شهدت الساحة العالمية والإقليمية خلال عام 2021 جملة من المستجدات تحمل انعكاسات مباشرة على مستقبل الظاهرة الإرهابية لعام 2022؛ حيث نجاح حركة “طالبان” في الصعود للحكم في أفغانستان، والانسحاب الأمريكي المرتقب من منطقة الشرق الأوسط، بالإضافة إلى استمرار تداعيات جائحة كوفيد -19 الاقتصادية والأمنية والصحية على معظم الدول. ومن ثم تسعى هذه الورقة إلى استعراض المسارات المحتملة لعمل التنظيمات الإرهابية، وانعكاس ذلك على العلاقات بينها، فضلًا عن تناول استراتيجيات المكافحة المتوقعة.
جغرافيا متغيرة
من المتوقع أن يشهد عام2022جغرافيا متغيرة للنشاط الإرهابي، ويمكن استعراض أبرز ملامحها على النحو التالي:
تباين التواجد في الشرق الأوسط: على الرغم من تراجع عمليات التنظيمات الإرهابية في منطقة الشرق الاوسط، إلا أن هذا لا يعني انتفاء التهديد الإرهابي هناك، فبالنسبة لنشاط تنظيم “داعش”، نجد أنه نفذ حوالي (1066) عملية في العراق خلال الفترة من 1 يناير 2021إلى 30نوفمبر 2021 مقارنة ب (1336) عملية في الفترة ذاتها لعام 2020، كذلك نفذ حوالي ( 335) عملية في سوريا خلال الفترة من 1 يناير 2021إلى 30نوفمبر 2021 مقارنة ب (538) عملية في الفترة ذاتها لعام 2020، كذا نفذ حوالي (4) عمليات في ليبيا خلال الفترة من 1 يناير 2021إلى 30نوفمبر 2021 مقارنة ب (9) عملية في الفترة ذاتها لعام 2020، بينما لم يستطيع التنظيم تنفيذ أي عملية في اليمن خلال الفترة سالفة الذكر فحين أنه نفذ حوالي (66) عملية هناك في الفترة ذاتها لعام 2020.
وفي ضوء هذه المعطيات، من المحتمل أن يشهد عام 2022 محاولات لإعادة التموضع من قبل تنظيم “داعش” في مناطق نفوذه التقليدية (العراق وسوريا)، فبالنسبة للعراق ربما يسعي التنظيم إلى توسيع جغرافيا عملياته هناك بجانب الاستمرار في توظيف ورقة الطائفية من خلال استهداف الشيعة، لا سيما مع الانسحاب الأمريكي المرتقب الذي قد يخلق فراغ أمني يساعده على إحياء نفوذه.
اما بالنسبة لسوريا فقد تشهد محاولات من جانب التنظيم لإعادة التمركز مرة أخرى في الشمال السوري بعد تراجع عدد عملياته هناك إلى النصف تقريبًا، وتجدر الإشارة إلى أن نجاح الدولة السورية في استعادة السيطرة على الأراضي السورية ساهم بشكل كبير في تقليص نفوذ التنظيمات الإرهابية ما يؤكد على أن تحركات تلك التنظيمات المستقبلية قد تواجه بضغط أمنى وعسكري يساهم في الحيلولة من توسيع نشاطها.
وبالنسبة ليبيا واليمن، فمن المتوقع أن يكتفي التنظيم في ليبيا خلال عام 2022 بعمليات محدودة من أجل الحفاظ على صورته الجهادية هناك، اما بالنسبة لليمن فمن المحتمل استمرار تراجعه وانحسار نشاطه هناك، إذ أنه لم يحظ بالاستقرار في اليمن بسبب وحشيته وضعف علاقاته بالعشائر المحلية.
وبالنظر إلى نشاط تنظيم “القاعدة” المتوقع خلال عام 2022 في منطقة الشرق الأوسط، نجد أن تنظيم “حراس الدين” التابع له في سوريا يعاني في الوقت الحالي من ضغط أمنى وعسكري في أماكن تواجده في الشمال السوري من قبل “هيئة تحرير الشام” من ناحية، ومن قبل الطيران الأمريكي من ناحية أخرى، عبر تصفية واعتقال عدد من عناصره وقياداته، ما أسفر عن تحوله إلى خلايا متخفيه والتخلي عن اماكن ارتكازه، الأمر الذي انعكس بصوره مباشره على نشاطه وساهم بدرجه كبيره في تراجع عملياته، ومن ثم يُشير التقييم الحالي لفرع تنظيم “القاعدة” في سوريا إلى احتماليه استمرار تراجع عملياته خلال عام 2022.
