للنصر الكبير الذي حقّقه زعيم المحافظين البريطاني “بوريس جونسون” أصداء عالمية كبيرة، لأنه حسم قضية “البريكزيت” بإعطاء أغلبية حاسمة لأنصاره، ولأنه تم تصوير هذه الانتخابات على أنها جولة جديدة في صراع يعم كل العالم الغربي، وهو صراع بين “الشعبوية القومية” (الشريرة بالفطرة لأنها متوجسة من الهجرة، وفقًا لخصومها) من ناحية، وقوى “الخير” المتوجسة من التطرف القومي والتي تدعي “الانفتاح على الغير”، من ناحية أخرى.
ويجمع هذا الفريق أطيافًا تختلف من دولة لأخرى، قد تتبنى الليبرالية الاقتصادية أو تلفظها، ويجمعها ادّعاء باطل في نظرنا بالتمسك بالفضيلة من ناحية أخرى. وتصوير الأمر على هذا المنوال كاشف لأمور وحاجب لأمور أخرى. وأخيرًا وليس آخرًا تابع الكثير من المسلمين في العالم تلك الانتخابات توجسًا من الاتهامات التي لاحقت “جونسون” فيما يتعلق بموقفه منهم، في حين أن “كوربين” واجه اتهامًا مضادًّا وهو ممالأة التنظيمات المتطرفة الإخوانية وغيرها، ومعاداة السامية.
الفوز الكبير الذي حققه “جونسون” وهزيمة حزبي العمال والليبراليين فاجأ الجميع وتم تفسيره بعوامل وحجج شتى، نطرحها فيما يلي:
1- فهم “جونسون” أن إجراء انتخابات قبل إنهاء قضية البريكزيت أو الخروج من الاتحاد في صالحه، لأن هذا التوقيت سيجعل من هذا الملف المحور الرئيسي في الانتخابات، وفهم أن هذا الملف يُحرج ويقسم حزب العمال أكثر من حزب المحافظين. وقدر “جونسون” أن إجراء الانتخابات بعد البريكزيت سينهي الجدل حوله، وأن قضايا الساعة ستكون حينئذ متعلقة بالعدالة الاجتماعية، وهي نقطة ضعف المحافظين. باختصار كان “جونسون” موفّقا في اختيار توقيت الانتخابات.
2- كان موقف “جونسون” من قضية البريكزيت واضحًا قاطعًا سهل الفهم، على عكس موقف خصمه الرئيسي “كوربين”، الذي قال إنه سيعيد التفاوض مجددًا، وسيعرض مشروع الاتفاق على استفتاء، أي إنه تبنى موقفًا يُطيل أمد أزمة طالت. وللدفاع عنه يمكن القول إن ناخبي حزب العمال منقسمون حول تلك القضية بين طبقات وسطى مدينية كارهة للمحافظين ومستفيدة من العولمة ومؤيدة للبقاء في الاتحاد، وبين طبقات عمالية تضررت من العولمة ومن الهجرة وتؤيد الخروج. وكان من السهل تصوير موقف الليبراليين -الذي تجاهل نتيجة الاستفتاء الذي طالب بالخروج- على أنه عدم احترام لقواعد اللعبة الديمقراطية.
3- الموقف الواضح من البريكزيت سمح للمحافظين ولأول مرة في تاريخهم بمنافسة حزب العمال على أصوات الطبقة العمالية، وكانت بعض استطلاعات الرأي تقول إن ٤٨٪ من أبناء هذه الطبقة جاهزون للتصويت للمحافظين.
