف، ولا تزالان ناشطتين. كما لا يزال التنظيم موجودًا في الصومال، وأفغانستان، وآسيا الوسطى، وإندونيسيا.
ثانيًا: معضلة المقاتلين الأجانب وسياسات الدول الأوروبية تجاهها
في ظل هزيمة تنظيم “داعش” في سوريا والعراق، واستسلام المقاتلين الأوروبيين، ودعوة الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” الدول الأوروبية إلى إعادة مواطنيها المعتقلين في سوريا ومحاكمتهم؛ فإن أوروبا في انتظار تهديدات إرهابية غير مألوفة لا يمكن التنبؤ بها. ربما تعرض المقاتلون للهزيمة في ساحة المعركة، لكنهم لا يزالون يتمسكون بتطرفهم، بعد أن اكتسبوا خبرة قتالية أثناء وجودهم في صفوف المجموعات المتشددة، وليس لديهم خيار سوى القتال حتى النهاية. ويشكل الأجانب نسبة كبيرة من المقاتلين، توافدوا إلى سوريا للانضمام إلى تنظيم “داعش” عندما كان في ذروة قوته. وقد اختلفت مواقف الدول الأوروبية تجاه مواطنيهم العائدين من بؤر التوتر في العراق وسوريا. بعض هذه الدول وافق على استعادتهم باعتبارهم مواطنين، لكن بعضها رفض ذلك، باعتبار أنه بانتمائهم إلى تنظيم إرهابي قد فقدوا حقهم في المواطنة. وترى فرنسا وبريطانيا وبلجيكا أنه يجب إحالة المقاتلين الأجانب إلى القضاء في المكان الذي ارتكبوا فيه جرائمهم طبقًا للإجراءات القانونية المناسبة.
وتقترح واشنطن على الدول الأوروبية المترددة في استعادة مواطنيها المعتقلين في سوريا، تمويل وتشييد مراكز احتجاز لهم في العراق. كما اقترحت “قوات سوريا الديمقراطية” أن تقوم الأمم المتحدة بإنشاء محاكم “إرهاب” في الشمال السوري لمحاكمتهم طالما أن الأكراد هناك “لا يملكون أرضية قانونية معترفًا بها” للقيام بذلك، على نحو ما جاء في تصريح المتحدث باسم “قسد” “مصطفى بالي”. من جهة أخرى، فإن الحكومة العراقية اقترحت تقديم المساعدة في هذا الملف من خلال تسلم المقاتلين الأجانب من “قسد”، ومحاكمتهم على الأراضي العراقية مقابل مبالغ مالية. في هذا الصدد، قال رئيس الحكومة العراقية “عادل عبدالمهدي”، إنه “سيتم فحص أسماء المقاتلين الأجانب المنتمين إلى داعش، وتسليمهم بعدها للمحاكم العراقية لمحاكمتهم”.
ووفقًا للتقرير الصادر عن لجنة مكافحة الإرهاب التابعة لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة (فبراير 2019)، وصل عدد المقاتلين الأجانب المنضمين لتنظيم “داعش” في سوريا والعراق 41490 شخصًا، موزعين على النحو التالي:
1- بريطانيا
في ظل الخسائر التي لحقت بتنظيم “داعش” في سوريا والعراق، تواجه بريطانيا خطرًا يتمثل في ارتفاع أعداد الإرهابيين البريطانيين العائدين إليها، ما يُشكل تهديدًا كبيرًا على الأمن البريطاني بعد أن تلقى هؤلاء تدريبًا عاليًا على القتال. ويذكر أن بريطانيا تعد واحدة من أكثر الدول الأوروبية تصديرًا للإرهابيين إلى سوريا. ووفقًا لتقديرات الحكومة البريطانية فقد انضم حوالي 900 شخص من المملكة المتحدة لتنظيم “داعش” في العراق وسوريا، 20% منهم قُتلوا هناك، و400 شخص عادوا إلى بريطانيا.