لم يختلف مشهد تنظيم” القاعدة” في سوريا عن مشهده في اليمن، إذ يشهد تنظيم “القاعدة في اليمن” في الوقت الحالي حالة من التشظي، والتشرذم، والاقتتال الداخلي نتيجة لتصاعد الاتهامات المتبادلة تحت مسميات العمالة والجاسوسية، ناهيك عن فقدانه جزء كبير من موارده المالية نتيجة لخسارته للمناطق التي كانت تقع تحت سيطرته، ما انصرف بشكل جلي على تراجع نشاطه في اليمن، ومن المرجح أن يستمر ذلك المشهد خلال عام 2022، إلا إذا استطاع التنظيم إعادة ترتيب صفوفه الداخلية ونجح في تجاوز الضغط الأمني عليه.
تشير هذه المعطيات إلى احتمالية أن يشهد عام 2022 اختلاف في مسارات عمل التنظيمات الإرهابية في منطقة الشرق الاوسط، ما يعني أن هناك مناطق ستشهد تعزيز نفوذ لنشاط التنظيمات ومناطق أخرى ستشهد تراجع في النفوذ، وذلك في ضوء جملة الاعتبارات المختلفة المتعلقة بالتوجه الاستراتيجي للتنظيم من ناحية، ومدى تماسكه الداخلي من ناحية ثانية، وقدرة الدولة على تقويض نفوذ التنظيمات الإرهابية من ناحية ثالثة.
التمدد في إفريقيا: تُعد إفريقيا جنوب الصحراء ساحة رئيسية لتنامٍ متوقع لنفوذ التنظيمات الإرهابية خلال عام 2022؛ فبالنسبة لتنظيم “داعش” سعى لهيكلة نهجه الإقليمي عبر نقل مركز ثقله إلى القارة الإفريقية، إذ عزز من نشاط “ولاية غرب إفريقيا” باستهداف عدد من الدول الواقعة في الساحل الإفريقي منها: نيجيريا، والنيجر، والكاميرون، وتشاد، بروركينا فاسو، ومالي، حيث بلغت عدد عملياته حوالي (446) عملية في الفترة من 1 يناير 2021إلى 30نوفمبر 2021 مقارنة ب (358) عملية في الفترة ذاتها لعام 2020. كذا عمل على إثبات وجود “ولاية وسط إفريقيا” عبر التوسع في تهديد موزمبيق، والكونغو الديمقراطية، وتنزانيا، حيث بلغت عدد عملياته حوالي (166) عملية في الفترة من 1 يناير 2021إلى 30نوفمبر 2021 مقارنة ب (78) في الفترة ذاتها لعام 2020.
ومن المرجح أن يشهد عام 2022 توسيع نطاق تمدد “ولاية غرب إفريقيا” في منطقة الساحل، إذ اشارت تقارير في نهاية عام 2021إلى قيام “ساني شوارام” (الزعيم الجديد لولاية غرب إفريقيا) بتكوين مجموعة من 200 إرهابي لمهاجمة الحدود النيجيرية مع تشاد، ويأتي هذا التحرك في ضوء التمدد الاستراتيجي الذي يهدف إليه التنظيم في منطقة الساحل. وفي سياق متصل، من المتوقع أن يسعى التنظيم عبر “ولاية وسط إفريقيا” إلى تكثيف نشاطه في نطاق تمركزه مع العمل على تدشين حلقات ربط بين مناطق نفوذه في وسط إفريقيا.
وبالنظر إلى نشاط تنظيم “القاعدة” المحتمل في إفريقيا خلال عام 2022، نجد أن “جماعة نصرة الإسلام والمسلمين التي تتمركز بشكل أساسي في مالي، وتشكل تهديدًا لتشاد، والنيجر، وبوركينافاسو، عملت على إيجاد موطئ قدم في كل من بنين، وتوجو، وكوت ديفوار، والسنغال، وذلك في إطار التخطيط طويل المدى الذي يتبناه قادة التنظيم في الوقت الحالي والذي يهدف إلى التوغل في عمق دول خليج غينيا. وعليه، من المحتمل يشهد عام 2022 قيام التنظيم باتخاذ خطوات ثابته من أجل التوسع باتجاه الدول الساحلية المطلة على المحيط الأطلسي.