4- قال المحللون إن “جونسون” نجح في توحيد صفوف كلٍّ من أنصار الخروج باتفاق وأنصار الخروج بدون اتفاق، وأن أنصار الفريق الثاني أجادوا “التصويت التكتيكي”، أي التصويت من أجل مرشح ليس المفضل على الإطلاق ولكنه الأقدر على الانتصار على الخيار الذي يرفضونه تمامًا. وساعدت استراتيجية حزب البريكزيت بقيادة “نيجل فراج” حزب المحافظين، حيث أخلت لمرشحيه دوائر. وعلى العكس تقدم حزب “فراج” بمرشحين في دوائر عمالية مقدمًا بذلك بديلًا لمن يريد ترك الاتحاد الأوروبي ولكنه لا يرغب في التصويت لحزب المحافظين، أي للعمال الذين يريدون مغادرة الاتحاد، مما ساهم في تفتيت الأصوات المعارضة لـ”جونسون” وأدى إلى خسارة حزب العمال بعضَ أهم معاقله. وفي المقابل، لم يستطع أنصار البقاء التنسيق فيما بينهم، لأن برنامج حزب العمال أثار مخاوف الكثيرين منهم.
5- ينسب المراقبون النتيجة أيضًا إما إلى براعة “جونسون” أو إلى الرفض الكثيف لـ”كوربين” مع أغلبية تفضل اتهام الأخير، ومن الواضح أن “كوربين” ينتمي إلى نوعية من المناضلين ومن الكوادر تتمتع بشعبية كبيرة بين كوادر حزبها لأنها عقائدية صلبة أو متصلبة في قناعاتها، ولكنها مرفوضة من جماهير الناخبين لتعصبها وعجزها عن التفاوض والتوصل إلى حلول وسطى، وهما جوهر العمل السياسي في نظام ديمقراطي ذي قواعد قانونية انتخابية تفرض بناء تكتلات. وتتفاقم المشكلة لأن غالبية الجمهور تشك في كفاءته بصفة عامة، وفي قدرته على إدارته للاقتصاد بصفة خاصة، وتميل إلى تحميله (مع غيره) مسئولية “تسميم” الحياة السياسية والاجتماعية بخطابه، وقد يكون الاتهام الأخير ظالمًا إلا أنه لاقى قبولًا وتصديقًا. ويذهب بعض المحللين إلى أبعد من ذلك، فهناك من يصفه بأنه خطرٌ على الأمن القومي، ويرى أن الفارق بين نتائجه سنة ٢٠١٦ (حيث خسر الانتخابات بفارق ضئيل وحرم المحافظين من الأغلبية المطلقة) ونتائجه هذه المرة يُفسر على النحو التالي: في سنة ٢٠١٦ لم يتصور الكثير ممن انتخبوه أنه من الممكن أن يفوز، وكان تصويتهم احتجاجيًّا صرفًا، وفي هذه المرة رفضوا المخاطرة. ومهما يكن، فإن حزب العمال هو الحزب الوحيد الذي خسر ناخبين على الجبهتين، جبهة أنصار الخروج من الاتحاد وجبهة البقاء. وأشارت مقالات إلى أن الكثير من أبناء الطبقات الشعبية قالوا لمؤسسات استطلاعات الرأي ولكوادر المحافظين، كنا نريد التصويت للعمال، ولكننا لا نستطيع انتخاب هذا الرجل.
