قبل معاودة عرض وتحليل الوثيقة الاستراتيجية التي حررها ضباط مركز تفكير القيادات المشتركة، نذكر بعض النقاط التي قد توضح السياق العام بصورة أفضل، ونشير إلى بعض التطورات التي تلت تحرير الجزء الأول من التحليل.
على سبيل المثال، علينا أن نعرف أن أحد أسباب تدهور الوضع في الضواحي وأثناء المظاهرات هو مجموعة قواعد الاشتباك –الأدق أن نقول قواعد منع الاشتباك- التي حكمت عمل الشرطة آخر ٣٦ سنة. فمن ناحية التعامل مع المظاهرات حكمته قواعد وضعت بعد مصرع الطالب “مالك أوسكين” في مظاهرة في ديسمبر ١٩٨٦، فقد ضُرب “مالك” ضربًا أفضى إلى الموت من قبل ثلاثة ضباط شرطة. بعد هذه الجريمة الشنعاء أعيدت صياغة عقيدة الشرطة في التعامل مع المظاهرات ومع غيرها من أعمال الشغب، لضمان تفادي حدوث التحام أو اشتباك بين الشرطة والمتظاهرين ووقوع ضحايا في صفوف المدنيين المتظاهرين والمشاغبين، وقد أدى هذا المحظور –المحمود أخلاقيًا- إلى قلب موازين القوى، فالشرطة لا تستطيع الرد على أنواع معينة من العنف بمثله أو بأشد منه، فتعجز تمامًا عن التعامل مع المخربين وفي أحيان كثيرة تتراجع.
وقد اضطرت السلطات إلى ترك هذه القواعد في ديسمبر ٢٠١٨ لأنها منعت الشرطة في أول الأمر من التعامل مع المخربين المندسين في صفوف السترات الصفراء، ومن ناحية أخرى فإن تسليح الشرطة والقواعد التي تحكم (بمعنى أدق: التعليمات الصادرة بخصوص) إبراز السلاح واستعماله عند التعامل مع المجرمين تضمن تفوقًا سهلًا للمجرمين تظهر آثاره كل يوم، فمعدلات العنف في ارتفاع مستمر لا يطيقه الرأي العام. على سبيل المثال: هذا الأسبوع قُتل ضابط واندلعت أعمال عنف وتخريب استمرت ساعات، وبصفة عامة يزيد من الطين بلة سرعة اندلاع مظاهرات عارمة على مستوى القطر عند وقوع ضحايا مدنيين، وميل قُوى يسارية إلى إدانة الشرطة كلما حدثت أعمال عنف. وفي سنة ٢٠٠٥ لقي شابان مجرمان حتفهما أثناء مطاردة الشرطة لهما، ولم تقتلهما الشرطة بل كان سبب وفاتها متمثلًا في ماس كهربائي أصابهما عندما حاولا الاختباء في محطة كهرباء، ورغم هذا اندلعت أعمال العنف في عدد كبير من الضواحي واستمرت أسابيع.
باختصار الوضع كالآتي:
أ) لا يوجد سياسي واحد يفكر مخيرًا في تعديل قواعد اشتباك الشرطة، أو تسليحها خشية تحميله مسئولية وقوع ضحايا في صفوف المواطنين أو مسئولية اندلاع مظاهرات وأعمال تخريبية على مستوى القطر كله.
ب) الشرطة تخشى إجراءات ضدها إن وقعت ضحايا، وهي محبطة لأن القضاء يميل إلى التساهل جدًا مع المقبوض عليهم، فالشرطة تقبض على أفراد في عمليات بها قدر كبير من المخاطرة، ثم يفرج عنهم بعدها بقليل، وإن لم يفرج عنهم فأغلب العقوبات رمزية. وبالمناسبة أحد التطورات الهامة في موقف الرأي العام هو غضبه الكبير من المؤسسة القضائية.
ج) يتصرف السياسيون وكأنهم قبلوا فكرة ترك الأمور تتدهور إلى أن تصل الأمور إلى حد يستوجب تدخل الجيش. وأيًا كانت نواياهم فعجز الدولة عن حماية المواطنين، لا سيما في المناطق والأحياء والضواحي الفقيرة، واضح، وهذا العجز السبب الرئيسي في ارتفاع معدلات تأييد “مارين لوبن”.