واتخذت بريطانيا مواقف متباينة إزاء عودة المقاتلين الذين دعموا تنظيم الدولة، ما بين معارض لعودتهم باعتبار أنهم يشكلون خطرًا على الأمن القومي، وما بين مؤيد لعودتهم باعتبار أن التوجه إلى سوريا والعراق ليس جريمة، وأن السلطات في حاجة إلى أدلة مقنعة لإدانة العائدين. لذا لا تزال بريطانيا قلقة من إجراء محاكمات للعائدين، وترى أنها لن تقود إلى شيء؛ لأن شهادة العائدين بأنهم لم يشاركوا في القتال ستكون أكثر قبولًا أمام المحكمة من أدلة الأجهزة الأمنية. كما أن المحكمة لن تعترف بالأدلة بسبب عدم قانونية طرق الحصول عليها، وتشير التقديرات إلى أن السلطات البريطانية مضت باتجاه سحب الجنسية من بعض المنضمين إلى “داعش”، وهو ما حدث مؤخرًا مع “شميما بيجوم”، الملقبة بـ”عروس داعش” التي انتمت إلى التنظيم منذ أربع سنوات مع زوجها هولندي الجنسية وتبلغ من العمر حاليًّا 19 سنة، وأعربت عن رغبتها في العودة إلى المملكة المتحدة، ولم تُبدِ ندمها على الالتحاق بـ”داعش”.
2- فرنسا
عبّرت فرنسا عن استعدادها للنظر في قضية مواطنيها حالة بحالة، وأنها لن تستجيب لطلب الرئيس الأمريكي بترحيل المقاتلين السابقين وعائلاتهم فورًا. وتقضي سياسة الحكومة الفرنسية برفض استعادة المقاتلين وزوجاتهم رفضًا قاطعًا. وسبق أن أشار إليهم وزير الخارجية “جان إيف لو دريان” باعتبارهم “أعداء” الأمة الذين يجب أن يمثلوا أمام العدالة، سواء في سوريا أو العراق، لكن إعلان انسحاب الولايات المتحدة من سوريا أجبر فرنسا على الاستعداد لعودة عشرات المتشددين الفرنسيين. وتعمل باريس بالفعل على خطط لإعادة أطفال مواطنيها الفارين إلى سوريا على أساس مبدأ كل حالة على حدة.
وكانت القوات الكردية في سوريا سلمت مقاتلي “داعش” الأسرى لديها للعراق، ما دفع الخارجية الفرنسية إلى تأكيد أنها تترك أمر محاكمتهم للسلطات العراقية، بمن فيهم مواطنوها، وهو ما أكده الرئيس الفرنسي “ماكرون” مرة أخرى بقوله إن “فرنسا لن تقوم باستعادة الإرهابيين من الفرنسين إلى أراضيها، وإنما ستكتفي بالمطالبة بتحويل أحكام الإعدام التي سيحكمون بها إلى سجن مدى الحياة”. وقد كشفت الحكومة الفرنسية في نوفمبر 2017 أن نحو 1700 فرنسي توجهوا للانضمام إلى صفوف “داعش” في العراق وسوريا منذ عام 2014، ومن بين هؤلاء قُتل 278 شخصًا، وعاد 302 آخرون إلى فرنسا. وقد أعدت الحكومة الفرنسية حاليًّا قائمة بأسماء 250 رجلًا وامرأة وطفلًا محتجزين في مناطق سيطرة الأكراد بكردستان سوريا، بغية إعادتهم، قبل أن تتخلى عن الفكرة أخيرًا خشية رد فعل الرأي العام المتردد عالميًّا بشأن عودة الإرهابيين إلى دولهم.
3- ألمانيا
ردت برلين بفتور على دعوة “ترامب”، وربطت الموافقة على استعادة مواطنيها بإجراء زيارات قنصلية لهم. وترى ألمانيا أنه لن تكون هناك ملاحقة للعائدين قضائيًّا، لعدم وجود حكومة في سوريا تربطها بها علاقة قوية، ولا يمكن للرئيس السوري “بشار الأسد” أن يكون نظيرًا لها، وأن قوات سوريا الديمقراطية ليست منضوية في حكومة وحدة وطنية. وانقسمت القوى السياسية حول إعادتهم أو تركهم يُحاكمون في سوريا والعراق، حيث يرى البعض أنه لا بد من محاكمتهم في المكان المتواجدين فيه دون السماح لهم بالعودة، في حين يرى آخرون أنه من حيث المبدأ وكمواطنين ألمان يشتبه في أنهم قاتلوا في صفوف “داعش”، فإنه يحق لهم العودة. في الوقت ذاته، قامت الحكومة الألمانية بإعداد مسودة قانون يسمح بسحب الجنسية من مواطنيها الحاملين للجنسية المزدوجة ممن انتموا إلى التنظيم وتمريره لوزارة العدل من أجل إصدار قانون جديد في هذا الصدد. ووفقًا لتقارير الاستخبارات الألمانية الداخلية الصادرة خلال شهر مارس ٢٠١٩، يوجد نحو ٢٧٠ امرأة وطفلًا يحملون الجنسية الألمانية في كل من سوريا والعراق، ولا تتجاوز أعمار ثلثي هؤلاء ثلاث سنوات.