6- هناك من أشاد بأداء “جونسون” وفريقه. البعض قال إن عيوبه -ومنها أنه قليل القناعات، ولا يمانع خيانة شركائه وعدم احترام وعوده- قد تكون صفات مناسبة للظرف الذي تمر به بريطانيا. وهناك من قال إنه برع في تحدث لغة الشعبويين مع تحييد أو نزع سمومها، أي إنه يستعمل مصطلحاتهم، ويتناول القضايا التي تهمهم (تقديس الأمة، الهجرة.. إلخ) مع توظيفه لثقافته الرفيعة ولحبه للتهريج للتقليل من آثارها الضارة. ونجحت تلك المقاربة في تحجيم أقصى اليمين، بل تسببت في انهياره، وبدا أن ناخبيه يصوتون له لأنهم يرون أن الحزبين الكبيرين لا يستمعان إليهم، وأن “جونسون” نجح في إقناعهم بأن رسالتهم وصلت. وهناك من قال إنه نجح في إجبار المحافظين على إعادة “اختراع” أنفسهم وبرنامجهم ليكونوا قادرين على اقتراح إجابات على أسئلة وتحديات الساعة، وأن مقاربته للأمور أبرزت قوة إرادته الممزوجة بمرونة في الطرح وفي التعامل مع المستجدات. وأخيرًا وليس آخرًا، فإن برنامجه الذي فرضه على نخب الحزب فرضًا يُعتبر بمثابة “ضربة معلم” جذبت إليه ناخبين يميلون إلى اليسار التقليدي، فهو جمع بين وضوح الموقف من الخروج/ البريكزيت كما أسلفنا، وبين تخفيف ملحوظ لحدة ليبراليته الاقتصادية والتخلي عن سياسات التقشف. وعرض صيغة تقترب من الاشتراكية الديمقراطية وتتفاخر بحب الوطن، وهو برنامج نجح في استغلال المساحات التي خلقتها تطورات ومسارات الأحزاب المنافسة. مثال على ذلك خطاب حزب العمال الذي يشيطن بعض القيم السائدة في الأوساط العمالية، مثل: التمسك بالموطن والانتماء إلى منطقة، ويعتبر تلك القيم عنصرية وشوفينية مستترة. وقال أحد المحللين ما معناه إن الجميع وصفوه بالمهرج الشعبوي العديم الإحساس بالمسئولية، ولكن هذا المهرج فهم قبل الجميع استياء الإنجليز من الاتحاد الأوروبي، وفهم أن سياسات وممارسات وخطاب هذا الاتحاد أحد أسباب الصعود القوي لأقصى اليمين في أوروبا، وأن الخروج منه قد يكون ضروريًّا لتحييد أو لحد المد الجارف لليمين المتطرف، ونجح في تحقيق ما اعتبروه مستحيلًا وهو إجبار الاتحاد الأوروبي على قبول تعديل للاتفاق الذي وُقّع مع “ماي”، وأدرك أن الجمهور البريطاني لم يعد يقبل السياسات الاقتصادية “التاتشرية” التي تبناها المحافظون. باختصار قالوا إن “المهرج” قد يكون عبقريًّا. ويشيرون إلى ذكائه في تعامله مع أصوله الطبقية الأرستقراطية، ذلك أنه لم يحاول إخفاءها ولكنه حوّل مظاهرها إلى أضحوكة يشارك فيها الجماهير بالمبالغة في إبراز مساوئها في إطار كوميدي.
7- لكنّ هذه الاستراتيجية التي حققت نجاحًا باهرًا في إنجلترا لم تلاقِ نفس القبول في كلٍّ من أيرلندا وأسكتلندا، الإقليمين اللذين يفضلان البقاء في الاتحاد الأوروبي واللذين يضمان تيارات سياسية تنادي بالاستقلال عن المملكة المتحدة، وهي تيارات ارتفعت شعبيتها بعد استفتاء البريكزيت، فارتفعت أسهم الحركة الاستقلالية الأسكتلندية ودعم التصويت أغلبيتها الساحقة في تمثيل الإقليم على حساب المحافظين. وفي أيرلندا الشمالية، ولأول مرة في التاريخ، تفوق أنصار الاستقلال على أنصار البقاء في المملكة. ومن المتوقع أن يطالب الأسكتلنديون بتنظيم استفتاء جديد حول الاستقلال، وقيل إن “جونسون” سيرفض هذا. وسندرس هذه الملفات في أوراق لاحقة، ونكتفي هنا بالإشارة إلى المفارقة الرئيسية، وهي أن حدوث البريكزيت الذي أصبح مؤكدًا الآن يقوي موقف الاستقلاليين في الإقليمين، ولكنه يعقد ويصعب عملية الانفصال، وإلى جانب مشكلة الحدود -وهي أصلًا مشكلة بالغة الحساسية- ستظهر مشكلة العملة النقدية السارية ومشاكل تتعلق بالأمن والدفاع والقواعد البحرية ومشكلة مستقبل الضباط والجنود الأسكتلنديين في الجيش البريطاني وهم أحد أعمدته المهمة.