ح) مصادر عديدة تقول إن الجيش يرسم خططًا للتدخل في الأحياء الفقيرة، ومصادر أخرى تكذب، وفي كل الأحوال فإن الجيش يكره الفكرة، فالجيش ليس مهيأ للقيام بأعمال شرطة، وهو مؤسسة تحظى باحترام كبير كما أسلفنا، ولا تريد أن تخسره بإطلاق النار على مواطنين.
هذا يفسر بعض ما قاله دفاع الموقعين على الخطاب المفتوح والجريدة التي نشرته عن أنفسهم، ولكن الخطاب -بعد إعادة قراءته قراءة متأنية- ليس بريئًا، فلم يحدد نوع التدخل الذي تنبأ به، وقال فيما قال إنه سيكون “دفاعا عن القيم الحضارية”، أي ليس مجرد عملية تأمين وإعادة نظام. وطريقة صياغة الخطاب ماهرة جدًا. يمكن فهمه على أنه دعوة للقوات العاملة إلى التحرك مستقبلًا، ويمكن فهمه على أنه تنبؤ بالمستقبل. وقال لي خبراء أمن إنه من الواضح أن محامين راجعوا صياغة الخطاب لتوصيل رسالة، مع تفادي الوقوع تحت طائلة القانون. وخلُصت نيابة باريس إلى أنه لا يوجد في الخطاب ما يبرر رفع دعوى.
وتشير السمات الخاصة بالمؤسسة العسكرية والمجتمع العسكري إلى ما يسمى “الجزيرة العسكرية” (بمعنى جزء من المجتمع منفصل عن باقيه وقليل الصلة به، وصاحب المصطلح الدكتور فوركيه وله كتاب قال فيه إن فرنسا أصبحت مجموعة جزر) وهو مجتمع له سماته، أعضاؤه شديدو الترابط يميلون إلى الزواج من بنات تنتمي إلى نفس المجتمع (بنت/أخت ضابط مثلًا) وإن تراجعت هذه الظاهرة تراجعًا ملحوظا في السنوات الماضية. أغلب الضباط -لا سيما خريجي الكليات العسكرية مع وضع أكثر تعقيدًا فيما يخص الضباط الذي خرجوا من تحت السلاح- كاثوليك متدينون، نسبة كبيرة جدًا من ضباط الصف والجنود مسلمون، والمؤسسة على عكس غيرها تعرف مبدأ “المستشار الديني” أي رجل الدين الذي ينصح المؤمنين، فالمهنة تقتضي أن تقتل وأن تكون مستعدًا للموت، ورجال الدين المسلمون العاملون بالمؤسسة يقولون دائمًا إن الدفاع عن الوطن واجب ديني، وإن الجندي الذي يدافع عن فرنسا لا يدافع عن الدين المسيحي أو اليهودي، وحالات “التطرف” التي عرفتها المؤسسة هي حالات قليلة طالب فيها مسلم إعفاءه من مهمات تقتضي إطلاق النار على مسلمين، ولكننا لم نعرف حالات أطلق فيها مسلم الرصاص على زملائه كما حدث في الشرطة. هذا من ناحية، من ناحية أخرى كما قلنا ينتخب ٤٠٪ من الضباط والجنود مارين لوبان، وأعضاء المؤسسة لديهم ميل إلى عدم الثقة في القيادة المدنية للدولة، التي تقلل من ميزانيتهم وتزيد من أعبائهم ومهامهم، ولا تقدر تضحياتهم، ويرون في الساسة ناسًا يقدسون الفردية وأيديولوجيا غير الوطنية، وهذا الوضع قديم. سنة ٩٢ مثلًا قال لي ضابط: “طبعًا سأعطي صوتي ضد الوحدة الأوروبية، فرصة ضرب الرئيسين ميتران وجيسكار بالقفا نفس اليوم لن تتكرر”، وقالها في مجلس ضم عشرات الضباط أغلبهم أيده. وبين حين وآخر، هناك ضابط كبير أو مجموعة من الضباط يبدون امتعاضهم من السياسات المتبعة. وأخيرًا وليس آخرًا تتمتع المؤسسة بشعبية كبيرة، لأسباب تتعلق بشجاعة أبنائها وكفاءتها ولأسباب ثقافية تتعلق بدورها في تاريخ فرنسا. قال لي خبير إن استطلاعات الرأي ليست الدليل الوحيد، تابع مثلًا أرقام توزيع المجلات العسكرية ومجلات التاريخ العسكري وقارنها بالمجلات الأخرى.