في نهاية الأمر، ستواجه أوروبا خلال العام الحالي والقادم، عودة مواطنيها المنضمين لتنظيم “داعش”، لذا يجب تقييم أي خطر قد يشكلونه على أساس كل حالة على حدة. فبينما يُحتمل أن يُنفّذ قلة منهم هجومًا إرهابيًّا؛ إلا أن الكثيرين قد يكونون مخذولين ويعانون من اضطراب ما بعد الصدمة. ولربما يشعر بعضهم بأنهم قد أدوا واجبهم كمسلمين من خلال دعم “دولة الخلافة” ويحتاجون إلى إعادة الاندماج في المجتمع. لكن بشكل عام، يجب معالجة عنصرين رئيسيين عند بلورة أي حل للمشكلة، هما: لم الشمل بين العائدين المعزولين وعائلاتهم وأصدقائهم ومجتمعهم، وإبطال الأفكار العقائدية المتطرفة التي غُرست في عقولهم. فضلًا عن ذلك، تحتاج أوروبا إلى وضع سياسة مشتركة بشأن العائدين، فالسياسات الحالية تتفاوت ما بين سياسة تركز على إعادة الدمج، وأخرى ترى رفض عودتهم.
وفي ظل اختلاف مصادر تهديد عودة المقاتلين الأجانب إلى أوروبا، هناك أربعة أنماط للعائدين من سوريا والعراق:
1- نمط كان لديه حماس كبير للانخراط في القتال مع “داعش”، ولكنه اصطدم بالواقع، واكتشف مدى بشاعة التجربة، وقرر عدم المشاركة مرة أخرى.
2- نمط إيجابي، لم يقتصر على إبداء الندم فقط، ولكنه حاول منع ذويه من خوض التجربة، وهذا النمط لا يمثل خطورة.
3- نمط سلبي، كانت لديه أفكار مثالية عن القتال مع “داعش”، لكنه اصطدم بالواقع، ويحاول خداع الآخرين بنشر أفكار عن “عظمة الجهاد”، وهذا النمط يشكل خطورة على الدول الأوروبية.
4- الجهاد العابر للقارات، وهؤلاء لديهم التزام أيديولوجي بالعنف باسم الإسلام في الداخل والخارج، ولا يعودون إلى أوطانهم إلا بعد تنفيذ عدة هجمات في الخارج، وهو النمط الأشد خطورة والأكثر انتشارًا.
ثالثًا: السياسة الأوروبية للتعامل مع العائدين
في مواجهة معضلة العائدين من “داعش”، اعتمد الاتحاد الأوروبي قواعد جديدة لتشديد الرقابة على حدوده من أجل رصد ومتابعة الذين سافروا للقتال في سوريا والعراق. وتلزم القواعد الجديدة دول الاتحاد الأوروبي بفحص البيانات الجمركية والجنائية وتأشيرة أي شخص يغادر أو يصل إلى دول الاتحاد الأوروبي. كما اعتمدت أغلب الدول الأوروبية على عدد من السياسات في التعامل مع تدفق المقاتلين من سوريا والعراق، شملت ما يلي:
– ردع المتطوعين من الذهاب لسوريا والعراق من خلال العواقب القانونية المتمثلة في مصادرة جوازات السفر، وإلغاء الجنسية، والمحاكمات القضائية.
– التركيز على مساعدة العائدين من سوريا والعراق على الاندماج في مجتمعهم، وتأهيلهم فكريًّا، ومعالجة توجهاتهم المتطرفة.
– مراقبة وسائل التواصل الاجتماعي باعتبارها جزءًا من استراتيجية مكافحة الإرهاب وتشديد المراقبة على أجهزة الكمبيوتر والهواتف المحمولة ورصد المحتوى المتطرف والعنيف على شبكة الإنترنت.