8- يختلف المراقبون والمحللون اختلافًا كبيرًا فيما يتعلق بتشخيص أسباب هزيمة حزب العمال وبمستقبله. بتعبير أكثر دقة نقول إنهم يختلفون حول عدد من النقاط، أهمها: هل كان شَخْصُ “كوربين” المتصلب والمتعصب المشكلة الرئيسية أم إن المشكلة في برنامج يساري متطرف جمع بين المقاربة الماركسية (التأميم، والضرائب الغليظة) ومقاربة اليسار الحديث (الحقوقي المرحب بالهجرة على خلاف المزاج العام في أوروبا، والمحتقر لثقافة الأغلبية، والشديد الإعجاب بالثقافات الوافدة، والمتعاطف مع القوى الإسلاموية، والشديد السذاجة فيما يتعلق بقضايا الأمن الداخلي والعالمي)؟ من الصعب الرد على هذا السؤال، ونقول أولًا إن استطلاعًا أُجري مع الناخبين الذين تحولوا من تأييد العمال إلى التصويت لقوة أخرى كشف أن ٣٧٪ منهم برر هذا بوجود “القيادة الحالية”، بينما علل ٢١٪ هذا القرار بموقف الحزب من البريكزيت، وفسر ٦٪ منهم قرارهم بالسياسات الاقتصادية المقترحة. ونقول ثانيًا، إن الحزب تراجع بشدة وفقد معاقل تقليدية، لكن لم يُصبه انهيار. وبرغم الإجماع على سوء أداء “كوربين”، إلا أن العمال حصلوا على ثلث أصوات الناخبين، وإن خسروا الكثير من المقاعد، وتراجعهم في الأوساط العمالية يخفي حاليًّا تقدمهم في أوساط أخرى مثل النساء وحاملي الشهادات مثلًا. ونقول ثالثًا، إن “كوربين” يُعد رمزًا لفئة من الكوادر العقائديين لا يقبلها الجمهور لأنه يعتقد أنها تتعالى عليه وتسفهه وتتمسك بتعاليم جامدة فارغة وبسياسات تركت ذكريات أليمة عند البريطانيين، وتدافع عن تجارب لا يحبها الجمهور. رابعًا، إن الحكم على البرنامج أمر يحتاج إلى تروٍّ؛ فمن ناحية، يمكن القول إن الرفض له لا يشمل كل نقاطه، فبعضها يتمتع بشعبية وترحيب ويلبي مطالب حقيقية، المشكلة في السمات الغالبة للخطاب العمالي العام الخالق لجو غير صحي. ومن ناحية أخرى، لم تشكك بعض الفئات في جدوى النقاط، بل في قدرة العمال على إنجازها، لأن أي إنفاق يتطلب موارد، والحزب بدا عاجزًا عن إدارة الاقتصاد وتحقيق النمو. وأخيرًا وليس آخرًا فإن قضية الساعة الرئيسية كانت قضية لا يتمتع فيها العمال بمصداقية، وقد يتغير الأمر في الانتخابات القادمة، لا سيما إن تسبب الخروج من الاتحاد في تدهور كبير للاقتصاد.
وماذا بعد؟
1- إن حجم انتصار المحافظين معناه أن البريكزيت قد حُسم، ومعناه أيضًا أن “جونسون” ليس أسيرًا لفريق أو مجموعة، حيث يستطيع أن يتخلى مثلًا عن أنصار الخروج دون اتفاق أو عن الصقور، وقد يكون هذا ضروريًّا لمنع انقسام المملكة.
2- لكن “جونسون” وعد الناخبين بأنه سيتوصل إلى اتفاق تجاري مع الاتحاد قبل نهاية العام المقبل، ويتفق الخبراء على استحالة تحقيق هذا الهدف، ولا يعلم أحد إن كان سيتخلى عن وعده ويطيل أمد المفاوضات مراهنًا على عدم تمسك الجمهور بمواعيد محددة لحسم التفاصيل طالما تحقق الخروج ودلالته، أو يتنازل عن فكرة التوصل إلى اتفاق تجاري، أو يكتفي بإطار اتفاق ينص على المبادئ العامة مؤجلًا حل القضايا الشائكة. اعتقادي الشخصي أن الاحتمال الأول هو الأرجح نسبيًّا.