ويمكن القول إن الهدف الاستراتيجي للتنظيمات الإرهابية في إفريقيا خلال عام 2022 هو التمدد العملياتي واتساع نطاق التهديد الجغرافي، فهناك جملة من المحفزات تساعد التنظيمات الإرهابية لاسيما تنظيمي “داعش” و”القاعدة” على توسيع نطاق عملهما في إفريقيا يتعلق أولهما باستمرار الإشكاليات السياسية والأمنية والبيئية المركبة في الدول محل الاستهداف بما يوفر سياقات حاضنة لنشاط التنظيمات الإرهابية سواء على صعيد التوسع الجغرافي، أو على صعيد التجنيد. وينصرف ثانيهما إلى ارتباك استراتيجيات مكافحة الإرهاب في إفريقيا، فلم تستقر الولايات المتحدة وفرنسا على خطة واضحة لمكافحة الإرهاب ما بين تعزيز وتطوير جهودهما في المنطقة، أو الذهاب لتقليص تواجدهما العسكري في المنطقة الساحل. ويتصل ثالثهما بانعكاسات جائحة كوفيد -19 التي القت بظلالها الأمنية والاقتصادية على معظم دول المنطقة، إذ اتاحت الجائحة فرصة للتنظيمات الإرهابية لتعزيز نشاطها وتوسيع نفوذها، حيث أسهمت في تقويض شرعية الحكومات، لا سيما في الدول محل الصراع.
تعزيز النشاط في اسيا: من المرجح أن يشهد عام 2022 توسع عمليات التنظيمات الإرهابية في جنوب اسيا، لاسيما تنظيم “داعش”، حيث بلغت عملياته في أفغانستان حوالي (333) عملية خلال الفترة من 1 يناير 2021إلى 30نوفمبر 2021 مقارنة ب (71) في الفترة ذاتها لعام 2020 ما يمثل زيادة بحوالي (4) أضعاف عملياته خلال عام واحد. ومن ثم سيسعى التنظيم إلى التوسع في عملياته في أفغانستان بهدف إثبات فشل “طالبان” في تحقيق الاستقرار هذا من جهة.
من جهة أخرى، من المحتمل أن يعمل التنظيم على تكثيف نشاطه في الهند وباكستان خلال عام 2022 في للضوء البحث عن ساحات بديلة لتوسيع نفوذه ناهيك عن رغبته والتمدد الجغرافي في المنطقة، حيث بلغ عدد عملياته في الاولى حوالي (9) عمليات خلال الفترة من 1 يناير 2021إلى 30نوفمبر 2021 مقارنة ب (4) في الفترة ذاتها لعام 2020، بينما بلغ عدد عملياته في الثانية حوالي (14) عملية خلال الفترة من 1 يناير 2021إلى 30نوفمبر 2021 مقارنة ب (13) في الفترة ذاتها لعام 2020.
من جهة ثالثة، تجادل بعض التحليلات بأن عام 2022 سوف يشهد إعادة بناء الهياكل التنظيمية لتنظيم “القاعدة” في منطقة جنوب اسيا لا سيما وأن صعود حركة طالبان إلى الحكم سوف يتيح للتنظيم حرية الحركة في المنطقة، لكن هذا الطرح يثار حوله الكثير من الجدل في ضوء محددين؛ يتعلق أولهما بالضعف والتفكك الذي تعاني منه القيادة المركزية هناك، وينصرف ثانيهما إلى مقتضيات مصلحه “طالبان” التي تفرض عليها الوفاء بالتزاماتها مع الولايات المتحدة من أجل الحصول على اعتراف دولي.
اتجاهات متنافسة
ثمة اتجاهات متنافسة متعلقة بالصراع الايدلوجي والصراع التنظيمي من المتوقع أن يشهدها عام 2022، ويمكن تناولها على النحو التالي:
الإرهاب المحلي مقابل العالمي: ربما يشهد عام 2022 تصاعد للإرهاب المحلي مقابل الإرهاب العالمي، إذ مثل نجاح حركة طالبان في السيطرة على الحكم في أفغانستان في ضوء تبنيها مفهوم الجهاد المحلي نموذجا ملهمًا لبعض التنظيمات الإرهابية الأخرى، الامر الذي تنصرف تداعياته إلى اتباع هذه التنظيمات الإيدلوجية ذاتها، وذلك بعد الانتكاسات التي يعاني منها تيار الجهاد العالمي. وبالتالي تركيز نمط الاستهداف على العدو القريب بدل من العدو البعيد.