– مراقبة الحدود الخارجية لدول الاتحاد الأوروبي، وفرض إجراءات أمنية مشددة على المطارات والمعابر الحدودية، وتبادل البيانات والمعلومات حول المسافرين عبر نظام إلكتروني يسمح للدول الأعضاء بالدخول إليه.
وعادة ما تجمع أغلب الدول الأوروبية بين تلك السياسات، ولكن تشير الطبيعة المتطورة للإرهاب إلى أن الاستراتيجية الأوروبية لمواجهة المقاتلين الأجانب تقابلها تحديات متعددة بطرق مختلفة، حيث ستبقى وسائل التواصل الاجتماعي والإنترنت أداتين رئيسيتين في يد الجماعات الإرهابية لخدمة التطرف والتجنيد وجمع التمويل وغيرها من النشاطات الإرهابية، وصعوبة مراقبة الحدود بين الدول، وبالتالي هنالك حاجة إلى تعاون أكبر بين الحكومات المختلفة.
ختامًا، ليس من السهل القضاء على تنظيم “داعش” في ظل انهيار منظومة الحكم في سوريا والعراق، وأي فراغ في السلطة سيعطي التنظيم فرصة لإعادة تأسيس نفسه بين السكان المحليين الذين تنقسم ولاءاتهم بشدة بين القوى المتعددة المتنافسة على السلطة، وليس من الضروري أن يستعيد التنظيم الأراضي التي كان يسيطر عليها، ولكنه على أقل تقدير سيتمكن من خلق ملاذات آمنة له تضمن له البقاء. وتشير التقديرات إلى أن التنظيم اتخذ خطوات استباقية قبل إعلان قوات سوريا الديمقراطية هزيمته في الباغوز، تمثلت في هروب قيادات الصف الأول. كما لا يزال زعيمه “أبو بكر البغدادي” على قيد الحياة، وهو ما تأكد بعد ظهوره في فيديو تم بثه أمس الاثنين 29 أبريل. وفيما يتعلق بالمقاتلين الأجانب فقد اتخذ التنظيم خطوة استباقية، لإخراج ما يمكن إخراجه منهم، وترتيب عودتهم إلى أوروبا من أجل تنفيذ عمليات إرهابية.
ومجمل القول: لقد خسر التنظيم “دولة الخلافة”، لكنه لم ينتهِ.
مصادر ومراجع
1- الأمم المتحدة، مجلس الأمن، التقرير الثامن للأمين العام عن التهديد الذي يشكله تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام للسلام والأمن الدوليين، 1/2/2019. متاح على الرابط التالي:
http://www.uniraq.org/images/SGReports/S2019103%20N1901937%20AR.pdf
2- “بعد هزيمة داعش.. “قسد” توجه رسالتين لدمشق وأنقرة“، سكاي نيوز عربية، 23 مارس 2019. متاح على الرابط التالي:
3- “بعد “سقوط” داعش.. أين يختبئ أبو بكر البغدادي؟“، سكاي نيوز عربية، 24 مارس 2019.
4- سقوط الباغوز: رحلت «دولة داعش» وبقي خطرها، جريدة الشرق الأوسط، 24/3/2019.
5- “البيت الأبيض يعلن تحرير الأراضي السورية من تنظيم داعش الإرهابي بالكامل“، موقع سبوتنيك، 22/ 3/2019.
6- جيل دي كيرشوف, جيكوب بندسغارد, دوغ ستون, وماثيو ليفيت، “إعادة تأهيل وإعادة دمج المقاتلين الإرهابيين الأجانب العائدين إلى بلدانهم“، معهد واشنطن، واشنطن، 23/3/2019.
7- Liz Sly, “The once vast ISIS ‘caliphate’ is now reduced to a pair of villages in Syria”, The Washington Post, 27 January 2019.
8- “No pressure to withdraw from Syria by specific date: U.S. general”, Reuters, 7 March 2019.
9- “Patience: Islamic State’s new-found focus on Sabr”, The Defense Post, 6 February 2019.
10-United Nations, CTED, “Gender dimensions of the response to returning foreign terrorist fighters”, CTED Trends Report, 29 February 2019.
11- “All ISIS Has Left Is Money. Lots of It.”, The Atlantic, Mar 24, 2019.
12- “The Times view on Isis: Failed State”, The Times, February 15 2019.