الجديد هذه المرة كثير، ومنه:
أ) من ناحية، كُلّف الجيش بعد الهجمات الإرهابية في النصف الثاني من العقد الماضي بتأمين الداخل فانتشرت قوات كبيرة فيه وشاهدت حجم الفوضى والتفسخ وانهيار الهيبة وعدم جدوى عمليات ضبط المجرمين، وهناك مؤشرات على زيادة الحنق، إلى جانب تشكك كثيرٍ من الضباط في جدوى اضطلاعهم بهذه المهام، وتشاركهم القيادات العسكرية في هذا التشكك ولكنها تقبل المهمة لأن المؤسسة تحصل -في المقابل- على ميزانية كبيرة بالمعايير الأوروبية، وتنال رضا القيادة السياسية، وتلاحظ أن الجمهور يحبها.
ب) ارتفاع عدد المحتجين من أبناء المؤسسة (ويقال إن العدد يزداد يوميًا) ووجود نسبة عالية من المدنيين تؤيدهم، وتلويحهم بتحرك هو غالبًا مجرد تلويح. فمن ناحية، يبدو لي أن إدراك ضباط الجيش لجسامة الصعوبات ولحجم التدهور ولتفرد وخصوصية المؤسسة العسكرية -هي ليست نسخة مصغرة من المجتمع الفرنسي- ولاعتراض نسبة هامة من الفرنسيين على مبدأ التدخل سيمنع هذا التدخل في المستقبل المنظور. ومن ناحية أخرى، المؤسسة تحصل حاليًا على ما تطلبه من القيادة السياسية، وتتمتع بشعبية عالية جدًا في الشارع الفرنسي لا يريد قادتها أن يخسروها في مغامرة غير محسوبة، فالوضع قد يتغير إن تعمقت الأزمة الاجتماعية أو إن حصلت كارثة مع وقوع عدد مهول من الضحايا في معارك بين أبناء الضواحي والشرطة.
وعلى العموم، أظهر قادة الجيش الولاء للقيادة المدنية بوضوح أثناء احتفالات النصر يوم ٨ مايو، فيما عدا رسالة إلى الجميع. وكان رئيس الأركان قد صرح في نهاية أبريل بأنه يتمنى إحالة من وقع على الخطاب من ضباط في الخدمة إلى المعاش. ويلاحظ –في إطار دراستنا- أن رئيس الأركان استعمل مؤخرًا كلمة “عدو” عندما تحدث عن تركيا وروسيا والصين. وأخيرًا وليس آخرًا هناك تقارير صحفية تفيد بأن وزيرة الدفاع ورئيس الأركان سيغادران مناصبهما قريبًا.
نعود إلى عرض وتحليل الوثيقة الاستراتيجية التي حررها ضباط مركز فكر القيادات المشتركة. وكما أسلفنا تعريفها للتهديد ووصف ملامحه يعنيان أن جماعة الإخوان تهديد رئيسي لفرنسا، لا سيما وأن فرنسا -وفقًا للوثيقة- تعرف حالة ضعف مادي ومعنوي غير مسبوقة، فمعدلات العنف ترتفع، وهناك قطاعات من الفرنسيين ترفض الثقافة والهوية الوطنية، وترفض أن تتجذر ويصيبها التهميش ويصبح من السهل تجنيدها ضد الوطن.