وقد بدأت إرهاصات هذا التوجه تتبلور مع قيام “هيئة تحرير الشام” بفك ارتباطها بتنظيم “القاعدة”، إذ نجحت في ترسيخ نفسها في ديناميكيات الصراع السوري، وأصبحت في الوقت الراهن الحاكم الفعلي لشمال غرب سوريا، من ثم يمثل هذا النموذج سيناريو قابل للتكرار في المستقبل القريب والبعيد.
صراع داعشي طالباني: يعد الصراع بين “داعش” و”طالبان” ليس بالجديد حيث يعود إلى نهاية عام 2014، مع انتقاد الأول للثاني نتيجة عدم قيامه بالتطبيق الفعلي للشريعة، لا سيما في ضوء الخلاف العقائدي والإيدلوجي بينهما، فالأول تنظيم سلفي جهادي، ويسعى إلى تدشين خلافة أمميه، بينما ينتمي الثاني للمدرسة الديوبندية، ويهدف إلى إقامة إمارة إسلامية محلية.
وقد اتخذ هذا الخلاف منحى آخر مع قبول الثاني الدخول في مفاوضات مع الولايات المتحدة، إذ وصفه الأول “بالمرتد”. ومع نجاح الثاني في الوصول للحكم شرع الأول في القيام بعمليات إرهابية اثبت انه لازال حاضرًا في المشهد الأفغاني. ومن المرجع أن يشهد عام 2022 تصاعد للصراع بينهما في ضوء سعى الأول إلى تعزيز نشاطه في أفغانستان، مقابل محاولات الثاني لل تأكيد على نفوذه بجانب تقديم نفسه للمجتمع الدولي كشريك في مكافحة الإرهاب.
صراع داعشي قاعدي: على الرغم من أن مشهد الصراع بين تنظيمي “داعش” و”القاعدة” ليس بالجديد، حيث تكرر في سوريا واليمن والصومال وأماكن أخرى. إلا أن العلاقة بينهما في منطقة الساحل كانت تتميز بحالة من الاستثنائية القائمة على التعايش المشترك، غير أنها شهدت تحولًا كبيرًا، إذ تصاعد الصراع العملياتي والإعلامي بين “جماعة نصرة الإسلام والمسلمين” المبايعة لتنظيم “القاعدة”، وتنظيم “داعش الصحراء الكبرى” منذ عام 2020 واستمر إلى عام 2021، وذلك في إطار سعي القيادة المركزية للأخير إلى نقل مركز ثقله الإقليمي إلى إفريقيا وإعادة التموضع في ساحات بديلة بعضها يخضع لنفوذ الأولى، في مقابل محاولات الأولى للحفاظ على نفوذها في معاقله الرئيسة، وتأكيد قدرتها على الصمود ، ما أسفر عن اندلاع اشتباكات بين الطرفين، تطورت إلى قتال، ثم تحولت إلى حرب شاملة.
ومن المتوقع استمرار هذا صراع في عام 2022 في ضوء جملة من المحددات؛ يتعلق أولها بتمسك كل منهما بمصالحه وأهدافه. وينصرف ثانيها إلى ظهور فواعل في المشهد الجهادي في غرب إفريقيا ممثلة في حضور المتجدد “لجماعة أنصار المسلمين في بلاد السودان” المعروفة “بالأنصار”(وهي تابعة لتنظيم القاعدة) في شمال نيجيريا. ويتصل ثالثها بانعكاسات تصفية عدد من القيادات الإرهابية في المنطقة، وعلى رأسها “عبد المالك دروكدال”، و”أبو وليد الصحراوي” و”أبو مصعب البرناوي “على العلاقة بينهما.