3- بات مؤكدًا أن سؤال استقلال أسكتلندا وأيرلندا سيفرض نفسه في وقت ما، والسؤال هو “متى”. ومن الواضح أن “جونسون” سيسعى على الأقل إلى تأجيله كي لا يُثار خلال العام المقبل.
4- الكثير سيتوقف على أداء الاقتصاد البريطاني بعد الخروج. لا نعتقد أن هذا الخروج سيتسبب حتمًا في كارثة، ولكن الصدمة ستكون قوية في أول الأمر، ولا نعلم إن كان الاتحاد سيحاول معاقبة المملكة لردع أي دولة قد تفكر في الخروج، أم سيحاول تحجيم خسائر الجميع والحد منها؟ وبالطبع لا نعلم كيف ستتعامل الولايات المتحدة وغيرها مع الوضع الجديد.
5- من الواضح أن “جونسون” أثبت كفاءة كبيرة في إدارة لعبة السياسة والانتخابات، وقدرة هائلة على قراءة الرأي العام واستشراف المستقبل، ولكنه سيخوض الآن اختبارًا عسيرًا قد يبرز عيوبه “الحقيقية”، منها عدم إلمامه بالملفات، وعدم اهتمامه بالتفاصيل. ما يمكن قوله إنه نجح كعمدة للندن، وإن مواجهة التحديات الحالية أمر أصعب.
6- فيما يتعلق بموقفه من “الغير” ومنهم المسلمون، يمكن القول إن ممارساته كشخص وأصوله (له جد مسلم) تبعث على نوع من الاطمئنان، على عكس بعض مقالاته القديمة، وبعض تصريحاته هو وأنصاره، وإن شئنا التحديد سنقول إن موقفه الشخصي هو موقف ليبرالي متوجس من التفسيرات غير الليبرالية للأديان. وقد يدفعه هذا إلى الانتباه إلى مخاطر المتطرفين من شتى الملل، ولكنه يبقى حقيقيًّا أن المحافظين أكثر عرضة لخطر الإسلاموفوبيا من غيرهم.
7- من المبكر كما قلنا إصدار تكهنات حول مستقبل حزب العمال، لا نعرف إن كان الحزب سيغير جلده، ولا نعرف إن كان الجمهور كان وسيظل معتدل المزاج. ما هو واضح أن أتباع “كوربين” لا يزالون مسيطرين على بيروقراطية الحزب ومناصبه المحورية، وسيعرقلون صعود من لا ينتمي إليهم. ويبدو لي أن فشل الحزب الانتخابي هو فشل عقلية متزمتة سيطرت عليه، ولدت الشكوك حول قدرته على التعامل مع التحديات.
8- كتب أنصار “جونسون” مقالات وصفت خطه بالنموذج الذي يسمح لأحزاب يمين الوسط بفرملة صعود اليمين المتطرف، وسمعت كلامًا مماثلًا في فرنسا. وهذا الخط يقوم على أعمدة، هي: رد اعتبار لفكرة حب الوطن، والكف عن اتهام القوميين والوطنيين بالفاشية، وسياسة اجتماعية نشطة تقوم على تطوير منظومات الصحة والتعليم والمواصلات، وسياسة “لا تسامح” مع الإجرام والهجرة، وإيقاف الحديث الذي يرى أن المجرم مظلوم والمجتمع هو الجاني الذي همشه وأفقره.. إلخ. وقطعًا هذه الروشتة تكون هي الحصان الرابح إن كانت ممكنة، وسؤال تكلفتها سيفرض نفسه سريعًا: تنوع التحديات الأمنية، وارتفاع نسبة المسنين، وارتفاع ثمن العلاج، وانخفاض نسبة الشباب.. وكل هذا يوحي بأن تشخيص المشكلة ليس كافيًا، ويجب أيضًا توفير ما يسمح بعلاجها، وقد يكون هذا مستحيلًا.