تقول الوثيقة إن فرنسا ضعيفة، والتحدي غير مسبوق، فالمتأسلمون يستغلون كل ثغرة وكل تناقض، ويعملون يوميًا على كل الجبهات والمستويات. ومجابهتهم تتطلب أيضًا العمل على كافة الجبهات وبطريقة لا تمسّ إيمان المسلمين لأن لهم مكانهم في الجامعة الوطنية، وأغلبيتهم يحبون وطنهم فرنسا. يجب رسم استراتيجية شاملة تمسك بزمام المبادرة تتناول المستويات الاستراتيجية والعملياتية والتكتيكية، استراتيجية تقوي فرنسا وتضعف خصمها، استراتيجية تراعي الضرورات الآتية:
ضرورة فهم أن العدو من “نوع جديد”، جماعة أو جماعات عابرة للحدود وللأوطان، وهي جماعات لها طموحات إمبريالية، جماعات ترعاها دول (يذكر التقرير تركيا بالاسم)، وتعتدي على فرنسا وغيرها أو على دول يؤدي عدم استقرارها أو انهيارها إلى تبعات ومتاعب جسيمة لفرنسا مثل الجزائر.
ضرورة فهم التأسلم بوصفه مشروعًا لإقامة مجتمع ودولة، وإدراك حقيقة أن المشروع المقابل الفرنسي غير موجود حاليًا أو غير مفهوم. الأيديولوجيات التي تعبر عن نفسها في فرنسا اليوم هي تخريبية وعدمية تدمر ولا تبني (يقصدون الأيديولوجيات الجديدة لأقصى اليسار). ضرورة التوعية بأن الدفاع عن الوطن هو دفاع عن الديمقراطية والعكس صحيح. والتوعية بعدم اقتصار العلاقة بين المواطن والوطن على تحقيق مصالح اقتصادية، بل قوام تلك العلاقة الحب والولاء، ولا بد من التعبير عن الحيرة التي تصيبني عند قراءة هذه السطور، أفهم المقصود ولكن السؤال: هل هناك في فرنسا هيئة أو مجموعة تستطيع أن تغير بجرة قلم أو بقرار فوقي الثقافة العامة والعقليات؟ ثم الوضع يبدو أكثر تعقيدًا، أظن شخصيًا أن هناك أغلبية من الفرنسيين (ومن المسلمين الفرنسيين) تحليلهم كتحليل الجيش، ولكن هل لديهم الاستعداد لخوض معركة يومية (الوثيقة تتحدث لاحقًا عن مجهود جماعي لمناهضة يومية لحرب العصابات) للدفاع عن فرنسا المتخيلة أو عن قيمة حضارية ما؟ لا سيما وأن أسلوب عمل المتأسلمين يجمع بين المواجهة الحضارية الشاملة وطلب تنازلات قد يبدو كل منها على حدة مقبولًا ولا ضرر منه ولا يستحق الشجار، وفي الواقع الإخوان يعملون في فرنسا منذ أكثر من ثلاثين سنة، وتجذروا تدريجيًا بعمق، وتقدموا في تنفيذ مشروعهم ببطء شديد، وبمطالب صغيرة زادت باطراد. لم يعد من الممكن التعامل معهم على أنهم دخلاء، وفي الوقت ذاته هم شنوا حربًا على المجتمع وقيمه وأنظمته وأساليب عمله.
مراعاة “إنسانية” العدو وحقوق الشعوب المحكومة بحكومات تنتمي لهذا التيار الذي يدعي أن لديه منظومة حقوق إنسان خاصة به.
تغيير التشريعات لتمكين فرنسا من خوض الحرب الهجينة التي يشنها المتأسلمون.