استراتيجيات محتملة
ثمة استراتيجيات محتملة متعلقة بالظاهرة الإرهابية من المتوقع أن يشهدها عام 2022ـ، يمكن استعراضها على النحو التالي:
التفاوض مع التنظيمات: ربما يشهد عام 2022 تعزيز الاتجاه التفاوضي في التعاطي مع التنظيمات الإرهابية في ضوء تجربة الولايات المتحدة مع حركة طالبان، إذ شرعت الحكومة الباكستانية في الدخول في مفاوضات مع حركة طالبان باكستان خلال العام الجاري. كذلك دخلت مالي في مفاوضات مع “جماعة نصرة الإسلام والمسلمين” خلال عام 2020، أسفرت عن تبادل رهائن بين الطرفين وحصول الثانية على مبلغ قدرة 30 مليون يورو.
وبصفة عامة تنقسم الاتجاهات المتعلقة بالتفاوض مع التنظيمات الإرهابية ما بين مؤيد ومعارض؛ فهناك اتجاه يتبنى الطرح القائم على أن اتباع نهج التفاوض مع التنظيمات الإرهابية من شأنه التحريض على مزيد من العنف، وهناك اتجاه معاكس ينطلق من قناعة مفادها أن نهج التفاوض قد يؤدي إلى حقن المزيد من الدماء، إلا أن ما يرجح هذا الاتجاه أو ذاك هو قوة أو ضعف الدولة من ناحية، ونفوذ التنظيم سواء على صعيد السيطرة على الأرض أو على صعيد القبول المجتمعي من ناحية ثانية.
التعويل على الجيوش الوطنية: من المرجح أن يشهد عام 2022 التوسع في الاعتماد على الجيوش الوطنية في مكافحة الإرهاب، وذلك في ضوء عاملين يتعلق أولهما بالتحولات التي تشهدها استراتيجيات الدول الغربية والمتعلقة بتقليص تواجدها العسكري في منطقة الشرق الأوسط وافريقيا. وينصرف ثانيهما إلى عجز التداخلات الخارجية عن تحقيق نجاحات فعليه ضد التنظيمات الإرهابية. ومن ثم تمثل تلك المعطيات مؤشرات هامة نحو احتمالية تعزيز المقاربات الداخلية من أجل تقويض نفوذ التنظيمات الإرهابية.
تفكيك المخيمات: من المحتمل أن يشهد عام 2022 حلحلة نسبية في قضية مخيمات التطرف، إذ شهد النصف الثاني من عام 2021، جملة من الإجراءات التي تم اتخاذها من قبل بعض الدول لاستعادة مواطنيها من قاطني تلك المخيمات، وذلك في ضوء مناشدات المنظمات الدولية والولايات المتحدة للدول باستعادة مواطنيها الموجودين هناك. وعلى الرغم من الحاجة الماسة لتفكيك تلك المخيمات لأن استمرارها يحمل تبعات تهدد أمن المنطقة ككل، إلا أن هناك تهديدات محتملة لعودة قاطنيها إلى بلدانهم الأصلية سواء عبر نشر الخطاب الداعشي المتطرف، أو عبر تنفيذ عمليات إرهابية.
ناهيك عن الجدل المتعلق بفاعلية برامج الدمج الاجتماعي، حيث ركزت الأطروحات الأكاديمية على ضرورة اتباع استراتيجية “الدمج الاجتماعي” كإحدى الآليات المحورية للتعاطي مع العائدين من “داعش”، غير أن الواقع الفعلي يُشير إلى عكس ذلك إذ تعددت الحالات والنماذج المختلفة التي فشلت فيها تلك البرامج في تحقيق أهدافها، وذلك نتيجة لصعوبة نزع عقيدة التطرف والعنف التي تم غرسها في نفوس هؤلاء.
مجمل القول، من المرجح أن يشهد عام 2022 جملة من التحولات المتعلقة بالظاهرة الإرهابية، فعلى صعيد جغرافيا الظاهرة، هناك احتمالية لتباين النشاط في منطقة الشرق الأوسط، في مقابل التمدد في أفريقيا، ومحاولات التموضع في اسيا، وعلى صعيد التنافس الإيدلوجي والتنظيمي من المحتمل أن يبرز تنافس بين مفهومي الجهاد المحلي والجهاد العالمي، مع استمرار الصراع الداعشي الطالباني والصراع الداعشي القاعدي، وعلى صعيد استراتيجيات المكافحة من المتوقع تعزيز الاتجاه التفاوضي بين الحكومات والتنظيمات الإرهابية، بجانب العمل على تعزيز المقاربة الداخلية لمكافحة الظاهرة الإرهابية، بالإضافة إلى اتخاذ خطوات فعالة من اجل تفكيك مخيمات التطرف.