وتقول الوثيقة إن العدو تيار أو تيارات عابرة للدول توظفه دول إمبريالية، وإن مواجهته تستوجب تغيير الإطار الاستراتيجي العالمي/الدولي، بدءًا بالإطار السياسي والقانوني للنظام الدولي، فالإطار الحالي تقادم و”انتهى عمره الافتراضي” ويعرقل جهود فرنسا وغيرها، لأنه وُضع قبل ظهور هذه التهديدات واندلاع هذه الحرب الهجين، ويجيد المتأسلمون توظيفه لشل حركة أعدائهم، ويمنح للكسالى أعذارًا لعدم التحرك. وتنتقد الوثيقة فيما تنتقد المعاهدة الأوروبية لحقوق الإنسان. ما كان صالحًا وهامًا سنة ١٩٥٠ لم يعد كذلك، وبات يمنع الدول من حماية مواطنيها. وتذهب الوثيقة إلى أبعد من ذلك، قائلة إن الاتحاد الأوروبي نشأ بناء على تشخيص خاطئ، مفاده أن الشعور القومي سبب الحروب العالمية، وهذا التشخيص خاطئ فسبب الحروب الطموحات الإمبريالية، بينما مكّنت المشاعر القومية من مقاومة تلك الطموحات ومن الانتصار عليها. وتقول إن التأسلم السياسي هو إمبريالية اليوم، ولن يهزمها سوى تحالف للدول الديمقراطية والحامية لمواطنيها، بشرط أن تتمتع بحرية حركة لا يوفرها الإطار القانوني الدولي الحالي.
ثم هناك فقرة تدعو فرنسا إلى إعادة التفكير، هل حقوق الإنسان عالمية، وردها بالنفي المعقد، تقول إن فرنسا وطن ومجال حقوق الإنسان، وعليها استضافة من يهرب من طغيان ووحشية المتأسلمين ومن انهيار الأمن في بعض الدول، ولكن ما يحدث في الواقع أن فرنسا لم تعد تقوم بتصدير السلام والأمن، بل تستورد الفوضى والأيديولوجيات الصانعة للأزمات. فرنسا يأكلها التأسلم والإرهاب والجريمة المنظمة العابرة للدول، والهجرة غير الشرعية، وحاملو (مشاريع) الكراهية بين الثقافات والحضارات، ولم تعد ملاذًا آمنًا بل مجالًا للعواصف المتناقضة، ومما يزيد الطين بلة أن فرنسا تتسبب أحيانًا في بؤس ومعاناة شعوب أخرى لإصرارها على الدفاع وعلى تصدير مفاهيم غريبة عن هذه الشعوب، وفي الفقرة التالية تقول الوثيقة إن على فرنسا استرداد سيادتها الوطنية، وتشير إلى ميثاق الأمم المتحدة الذي ذكر هذا المفهوم. وتقول إن الواجب الأول للدولة ضمان دوام واستمرارية فرنسا وحماية شعبها، وعليها أن تسترد حرية حركة في إطار دستورها وفي مواجهة الكل، بمن فيهم حلفاؤها، وأن هذا الواجب أصبحت له أولوية قصوى.
وتحدد الوثيقة قصدها، قائلة إن سؤال مدى ملاءمة منظمة الناتو لعصرنا هذا يفرض نفسه بقوة، لا سيما في ظل عضوية دولة مثل تركيا فيها. وتشيد الوثيقة بما يتم في المنظمة على مستوى التوافقية بين الجيوش وقدرتها على العمل المشترك، ولكنها تضيف أنه يجب مراجعة المشروع السياسي للحلف الأطلنطي وماهية الدول الأعضاء فيه، وتقول الوثيقة إن على فرنسا البحث عن “شكل جديد للتحالف” مع دول “لا تنكر خطر التأسلم السياسي وسمومه”، وقالت إن التعاون الجزئي في إطار الاتحاد الأوروبي أو الناتو “مفيد ولكنه غير كافٍ”، وعلى التحالفات الجديدة أن تهدف إلى تحرير الإنسان وإطلاق الحريات ومحاربة التأسلم السياسي حربًا بلا هوادة، وبدا لي أن الوثيقة لا تستبعد بل تحبذ التحالف مع دول عربية أو مسلمة، وتدعو الوثيقة إلى نقد انضمام فرنسا إلى المعاهدة الأوروبية لحقوق الإنسان، لأن المحكمة الأوروبية تتعرض لضغوط جماعات مصالح ودول لا تفهم الخطر المتأسلم ودولة متأسلمة مثل تركيا مما يؤثر على عملها، وتطالب الوثيقة فرنسا بالتحرر وتأكيد سيادتها في وجه منظمات غير حكومية حقوقية عابرة للدول لا تمثل إلا مجموعات صغيرة ولا وجود ولا فهم لها للواقع، وتريد فرض تصوراتها على الدول.